الحماية الاجتماعية.. ورش مجتمعي طموح للنهوض بالعدالة الاجتماعية والمجالية

خطا المغرب خطوة غير مسبوقة لتجسيد أسس مشروع مجتمعي طموح يروم النهوض بالعدالة الاجتماعية والمجالية، مع شروع لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين في المسطرة التشريعية للمصادقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية.
ويعد هذا الورش المجتمعي الذي قدم خطوطه العريضة وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، يوم الاثنين 22 فبراير المنصرم، خلال اجتماع عقدته لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بالغرفة الثانية للبرلمان، ثورة اجتماعية حقيقية، لما سيكون له من آثار مباشرة وملموسة على تحسين ظروف عيش المواطنين، وصيانة كرامة جميع المغاربة، وتحصين الفئات الهشة، لاسيما في وقت التقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية والطوارئ المختلفة.
ويأتي مشروع قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، في إطار تنفيذ التعليمات الملكية السامية الواردة في خطابي العرش وافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة، والقاضية بالعمل على تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة.
وسيكلف هذا الورش المجتمعي المهم، قرابة 51 مليار درهم سنويا، تتوزع على تعميم التغطية بالتأمين الإجباري عن المرض “14 مليار درهم”، وتعميم التعويضات العائلية “20 مليار درهم”، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد “16 مليار درهم”، وتعميم الولوج للتعويض عن فقدان الشغل “مليار درهم”.
ورغم ما يشكله هذا المشروع من محطة كبرى وفاصلة في التاريخ المغربي، لاستجابته الكبيرة للعديد من المطالب الاجتماعية، التي طالبت بها قوى سياسية ونقابية ومجتمعية مختلفة، إلا أنه كمختلف مشاريع القوانين، تواكب خروجه العديد من الأسئلة بشأن مدى توفر البنيات الأساسية لتنزيله على أرض الواقع بشكل سليم ووفق الجدولة الزمنية المحددة، إضافة إلى عدد من الملاحظات والمقاربات التي تتقدم بها مختلف التشكيلات المعنية، بغرض تجويده وتحقيق الأهداف المبتغاة منه.
وفي هذا السياق، فتحت بيان اليوم هذا الملف، لبسط الخطوط العريضة لهذا المشروع المجتمعي، ثم فيه الوقوف على أبرز الملاحظات الممكنة بشأنه، وذلك
بغرض المشاركة في هذا النقاش المجتمعي، والمساهمة في تجويده.

القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية

أربعة محاور أساسية

يرتكز مشروع القانون – الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، الذي يعد مشروع مجتمعي طموح يروم النهوض بالعدالة الاجتماعية والمجالية، على أربعة محاور أساسية تتمثل في الحماية من مخاطر المرض، والحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة وتخويل تعويضات جزافية لفائدة الأسر التي لا تشملها هذه الحماية، والحماية من المخاطر المرتبطة بالشيخوخة، والحماية من مخاطر فقدان الشغل.
وينص مشروع القانون – الإطار رقم 09.21 على قيام السلطات العمومية بتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، وتطوير الجوانب التدبيرية وتلك المتعلقة بحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، في أفق إحداث هيأة موحدة للتنسيق والإشراف على أنظمة الحماية الاجتماعية، فضلا عن اتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي التي تمكن من تفعيل هذا المشروع الاجتماعي الطموح.
ويستند تعميم الحماية الاجتماعية على مبادئ تتمثل في التضامن في أبعاده الاجتماعي والترابي وبين الأجيال والبين مهني، وعدم التمييز في الولوج إلى خدمات الحماية الاجتماعية، والاستباق، والمشاركة من خلال انخراط كل المتدخلين في السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالحماية الاجتماعية.
ومن أجل تعزيز المكتسبات المحققة ولمواجهة التحديات التي يواجهها نظام الحماية الاجتماعية الحالي والتي تقلل من أثره “تعدد البرامج وتنوع الفاعلين وعدم وجود نظام استهداف موحد..”، فقد ارتكز مشروع القانون الإطار على محاور الإصلاح والجدولة الزمنية كما حددها جلالة الملك، وهي تعميم التغطية الصحية الإجبارية خلال سنتي 2021 و2022 لتشمل 22 مليون مستفيد إضافي من هذا التأمين، الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، وتعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024، لتشمل حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس، وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد سنة 2025 لفائدة خمسة ملايين مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على حق التعاقد، وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل لتشمل كل شخص متوفر على شغل قار.

51 مليار درهم سنويا

وسيكلف تنزيل تعميم الحماية الاجتماعية بالمملكة، بحسب محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حوالي 51 مليار درهم سنويا، ويتوزع هذا الغلاف المالي على تعميم التغطية بالتأمين الاجباري عن المرض “14 مليار درهم”، وتعميم التعويضات العائلية “20 مليار درهم”، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد “16 مليار درهم”، وتعميم الولوج للتعويض عن فقدان الشغل “مليار درهم”.
وأوضح محمد بنشعبون، خلال تقديمه لمشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، الاثنين 22 فبراير الجاري، أن تمويل هذا الإصلاح سيعتمد على آليتين، تهم الأولى الاشتراك “28 مليار درهم” بالنسبة للأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في تمويل التغطية الاجتماعية، فيما تقوم الثانية على التضامن “23 مليار درهم” بالنسبة للأشخاص الذين لا تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في التمويل.
وقال بنشعبون إنه لتنزيل هذا الورش المجتمعي الكبير، يتطلب في جميع مراحله ضمان التوازن المالي لأنظمة الحماية الاجتماعية حيث من الطبيعي أن تضطلع وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بدور رائد في تنزيل هذا الإصلاح في شموليته بالتنسيق مع كافة المتدخلين، مشيرا إلى أن الحرص على التوازن المالي لهذه الأنظمة هو ما جعل فرنسا مثلا تعدل دستورها سنة 1996، للتأسيس لقوانين تمويل الحماية الاجتماعية، التي تخضع لمسطرة مصادقة مماثلة لقوانين المالية “القانون التنظيمي لسنة 2005”.
التأمين الإجباري

هذا وبخصوص، تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، أكد بنشعبون أنه سيتم توسيع الاستفادة من هذا التأمين ليشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، وتحقيق التنزيل التام للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ليعم كل الفئات المعنية، واعتماد الآليات اللازمة لهذا الغرض، لاسيما تبسيط مساطر أداء وتحصيل الاشتراكات المتعلقة بهذا التأمين.
وأضاف أن الربع الأول من 2021 سيشمل 800 ألف تاجر وصانع، والربع الثاني والثالث سيشملان دمج 1.6 مليون فلاح و500 ألف صانع، قيما يشمل الربع الثالث والأخير دمج حرفيي قطاع النقل “220 ألف شخص”، ودمج أصحاب المهن الحرة والمقننة “80 ألف شخص”، على أن يتم في 2022 الدمج الكلي للفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية “11 مليون مستفيد”.
التعويضات العائلية

وعلى مستوى تعميم التعويضات العائلية، أورد الوزير أنه سيتم تعميم التعويضات العائلية، من خلال إرساء التعويضات المتعلقة بالحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة والتعويضات الجزافية المنصوص عليهما في هذا القانون-الإطار، عبر القيام، على الخصوص بإصلاح برامج الدعم الموجه للأسر للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة.

أنظمة التقاعد وفقدان الشغل

وبخصوص، توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد، أفاد بنشعبون بأنه سيتم توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد ليشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، من خلال تحقيق التنزيل التام لنظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، من خلال اعتماد الآليات اللازمة لهذا الغرض، لاسيما تبسيط مساطر أداء وتحصيل الاشتراكات المتعلقة بهذا النظام.
وفيما يتعلق بتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، أكد أنه سيشمل كل شخص متوفر على شغل قار، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض وتوسيع الاستفادة منه.

أولوية وطنية ومسؤولية مشتركة
وأشار الوزير إلى أن مشروع القانون-الإطار يعتبر أولوية وطنية، ومسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومختلف الهيئات العامة والخاصة الأخرى والمواطنين.
وينص مشروع القانون-الإطار على قيام السلطات العمومية بتنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بتعميم الحماية الاجتماعية، وتطوير الجوانب التدبيرية وتلك المتعلقة بحكامة هيئات الضمان الاجتماعي، في أفق إحداث هيأة موحدة للتنسيق والإشراف على أنظمة الحماية الاجتماعية، فضلا عن اتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي التي تمكن من تفعيل هذا المشروع الاجتماعي الطموح.
كما يتطلب تنزيل القانون-الإطار، وفقا للمسؤول الحكومي، مراجعة مجموعة من النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وبالمنظومة الصحية الوطنية مع مراعاة هذه الجدولة الزمنية، ولاسيما القانون رقم 65.00 الخاص بمنظومة التغطية الصحية الأساسية، والقانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، والقانون رقم 17.02 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، والقانون الإطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات.
وتابع أن التسريع بالمصادقة على هذه القوانين، يتطلب الانخراط القوي للمؤسسة التشريعية حتى يتم تنزيل هذا الإصلاح المجتمعي الكبير وفق الجدولة الزمنية التي حددها جلالة الملك ونص عليها هذا القانون-الإطار.

الوقاية من الهشاشة

إن محاور هذا الإصلاح تجعل من الحماية الاجتماعية أحد مجالات التدخل الاستراتيجية وذات الأولوية، للوقاية والتقليل من مختلف أوجه الهشاشة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
كما أن إدراج المبادئ والأهداف الأساسية لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية في قانون – إطار من شأنه أن يضمن التطبيق الأمثل والتنزيل السليم لهذا الإصلاح ويؤمن استمراريته وديمومته، علما بأن تعميم الحماية الاجتماعية وفق مدلول هذا القانون الإطار، الذي يجب أن يتم ضمن أجل أقصاه خمس سنوات، لا يحول دون استمرار تطبيق السياسات العمومية الأخرى التي تعتمدها الدولة في هذا المجال.
ومن دون شك، فإن الانخراط القوي للمؤسسة التشريعية، عبر التسريع بالمصادقة على القانون الإطار وكذا مراجعة والمصادقة على النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وبالمنظومة الصحية الوطنية، يظل أمرا مهما حتى يتم تنزيل هذا الإصلاح المجتمعي الكبير وغير المسبوق.

