الحزب الشيوعي المصري ينعي رحيل الكاتبة المناضلة نوال السعداوي

ينعي الحزب الشيوعي المصري ببالغ الحزن والأسى رحيل الطبيبة والكاتبة والروائية والمناضلة المصرية دة. نوال السعداوي، التي رحلت عن عالمنا اليوم بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يناهز التسعين عاماً، وبعد أن كرست حياتها وأعمالها ونشاطها السياسي والاجتماعي للدفاع عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، وفق رؤية مصرية وعلمية خالصة تربط بين تلك الحقوق وبين تحرر الوطن والخلاص من التبعية والاستبداد السياسي والفكر الظلامي الإرهابي، وقد عبرت عن ذلك دائماً وبوضوح وبشجاعة مهما كانت العواقب، ففي مقابله معها عام 2014 حيث صرحت قائلة «إن جذر اضطهاد المرأة يرجع إلى النظام الرأسمالي الحديث والذي تدعمه المؤسسات الدينية».. وفي محاضرة عام 2002 في جامعة كاليفورنيا وصفت نوال السعداوي غزو أمريكا لأفغانستان بأنها “حرب لاستغلال النفط في المنطقة”. وأن السياسات الخارجية لأمريكا ودعمها لإسرائيل هو “الإرهاب الحقيقي”.
ولدت نوال السعداوى فى 27 أكتوبر عام 1931، وتخرجت في كلية الطب جامعة القاهرة في ديسمبر عام 1955 وعملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني، ثم انتقلت للعمل كطبيبة في مكان ميلادها بكفر طحلة بمحافظة القليوبية، حيث لاحظت الصعوبات والتمييز الذي تواجهه المرأة الريفية. وكنتيجة لمحاولتها للدفاع عن إحدى مرضاها من التعرض للعنف الأسري، تم نقلها مرة أخرى إلى القاهرة. لتصبح في نهاية المطاف المدير المسئول عن الصحة العامة في وزارة الصحة.
تعرضت بسبب آرائها ومواقفها للاضطهاد من قبل الحكومات المتعاقبة، ومن جماعات الإسلام السياسي وتنظيماته الإرهابية، ففي عام 1972 نشرت كتاباً بعنوان “المرأة والجنس”، مواجهة بذلك جميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة. وعقب صدور الكتاب أقيلت من مركزها في وزارة الصحة، ومن رئاسة تحرير مجلة الصحة، ومن مركزها كأمين مساعد في نقابة الأطباء.
ومن عام 1979 إلى 1980 عملت كمستشارة للأمم المتحدة في برنامج المرأة في أفريقيا والشرق الأوسط.
وفي عام 1981 ساهمت في تأسيس مجلة نسوية تسمى المواجهة، وحكم عليها بالسجن في 6 سبتمبر 1981، أُطلق سراحها في نفس العام بعد شهر واحد من اغتيال الرئيس السادات. سجنت نوال في سجن النساء بالقناطر. وبعد خروجها قامت بكتابة كتابها الشهير “مذكرات في سجن النساء” عام 1983. ولم تكن تلك هي تجربة الكتابة الوحيدة لها مع السجن، فقبل ذلك بتسعة أعوام كانت متصلة مع سجينة واتخذتها كملهمة لروايتها “إمراة عند نقطة الصفر” عام 1975.
وفي 12 مايو 2008 رفضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، إسقاط الجنسية المصرية عن نوال السعداوي، في دعوى رفعها ضدها أحد المحامين بسبب آرائها. كما تم رفع العديد من القضايا ضدها من قبل جماعات الإسلام السياسي مثل قضية الحسبة للتفريق بينها وبين زوجها الكاتب والروائي والمناضل الشيوعي د. شريف حتاتة، وتم توجيه تهمة “ازدراء الأديان” لها، كما وضع اسمها على “قائمة الاغتيالات” التي استهدفت الجماعات الإسلامية تنفيذها ضد الكتاب والمفكرين المصريين.
ومن عام 1988 حتى 1996 سافرت خارج مصر. قبلت عرض التدريس في جامعة ديوك وقسم اللغات الأفريقية في شمال كالورينا وأيضا جامعة واشنطن. وشغلت العديد من المراكز المرموقة في الحياة الأكاديمية سواء في جامعة القاهرة داخل مصر أو في هارفارد، وجامعة ييل، وجامعة كولومبيا، وجامعة السوربون، جامعة جورج تاون، وجامعة ولايه فلوريدا، وجامعة كاليفورنيا.
وكانت نوال السعداوي وهي في الثمانين من عمرها من ضمن المتظاهرين في ميدان التحرير في ثورة يناير 2011.
كتبت نوال السعداوي العديد من الكتب المهمة، وكان أول أعمالها مجموعة قصصية بعنوان “تعلمت الحب” في عام 1957 وأول رواياتها “مذكرات طبيبة” عام 1958. ويعتبر كتاب “مذكرات في سجن النساء” من أشهر أعمالها. وصدر لها أربعون كتابا أعيد نشرها وترجمتها لأكثر من 20 لغة، وكلها تدور حول الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحي ثقافية واجتماعية وسياسية.
ولم تكتف في الدفاع عن آرائها بالكتابة، بل مارست ذلك عمليا، فقد أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام 1982، كما ساعدت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان. وشغلت العديد من المناصب مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي بوزارة الصحة، الأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة. كما نالت عضوية المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. وأسست جمعية التربية الصحية وجمعية للكاتبات المصريات. وعملت فترة كرئيس تحرير مجلة الصحة بالقاهرة، ومحررة في مجلة الجمعية الطبية.
حصلت نوال السعداوي على ثلاث درجات فخرية من ثلاث قارات. ففي عام 2004 حصلت على جائزة الشمال والجنوب من مجلس أوروبا. وفي عام 2005 فازت بجائزة إينانا الدولية من بلجيكا، وفي عام 2012 فازت بجائزة شون ماكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا..
السكينة والسلام لروح الكاتبة والمقاتلة نوال السعداوي..
المجد والخلود لذكراها ولتراثها الفكري والأدبي..
وخالص العزاء لابنتها دة. منى حلمي ولأسرتها وأصدقائها وتلاميذها ومحبيها وللشعب المصري والشعوب العربية كافة.

Related posts

Top