التواصل المواكب لتخفيف الحجر الصحي 

يلاحظ الكثيرون أن تدبير إجراءات تخفيف الحجر الصحي في بلادنا لا تواكبه سياسة تواصلية وتحسيسية قوية تجاه شعبنا، وهذا يساهم في إحداث تراخ كبير، وتنامي سلوكات الاستهتار بالتدابير الوقائية والاحترازية.
لقد سبق لعديد خبراء ومتخصصين أن نبهوا منذ البداية أن من بين شروط مواجهة تفشي فيروس “كوفيد – 19” ضرورة اعتماد تواصل مكثف مع الناس، واستعمال مختلف الدعامات للشرح والتوعية والتثقيف والتنوير، وهذا لا زال مطروحا إلى اليوم، ويفرض نفسه لتفادي تجدد العدوى وانتشار الوباء.
لقد سبق أن أعلنت وكالة المغرب العربي للأنباء أنها لن تستمر في النقل المباشر للتصريح اليومي لوزارة الصحة، وهذا كان يفرض أن تكون وزارة الصحة ممتلكة لبدائل أخرى من شأنها تحقيق الأثر الفعال لدى مختلف فئات شعبنا.
صحيح أن الوزارة، من جهتها، أعلنت أنها ستستمر في تحيين معطيات بوابتها الرسمية في العاشرة صباحا كل يوم، وتقدم أيضا الحصيلة الوبائية اليومية في السادسة من مساء كل يوم، ولكن هذا غير كاف، ويبقى مجرد حد أدنى من التواصل، ويتم بشكل صار يفتقد الجاذبية التي كانت لذلك في المرحلة السابقة.
يقر الجميع أن الخروج من الحجر الصحي هو أصعب وأعقد من الإعلان عن فرضه، وبالتالي فالعملية التواصلية المرتبطة به يجب أن تتمثل هذه الدقة وما يلفها من سلوكات وأخبار وشائعات وانتظارات، وأن تعكس كل ذلك ضمن خطة محكمة تستطيع تلبية الحاجة التواصلية والإخبارية المعبر عنها.
من جهة ثانية، تقتضي المرحلة اليوم أيضا تقديم شروحات وتحليلات، وردود عن أخبار غير دقيقة، وهو ما يعني التفاعل مع وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية، واستثمار مواقع التواصل الاجتماعي بمهنية أكبر وإيقاع أسرع، وبالتالي خلق حوار عمومي واسع ومنفتح، ويمتلك نفسا تعبويا وتثقيفيا.
لا ننكر الجهد المبذول اليوم من طرف خبراء الصحة ومهنيي القطاع في التواصل مع الإعلام، وإن كان ذلك يجري بتفاوت بين الجهات والمديريات، ونلفت أيضا إلى أن الصحافة الوطنية الجادة وذات المصداقية قامت بأدوار توعوية وتنويرية هامة طيلة فترة مواجهة الفيروس، ويجب اليوم التعاون معها والتفاعل مع طلباتها المهنية وانتظاراتها، وذلك لتطوير الخدمة التواصلية مع شعبنا.
وحيث إن الوقاية والتقيد بالتدابير الاحترازية تبقى هي السلاح الناجع اليوم لمواجهة الوباء وحفظ الصحة العامة في بلادنا، فإن ذلك يعني ضرورة تمتين الشرح والتفسير والتوعية والتنوير بشكل أكبر وأكثر حضورا ومهنية.
وفي غياب ذلك ستتنامى الإشاعات والأخبار الزائفة، ما سيزيد في تكريس حالة التراخي، وسلوكات اللامبالاة لدى الناس تجاه تدابير الوقاية.
نأمل أن تتدارك الأمر السلطات العمومية، وخصوصا مصالح وزارة الصحة، وأن تستعيد الهجومية التواصلية بالأشكال المهنية الضرورية، وأن تستحضر كون مرحلة رفع الحجر الصحي بدورها تتطلب تواصلا مكثفا وذكيا، وربما بنفس قوة المرحلة الأولى إن لم يكن أكثر من ذلك.

< محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top