الحمل والولادة في زمن كورونا

يعتبر الحمل مرحلة حساسة وفترة مميزة في حياة الأم، مليئة بالإثارة والترقب، كما يشكل في حد ذاته ظرفا استثنائيا يحمل بين طياته مزيجا من المشاعر الإيجابية والسلبية، وقد تطغى المشاعر السلبية في الكثير من الأحيان وتؤثر بشكل سيء على المرأة الحامل وجنينها.
ولكن بالنسبة للأمهات الحوامل اللواتي يواجهن مرحلة تفشي مرض فيروس كورونا في العالم، فإن الخوف والقلق والعيش في الشك وعدم اليقين، كلها عوامل إضافية قد تفسد عليهن أيضا هذا الوقت السعيد.
وفي ظل إجراءات التباعد الاجتماعي والقيود التي فرضتها معظم الدول والحكومات على مواطنيها بهدف التصدي لهذا الوباء المستجد، فإن «روتين» المرأة الحامل قد شهد بدوره الكثير من التغييرات، إذ إن العديد من العيادات الطبية أقفلت أبوابها حفاظا على سلامة المرضى، كما أن الأطباء قاموا بإلغاء مواعيدهم واكتفوا باستقبال الحالات الطارئة، كل ذلك جعل المرأة الحامل ترزح تحت أعباء نفسية وجسدية كبيرة.

تأثير كورونا على الحامل

فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من ربع مليون شخص حول العالم، مازال يلفه الكثير من الغموض، خاصة أنه وباء مستجد والأبحاث بشأنه جارية على قدم وساق. في الواقع، لا يزال الأطباء والعلماء يحاولون الإبحار في عالم هذا الفيروس الغامض وتأثيره على الجميع، بما في ذلك على الأمهات الحوامل وعلى الأجنة في أحشائهن.
ومن بين الفرضيات التي ينكب عليها الخبراء، هي مدى احتمال نقل فيروس كورونا من المرأة الحامل إلى جنينها؟ وما إذا كانت النساء الحوامل معرضات أكثر من غيرهن لمخاطر الإصابة بهذا الفيروس؟
في الواقع، وعلى الرغم من أن مناعة المرأة الحامل تكون أضعف من غيرها، إلا أن الدراسات التي أجريت مؤخرا أكدت أن النساء الحوامل لسن معرضات أكثر من غيرهن للإصابة بالعدوى، كما لا يوجد حتى الآن أي دليل على انتقال الفيروس من الأم الحامل إلى جنينها، سواء كان ذلك خلال فترة الحمل أو أثناء الولادة، حيث تعرف حالة انتقال الأمراض من الأم إلى جنينها طبيا بالانتقال الرأسي أو العمودي.
فبعدما تم رصد إصابة مولود صيني بفيروس كوفيد 19بعد 36 ساعة فقط من ولادته، أجرى فريق بحثي في مستشفى تشونغنان التابع لجامعة ووهان الصينية، أول دراسة من نوعها، لبحث إمكانية انتقال الفيروس من الأم إلى جنينها.
ووجد الفريق البحثي نفسه أمام عدة فرضيات، أبرزها إمكانية انتقال العدوى في الرحم عبر المشيمة، أو أثناء عملية الولادة نتيجة ملامسة سوائل الأم، بالإضافة إلى إمكانية انتقاله بعد الولادة عن طريق حدوث اتصال وثيق بمريض مصاب بالفيروس.
واعتمد الفريق في نتائج دراسته المنشورة في دورية (The Lancet)، على تحليل عينات مأخوذة من 9 سيدات حوامل أصبن بالفيروس، في الفترة ما بين 36 إلى 39 أسبوعا من الحمل، وعندما أنجبت الأمهات أطفالهن التسعة عن طريق ولادات قيصرية، لم يلحظ الأطباء ظهور أية أعراض للمرض على المواليد، فانتهت نتائج الفريق البحثي بشكل مبدئي، إلى أن كوفيد 19 لا ينتقل من الأم المصابة بالفيروس إلى جنينها عبر المشيمة، خلال الثلث الأخير من الحمل.
وأبرز ما توصلت إليه الدراسة، هو عدم رصد أية أدلة على إمكانية انتقال عدوى كوفيد 19عموديا، أي من الأم إلى جنينها خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، مشيرا إلى أنه تم تقييم مدى انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين عبر جمع عينات من السائل الأمينوسي، دم الحبل السري بالإضافة إلى حليب الثدي، وكذلك أخذ مسحة من حلق المولود لحظة الولادة: «أُخذت جميع العينات في غرفة العمليات حتى تعكس ظروف الرحم الحقيقية، وبعد تحليلها اكتشفنا أن جميع العينات سلبية»، بحسب قوله.
وبالتالي لا يوجد إثبات حتى هذه اللحظة عن وجود علاقة مباشرة بين الحمل وزيادة احتمال الإصابة بفيروس كورونا.
ولكن بحسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن المرأة الحامل تعاني بشكل عام من تغيرات في جسدها، الأمر الذي يزيد من خطر تعرضها للإصابة بأي عدوى من فيروسات عائلة كورونا أو التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية، كالإنفلونزا، كما أنها أكثر عرضة للأمراض الشديدة بشكل عام مقارنة بغيرها، وعليه تأتي النصائح بضرورة حفاظ النساء الحوامل على صحة جسمهن، وقوة جهازهن المناعي، وتجنب الأمراض المعدية قدر الإمكان والاهتمام بالتغذية السليمة.