*******

عبدالواحد سهيل خبير مالي ووزير سابق للتشغيل والتكوين المهني: توسيع التغطية الصحية والاجتماعية نقطة تحول وتقدم في المجتمع المغربي

قال عبد الواحد سهيل، خبير مالي، ووزير سابق للتشغيل والتكوين المهني، إن مشروع توسيع التغطية الصحية والاجتماعية بصفة عامة تأخر في خروجه لأرض الواقع، مؤكدا أن قوى سياسية كثيرة مثل اليسار والتقدم والاشتراكية أساسا كانت تسعى إلى هذا المشروع.
وأضاف عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في تصريح خاص لجريدة بيان اليوم، أن الخطوة المهمة الوحيدة التي كان قد تم إحداثهافقط هي نظام المساعدة للفئات المحتاجة “الراميد”، بحيث أتاح لفئة اجتماعية الولوج للخدمات الصحية، بالظروف المتعارف عليها، ثم بدأت لقاءات مع بعض الفئات الميسورة في إطار نظام الضمان الاجتماعي والتغطية الصحية بشأن التحاقها بهذا النظام.
واستطرد سهيل “لكن هذا القانون -قانون الحماية الاجتماعية- لديه أهداف أوسع بحيث سيتطرق لأربعة محاور مهمة، أولها توسيع التغطية الصحية بحلول نهاية سنة 2022 بمعنى أنه نتوخى أن يصبح لدينا 22 مليون مستفيد من التغطية الإجبارية على المرض، أي تغطية جزء من تكاليف العلاج والأدوية بشكل عام”.
وأشار المتحدث نفسه، إلى أن الجديد أيضا ضمن هذا القانون هو تعميم التعويضات العائلية، التي تمنح للمأجورين في القطاعين العام والخاص المشتركين في الضمان الاجتماعي، مشيرا إلى أن عددا من المأجورين في القطاع الخاص إلى جانب القطاع غير المنظم غير مصرح بهم في الضمان الاجتماعي “وبالتالي فآباء أطفال هؤلاء الأسر منذ الولادة إلى نهاية سن التمدرس لا يتقاضون عليهم أي تعويضات عائلية”.
وفي هذا الصدد، أوضح سهيل أن مشروع الإطار يضع كمبدأ استفادة 7 ملايين من الأطفال في سن التمدرس، أي ستصبح التعويضات العائلية أمرا يتجاوز إطار المأجورين بنوع من التعيين، وتستفيد منها الفئات الاجتماعية في وضعية هشة، والتي تجد إشكالية في التمويل والمساعدة في تمدرس أبنائها.
أما المسألة الثالثة المهمة في هذا القانون، حسب المتحدث عينه، هي مسألة التقاعد، ويتوخى هذا القانون الإطار دمج 5 ملايين مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على تغطية خاصة بالتقاعد، موضحا أن التقاعد على غرار التغطية الصحية لا يشمل إلا العاملين بالقطاع العام، والقطاع الخاص، مشيرا إلى أن الأطباء مثلا والصيادلة الذين هم من الطبقة الميسورة ليس لديهم نظام تقاعد خاص بهم، وبالتالي يمكنهم التواصل مع شركة تأمين لتمكين أنفسهم من نظام التقاعد، وبالتالي الآن المفروض على الساكنة النشيطة بمختلف شرائحها (بقال، بائع متجول، المهندس، المحامي…) أن تدخل في أنظمة التقاعد.
والنقطة الرابعة حسب عبد الواحد سهيل، هي تعميم التعويض عن فقدان الشغل لفائدة المغاربة المتوفرين على عمل قار، يقول سهيل: ” فكما تعلمون شرعنا في ملف تمويل التعويض عن فقدان الشغل مع حكومة بن كيران آنذاك، بمساعدة حكومية مهمة متمثلة في 100 مليون درهم وكذا مساهمة الأجراء وأرباب العمل، فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلق هذا التعويض عن فقدان الشغل الذي كان أساسا البداية، بحيث من يفقدون عملهم يتمكنون من التعويض لمدة 6 أشهر وهو ما لم يكن قبل سنة 2012، والفكرة هي تعميم هذا الإجراء على كل من يتوفرون على عمل قار في مختلف القطاعات”.
وشدد عبد الواحد سهيل على أن القانون في الواقع يقر بعدة أشياء متعلقة بمن هم معنيون وبكيفية التدخل في هذا المشروع الكبير، مبرزا أن المادة 10 منه، تقر بأن الحماية الاجتماعية أولوية وطنية ومسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العامة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومختلف الهيئات الأخرى الخاصة والعامة والمواطنين، أي، يقول عبد الواحد سهيل: “جعله شأنا اجتماعيا مشتركا يشرك الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين، وبالطبع فهو يحدد دور الدولة والسلطات العليا”، مضيفا أن السلطات العمومية يناط بها العمل التدبيري والإجرائي والتنسيق وتتبع الورش، فهي لديها دور المواكب في كثير من الأحيان، لكن في أحيان أخرى يحق لها التدخل”.
وأوضح سهيل أن طريقة تدخل الدولة حاضر في المادة 9 من القانون التي جاء فيها أن “السلطات العمومية تسهر على التنسيق بين كافة المتدخلين المعنيين بالحماية الاجتماعية، والدولة تطور الجوانب التدبيرية والجوانب المتعلقة بحكامة هيئات الضمان الاجتماعي”. وبالتالي سنكون أمام هيئات متعددة، ولن نكون أمام نظام تغطية اجتماعية واحد يهم كل الساكنة المغربية، بل أنظمة مختلفة يقر بها القانون.
وأضاف المتحدث نفسه أن الدولة ستكون بمثابة “قائد الاوركيسترا” لهؤلاء المتدخلين، وأن على جميع الأطراف المتدخلة المساهمة والقيام بدورها في هذا الشأن، وهنا تكمن الصعوبة، حسب سهيل، حيث “سنجد أنفسنا أمام تغطيات اجتماعية مختلفة حسب الفئات المعنية، وهناك التفكير في سقف سيتمتع به الجميع وتتم تغطية إضافية كما هو الحال بالنسبة لمجموعة من التعاضديات، مثل صندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما هناك تنظيمات أخرى كالصندوق المغربي للتقاعد، والذي يمكن من تقاعد إضافي بالنسبة للقطاع الخاص ثم شركات التأمين التي تسوق لنوع من البرامج ولعروض حول التقاعد إما عبر الرسملة أو بالأقساط لمدة معينة، إذن سنكون أمام أنظمة مختلفة، وهنا مشكل يستدعي النقاش، فهل سيكفي هذا أم لا، هل سنسير بتدرج أو وفق أي طريقة؟”.
وأضاف سهيل أن القانون يتكلم على آليتين، الآلية المتعارف عليها اليوم وهي المعمول بها في الإدارات والقطاع الخاص القائمة على الاشتراك بالنسبة لمن يستطيع المساهمة في تمويل الحماية الاجتماعية، والآلية الثانية وباعتبار أن هذا القانون هو قانون إدماجي فمن لا يمتلكون هذه الأنظمة التشاركية ولا يملكون القدرة على الاشتراك فيها ستكون هناك آلية قائمة على التضامن بالنسبة للأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك (القطاعات المهمشة، الفقراء…).
ولأجل هذه الآلية الثانية، يضيف المتحدث، ستخصص مبالغ مالية من ميزانية الدولة، “وأساسا هناك حديث حول تحويل جزء أو كل الأموال المرصودة لصندوق الموازنة، لهذا الغرض، ثم العائدات الضريبية لتمويل الحماية الاجتماعية، ومن المفروض خلق ضرائب من نوع جديد لتمويل الحماية الاجتماعية، ثم الهبات والوصايا، فيجب على الناس أن يمنحوا من مالهم الخاص لمساعدة باقي الفئات على الاستفادة من الحماية الاجتماعية، ثم يقول القانون جميع الموارد الممكنة، لهذا فاللائحة ليست محصورة، فمستقبلا يمكن أن نجد مصادر أخرى لهذا الأمر”.
وقال سهيل أن القانون، أمام تركيب هذه الإشكاليات، يتحدث عن وضع إطار للحكامة، يتوخى منه ضمان الالتقائية لمختلف الأنظمة للحماية الاجتماعية، “فستكون أنظمة مختلفة حسب الفئات والأوساط، بحيث ستكون بينهم التلقائية، والمفروض أن تكون هيئة موحدة مكلفة بتدبير هذه الأنظمة المختلفة، والحكومة طبعا ستسهر على إنجاح العملية وستخلق آلية للقيادة لتسيير الأطراف المعنية، لأنه سيكون هناك تعدد المتدخلين، ما يعني مصالح متباينة وربما متضاربة، لذا علينا مواجهة هذا الورش بكثير من السعي لكي يعطي الجدوى المرجوة منه”.
واعتبر سهيل أن هذا المشروع إن تم تطبيقه بشكل سليم سيكون نقطة تحول وتقدم في المجتمع المغربي، داعيا إلى ضرورة تقديم خدمات في المستوى وكذلك الحفاظ على التوازنات المالية.

******

5 اسئلة للطيب بوهوش مدير الحماية الاجتماعية للعمال بوزارة الشغل والإدماج المهن

مشروع الحماية الاجتماعية أولوية وطنية وسيساهم في الحد من الهشاشة

>تم خلال المجلس الوزاري الأخير المصادقة على مشروع قانون الإطار حول الحماية الاجتماعية، الذي يقوم على مبادئ يفترض أن تساعد على تعميم الحماية لتشمل الأشخاص الذين لا يتوفرون عليها. ما هي أهم مرتكزات هذا القانون؟
< يرتكز مشروع قانون الإطار حول الحماية الاجتماعية على المبادئ التالية: مبدأ التضامن في أبعاده الاجتماعية والترابية وبين الأجيال والبين-مهنية الذي يقتضي تظافر مجهودات جميع المتدخلين في هذا المجال؛ ومبدأ عدم التمييز في الولوج لخدمات الحماية الاجتماعية؛ ثم مبدأ الاستباق الذي يقوم على تقييم دوري لآثار تدخلات الأطراف المعنية بالحماية الاجتماعية؛ وأيضا مبدأ المشاركة من خلال انخراط كل المتدخلين في السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالحماية الاجتماعية.

> ما هو سياق صياغة ومناقشة هذا المشروع؟ وأسباب وضعه ضمن أولويات الدولة المغربية خلال هذه الظرفية؟
< أولا إن نظام الحماية الاجتماعية الحالي يواجه العديد من التحديات التي تقلل من أثره على المواطنين لتعدد البرامج وتنوع الفاعلين، وعدم وجود نظام استهداف موحد. وأمام هذا الوضع، أطلق جلالة الملك ورشا مهما لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية في المغرب، حيث أعلن بمناسبة عيد العرش لسنة 2020 وافتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة في 09 أكتوبر 2020، ضرورة ضمان الحماية الاجتماعية لجميع المغاربة وسيشمل هذا التعميم أولا التأمين الإجباري عن المرض والتعويضات العائلية، ثم سيشمل التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل.
ثانيا، تداعيات جائحة كورونا أبانت عن النقص في منظومة التغطية الاجتماعية ببلادنا بالنظر لفقدان عدد من المواطنين لدخلهم ولمناصب الشغل؛
ثالثا، مصادقة المجلس الوزاري بتاريخ 11 فبراير 2021 على القانون الإطار الخاص بالحماية الاجتماعية والذي يهدف إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لجميع المغاربة.

> من هم أبرز الفئات الاجتماعية والقطاعات التي يستهدفها هذا المشروع؟
< توسيع التغطية الصحية الإجبارية خلال سنتي 2021-2022، بحيث سيتمكن 22 مليون مستفيد إضافي من الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء.
تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023-2024، التي سيستفيد منها حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس.
توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد خلال سنة 2025، وذلك من خلال دمج خمس مليون مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على أي تغطية متعلقة بالتقاعد.
تعميم التعويض عن فقدان الشغل خلال سنة 2025 لفائدة المغاربة الذين يتوفرون على شغل قار.

