التصريح بالأجراء لدى الضمان الاجتماعي 

أثير مؤخرا جدل إعلامي كبير بشأن عدم التصريح بالأجراء في القطاع الخاص أو المهن الحرة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ووصل هذا السجال إلى البرلمان، وأثير في منتديات ومحافل مختلفة.
الموضوع، في كل الأحوال، لا يحتمل الشخصنة أو تخصيصه في مجال معين أو ضد شخص أو جهة واحدة، وإنما هو أكثر جدية من ذلك، ويستدعي حوارا حقيقيا تترتب عنه إجراءات وقرارات ملموسة وعملية.
بالرغم من أن التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعتبر إلزاميا في بلادنا منذ عقود، وأن الأمر ليس اختيارا أو يرتبط بموافقة هذا الطرف أو ذاك، فإن مئات الآلاف من العمال والمستخدمين محرومين من هذا الحق الأساسي، وأحيانا يخشون على مستقبلهم إذا بحثوا في ذلك أو طالبوا به.
هذا واقع معروف لدى الجميع منذ سنوات، ويوجد في قطاعات مختلفة، وتقترفه شركات، بما في ذلك الكبرى منها، ومن ثم يوجد الآلاف من مواطناتنا ومواطنينا محرومين من أي حماية صحية أو اجتماعية، بالرغم من عملهم لسنوات طويلة لحساب هذه المقاولة أو تلك، كما أن أنشطة اقتصادية عديدة ومهنا مختلفة ممارسوها غير مصرح بهم لهذا السبب أو ذاك، وأغلبهم ضمن القطاع غير المهيكل.
وإلى جانب عدم التصريح أصلا، هناك أيضا التصريح بعدد أيام عمل أقل أو عدم التصريح بكامل أيام العمل، ومختلف هذه الممارسات التحايلية يعرفها الكثيرون، وطالما نددت بها النقابات وممثلو المأجورين.
ولقد برز هذا الخرق القانوني الواضح خلال فترة هذه الجائحة بشكل كبير، ووجدت الدولة نفسها أمام ملايين المغربيات والمغاربة خارج منظومة الحماية، وأن حوالي نصف الأسر المغربية أو أكثر تعاني الهشاشة والفقر، وهي في حاجة إلى الدعم.
كل هذا يجعل ملف التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ورشا حقيقيا يستدعي الانكباب الجدي عليه في أقرب وقت، وضمن رؤية عامة وشمولية تسعى لتقوية منظومة الحماية الصحية والاجتماعية لشعبنا.
لقد قلنا منذ البداية، وعند توالي أسابيع الجائحة وتفاقم تداعياتها، أن التحدي الاجتماعي يطرح نفسه على المغرب اليوم وغدا، ويجب الانتباه إليه، وبأن النموذج التنموي المطلوب يجب أن تكون منطلقاته وغاياته متمحورة حول الإنسان المغربي لتحسين وضعه وظروف عيشه، ومن أجل تمكينه من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية وإشعاع العدالة الاجتماعية والمجالية.
هذا هو التحدي الجوهري أمام بلادنا وأمام الدولة، ويستدعي بالفعل يقظة اجتماعية قوية، والاعتماد على إشراك القوى السياسية والمركزيات النقابية والجمعيات المهنية والفاعلين الاقتصاديين، وذلك ضمن رؤية استراتيجية شمولية تروم صياغة تعاقد سياسي جديد يبنى على ميثاق اجتماعي متفق عليه.
إن التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعتبر إذن عنوانا رئيسيا ومدخلا أساسيا لهذه المنظومة الإصلاحية الإستراتيجية، ويستدعي اليوم فرض تطبيق القانون على الجميع، وأيضا إيجاد التشريعات والآليات العملية المساعدة والمحفزة على تمتين هذه المنظومة الحمائية، وتعزيز موارد أجهزة الرقابة.
هذه مسؤولية الدولة، بتنسيق مع الفاعلين الاقتصاديين، وأساسا الأمر يتعلق في البدء والختام بحق قانوني مشروع يجب تمكين مستحقيه منه، ومن صميم المسؤولية الاجتماعية والمجتمعية للمقاولة المواطنة.

< محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top