الجولة الثانية للحوار الليبي ببوزنيقة تتوصل إلى “تفاهمات شاملة” حول ضوابط اختيار شاغلي المناصب السيادية

أكد وفدا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي المشاركان في الجولة الثانية لجلسات الحوار الليبي في بوزنيقة، أول أمس الثلاثاء، أن هذه الجولة “توجت بالتوصل إلى تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع في دجنبر 2015 بالصخيرات”.
وأوضح الوفدان في البيان الختامي الذي توج أشغال هذه الجولة (2 – 6 أكتوبر 2020)، أن “إنجازات جولات الحوار بالمملكة المغربية بين وفدي المجلسين، تشكل رصيدا يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد إلى الاستقرار وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي”.
وعبر الطرفان في هذا البيان الذي تلاه إدريس عمران عن مجلس النواب الليبي، باسم الطرفين، خلال ندوة صحفية حضرها على الخصوص، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، عن “عزمهما الاستمرار في لقاءاتهما التشاورية بالمملكة المغربية لتنسيق عمل المؤسسات السياسية والتنفيذية والرقابية بما يضمن إنهاء المرحلة الانتقالية”.
وأكدا أنه “إدراكا منا لأهمية المؤسسات السيادية في إدارة البلاد، وحماية مقدرات الشعب الليبي، اتسمت جلسات الحوار بين وفدي المجلسين بالمسؤولية الوطنية وتغليب المصلحة العامة لتجاوز الانقسام السياسي الحالي”.
وحسب البيان الختامي، فإن “وفدي الحوار يضعان محضر التوافقات التي تم التوصل إليها في الجولتين الأولى والثانية رهن إشارة مؤسستي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للمضي قدما في إجراءات تجديد هياكل المؤسسات السيادية”.
وبهذه المناسبة، يضيف البيان، يجدد الطرفان شكرهما لجهود المملكة المغربية “التي كان لها الفضل في تذليل الصعاب من أجل التوصل إلى توافقات ليبية حقيقية، وفي انسجام مع مقتضيات الاتفاق السياسي الليبي”.
كما نوه الطرفان في هذا البيان ب”التفاعل الإيجابي للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، السيدة ستيفاني وليامز، التي عملت على خلق جسور للتكامل بين جهود الحوار المختلفة في أفق بناء عملية سياسية شاملة”.
وخلص البيان إلى التأكيد على أن انعقاد مؤتمر برلين في يناير الماضي شكل رهانا دوليا على الحل السياسي للأزمة الليبية، مبرزا أن العملية السياسية “ما زالت تنتظر دعما واضحا وحقيقيا من المجتمع الدولي”.
يشار إلى أن الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي تأتي بعد قرابة شهر من جولة أولى احتضنتها بوزنيقة “6 – 10 شتنبر الماضي”، كانت قد أسفرت عن توصل الطرفين إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بهدف توحيدها.
وتتمثل المناصب السيادية التي تنص عليها المادة 15 من اتفاق الصخيرات في محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسب، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام.
ويشكل احتضان المغرب لجلسات الحوار الليبي تكريسا لجهود المملكة الرامية إلى توفير الظروف الملائمة وخلق المناخ المناسب للوصول إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا، بما يمكن من تجاوز الأزمة في هذا البلد وتحقيق آمال الشعب الليبي وتطلعاته لبناء دولة مدنية ديمقراطية ينعم فيها بالسلام والأمن والاستقرار.
ويحظى دور المغرب “البناء والفعال” في تيسير إطلاق الحوار الليبي بإشادة وتقدير واسعين من العواصم الغربية والعربية ومن عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأمم المتحدة التي سبق وأكدت ترحيبها “بكل مبادرة وجهود سياسية شاملة لدعم تسوية سلمية للأزمة في ليبيا، وهذا يشمل الجهود الأخيرة للمملكة المغربية، والتي ضمت وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب”.

***

بوريطة: توافقات الجولة الثانية «حاسمة»

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن التوافقات التي توصل لها وفدا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبيين في ختام الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي ببوزنيقة، هي توافقات «حاسمة» في اتجاه اختيار شاغلي المناصب السيادية وفقا لما تنص عليه المادة 15 من اتفاق الصخيرات.
وقال بوريطة، في كلمة خلال ندوة صحفية إثر اختتام أشغال هذه الجولة التي انطلقت يوم الجمعة المنصرم، بحضور أعضاء الوفدين المشاركين، إن هذه التوافقات تم تضمينها في محضر سيتم رفعه إلى رئيسي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، منوها بالروح الإيجابية التي سادت جلسات الحوار الذي يتوفر على كل مقومات النجاح.
وأوضح الوزير أن هذه المقومات تتمثل بداية في «الدعم الواضح من جلالة الملك محمد السادس، ومن المملكة لكل ما فيه استقرار ليبيا وإخراجها من الأزمة التي تعيشها منذ سنوات»، مضيفا أن رؤية جلالة الملك تقوم على «الدعم اللامشروط للإخوة الليبيين في كل مبادراتهم للوصول إلى توافقات وإلى حلول لأزمتهم».
ويتمثل المقوم الثاني، حسب الوزير، في كون المغرب، سيبقى، بتعليمات ملكية، محتضنا «لكل الإخوة الليبيين دون تمييز بينهم»، مبرزا أن «موقفنا هو حياد إيجابي لمساعدتكم على تجاوز العقبات وطي صفحة الخلافات».
المقوم الثالث لنجاح هذا الحوار، حسب بوريطة، يتمثل في كونه حوارا ليبيا ليبيا، وليس حوارا حول ليبيا؛ وضعه الليبيون بدون تأثير أو تدخل، وهو ما يعد عنصرا أساسيا باعتباره يفسح المجال لليبيين ليصلوا إلى توافقات»، معتبرا أن وفدي الحوار في بوزنيقة أثبتا أن «هذه المقاربة ناجعة وتؤكد أن ليبيا لا تحتاج لوصاية أو تدخل».
ومن مقومات نجاح الحوار الليبي أيضا، يضيف الوزير، كونه يراهن على المؤسسات الشرعية في ليبيا، وهي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، باعتبارهما «نواتين أساسيتين» لأي حل في ليبيا انطلاقا من شرعيتهما وروح المسؤولية التي تميزهما.
وأبرز الوزير أيضا أهمية ما عبر عنه الوفدان من «تغليب للمصلحة العليا وتعامل بمسؤولية مع هذه اللحظة، والبحث عن توافقات لكل الخلافات».
وخلص بوريطة إلى أن الدينامية التي أطلقتها جلسات الحوار الليبي في بوزنيقة ستكون عنصرا أساسيا لتحقيق تقدم في مسارات أخرى، مؤكدا لأعضاء الوفدين «إننا ننتظركم قريبا جدا للاستمرار في هذا الحوار الذي سيمكننا من المضي بعيدا في حلحلة مجموعة من القضايا التي تهم الشعب الليبي وتهم حل الأزمة في ليبيا».

Related posts

Top