> من هم أبرز المتدخلين والشركاء في هذا الورش الكبير؟ وما هي الإجراءات المزمع اتخاذها لبلوغ الأهداف المتوخاة من القانون الإطار للحماية الاجتماعية؟
< من أبرز المتدخلين في هذا الورش الكبير: الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومختلف الهيئات الخاصة والمواطنين.
أما الإجراءات فتتمثل في إصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية المعمول بها، لاسيما الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد؛ وإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها؛ ثم تنسيق عمل كافة المتدخلين المعنيين بالحماية الاجتماعية؛ واتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي والمؤسساتي والمالي التي تمكن من تفعيل تعميم الحماية الاجتماعية، والحكامة، واعتماد هيئة موحدة للتدبير من أجل ضمان التقائية مختلف أنظمة الحماية الاجتماعية؛ وإحداث آلية للقيادة تسهر على تتبع تنفيذ هذا الإصلاح وتنسيق تدخلات مختلف الأطراف المعنية، والجدولة الزمنية لتعميم التغطية الاجتماعية حددتها المادة 17 من المشروع بحيث لا تغيرها وفق أجندات أخرى.

> إلى جانب مساهمته في محاربة الفقر والهشاشة، هل سيكون نظام الحماية الاجتماعية شبكة أمان تسمح بالتخفيف من الهزات التي يعرفها النشاط الاقتصادي؟
< سيشكل تنزيل هذا الورش المجتمعي الكبير لتحقيق تطلعات جلالة الملك لفائدة كل مكونات الشعب المغربي، في رفع تحدي تعميم الحماية الاجتماعية، ورافعة لإدماج القطاع غير المهيكل، في النسيج الاقتصادي الوطني، بما يوفر حماية للأجراء وغير الأجراء وضمان حقوقهم، وكذا منعطفا حاسما في مسار تحقيق التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والمجالية، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك.
كما أنه مشروع ضخم وله أولوية وطنية ومسؤولية مشتركة بين الدولة والجماعات الترابية والمقاولات والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وكل الهيئات العامة والخاصة، وعموم المواطنين. فهو رهان وطني ينبغي ربحه بالنظر إلى الآثار المتعددة لهذا الورش الكبير، على النسيج الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا.
وسوف يساهم في الحد من الهشاشة وتحسين ظروف عيش المواطنين، ماديا ومعنويا. وفي نفس الوقت، في حمايتهم ضد مخاطر المرض والشيخوخة وسيشكل عاملا أساسيا لزرع الطمأنينة في نفوسهم.

***

فاطمة الزهراء برصات نائبة برلمانية وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية:  ورش الحماية الاجتماعية طفرة نوعية تحتاج إرادة حقيقية للتنزيل

أكدت النائبة البرلمانية وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، فاطمة الزهراء برصات، بخصوص موضوع الحماية الاجتماعية، على أهمية هذا الورش، مردفة: “نعتبره في حزب التقدم والاشتراكية يدخل في إطار عمق ومحددات المشروع المجتمعي، بالنظر للأهمية التي تكتسيها الحماية الاجتماعية كمدخل أساسي من مداخل تمكين المواطنات والمواطنين من الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية وحقوقهم وحقهم في الحماية الاجتماعية”.
وقالت برصات، في تصريح لجريدة بيان اليوم، إن الحماية الاجتماعية “عرفت من قبل محاولات متعددة من أجل التوجه نحو تمكين فئات مختلفة من المواطنات والمواطنين إلا أن ذلك لم يصل مداه، وخير دليل على ذلك ما أفرزته الجائحة في ظل انتشار القطاع غير المهيكل وتشتت مجموعة من المهن واندراج عدد من المواطنات والمواطنين خارج منظومة الحماية الاجتماعية وما خلف ذلك من آثار وهشاشة وإقصاء”.
واعتبرت النائبة البرلمانية أن هذا الورش طفرة نوعية وانطلاقة جديدة خاصة بعد التوجيهات الملكية في خطاب عيد العرش يوم 29 يوليوز 2020 الذي أعطى انطلاقة لعملية تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة خلال السنوات المقبلة وهو ما أكده كذلك الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية ما قبل الأخيرة في الولاية الحالية، والتي أكدت على ضرورة تحديد أجندة زمنية محددة لإنجاز هذا الورش الاجتماعي الكبير.
وأكدت برصات على أن هذا الورش سيساهم بشكل كبير في تعزيز الحماية الاجتماعية لمختلف فئات المجتمع “ملايين المواطنين والمواطنات”، خاصة منهم أولئك الذين يعيشون ظروف الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، “خاصة أن بلادنا لا زال أمامها الكثير من أجل تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية”.
وأضافت برصات أن الحكومة جاءت بمشروع قانون إطار سيكون من اللبنات الأساسية لتزيل هذا الورش على أرض الواقع، معتبرة أنه من المهم أن يتم تأطير هذا الورش بقانون إطار باعتباره مدخل أساسي لتوضيح مجموعة من مستويات تنزيل هذا الورش سواء على مستوى الفئات المستفيدة أو المتدخلين وما إلى ذلك من المستويات التي حددها هذا المشروع لتنزيل هذا الورش الذي يعتبر مدخل أساسي للمساهمة في بلورة هذا المشروع على أرض الواقع.
وشددت برصات على أن هذا الورش كورش مجتمعي كبير يحتاج لإرادة حقيقية للتنزيل، مؤكدة على أنه من الضروري أن يعطى له نفس حقيقي من طرف مختلف الفاعلين وعلى رأسهم الحكومة، مستطردة: “نحن اليوم في نهاية ولاية هذه الحكومة، وستأتي حكومة أخرى التي ستتم تنزيل هذا الورش، فيجب استحضار الروح الوطنية العالية من قبل الفاعلين السياسيين والنخب التي ستشرف على تنزيل الورش على أرض الواقع”.
وأكدت برصات على أنه من الآليات التي يمكن أن تساهم في إنجاح هذا الورش هو توفير البنيات الأساسية لاحتضانه وتنزيله السليم على أرض الواقع، مبرزة أن “هذا ورش كبير وأجندته الزمنية ليست بالبعيدة وبالتالي يجب العمل على توفير البنيات الأساسية من خلال تعزيز العرض الصحي المقدم للمغربيات والمغاربة، فمثلا حين نوسع مجال التغطية الصحية فيجب أن تكون البنيات الأساسية لاستفادة المواطنات والمواطنين من هذه الحقوق”، وشددت برصات على أنه لا يمكن أن نضع مشروعا كبيرا جدا وتكون آليات وسائل التنفيذ غير متوفرة أو محدودة، وبالتالي هذا الورش من الضرورة مواكبته بالوسائل والآليات اللازمة لتنفيذه على أرض الواقع.
وجاء في تصريح برصات “نؤكد أننا أمام ورش مهم جدا، وكحزب التقدم والاشتراكية لن نكون إلا من المساندين والداعمين لتزيل هذا الورش على أرض الواقع باعتباره أساس من الأسس الضرورية لتعزيز حقوق المواطنين والمواطنات وعلى رأسها حقهم في الحماية الاجتماعية. و الأكيد ستذهب مقتضيات مشروع القانون الإطار والتي بعدما يتم مناقشتها وتجويدها داخل قبة البرلمان واعتمادها، مباشرة إلى البلورة والتنزيل على مستوى الواقع وهو ما يحتاج تضافر مختلف الجهود للحكومة والبرلمان والجماعات الترابية والقطاع الخاص”.
وقالت برصات إننا في حاجة لقطاع خاص مواطن، مضيفة: “رأينا ما أفرزته الجائحة وما أظهرته من أهمية لتعزيز حضور القطاع العام على جميع المستويات، ولكن من الضروري أن يتم إشراك القطاع الخاص وإعطائه الأدوار التي يجب أن يطلع بها”.

****

ميلودي مخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل: نستبشر خيرا بالقانون الإطار للحماية الاجتماعية

قال ميلودي مخاريق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إنه “في خطاب سابق كان جلالة الملك قد أعلن على ورش كبير يهم كل المغاربة، ألا وهو ورش الحماية الاجتماعية، وفي المجلس الوزاري الأخير صادق المجلس تحت رئاسة جلالة الملك على القانون الإطار لهذا الورش”.
وشدد مخاريق، في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، على أنهم في الاتحاد المغربي للشغل يعتبرون هذا الورش جد هام “لأنه ورش مهيكل للمغرب ومهيكل للحماية الاجتماعية، يهم جميع فئات المغاربة، ويهدف لوضع حد لهشاشة المغاربة وبالتالي الفقر والإقصاء”.
وأضاف مخاريق أنه حينما اطلعوا على مضمون القانون الإطار استبشروا خيرا، خاصة عندما علموا أنه يتطرق إلى خمس مواضع رئيسية تهم الشعب المغربي عموما والطبقة العاملة خاصة.
وشدد مخاريق على أن موضوع الحماية الاجتماعية، مطلب للشعب المغربي وللحركة النقابية في مقدمتها الاتحاد المغربي للشغل، “بالخصوص إذا علما أن عدد المواطنين والتجار الذين تشملهم التغطية الاجتماعية جد ضئيل.
وكشف مخاريق أن التغطية الاجتماعية في شقها المتعلق بالتقاعد، فيما يهم أجراء القطاع الخاص، لا تهم إلا أقل من 3 ملايين، بينما يوجد في القطاع الخاص ما يناهز 7 ملايين أجير، “وبالتالي تظل نسبة مهمة دون تغطية.
وأضاف مخاريق أنه “فيما يخص القطاع غير المهيكل فلا توجد تغطية اجتماعية ولا تغطية صحية، كذلك العمال المستقلين مقصيون من أي تغطية، لذلك نسجل بارتياح ما كنا نطالب به وهو تعميم التغطية الاجتماعية لكل الإجراء وكذلك لكل المواطنين المغاربة، لأنه محور جد مهم”.
وأبرز مخاريق أنه فيما يهم التغطية الصحية، قد أبانت هشاشة فئة كبيرة من المغاربة عن أهميتها، كذلك أجراء القطاع الخاص، مشيرا إلى أن هناك من هم ضمن تعاضديات أو منخرطين في التأمين عن المرض، وكذلك هناك من يملكون التغطية الصحية الأساسية سواء في القطاع الخاص أو العام، لكن هناك من هم في القطاع الخاص وغير مصرح بهم لدى الضمان الاجتماعي وبالتالي يضلون بدون تغطية لا صحية ولا اجتماعية وبالتالي في حالة المرض يلقى بهم إلى الهشاشة والفقر والضياع.
وأضاف مخاريق أن التغطية الصحية زادت الوضع تأزما خلال فترة الجائحة، حيث أن القطاع غير المهيكل أيضا والفئات الأخرى بدورها لا تمتلك تغطية صحية وبالتالي فهي جد مهمة.
وقال مخاريق أن نقطة أخرى استبشر بها ضمن المحور المسمى بالتعويضات العائلية، في شكل وحلة جديدة يستفيد منها جميع المغاربة، في شكل تعويض عن الأطفال وعن الأمومة، “خاصة إذا علمنا أنه حاليا يتقاضى الأجراء في القطاع العام أو الخاص فقط 300 درهم عن كل طفل وفقط لثلاثة الأطفال الأوائل، أما البقية فهم مقصيون، ومن هنا فمشروع القانون الإطار جاء لتعميم التعويضات العائلية والعناية بالأمومة.
أيضا فيما يخص التعويض عن فقدان الشغل، حسب مخاريق، فهو في هذه الظرفية من الجائحة حيث تعيش المقاولات والأجراء أزمة اقتصادية خانقة، حوالي 850 ألف من الأجراء توقفوا أو طردوا من العمل، وبالتالي لم ينالوا أي تعويض، وهذا أسفر على تشرد عائلات…
واعتبر مخاريق أن التعويض عن الشغل الحالي لا يكفي من ناحية المبلغ المسدد ثم من ناحية الشروط المطلوبة، فهو بالتالي تعويض غير لائق، “وقد كنا نطالب دائما بتعويض عن فقدان الشغل يستجيب للمستوى المطلوب خاصة في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة، وها قد جاء القانون الإطار الذي يستجيب لهذا المطلب الشعبي والعمالي والنقابي فنسجل بارتياح هذه النقطة”.
وقال مخاريق إنه لكل مشروع ايجابيات ونواقص، مشيرا إلى أن “الفريق البرلماني للاتحاد المغربي للشغل، في الجلسة المخصصة لدراسة هذا القانون، والتي انطلقت فعالياتها الأسبوع الماضي، ستتقدم بمقترحات لتجويد مشروع القانون. على سبيل المثال لا الحصر سيتم تنفيذ التعويض عن فقدان الشغل في القانون الإطار خمس سنوات، بينما الأزمة الاقتصادية تظل آنية.
مقترحاتنا أن تدخل هذه التعويضات حيز التنفيذ في سنة 2022، وهكذا ففريق الاتحاد المغربي للشغل ومنظماتنا تسجل ارتياحا لهذا القانون وتعمل على تجويده، لأنه فقط قانون إطار لذلك يجب أن يتم سن قوانين لإجرائه على أرض الواقع، وكذلك عندما ستحضر الحكومة مراسيم التطبيق، وفي تشاور معنا، سنكون حريصين على مصالح المواطنين والأجراء. والدافع طبعا هو مصلحة البلاد”.