كيف يؤثر فيروس كورونا على جنينك؟

وجدت واحدة من أوائل الدراسات التي بحثت في تأثير عدوى فيروس كورونا خلال الحمل أن صحة الأجنة أو حديثي الولادة لامرأة مصابة في الثلث الأخير من الحمل لم تختلف عن المتوقع مع حالة الحمل غير المصابة.
لكن هذه الدراسة الصغيرة من ووهان في الصين نشرت سريعا ولم تبحث في العدوى بالأشهر الأولى من الحمل.
وفي مراجعة لـ41 حالة حمل مصابة بكوفيد-19، بالإضافة إلى 38 حالة أخرى مصابة بفيروسات كورونا الأخرى مثل سارس وميرس، استنتج العلماء أنه كان هناك زيادة صغيرة لكنها مهمة في الولادة المبكرة (قبل إتمام 37 أسبوع من الحمل) لحالات كوفيد-19.
ومع ذلك لم يستطع الباحثون التمييز بين الحالات التي ولدت مبكرا من تلقاء نفسها والحالات التي تم حثها للتعجيل بالولادة قبل 37 أسبوعا، لذا فالأدلة على إصابة الجنين بالضرر محدودة ولا يجب أن تسبب القلق.
ووفقا لدراسة نشرتها المجلة الأميركية لأمراض النساء والولادة في إبريل الماضي. ويضم التقرير أكبر عينة من نوعها في الولايات المتحدة حتى الآن، إذ راقب الباحثون 43 امرأة حاملا أُصيبت بفيروس «كوفيد-19» في مستشفيات نيويورك، وشابه تحليل شدة الحالات في معدله المرضى الأخريات غير الحوامل، حيث كانت نسبة الحالات البسيطة 86% ونسبة الحالات الحادة أو الحرجة 14% فقط. ووفقا للأبحاث المنشورة في مجلة (New England Journal) الطبية فإن الفيروس يظهر بشكل متوسط لدى 92% من حالات العدوى في النساء الحوامل بينما تظهر أعراض شديدة في 8% فقط من الحالات، وذكر الباحثون في الدراسة أنه لا يوجد خطر أعلى لدى النساء الحوامل.
وفي المملكة المتحدة، طمأنت الكلية الملكية لطب النساء والتوليد النساء الحوامل بأنهن سيكن بخير، رغم أن عليهن اعتبار أنفسهن عرضة للخطر، وأكد إيبوكراتيس ساريس، الخبير الاستشاري ومدير مركز مختبر الإخصاب (King’s Fertility)، أن السبب في ذلك هو نقص المعلومات، قائلا: «ليس ثمة خطر مُثبت خلال الثلثين الأول والثاني من الحمل. لا نعتقد أن فيروس كورونا المستجد يسبّب زيادة خطر الإجهاض». لكنه أضاف: «بعد تخطي الأسبوع الثامن والعشرين (أي في الثلث الأخير من الحمل) يكمن الخوف في الاضطرار إلى إجراء ولادة مبكرة إذا أُصيبت الأم بالفيروس، لعلاجها على نحو فعال.
وأوضح ساريس أن الحمل يمكن أن يغير الجهاز المناعي لدى المرأة، وقد يغيّر طريقة استجابة الجسد للعدوى الفيروسية، لكن ذلك يحدث لدى نسبة صغيرة فقط من النساء، وأن المخاوف التي تنتاب الجميع اليوم لا ينبغي لها أن تؤثر في قرار الحمل.

