الحكومة تقر بوجود الرشوة في العقار وفهري يدعو لمهننة القطاع

أقر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بوجود الرشوة والفساد في قطاع التعمير، مؤكدا على أن هذا القطاع يوجد ضمن قطاعات أخرى التي تشهد استشراء هذه الآفة الخطيرة.
وذكّر سعد الدين العثماني في كلمة له، خلال اللقاء التواصلي الذي نظمته وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والذي خصص لتقديم نتائج الدراسة المتعلقة بخرائطية مخاطر الرشوة في قطاعي التعمير والعقار، أول أمس الأربعاء بالرباط، (ذكر) بالمجهودات التي تبذلها الحكومة من أجل محاربة الرشوة والفساد وتعزيز مؤشرات النزاهة، مشيرا إلى أن القضاء على الفساد والرشوة يقتضي الالتزام بالقانون كما تحتاج إلى جهد جماعي من طرف مختلف الفاعلين من أجل محاربة هذه الآفة التي تضييع الجهد التنموي وتبدد جزء من الثروة الوطنية.
وليبرز المجهودات التي يقوم بها المغرب في مجال محاربة الفساد، أوضح العثماني أن صورة المملكة تحسنت، نسبيا، خلال السنوات الأخيرة، في مؤشر إدراك الرشوة العالمي، حيث حققت نقلة نوعية على هذا المستوى، وتقدمت بـ 17 نقطة في ظرف سنتين، ونتيجة لذلك أصبح المغرب يحتل الرتبة الأولى على المستوى الإفريقي والرتبة السادسة على المستوى العربي، كما انتقل إلى المرتبة 73 عالميا بعد أن كان في الربتة 90 وذلك بحصوله على نقطة 43 على 100 وهو أحسن معدل على المستوى الإفريقي وعلى مستوى دول شمال إفريقيا.
من جانبه، أكد عبد الأحد الفاسي فهري وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن الدراسة التي أطلقتها الوزارة بشراكة مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها المتعلقة بخرائطية مخاطر الرشوة في قطاعي التعمير والعقار، تندرج ضمن تفعيل الوزارة للإستراتيجية الحكومية لمحاربة الرشوة والفساد، وأيضا بهدف توطيد مؤشر النزاهة والشفافية وتخليق الحياة العامة وجعل الفساد ينحو منحى تنازليا.
وذكر الوزير عبد الأحد الفاسي فهري، بأن وجود قطاع غير منظم في مجال العقار والبناء، من طرف بعض المقاولات الكبرى التي لا تحترم الضوابط القانونية، يساهم في انتشار ظاهر الفساد والرشوة في هذا القطاع، مشيرا إلى أن مهننة هذا القطاع تعد عنصرا أساسيا في تحسين المناخ والتقدم نحو المزيد من الشفافية والنزاهة، على اعتبار أن ظاهرة الرشوة موجود في القطاع ويتعين معالجاتها انطلاقا من مقاربة متعددة بمهنية عالية، ترتكز على الصرامة لكن دون تهويل وأيضا دون استخفاف بالظاهرة، مشيرا إلى أن الوزارة عملت على وضع وتفعيل ضوابط ترسخ قيم الشفافية والإنصات، مع إشراك المنظومات المحلية في حل المشاكل.
وبحسب الوزير، فإن الدراسة سلطت الضوء على بؤر الرشوة في قطاعي العقار والتعمير من أجل القيام بإجراءات استباقية لمعالجة إشكالية الرشوة في مجال التعمير والعقار والبناء، وهي القطاعات المعرضة أكثر من غيرها لمخاطر الرشوة، مقرا بوجود صعوبات لإخراج وثائق التعمير بعدة مدن، موضحا أن وثائق التعمير هي بمثابة الأرضية القانونية لتدبير القطاع، مقترحا لمحاربة الرشوة والفساد تبسيط المساطر، ورقمنة الإجراءات، مشددا على ضرورة أن تكون في القطاع هيئات مواطنة تشتغل مع السلطات من أجل تحسين مناخ النزاهة والشفافية.