****

خالد العلمي الهوير نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل: الحكومة غيبت الحركة النقابية عن ورش الحماية الاجتماعية

قال خالد العلمي الهوير نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن مجال شؤون الحماية الاجتماعية شمولي ومطروح على المستوى الدولي، معتبرا أنه لا يمكن لنفابته إلا أن تنخرط في هذا المشروع.
وأضاف العلمي الهوير، في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، أن “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عندما طرح النقاش حول مشروع النموذج التنموي، شددت على أن أولوية هذا المشروع يجب أن تكون هي الإنسان، وأن مرتكزات أي مشروع نموذج التنموي هو الشق الاجتماعي، وجانب الحماية الاجتماعية، وجانب القدرة الشرائية، ومعالجة الهشاشة والفقر الذي يتسع وغيره من المظاهر التي تكشف أنه لم يكن هناك مجهود من طرف الدولة لمعالجة هذه المشكلات الضخمة المطروحة”.
وأبرز المتحدث ذاته، أن المسألة الثانية هي بروز الأزمة الصحية التي كشفت بدورها عن حجم الهشاشة، مستطردا “أن هذه الأزمة الصحية انعكست على الجانب الاجتماعي والصحي، وطرحت للواجهة وضعا لدينا دراية مسبقة به، لأننا كنا نطالب دائما بالاهتمام بهذه الاختلالات كما طرحنا بدائل”.
وأشار العلمي الهوير إلى أن هناك ملايين وليس آلاف المغاربة الذين وجدوا أنفسهم بدون دخل وبدون إمكانيات، مؤكدا أن مئات الآلاف من العمال توقفوا عن العمل.
واعتبر العلمي الهوير، أن مظهر آخر من مظاهر تفشي هذه الهشاشة يتجلى في كون” العديد من أرباب العمل لم يسجلوا الإجراء لديهم في مؤسسات الضمان الاجتماعي، وبالتالي رغم أنهم يشتغلون إلا أنهم لا يملكون لا تغطية صحية ولا تقاعد ولا إمكانيات لمواجهة الأزمة وبالتالي لم يستفيدوا. لذلك اضطرت الدولة لخلق صندوق كورونا ودعم المواطنين في وضع هشاشة وأيضا الأجراء الذين فقدوا عملهم”.
وأكد العلمي الهوير أن مركزيته تقدمت بالعديد من المقترحات، مبرزا أنها كمركزية اتخذت شعار “الجواب على هذه المرحلة هو بناء الدولة الاجتماعية، وأهم أسسها هي العناية الاجتماعية، الخدمات العمومية، الحرية… وكان عنصر الحماية الاجتماعية أساسيا ضمن تصورنا”.
وثمن العلمي الهوير، في تصريحه، مشروع قانون الحماية الاجتماعية من حيث مبدأ تعميم مجال الحماية الاجتماعية ليشمل جميع المغاربة، باعتبار أن الحقوق الاجتماعية هي حقوق أساسية، مردفا: “يجب أن يمتلك المواطن تغطية صحية، ويمتلك معاشا. الذي لا يمتلك شغلا يجب أن توفر له إمكانيات للبحث عنه. والذي هو في وضعية فقدان الشغل يجب أن يمتلك تعويضا. هذه كلها عناصر إيجابية ونحن نؤكد على ضرورة مشروع قانون إطار يحتوي كل هذه العناصر والمحاور الكبرى دون الدخول في التفاصيل”.
وسجل العلمي الهوير، في تصريحه، ملاحظة على الحكومة الحالية كما السابقة، تتمثل في كون أن الحماية الاجتماعية من مهام الحركة النقابية، ومن المفروض أن يكون هذا المشروع محط حوار وإشراك اجتماعي، معتبرا أن هناك تحكم من طرف الحكومة في إعداد المشروع، رغم المراسلات التي وجهتها مركزيته لأجل إشراك النقابات لبناء تصور عام.
وأضاف أن هناك أيضا تحكم في الإعداد، وتحكم في المسار التشريعي، مشددا على أنه سيكون هناك تحكم أيضا في تنزيله على مستوى الإجراءات التشريعية والتنظيمية وأيضا المؤسسات التي ستخلق لتدبير هذه المرحلة، مؤكدا أن هذا أمر يتعارض مع المرجعية الخاصة بالحماية الاجتماعية على المستوى الدولي “وهو ما نؤكد عليه داخل المشروع، أي أن تتم الملاءمة من داخل المشروع مع التشريعات الدولية”.
وأردف العلمي الهوير أن “المشروع أتى بالاتفاقية الدولية رقم 102 والتوصية 202 لكن بنوع من الانتقائية، علما أن هذه الاتفاقية تؤكد على الحوار الثلاثي الأطراف، والمفاوضة الجماعية ما بين الأطراف المعنية في عالم الشغل من حيث إنجاز مشروع الحماية الاجتماعية”.
وأكد العلمي الهوير على أن الحكومة غيبت الحركة النقابية عن هذا الورش الكبير، مضيفا أن “المشروع أتي بإصلاحات ومراجعات، نحن نعتقد أن أهم إصلاح كان يجب التطرق له سابقا مع صدور مدونة التغطية الصحية هو تأهيل وتقوية المنظومة الصحية. فاليوم سيلتحق ملايين الأجراء بهذه الحماية الصحية. هل بالفعل المنظومة الصحية مؤهلة للاستيعاب؟ وبالتالي يجب إصلاح هذه المنظومة وتقويتها سواء من جانب البنيات أو العنصر البشري لتستطيع تأدية دورها”.
الملاحظة الثانية، حسب المتحدث عينه هي “أن مسار المؤسسات التي كانت تدبر هذه العملية يشهد بأنها عرفت سوء تدبير، مما جعلها دون مستوى تقديم هذه الخدمات، لأن أهم عنصر هو ضمان استدامة واستمرار المشروع دون اختلالات أو أعطاب، لذا فهذه المؤسسات يجب أن تخضع لتدبير مشترك، لأنه من غير المعقول أن يتم تغييب المستفيدين من الحماية الاجتماعية عن مؤسسات التدبير والمراقبة، وذلك في إطار حكامة جيدة للمنظومة الصحية”.
وتابع العلمي الهوير أنه أيضا على مستوى التمويل، طرحت عناصر تمس الطبقة المتوسطة، “فمثلا عندما تطرح مسألة الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة فالدولة سترفع يدها عن بعض المواد، وأول المتأذين هم الطبقة المتوسطة، علما أن الطبقة المتوسطة هي ضمان استقرار المجتمع، وهي المساهم الأكبر في الدورة الاقتصادية الوطنية، وبالتالي نظن أن هناك إمكانيات أخرى يجب تدارسها، لأن مشروع الحماية الاجتماعية هو مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى ثم مساهمات بعض الجهات الأخرى من مؤسسات عمومية وجماعات وغيرها”.
وعرج العلمي الهوير، في تصريحه، على جانب آخر وهو الجانب الضريبي، إذ أن بعض مداخل هذا المشروع هي الضرائب، قائلا: “قمنا بمناظرة وقدمنا عدة مقترحات للإصلاح في أفق العدالة الجبائية، ليس من المعقول أن نلتجئ للأجراء عند كل أزمة، وخلق ضرائب جديدة كما خلقت ضريبة التضامن وغيرها، فتصبح الطبقة المتوسطية هي من يؤدي، وهذه المقترحات تقدمنا بها داخل الميزانية”.
وأضاف العلمي الهوير أن من عليه التضامن مع المغاربة هم الأثرياء أصحاب الشركات التي تمتلك إمكانيات وليس بين طبقة فقيرة وأخرى متوسطة، مستطردا: “أكيد هذا التضامن أساسي لكن التضامن الحقيقي يجب أن يكون من طرف أصحاب الثروة، طالبنا بخلق ضريبة عن الثروة، وضريبة عن انتقال الملكيات، وضريبة عن الكماليات، وهذا من ضمن المقترحات التي تقدمنا بها في هذا الجانب”.
واعتبر العلمي الهوير أن الأساس هو الإشراك، معتبرا أن تغييب الحركة النقابية وعدة مؤسسات في هذا الملف هو من السلبيات، وأشار إلى أن الايجابي في المشروع هو مسألة التعميم لكن يجب أن يشمل التعميم جميع الفئات وأن لا يكون انتقائيا.
وتابع أنه المشروع يجب أن يشمل الأطفال ليس المتمدرسين فقط، “وبالتالي العودة لما ينص عليه التشريع الدولي واعتماده في هذا المشروع، لأن العملية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التجارب الدولية والعديد من البرامج الاجتماعية التي صدرت في هذا الشأن، هذه الاستفادة يجب أن تترجم على مستوى المشروع ومساره”.
وأضاف العلمي الهوير أن الايجابي أيضا هو وضوح المحطات، وبالتالي احترام تواريخ ومواعيد تنزيل هذه المشاريع، مشددا على أنه يجب أن تتم تقوية المبادئ الأساسية كالحكامة والإشراك والتسيير المشترك، ويجب الانفتاح على إمكانيات أخرى للتمويل غير ضرب القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة.