كيف تحمين نفسك والجنين؟

تنصح المنظمات الصحية الوطنية الكبرى النساء الحوامل باتخاذ التدابير الوقائية نفسها كغيرهن، وتقول الكلية الأميركية لأطباء الأمراض النسائية والتوليد (ACOG) أيضا إن عليك تجنب الأشخاص المرضى، والبقاء في المنزل قدر الإمكان، والابتعاد مسافة ستة أقدام على الأقل عن الآخرين، وغسل اليدين بالماء والصابون مرارا، واستخدام معقم يحتوي على الكحول بنسبة 60% على الأقل، مع تجنب لمس العينين والأنف والفم.
وتنصح المرأة الحامل، مثلها مثل جميع الأشخاص الآخرين، بتغطية الأنف والفم بقناع وجه أثناء الوجود في الأماكن العامة. وبالنسبة لزيارات الطبيبة النسائية فيختلف المخطط وفقا لنصائح الطبيب وخصائص الحالة، لكن ينصح بشكل عام بأن تتخذ بعض التدابير مثل الحد من الزيارات الشخصية إلا الأساسية منها والتي يجرى فيها الكشف عبر الموجات فوق الصوتية في الأسبوع 11-13، والموجات فوق الصوتية المورفولوجية في الأسبوع 20-22 مع الاختبار المهبلي لقياس عنق الرحم، ثم الموجات فوق الصوتية في الثلث الأخير، وإجراء الاستشارات الأخرى عبر الهاتف لتجنب الزيارات غير الضرورية، وينصح بقياس ضغط الدم كل 15 يوما ومراقبة الوزن مرة في الشهر.
وفي حال الشك بالإصابة بالفيروس فإن المنظمات الصحية لا تقدم إرشادات منفصلة للحوامل، بخلاف البقاء على اتصال مع الطبيبة النسائية، وسوى ذلك تكون الإرشادات هي نفسها المقدمة لأي شخص مصاب بالفيروس، مثل البقاء في المنزل لحين الحصول على الرعاية الطبية الأساسية، وتجنُّب وسائل النقل العام، واستشارة الفريق الطبي عبر الهاتف.

الصحة النفسية للحامل في زمن كورونا

وإذا كان الحمل ذاته يسبب التوتر لأن التغيرات في أسلوب الحياة والعلاقة والدخل تخلق مزيدا من التحديات للأسر، فإن القلق على صحة الطفل موجود في الحمل دائما، لكن يضاف إليه الآن القلق النفسي بشأن تأثير العدوى.
قبل الجائحة كانت الإحصاءات تقول إن 20% من السيدات يصبن باضطراب القلق السريري (مثل القلق العام ورهاب محدد) في أثناء الحمل، والآن لدينا بعض المؤشرات المبكرة عن تأثير جائحة كوفيد-19 على تلك الإحصاءات.
وأجرى باحثون كنديون مسحا لنحو 2000 امرأة حامل في أبريل 2020 (لكن البحث لم يخضع لمراجعة الأقران بعد)، وأظهرت النتائج أن 57% من السيدات الحوامل يعانين من أعراض القلق، لكن 68% منهن أبلغن عن زيادة في القلق الخاص بالحمل.
كانت هناك حالة واحدة من بين المشاركات مصابة بكوفيد-19 و25 حالة اشتباه لكن غير مؤكدة، لذا بالنسبة لمعظم المشاركات فالحمل في أثناء الجائحة (دون إصابة) ضاعف القلق 3 مرات عن القلق الذي تصاب به النساء عادة في الحمل قبل الجائحة.
تشعر السيدات الحوامل أيضا بالقلق من كيفية تأثير الجائحة على رعاية الأمومة بما في ذلك المسموح لهم بزيارتهن في المستشفى والرعاية بعد ميلاد الأطفال.
وجدت مراجعة لتوتر الحمل في أثناء أوبئة سابقة مثل سارس وميرس وزيكا وإيبولا أنه بالإضافة للشعور بالضعف، فإن السيدات الحوامل يشعرن بالقلق بشأن تعطل الرعاية قبل وبعد الولادة، والتعرض لعلاجات وأدوية لم تختبر بشكل كامل في الحمل.
كما يرتبط التوتر في أثناء الحمل بمجموعة من النتائج السيئة للطفل مثل الولادة المبكرة وأن يكون أكثر عرضة للمرض ومشكلات سلوكية في أثناء الطفولة. وقد تسببت أعراض التوتر ما بعد الصدمة على السيدات الحوامل بعد هجمات 11 سبتمبر وكوارث طبيعية مختلفة في التأثير على التطور المعرفي والعاطفي على الطفل لاحقا في مرحلة الطفولة.