وأوضح فهري، أن القطاع الذي يشرف على تدبيره، وضع مجموعة من الضوابط القانونية من أجل الحد من ظاهر الفساد والرشوة، من قبيل الحق في الولوج إلى المعلومة، خاصة بالنسبة لوثائق التعمير، وتبسيط المساطر واضطلاع المفتشيات بأدوراها، وكذا معاينة الممارسات العملية قصد إيجاد الحلول للإشكاليات الصميمة، مشيرا إلى أن القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، والذي يتعين مراجعته من أجل تجويده بعد القيام بعملية تقييم، جاء ضمانا للشفافية، عمد إلى التفريق بين مهام الترخيص والمراقبة، وضبط مسؤولية جميع المتدخلين، مع إمكانية تتبع التدخلات عبر إعمال مقتضيات دفتر الورش الذي يضم معطيات تتعلق بالجودة والسلامة والاستدامة، بالإضافة إلى الآليات القانونية للزجر والعقاب عند الاقتضاء.
وحددت الدراسة التي قدم محاورها كريم التاج المفتش العام لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، 101 من المخاطر المحتملة للفساد والرشوة بقطاعي العقار والتعمير همت أربعة مجالات أساسي بالمغرب. وتوزعت على 57 في ميدان البناء والأشغال، و32 في مجال التسويق والتوزيع 7 مخاطر خاصة بالتخطيط الحضري و5 بمجال إعداد الوعاء العقاري. وسجلت الدراسة أن الارتشاء ونسبة ثمن البيع غير المصرح بها، يعتبران أهم أشكال الرشوة انتشارا بنسبة 78 بالمائة من الحالات التي تم إحصاؤها.
وذكر كريم التاج أن الدراسة أظهرت أن ما يقـارب 50% مــن المخاطر صنفـت بأنهـا مخاطـر متوسـطة وأن 13% من المخاطـر وصفـت بأنهـا مخاطـر كبـرى، وترتبـط المخاطـر الكبـرى أساسـا ببرامـج الدولـة فـي مجـال السـكن والإنعاش العقاري والبناء الذاتي والتدبير الحضري
وتتمحور حطة العمل للوقاية من الرشوة المرتبطة بقطاعي التعمير والعقار والتي تنسـجم مـع توجهات الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفسـاد حول تسـعة أوراش مهيكلة وهي تحسين الولوج للمعلومة، وتقويــة آليــات الحكامة والتتبــع والتقييم فــي مختلــف المجالات المرتبطــة بالتعميــر والعقــار، وتحسين وتحديث الخدمات التي تقدمها الإدارة لفائدة المواطن
ومن بين الأوراش التي ساقها، أيضا، كريم التاج تعزيز آليات المراقبة، ووضــع مدونــات أخلاقيات المهنــة وحســن الســلوك موجهــة للمهنييــن وموظفــي القطــاع العــام، وتقوية وتحسين الإطار التنظيمي والتشريعي والمعياري ، ورصد حالات الفساد وزجر الفاعلين والتواصل والتحسيس والمشاركة المواطنة، والتكوين وتقوية قدرات الفاعلين العموميين، مشيرا إلى أن هذه الأوراش تمت ترجتمها إلـى 35 تدبيـرا عمليـا.
وحضر اللقاء إلى جانب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ورئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها محمد بشير الراشدي، ووزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة عبد الأحد الفاسي فهري، وممثل عن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية محمد بن عبد القادر، وكاتبة الدولة المكلفة بالإسكان فاطنة الكيحل.
وشهد اللقاء حضور هيئات منها ترانسبرانسي المغرب، والهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، والهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، والجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية، جامعة صناعة مواد البناء، علاوة على الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، والجامعة المغربية للاستشارة والهندسة، والاتحاد الوطني لصغار المنعشين العقاريين.

محمد حجيوي

Related posts

Top