*****

في تدخل عبد اللطيف أوعمو باسم مستشاري حزب التقدم والاشتراكية بمجلس المستشارين

من شروط إنجاح مشروع الحماية الاجتماعية تبني إصلاحات ضريبية قوية وإصلاحات هادفة في القطاع المالي

تقدم المستشاران البرلمانيان، عبد اللطيف أوعمو وعدي الشجري، عن حزب التقدم والاشتراكية، يوم الأربعاء 24 فبراير الجاري، بمساهمة في المناقشة العامة لمشروع القانون إطار- رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية.
وثمن المستشاران، في مساهمتها، عاليا المجهودات التي بذلها جلالة الملك، وتوجيهاته السامية من خلال خطبه التي أكدت على ضرورة أجرأة وتنزيل الإجراءات المنصبة على تعميم التغطية الاجتماعية بالمغرب، معلنين انخراطها ودعمهما لما جاء به مشروع قانون الإطار الذي عرض على لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين.
وأكد المستشاران على أن هذا المشروع، يحتاج في تفعيله، بجانب أجرأة البعد التنظيمي والتشريعي، إلى تدابير نوعية لتحسين ظروف العمل وأنسنتها، وخصوصا في الجوانب المرتبطة بتقليص مظاهر التمييز ضد المرأة في مجال الضمان الاجتماعي.
وجاء في مساهمة المستشارين أنه “إذا حق لنا الافتخار بتوفرنا على صندوق للضمان الاجتماعي وعلى صندوق لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وغيرها من المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي، فلا بد لنا أن ننتبه إلى ضعف نجاعة الأداء والحكامة المؤسساتية، التي لا تتناسب وحجم الإمكانيات المرصودة للقطاعات الاجتماعية، بشكل عام”.
كما شدد المستشاران على ضرورة فتح حوار وطني مسؤول وهادف مع المشغلين والنقابات والمجتمع المدني للسير نحو إصلاح أنظمة التشغيل.
وهذا النص الكامل لمداخلة عبد اللطيف أوعمو:

