التسيير المؤقت يشل خدمات قطاع الصحة

يعاني قطاع الصحة ببلادنا من أزمات التسيير الإداري والمالي على المستويين المحلي و الإقليمي . بسبب شغور عشرات مناصب المسؤولية، وخضوع مجموعة من مندوبيات الصحة والمراكز الاستشفائية والمستشفيات للتسيير المؤقت (الدائم). بالإضافة إلى رفض الأطر الصحية المعنية، الترشح لشغل مجموعة من مناصب المسؤولية، وتقديم بعض المسؤولين لاستقالاتهم بدواعي غير معلنة. دواعي تكشف حقيقتها الصراعات الدائمة داخل رفوف ومكاتب المرافق الإدارية الصحية. وتسدل بظلالها على نوعية الخدمات المقدمة يوميا للمواطنات والمواطنين. بسبب عشوائية تدبير الموارد البشرية وخصوصا الأطر الطبية المتخصصة، وعشوائية تدبير المخزون من الأدوية. وتضرر التجهيزات الطبية بسبب غياب الصيانة والنقص في بعضها. وسوء توزيعها وفق حاجيات المراكز الصحية والمستشفيات. وغياب برامج ومخططات ورؤى مستقبلية محلية، إقليمية وجهوية. وهو ما يتسبب في إحباط الأطر الصحية المتواجدة في الصفوف الأمامية، والدائمة الاحتكاك مع المرضى وذويهم. وتؤثر سلبا على طرق تعاملهم مع المرضى وأسرهم.
الصورة الحقيقية لواقع التسيير الغامض وغير المعقلن لإدارات بعض المندوبيات والمراكز الاستشفائية والمستشفيات. تبرز بجلاء، عندما تكتشف أن هناك مندوبيات الصحة بعمالات وأقاليم تدار مؤقتا، منذ عدة أشهر أو سنين، بما بات يعرف ب(الرويضة سكور). بإقليم المحمدية مثلا، حيث يتواجد مندوب مؤقت منذ أزيد من سنتين. ومندوبية الصحة ببنسليمان، التي استقال مندوبها منذ حوالي سنة. واستقال بعده مندوبها المؤقت قبل أسبوعين. هذا الأخير الذي سبق وترك منصبه كمدير، شاغرا إلى حد كتابة هذه السطور بالمستشفى الإقليمي (الحسن الثاني) بسطات.
وتكفي نظرة سريعة إلى لوائح عدد مناصب المسؤولية الشاغرة حسب وزارة الصحة. والتي أعلنت بشأنها عن مباريات لسد خصاصها المهول. حيث نجد أن 28 مندوبية،مازالت تنتظر تعيين مندوبين على رؤوسها. ضمنها سبعة مندوبيات بجهة الدار البيضاء / سطات. و37 مركز استشفائي إقليمي أو جهوي، لازال ينتظر تعيين مدراء له. و38 مستشفى لازال بلا مدير. بل إن وزارة الصحة التي أعلنت مؤخرا عن لوائح المترشحين المقبولين لاجتياز الامتحان الشفوي (المقابلة). كشفت أن هناك 16 مركز إقليمي ومستشفى لن تعرف تعيين مدراء لها. ويتعلق بالأمر بثمانية مراكز استشفائية إقليمية و سبعة مستشفيات، لم يتقدم أحد للترشح لتسيير إداراتها. مركزان إقليميان بجهة الشرق (إقليمي تاوريرت وفجيج)، ومركز باليوسفية جهة مراكش/ آسفي، ومركز بتاونات جهة فاس/ مكناس، ومركز بطاطا جهة سوس/ ماسة، ومركز بزاكورة جهة درعة تافلالت، ومركز بطانطان جهة كلميم واد نون، ومركز بالسمارة جهة العيون/ الساقية الحمراء. وعلى مستوى المستشفيات نجد أبرزها مستشفى الرازي للأمراض العقلية بمدينة برشيد. ومستشفى القرب بأوطات الحاج باقليم بولمان، ومستشفى القرب بغفساي بتاونات، ومستشفى بوكافر بورزازات، ومستشفى القرب دمنات بإقليم أزيلال، ومستشفيان للقرب بمدينتي واد زم وأبي الجعد (محمد السادس) بإقليم خريبكة.
كما أن هناك مستشفى ستظل إدارته تدار مؤقتا كذلك. ويتعلق الأمر بمستشفى القرب الريش بميدلت. لأن الوزارة الوصية لم تنتق أي مترشح لمنصب إداراته. من بين المترشحين لمرحلة (المقابلة).
فهل تساءل وزير الصحة عن الأسباب الحقيقية (غير المعلنة)، لنفور الأطر الصحية من مناصب المسؤولية. وعدم رغبتهم في تقلد مهام القيادة. والتي تتجلى أساسا في غياب ظوابط قانونية ديمقراطية تؤثث لإدارة مهنية كفيلة بإنجاح أهداف قطاع الصحة مع الحفاظ على حقوق وكرامة الأطر الطبية، وإنصافهم. تضاف إليها التعويضات الهزيلة لمناصب المسؤولية. والضغوطات التي يتعرض إليها مندوبي الصحة ومدراء المستشفيات، بين طرقة مطالب الأطر الصحية والمواطنين، وسنداد تسلط وتجاهل من يتجاوزونهم في السلم الإداري الوظيفي. نقص في التجهيزات الطبية وفي الموارد البشرية، وقصور في التجاوب مع شكاياتهم ورسائلهم، وتلاعبات في التعيينات والتنقيلات التي لا تحترم حاجيات كل مندوبية أو مستشفى. بل تحمل في بعض الفترات، بصمات سياسية.
وأظن أن واقع الزمن الكوروني يؤكد حجم معاناة الأطر الصحية والمسؤوليين بمرافقها. والذي يجدون له انفراجات ظرفية، بتدخل السلطات المحلية والإقليمية. وكذا الأطر الطبية للقوات المسلحة الملكية، وأطراف أخرى (الوقاية المدنية، الهلال الاحمر المغربي، جمعيات مدنية،..).

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top