” انطلاقا من التموقع الاجتماعي لحزب التقدم والاشتراكية، ومن منطلق أن حزبنا يطالب ويرافع من أجل وضع نظام كامل وشامل وعام للحماية الاجتماعية، باعتبار ذلك يمثل “تحولا عميقا في المعيش اليومي لملايين المواطنات والمواطنين، ولا سيما بالنسبة للفئات المستضعفة من شعبنا”.
ومن منطلق اختيارات الحزب ومنهجه، على أنه سيعمل، بالنظر إلى الصعوبات والتحديات المتعددة التي يمكن أن تواجه التفعيل الأمثل لهذا الورش المجتمعي الكبير على أرض الواقع، ومن بينها تحدي الارتقاء بجودة عرضنا الصحي، على المساهمة في توفير كافة شروط نجاحه، من خلال حسن تدبير إجراءاته التطبيقية والعملية.
وباعتبار أن هذا الورش يحتل مكانة مركزية في مشروعه المجتمعي، حيث طالبنا منذ عشرات السنين ببلورة مشروع ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، تعتبر المصلحة العليا للبلد من أسس منطلقاته ومبادئه وأهدافه. وما يتطلب ذلك من تحمل المسؤولية، خصوصا أنه لم يظهر لنا، خلال العشرية الماضية الاستعداد الكامل لتسريع الحوار الاجتماعي الذي تعثر منذ سنوات.
ولا يسعنا، والحالة هاته، إلا أن نثمن عاليا المجهودات التي بذلها جلالة الملك، وتوجيهاته الآمرة من خلال خطبه التي أكدت على ضرورة أجرة وتنزيل الإجراءات المنصبة على تعميم التغطية الاجتماعية بالمغرب، بدءا من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد في 29 يوليوز 2018 الذي طالب بإحداث السجل الاجتماعي الموحد والتعجيل بإنجاح الحوار الاجتماعي لما له من أبعاد ودلالات سياسية واقتصادية واجتماعية، ومرورا بالخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد في 29 يوليوز 2020 الذي أعلن عن إطلاق عملية تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، خلال الخمس سنوات المقبلة، وذلك ابتداء من يناير 2021، ووصولا إلى الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة في 9 أكتوبر 2020 الذي أكد وعزز المكتسبات الحمائية بشأن تعميم التغطية الاجتماعية إلى جانب ضرورة تحديد أجندة زمنية لهذا الورش الاجتماعي الكبير
ونعلن في نفس الوقت، انخراطنا ودعمنا لما جاء به مشروع قانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، والذي عرض اليوم على لجنة المالية والتخطيط و التنمية الاقتصادية بمجلسنا.
فإذا كانت جائحة كوفيد 19 قد نزلت بثقلها وزعزعت كيان المجتمع وأودت بعدد كبير من الأرواح وأثرت في الكيان الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، فإن كونها استطاعت أن توقظ المجتمع وتزيح الستار على الحالة الاجتماعية الحقيقية وتظهر التدهور العميق للمنظومة الصحية والمستويات الخطيرة لتوسع دائرة الفقر والهشاشة، مما يهدد بزعزعة كيان المجتمع والدولة معا.
فأظهرت مدى التشتت والضعف على مستوى التغطية والنجاعة، وكذا عدم إدماج القطاع غير المهيكل وعدم ملائمة عدد من الأنظمة رغم تعددها، وغياب آليات التنسيق للمتطلبات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية، التي هي بدون شك من مرتكزات إعمال وأجرأة النموذج التنموي الجديد.
ونتمنى أن تكون هذه الهزة قد أيقظت كذلك ضمائر بعض الجهات التي ساهمت، بأي سبب كان، في تعثر مسار استكمال جوانب أساسية من منظومة الحماية الاجتماعية، كمشروع قانون رقم 109.12 بمثابة مدونة للتعاضد ومشروع قانون 63.16 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية ومشروع قانون رقم 25.14 يتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية.
هذه المشاريع التي احتجزت وحوصرت برفوف اللجان الاجتماعية بمجلس المستشارين منذ عدة سنوات، بسبب خلافات وصراعات غير منطقية، أظهرت جائحة كورونا أن كل تأخير عن الإصلاح المهيكل بأدوات التقييم تؤدي ثمنه غاليا الفئات الاجتماعية الدنيا. وفي جميع الأحوال، فلن يكون ذلك في صالح الوطن.
فنحن نرى أنه يمكن اعتبار مشروع قانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، والذي صادق عليه المجلس الوزاري ليوم 11 فبراير 2021 قبل إحالته على مجلس المستشارين، اللبنة الأساسية والإطار المرجعي، لبناء مشروع وطني للحماية الاجتماعية، وتحقيق الأهداف المرسومة، وفي مقدمتها دعم القدرة الشرائية للأسر المغربية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، باعتبار أن أهمية مشروع القانون الإطار 09.21 تكمن في مساهمته في ورش تعميم التغطية الاجتماعية على جميع المغاربة.
وهو مشروع تاريخي طموح يصب في قلب ضمان الكرامة الإنسانية، ويندرج في صلب تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وضمان الحماية للمواطنين.
لكن لا بد لنا أن نشير إلى بعض أهم علامات الهشاشة الاجتماعية، التي تهدد كيان صرح الحماية الاجتماعية، والتي عرتها أكثر جائحة كوفيد 19، والمتمثلة في أن: 60% من المغاربة لا يتوفرون على التقاعد، وأن 46% منهم لا يتوفرون على تغطية اجتماعية، بالإضافة إلى أن 15 مليون من المغاربة يستفيدون من نظام الراميد “RAMED”، الذي تضخ فيه الدولة 75% من كلفته الإجمالية.
وهذا كله، في ظل فعالية شبه منعدمة، لما يطبع منظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا من تشتت وضعف في مستوى التغطية والنجاعة. هذا بجانب ضعف دراسة الآثار، وعدم تفعيل تقييم ومتابعة البرامج المتعددة القائمة، والتي أبانت عن ضعف حكامتها، رغم تأثيرها المباشر على مستوى عيش المواطنين وعلى التماسك الاجتماعي داخل المجتمع. مما يبرر تشديد الباب الثالث من مشروع القانون الإطار 09.21، الذي نحن بصدد دراسته ومناقشته، على آليات الحكامة بين مختلف الفاعلين في الشأن الاجتماعي.
ونتمنى أن يتم الانتباه بجدية ومسؤولية لهذه الإشكالات المرتبطة أساسا بالنجاعة وبالحكامة.
فإذا حق لنا الافتخار بتوفرنا على صندوق للضمان الاجتماعي وعلى صندوق لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وغيرها من المؤسسات ذات الطابع الاجتماعي، فلا بد لنا أن ننتبه إلى ضعف نجاعة الأداء والحكامة المؤسساتية، التي لا تتناسب وحجم الإمكانيات المرصودة للقطاعات الاجتماعية، بشكل عام.
فهل المنخرطون في الصناديق الاجتماعية مرتاحون لأداء المؤسسات في هذا المجال؟ وهل المواطن المغربي يجد ضالته عندما ينتقل لرؤية الطبيب أو عند اقتنائه للأدوية بهدف العلاج؟ وهل هو مرتاح لنسبة التعويضات عن المرض التي يتلقاها من مختلف الصناديق التي يغذيها أصلا بمساهماته واشتراكاته؟
بالتأكيد لا! لأن تجربة المواطن المغربي مع تدبير أنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي والتأمين عن المرض،… هي تجربة مريرة، بحيث أن ملفات التعويض غالبا ما تكون عرضة للتلف أو للتأخر في التعويض أو لضعف نسبة التعويض عن المرض… وغيرها من المعاناة اليومية للمواطن.
ورغم التنويه بأهداف المشروع، علينا إثارة الانتباه أكثر للأثر الملموس لهذا النص القانوني على حياة المواطنين، لأن المواطن لا تهمه كل هذه المؤشرات الرقمية، والحيثيات القانونية والتشريعية، بقدر ما تهمه الاستفادة المثلى والفضلى من مختلف أشكال الحماية الاجتماعية، التي تضمن له الكرامة والقدرة على وضع إسقاطات لطموحاته في العيش الكريم على المستقبل، بأمل وثقة وتفاؤل.
إن المواطن المغربي يطمح في تحقق التماسك الاجتماعي… وهو في تعريفه تحقيق للشعور المشترك لدى أفراد مجموعة بشرية معينة، بأن الجميع “يمتطون سفينة واحدة” ويقتسمون مصيرا واحدا ومشتركا… ومن هذا المنطلق، يتعين أن تكون السفينة والمصير من اختيار الجميع، وبشكل طوعي وإرادي، وأن تكون قيادة الرحلة والسفينة نتيجة اتفاق وتوافق ديمقراطي.
والتعريف الفلسفي والإجرائي للتماسك الاجتماعي سيساعد لا ما محالة في توجيه تدخلات الدولة وباقي الفاعلين. والرأسمال الاجتماعي مثله مثل أي رأسمال، يحتاج إلى العناية والاهتمام والتوجيه والتقييم والتقويم المستمر.
فنحن نرى بأننا أمام مشروع مندمج متعدد الأوجه، يروم تحقيق مجموعة من الإصلاحات الكبرى التي تندرج ضمن طموح تبني نموذج تنموي جديد مرتكز على مزيد من المساواة والعدالة الاجتماعية.
ويجب السير بخطى ثابتة، انطلاقا من تعميم التغطية بالتأمين الإجباري عن المرض، ومرورا بحماية الطفولة المتمدرسة، وتوفير فرص النجاح لها، من خلال توسيع الاستفادة من التعويضات العائلية، فمرورا بتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد، وتعميم الولوج للتعويض عن فقدان الشغل،… وغيرها من الرافعات المكملة والمعززة لهذا الطموح الوطني الكبير: وهو تعزيز مقومات المواطنة المشتركة والحقة.
وهو فاتحة لإصلاحات هامة وموازية، ومن ضمنها إدماج القطاع الغير المهيكل بالوصول إلى 22 مليون مستفيد من التغطية الصحية الإجبارية في أفق سنة 2022. وهومشروع غير مسبوق سيكلف إجمالا حوالي 51 مليار درهم سنويا.
ويتعين كذلك توحيد المتدخلين في القطاع الاجتماعي. وهي البوابة نحو إصلاحات كبرى، من أهمها إصلاح النظام الضريبي، وتوجيه التنمية نحو خلق القيمة المضافة النوعية وتشجيع الإنتاج الوطني والعناية بالسوق الداخلية، والسير به نحو مزيد من العدالة والتكافؤ.
ولا بد كذلك من فتح حوار وطني مسؤول وهادف مع المشغلين والنقابات والمجتمع المدني للسير نحو إصلاح أنظمة التشغيل.
لأن إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية يجب أن يندرج في إطار فلسفة واستراتيجية عامة، وفي مسار أوسع، يضمن شروط مراعاة حقوق العمال والحفاظ على مناصب الشغل، ومراعاة ظروف عمل المقاولة ومساعدتها على النمو والرفع من تنافسيتها الاقتصادية، ومن قدراتها الاجتماعية.
فخلال تحيين لوائح الاستفادة من مساعدات كوفيد 19 اتضح أن حوالي 5 مليون شخص يعملون في القطاع غير المهيكل، وأغلبهم حرفيون أو تجار صغار أو باعة في الرصيف أو باعة متجولون. وهؤلاء غالبا ما يحتاجون إلى ملائمة اجتماعية لوضعهم المهني والاجتماعي حتى يسايروا الركب.
ولكن، لدينا كذلك مقاولات ومؤسسات إنتاجية تشتغل في واضحة النهار وتشغل موارد بشرية هامة، وتروج مبالغ مالية كبيرة، ونحن هنا نتحدث عن قرابة 40 مليار درهم تتكبدها خزينة الدولة جراء تهرب العديد من المؤسسات الإنتاجية من مسؤوليتها الاجتماعية.
والعاملون بهذه المؤسسات والمقاولات يعدون بالآلاف… ولا يؤدي عنهم بالكاد إلا قرابة 6 إلى 7 مليار درهم لصناديق التقاعد، كما يطرح التأمين إشكالا آخر… وتطرح إشكالات أخرى عند فقدان الشغل، لأن العاملين في هذه المؤسسات يصبحون عرضة للتشرد والهشاشة. كما أن الطبقة العاملة الزراعية، تعيش من جهتها أوضاعا مأساوية، جراء حرمانها من الحماية الاجتماعية ومن الاستفادة من الحد الأدنى للأجور.
وأن هذا المشروع، يحتاج في تفعيله، بجانب أجرأة البعد التنظيمي والتشريعي، إلى تدابير نوعية لتحسين ظروف العمل وأنسنتها، وخصوصا في الجوانب المرتبطة بتقليص مظاهر التمييز ضد المرأة في مجال الضمان الاجتماعي، والتي أشار إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره حول الحماية الاجتماعية في المغرب في سنة 2018، حيث تكون المرأة عرضة للعمل الغير المنظم أو العرضي أو المؤقت أو بدوام جزئي، وخصوصا في القطاعات التي لا تغطيها بشكل كامل أنظمة الحماية الاجتماعية “الفلاحة والصناعة التقليدية، …” والأنشطة غير التسويقية التي لا تترتب عنها حقوق الضمان الاجتماعي “العمل المنزلي وحضانة الأطفال ورعاية الأشخاص المعالين…” وغيرها من مظاهر الهشاشة المفتقرة للتغطية الاجتماعية المناسبة.
إن الرهان على الطفولة هو رهان كبير. لأن الرهان على الحماية الاجتماعية للطفولة المتمدرسة، وضمان أدنى شروط النجاح لأطفالنا، بدون ميز، هو استثمار في المستقبل. لكن، في الوضع الحالي، هل يكفي مبلغ 300 درهم للطفل، لتوفير شروط الجودة؟ هذا بجانب مطلب تجويد خدمات المدرسة العمومية.
ويحتل الحق في الشغل وضعا مركزيا في منظومة حقوق الإنسان، باعتباره حقا اقتصاديا واجتماعيا أساسيا، وهو ما كرسه الدستور المغربي، بمقتضى الفصل 31 من الدستور الذي ينص على أنه “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة؛ لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: … الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث على منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي…”.
لكننا لم نلاحظ أية إشارة للحماية من المخاطر المرتبطة بفئة الشباب ضمن التعويضات المنصوص عليها في هذا القانون. فالمادة الثانية من مشروع القانون الإطار تقدم تعريفا للحماية الاجتماعية، يشمل الحماية من أخطار الأمراض والحماية من الأخطار المتعلقة بالطفولة، وتمكين الأسر التي لا تتمتع بهذه الحماية من الاستفادة من التعويض والحماية من أخطار الشيخوخة والحماية من أخطار فقدان الشغل، دون إشارة إلى عناصر الحماية من المخاطر المرتبطة بالبطالة لدى فئة الشباب، وكذا المخاطر المرتبطة بظاهرة انحراف الشباب “délinquance”، والوقاية من الجريمة، وتعريضهم للمعاملات الغير اللآئقة، وبالخصوص الشابات.
إن الهدف الاستراتيجي من كل هذه المنظومة هو كرامة المواطن المغربي، وضمان حسن الرعاية والحماية للمواطنين. وهذا القانون الإطار هو قانون منظم لتدخل أجهزة الدولة ومؤسساتها، بجانب الحكومة والإدارات والجماعات الترابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وعموم المواطنين. وعلى كل المغاربة أفرادا ومؤسسات أن ينخرطوا فيه ويساهموا في إنجاحه.
فللفاعلين والمستفيدين والشركاء مساهمات عديدة في هذا المشروع. ويتعين تنظيم تدخلاتهم، خصوصا وأن هذه المشاريع ستحتاج إلى مزيد من التضامن والتكافل الاجتماعي.
فمغرب متضامن ومتماسك، سيكون بالتأكيد أكثر قدرة على التغلب على الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي ستواجهه مستقبلا.
وأن التوجه الايجابي نحو المستقبل، يحيلنا على الملاحظات الجوهرية التالية:
إذا ما استطاعت الدولة أن تحقق ما التزمت به بين سنوات 2021 و 2025 بالأجرأة الفعلية للمرتكزات الأساسية لهذا المشروع الطموح :
أولا: تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في أجل أقصاه نهاية 2022، لصالح 22 مليون مستفيد إضافي، من التأمين الأساسي على المرض، سواء ما يتعلق بمصاريف التطبيب والدواء، أو الاستشفاء والعلاج.
ثانيا: تعميم التعويضات العائلية، لتشمل ما يقارب سبعة ملايين طفل في سن الدراسة، تستفيد منها ثلاثة ملايين أسرة.
ثالثا: توسيع الانخراط في نظام التقاعد، لحوالي خمسة ملايين من المغاربة، الذين يمارسون عملا، ولا يستفيدون من معاش.
رابعا: تعميم الاستفادة من التأمين على التعويض على فقدان الشغل، بالنسبة للمغاربة الذين يتوفرون على عمل قار.
وهي إصلاحات جوهرية انتظرناها منذ أزيد من نصف قرن. ونظن أن مصداقية هذا المشروع تتمثل في توفير الشروط الموضوعية لإنجاحه عبر مراحل، وبالتدرج.
ويجب أن تظهر جليا على أرض الواقع الإجراءات العملية لتفعيل المشروع، ببلورة المبادئ والأهداف المرتبطة بإصلاح المنظومة الاجتماعية خلال خمس سنوات المقبلة، وبشكل ملموس وجلي، لأن المواطن المغربي يحتاج إلى ملامسة مسار واضح وشفاف بعيدا عن الوعود الفضفاضة، مع إصدار القوانين والمراسيم والإجراءات التي لا تعرف، في كثير من الأحيان، طريقها إلى التنفيذ، أو قد لا يتلائم تنفيذها مع روحها وجوهرها.
إن التغطية الصحية تحتاج إلى حوار مجتمعي حيوي لبلورة التوجهات الأساسية لإصلاح قطاع الصحة. لكن، من شروط إنجاح المشروع توفير نظام تمويلي قار، يضمن استدامة الإصلاحات البنيوية العميقة للمنظومة الصحية ككل.
كما يتطلب تجاوز إشكاليات التوازن المالي لهذه الأنظمة تخصيص قوانين مالية خاصة للحماية الاجتماعية، التي تخضع لمسطرة مصادقة مماثلة للقوانين المالية، على غرار بعض الأنظمة المقارنة كفرنسا. وهو ما تمت الإشارة إليه في عرضكم، السيد الوزير، يوم 22 فبراير 2021 أمام اللجنة. ونثمنه عاليا.
والتجارب المقارنة الناجحة التي استطاعت بناء نظام للتغطية الاجتماعية القوية، تستمد قوتها من اقتران الفكرة والفلسفة ببناء تمويلي قار وشفاف، يعتمد على إصلاح ضريبي حقيقي، ويرتكز على قيم التضامن والإنصاف، بجانب المجهود المالي والتمويلي من ميزانية الدولة.
كما أن من شروط إنجاح المشروع، تبني إصلاحات ضريبية قوية وإصلاحات هادفة في القطاع المالي، ترتكز على التزامات الدولة ومختلف الهيئات العامة والخاصة لتحقيق أهداف تضامنية ومنصفة للجميع.
ومن ضمن غايات تفعيل قيم التضامن إقرار الضريبة على الثروات وعلى الإرث وعلى المداخيل الكبرى ومحاربة اقتصاد الريع،… باعتبار أن الإصلاح الضريبي هو ضمانة لبناء ديمومة هذا الصرح الاجتماعي التضامني.
وأغلب هذه الإصلاحات لا تتطلب موارد مالية إضافية، بل تتطلب إرادة سياسية حقيقية، ومن ضمن هذه الإصلاحات المنتظرة محاربة الاحتكار والمزاوجة الغير السليمة بين المال والأعمال والسلطة والسياسة.
وتفعيلا للمادة الثالثة من مشروع قانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، ومنها مبدأ التضامن بأبعاده الاجتماعية والمجالية والعابرة للأجيال والمهن، وما يقتضي ذلك من مضاعفات جهود مختلف المتدخلين في المجال، إضافة إلى مبدإ عدم التمييز في الحصول على خدمات الحماية الاجتماعية.
ومن ضمن هذه المبادئ التي يجب تفعيلها: الترقب، الذي يقوم على التقييم الدوري لتأثيرات تدخلات مختلف الجهات، إضافة إلى مبدإ المشاركة الذي يستدعي الالتزام الصريح والقوي لجميع المتدخلين في السياسات والبرامج المتعلقة بالحماية الاجتماعية.
إنها مرحلة انتقالية للمرور من مرحلة الجائحة إلى ما بعدها. والسنة سنة انتخابية بامتياز. وانتظارات المواطنين كبيرة. ونحن أمام تحديات كبرى، ونحتاج إلى أفكار جديدة وإلى منظومة تنموية جديدة وإلى تصورات جديدة.
وهذا الرهان هو رهان مرحلة يقتضي من الأحزاب السياسية تطوير قدراتها على الاستجابة للتحديات، فالانتخابات ليست إلا وسيلة ديمقراطية لتطوير المجتمع وتحديثه وعصرنته، وهي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية ووسيلة لتحقيق الرفاهية لجميع المواطنين ووسيلة لتطوير الاقتصاد الوطني وتنويعه، وجعله أكثر تنافسية وجلبا للاستثمارات.
والهدف الأسمى هو الارتقاء الاجتماعي. فهل بإمكاننا تقديم نخب سياسية جديدة تستجيب لطموحات المغاربة، وتكون جديرة بهذا المشروع الطموح؟

*****

عبد السلام الصديقي الخبير الاقتصادي وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية: ورش الحماية الاجتماعية ستكون له آثار اقتصادية واجتماعية في غاية الأهمية

قال عبد السلام الصديقي، الخبير الاقتصادي وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن مشروع قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، المعروض حاليا على المصادقة البرلمانية، مشروع حضاري وتنموي كبير، مؤكدا أنه فريد من نوعه ولم يسبق لبلادنا أن شاهدت مثله، كما أنه يستجيب لانتظارات شعبية واسعة وضرورة وطنية ملحة.
واعتبر عبد السلام الصديقي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه كسائر مشاريع القوانين، فهو يبقى مع ذلك قابلا للتجويد حالا ومستقبلا، مشددا على أهمية الإسراع في أجرأته طبقا للجدولة الزمنية التي حددت في المشروع أي الفترة الخماسية 2021-2025.
وأكد الصديقي أن هذا المشروع يطرح تحديات كبيرة على بلادنا، والتي تتطلب حسبه، تعبئة شعبية واسعة وإرادة سياسية قوية، مشيرا إلى أن تعميم التغطية الصحية يستوجب تأهيل منظومتنا الصحية على مستوى البنية التحتية، والموارد البشرية مع توزيعها بصفة عادلة على مجموع التراب الوطني، معتبرا أن هذا أمر مستعجل بدونه لن نتمكن من تحقيق هدف التعميم.
وأضاف عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أنه “في ذات الوقت ينبغي إعادة الاعتبار للمستشفى العمومي ليشكل حجر الزاوية في المنظومة الصحية، مما لا يعني عدم إشراك القطاع الخاص وتهميشه، بلا، ولكن شريطة إخضاع هذا القطاع لاحترام أخلاقيات المهنة واعتبار صحة المواطن هي الهدف الأساس بدل الجري وراء الربح”، مشددا على أن صحة المواطن لا يمكن ولن يمكن أبدا اعتبارها سلعة كباقي السلع.
وتابع المتحدث أنه في نفس الوقت، لا يمكن أن يتم الحديث عن تعميم التغطية الصحية بدون التوفر على قطاع وطني “تنافسي” لإنتاج الأدوية والحد من التبعية للخارج، معتبرا أن السيادة الصحية لا تختلف عن السيادة الغذائية والسيادة السياسية.
وقال إن تطوير الصناعة الوطنية لانتاج الأدوية بأثمان في متناول الفئات الواسعة من شعبنا والتي لا تثقل كاهل المستهلك وميزانية الدولة، رهينة بالاستثمار في البحث العلمي والابتكار، وتأهيل العنصر البشري.
من جهة أخرى، اعتبر الصديقي أن نجاح أي مشروع رهين بديمومة تمويله، مشيرا إلى أنه فيما يخص هذا الجانب، فقد حددت التكلفة السنوية للحماية الاجتماعية في 51 مليار درهم سنويا، منها 28 مليار في شكل مساهمات يتحملها مباشرة المستفيدون والباقي، أي 23 مليار درهم تتحملها الدولة -أي المجتمع-، مشيرا إلى أن هذا المبلغ قد يبدو في أول وهلة مرتفعا، لأنه يكاد يساوي الميزانية المخصصة لقطاع الصحة بأجمله، “ولكن لا ينبغي أن تعالج مسألة الحماية الاجتماعية من زاوية التكلفة المالية الضيقة، بقدر ما ينبغي وضعها في أفق تنموي، واعتبارها بالتالي عاملا محددا للزيادة في الإنتاجية وخلق الثروات”.
وأردف المتحدث أنه “كلما توفرت الإرادة السياسية يتم تجاوز الحاجز المالي، فالدولة تفكر مثلا في إصلاح نظام المقاصة بالتخلي على دعم ما تبقى من المواد المدعمة وخاصة منها غاز البوتان الذي يستحوذ على أزيد من 70 في المائة من مخصصات صندوق المقاصة فهو إجراء يناقش طبعا شريطة ألا يؤدي إلى ظهور بعض السلوكات التي قد تلحق أضرارا جانبية لم تكن في الحسبان”.
وبالتالي أي إصلاح لنظام المقاصة، حسب الصديقي، عليه أن يضع تدابير مرافقة حتى لا نرتكب نفس الخطأ بالنسبة لتحرير المحروقات.
وأكد القيادي في حزب “الكتاب” على أن بناء الدولة الاجتماعية يتطلب توفير وسائل قارة للتمويل، مما يطرح القيام حالا بإصلاح ضريبي، ووضع القانون الإطار الموعود الذي تأخر أكثر من اللازم.
وأضاف أن “إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد الوطني أيضا ينبغي أن يصبح واقعا بدل الوعود والشعارات، وهذا الموضوع ينبغي تناوله بنفس الجرأة ونفس الإرادة التي شاهدناها فيما يخص موضوع الحماية الاجتماعية”.
وأكد الصديقي على أن السير بورش الحماية الاجتماعية إلى نهايته في الآجال المحددة وبدون تعثر، ستكون له آثار اقتصادية واجتماعية في غاية الأهمية، فهو يساهم في توسيع السوق الداخلية من خلال تحسين مستوى العيش للمواطن وإخراجه من الهشاشة الاجتماعية، وضمان كرامته.
ومن البديهي، وفق عبد السلام الصديقي، التأكيد على العامل السياسي كعامل محدد في نهاية المطاف، مستطردا: “ونحن في سنة انتخابية بامتياز، فلا تنمية بدون ديمقراطية حقيقية، ولا ديمقراطية بدون ديمقراطيين وبدون نخب واعية ومتشبعة بالقيم الإنسانية وبحب الوطن وتغليب المصالح العليا للبلاد”، معتبرا أن انخراط السياسي في هذا الورش التنموي حاسم وهناك علاقة جدلية بين مختلف المستويات والأصعدة.

****

عبد الحفيظ ولعلو العضو السابق في اللجنة الوطنية للتغطية الصحية: مشروع الحماية الاجتماعية ثورة حقيقية ودون إصلاح منظومة الصحية الوطنية لا يمكن تحقيق تعميمه على جميع المغاربة

قال الدكتور عبد الحفيظ ولعلو، العضو السابق في اللجنة الوطنية للتغطية الصحية ومنسق وطني سابق لقطاع الصحة التابع لحزب التقدم والاشتراكية، إن الملاحظة الأولية أن هذا القانون الإطار لا يشمل جميع الفئات الاجتماعية المستهدفة منها مثلا الأشخاص المسنين، وذوي الاحتياجات الخاصة والطفولة في وضعية هشاشة.
وأضاف ولعلو، الذي يرأس جمعية المبادرة المغربية للوقاية والتغطية الصحية، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن هناك أيضا غياب موضوع تطوير مجال الأمن والسلامة في أماكن العمل وفي المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وما يتعلق بطب الشغل وحوادث الشغل والأمراض المهنية وبضرورة إصلاح مدونة الشغل.
وسجل لعلو أن هناك عجز كبير في الحماية الاجتماعية ببلادنا تراكم منذ الاستقلال والدليل على ذلك حاجيات أزيد من ستة ملايين من الأسر المعوزة والتي تعيش في وضعية هشاشة حيث استفادت من الدعم المالي المباشر من صندوق تدبير الجائحة، مما يفسر حاليا الاستعجال بضرورة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، حفاظا على التماسك الاجتماعي وضمان كرامة الإنسان.
وشدد لعلو على أن تشخيص الحماية الاجتماعية يبرز مدى تنوع المتدخلين والفاعلين مع عدم وجود نظام استهداف موحد للمستفيدين بناء على معايير مدققة بالإضافة إلى ذلك، هناك تعدد الهيئات المدبرة وكذلك تدخل عدة وزارات “الصحة، الداخلية، الشغل، المالية والاقتصاد، التنمية الاجتماعية…”، كما أن هناك مساهمة الجماعات الترابية في الحفاظ على صحة المواطنين طبقا لاختصاصاتها في إطار الجهوية الموسعة.
وتابع لعلو أن هناك أيضا تعدد مؤسسات تدبير التغطية الصحية من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومختلف التعاضديات وكذلك الوكالة الوطنية للتغطية الصحية الموكل لها التوازن المالي والمراقبة والمواكبة، وتحديد التعرفة المرجعية الوطنية وكذلك هناك تعدد صناديق التقاعد في غياب من التنسيق والملائمة فيما بينها.
من جهة أخرى، أشار ولعلو إلى أنه بالرغم من الشروع في التغطية الصحية فإن نسبة المستفيدين منها لا يتعدى 54 في المائة فيما يتعلق بالتأمين الصحي الإجباري، الذي انطلق منذ سنة 2005، وبنظام المساعدة الطبية “رميد” منذ سنة 2013 والذي تبين فشله فيما بعد.

التعويضات عن المرض

أما عن النفقات الطبية العامة بالمغرب، حسب ولعلو، فلا زالت الأسر المغربية تتحمل منها 53 في المائة، بسبب محدودية التعويضات عن المرض والأدوية حتى فيما يخص المستفيدين من التغطية الصحية.
ولضمان الحق في الولوج للعلاج حسب ما ينص عليه الدستور الحالي لا بد من وضع سياسة دوائية وطنية مندمجة وشمولية توفر الأمن الدوائي لبلادنا بتشجيع الصناعة الدوائية المحلية وبضبط أسعار الأدوية وجودتها بتشاور مع كل المتدخلين في القطاع.
وقال ولعلو إنه “في قانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية المطروح أمام مجلسي النواب والمستشارين للدراسة والمصادقة عليه فيما بعد، هناك ما يدل على أن المغرب بعد الوضعية الصحية الصعبة التي مر بها مع جائحة كوفيد 19، تبين أن هناك عجز كبير في الحماية الاجتماعية وهناك تنوع في الفاعلين وعدم وجود نظام استهداف موحد بالإضافة إلى أن هناك تعدد المجالات وتداخل عدة مرافق وزارية “وكالات، مؤسسات…”.
وأضاف ولعلو، أن هناك الكثير من البرامج الاجتماعية دون تنسيق أو إلتقائية وتكامل فيما بينها، الشيء الذي يفسر وفقه، أن تأثير هذه المشاريع وهذه السياسات الاجتماعية جد محدود، وبالتالي نسبة التغطية الصحية مثلا لا تتعدى 54 في المئة منذ انطلاق التأمين الصحي الأساسي سنة 2005.
وتابع ولعلو أنه بعد فشل نظام المساعدة الطبية الراميد، وأمام المطالب الملحة للشعب المغربي بكل فئاته والمركزيات النقابية والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، والمنظمة العالمية للصحة، كان لا بد أن يقوم المغرب بهذا الإصلاح الشمولي الهيكلي والمستعجل لمنظومة الحماية الاجتماعية لتعميمها على كل المغاربة، وطبقا للدستور الحالي الذي ينص على الحق في الصحة وفي الولوج للعلاج والدواء وكذلك الحماية الاجتماعية.
وذكر ولعلو أن جلالة الملك في عدة مناسبات وفي كثير من الخطب منذ سنوات وبالضبط منذ خطاب العرش سنة 2018 أكد على ضرورة القيام بإصلاحات هيكلية وشاملة للمنظومة الصحية وكذلك لمنظومة الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أنه في مناسبة عيد العرش الأخير لسنة 2020 وكذلك أمام النواب في افتتاح الدورة البرلمانية الأخير في أكتوبر 2020 أكد جلالة الملك على ضرورة توفير الحماية الاجتماعية لتشمل جميع المغارب.
وأوضح ولعلو أن هذا التعميم سيطال التأمين الإجباري على المرض ثم التعويضات العائلية ثم تمديد الحماية لتشمل التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل، وبالتالي فإن المحاور الأساسية لهذا الورش الكبير، حسب ولعلو تعتبر من أهم الأوراش المجتمعية الكبرى، مؤكدا أنه ثورة اجتماعية حقيقية.
وأبرز ولعلو أن التوجيهات الملكية ترتكز على أربع محاور أساسية، اولا توسيع التغطية الصحية الاجبارية بحلول 2022 ليستفيد منها أزيد من 22 مليون مغربي ومغربية إضافي بالنسبة لتكاليف العلاج والاستشفاء، وثانيا التعويضات العائلية التي سيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل في سن التمدرس، وثالثا توسيع قاعدة الانخراط في أنظمة التقاعد بدمج حوالي 5 ملايين مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على أي تغطية خاصة بالقاعد، ثم رابعا التعويض عن فقدان الشغل لفائدة الأجراء الذين يتوفرون على شغل قار.
وأشار ولعلو إلى أنه لتكون هذه الإجراءات مطبقة بصفة ملموسة، أكد جلالة الملك على الجدولة الزمنية، مبرزا أن هذا الإصلاح سينطلق هذه السنة 2021 وفي سنة 2025 سيكون هذا الإصلاح في محاوره الأربع جاهزا على المستوى التشريعي والمالي وعلى مستوى الحكامة.

محاربة الفقر والهشاشة

وقال ولعلو إن من بين أهداف هذا التعميم محاربة الفقر والهشاشة وتحسين العيش للساكنة بجميع فئاتها الاجتماعية، وهو يرتكز كذلك على 3 مبادئ ذكر منها: التضامن بين الفئات والجهات والأجيال، معتبرا أن هذا المبدأ يجرنا إلى الحديث عن دور الدولة حيث ستكون هي المساهم الأكبر للفئات المعوزة حتى تكون المساهمة مستدامة ومضبوطة في إطار ميزانية الدولة.
أما المبدأ الثاني هو المساواة حيث أنه سيكون لجميع المغاربة الحق في الولوج للعلاج ولكل البرامج الوقائية وللحماية الاجتماعية طبقا للمواثيق الدولية فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية والصحية والثقافية والتي صادق عليها المغرب منذ عقود.
وفيما يخص المبدأ الثالث حسب ولعلو هو عدم التمييز في الولوجية للعلاج والوقاية، حيث ستكون نفس الاستفادة من العلاجات ونفس التعويضات عن الاستشفاء والأدوية والعمليات الجراحية.
واعتبر ولعلو أن هذا الإطار يأخذ بعين الاعتبار عدة مقاربات، أولا مقاربة سياسية ترتكز على إرادة سياسية ملكية قوية والتي ستدفع بإرساء قواعد هذا القانون الإطار الذي سيلتزم به الجميع وبتفعيله وأجرأته في كل المجالات، مؤكدا على أنه في هذا الصدد لابد أن تكون هناك إرادة حكومية وإرادة برلمانية ولدى كل الفاعلين في هذا الورش الكبير من أحزاب سياسية و مركزيات نقابية و إعلام ومجتمع مدني، مشددا على أن الكل مطالب بأن تكون له إرادة و انخراط فعلي لإنجاح هذا الورش.
أما المقاربة الثانية حسب ولعلو، هي حقوقية ومن الضروري أخذ بعين الاعتبار ما تنص عليه المواثيق الدولية في هذا المجال أخذا بعين الاعتبار أهداف التنمية المستدامة المبنية على رؤية هيئة الأمم المتحدة وكل البرامج المسطرة في هذا المجال، والتي من بينها كذلك قطاع الصحة وقطاع الحماية الاجتماعية.
والمقاربة الثالثة، يضيف المتحدث عينه، “هي شمولية لأنها تعتمد رؤية مستقبلية لاستدامة هذا الورش المهم، كذلك أن تكون هناك رؤية تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المالية المتوفرة لضمان التوازن المالي لكل مدبري هذه المنظومة المجتمعية”.
وبخصوص المقاربة الرابعة، قال ولعلو إنها مقاربة أفقية، مشددا على أنه من الضروري أن تكون هناك إلتقائية لكل المشاريع ولكل السياسات المرتبطة بالحق في الصحة وضمان الولوج للعلاج والوقاية وتعميم الحماية الاجتماعية لجميع المغاربة.
ولتحقيق هذه المقاربة ولكي تكون مقاربة مشاركاتية، أكد ولعلو أنها يجب أن ترتكز على التدرج في تحقيق هذه الأهداف وحكامة جيدة أي أن تتبنى ثقافة التقييم لما سيتم إنجازه، والمراجعة لكل المبادرات وكذلك المراقبة سواء المالية أو الإجرائية لتطبيق أحسن وأنجع لكل هذه القوانين وكل المساطر المرتبطة بهذا الورش.
وأضاف ولعلو أنه لا بد من أن يتم اعتماد سياسة تواصلية كإستراتيجية طويلة المدى للمواكبة حيث سيتم التركيز على دور المجتمع المدني والإعلام للتربية الصحية والتعريف بأهداف القانون الإطار.
وقال ولعلو إن هذا القانون “يهدف للتقليص من الفقر ومحاربة الهشاشة، وسيكون لديه انعكاس على الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة وتفعيل السجل الاجتماعي الموحد لضبط الاستهداف بناء على معايير مدققة حتى تكون الاستفادة للأشخاص الذين هم في حاجة لهذه البرامج الاجتماعية وللدعم العمومي”.

إصلاح المنظومة الصحية

في سياق متصل، أكد ولعلو على أنه بدون إصلاح المنظومة الصحية الوطنية لا يمكن أن نتحدث عن منظومة الحماية الاجتماعية، مشددا على أنه من بين شروط نجاح هذا الورش إصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها في كل مجالاتها.
وأوضح ولعلو أن ذلك يتطلب إصلاح جذري وهيكلي لهذه المنظومة التي تشكو من عدة اختلالات ونقائص وتستحق إصلاح مستعجل لضمان نجاح هذا الورش.
وشدد ولعلو كذلك على أن تفعيل هذا القانون الإطار يجب أن يتم بتنسيق مع كافة المتدخلين المعنيين بالحماية الاجتماعية من قطاع الصحة العام، والقطاع الخاص، والقطاع التعاضدي، والتعاون الدولي ومن كل المتدخلين المعنيين، مضيفا “ولنا في تحقيق هذا المبتغى ضرورة اتخاذ جميع التدابير ذات الطابع التشريعي، لأنه ستكون هناك قوانين جديدة لتنظيم هذه المنظومة وبطبيعة الحال ستكون كذلك مناسبة لتعديل الكثير من القوانين المرتبطة بهذا الورش وبالمحاور الأربع التي ذكرت”.
وعرج ولعلو كذلك على التدابير المؤسساتية حيث يجب التفكير، حسبه، في مؤسسات جديدة، من خلال إحداث وكالة لتدبير هذه المنظومة الاجتماعية وكذلك إطار للقيادة لضمان نجاحه، مضيفا أن العنصر المهم والأساسي أيضا هو التمويل حيث يجب أن يكون قارا ومستداما وبمساطر واضحة ومراقبة مالية صارمة، وكذلك بحكامة جيدة.
وتابع ولعلو أنه يجب أن تكون هناك هيئة واحدة، مشددا على ضرورة مراجعة اختصاصات الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، “وهي كهيئة أنشئت منذ قانون التأمين الصحي، مختصة في الحرص على التوازن المالي وضبط الاتفاقيات بين كل المهن الطبية والصيدلانية وهي التي تحدد السعر المرجعي الوطني لكل الخدمات الطبية، بطبيعة الحال يجب أن تكون هناك آلية جديدة وهي آلية القيادة تسهر على تنفيذ وتتبع إنجاز هذا الورش وتنسيق تدخلات مختلف الفاعلين المتعددين”.
ويبقى التحدي الأساسي، حسب ولعلو هو التطبيق الفعلي للقوانين والمراسيم الوزارية المنظمة للحماية الاجتماعية مع تفعيل آليات المراقبة المالية والقيام بالتقييم المستمر والموضوعي لجميع السياسات العمومية والبرامج الاجتماعية، قصد ضمان ديمومتها، وجودة خدماتها الصحية.

 إنجاز: عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top