ربما لا نستطيع تجنب التوتر..
لكن يمكننا إدارته

من جانب الأطباء، تقول يلدا أفشار، طبيبة أمراض النساء والتوليد في لوس أنجلوس: «إننا نعمل في فضاء خال من المعلومات، الناس محقون في خوفهم، لأن المجهول يكون مروعا عندما نعجز عن إعطائهم استشارة جيدة نابعة من بيانات مدعومة بالأدلة». مع ذلك، وأثناء انتظار بعض الحقائق، ينصح الباحثون وأطباء التوليد العاملون في الخطوط الأمامية مرضاهم بأفضل ما يسعهم، ويطوعون نصائحهم كلما طرأت أدلة جديدة، وقد توقف البعض منهم للإجابة عن بعض الأسئلة الأكثر تواترا التي يسمعونها من النساء الحوامل القلقات.
لكن هناك أخبارا جيدة، فبينما لا نستطيع أن نتجنب التوتر والقلق الناجم عن الجائحة، يمكننا إدارة هذا القلق.
في الحقيقة، ليس ضروريا أن يؤدي القلق ذاته الناجم عن الأحداث إلى تلك النتائج السيئة، لكنه يتعلق بكيفية تقدير المرأة الحامل لهذا القلق والتوتر وكيف تختار أن تمضي قدما، فهذا ما يحدد ما سيحدث لطفلها.

حافظي على هدوئك وعاداتك الجيدة

هناك كثير من الأشياء التي يمكن للمرأة أن تفعلها للحفاظ على هدوئها النفسي وأول تلك الأشياء الاهتمام بالتغذية الصحية السليمة والحصول على قسط وافر من النوم، فهذه من الأمور الأساسية التي تساهم في راحة الإنسان نفسيا بالإضافة إلى أهمية أن تسعى المرأة لممارسة الأنشطة التي تحسن من مزاجها وتدخل السعادة على قلبها.
ويعد الدعم الاجتماعي عاملا أساسيا في إدارة التوتر، ولا مانع من الحرص على التواصل مع المقربين. لكن مع التباعد الاجتماعي أصبح من الصعب التجمع مع الأصدقاء والمقربين الذين بإمكانهم تقديم الدعم، لكن ما زال هناك العديد من الدعم للسيدات الحوامل على الإنترنت وكذلك مجموعات الولادة التي تستهدف مراحل معينة من الحمل، هذه المجموعات قد توفر الطمأنينة والشعور بالانتماء بينما يبدو العالم الخارجي مختلفا.
تجنبي التفكير كثيرا في ظروف الوباء، وحاولي التأقلم مع الوضع الجديد، إضافة إلى التركيز على صحتك وصحة الجنين، والاقتصار على التفكير بالترحيب بمولودك الذي سيحدث تغييرات كثيرة على حياتك.
ما زال بإمكانك ممارسة الرياضة في الخارج، لكن إذا كنت تفضلين ممارستها داخل المنزل فهناك العديد من المواد التي تقدم اليوغا والتمارين الرياضية المناسبة للحمل على الإنترنت.
يمكنك أيضا ممارسة الاسترخاء والتأمل والاستعانة بدروس اليوغا المتاحة على الإنترنت. وإذا كان بإمكانك العمل من المنزل سيمنحك ذلك المرونة التي ستحتاجينها بشدة هذه الأيام.
إضافة إلى ذلك يمكنك اللجوء إلى الرعاية الصحية المحلية عن بعد للحصول على رعاية للصحة النفسية، وهناك أيضا العديد من البرامج المجانية على الإنترنت التي تقدم الدعم الموجه ذاتيا للصحة النفسية.

التقليل من التعرض للمعلومات حول الفيروس

على الرغم من أن التعرف على آخر مستجدات فيروس كورونا وعدد الإصابات والعلاجات واللقاحات المحتملة، أمر ضروري، إلا أن الإفراط في التعرض لهذه المعلومات قد يبقيك في حالة من التوتر والقلق، مما قد يؤثر سلبا على صحتك النفسية والعقلية ويزيد من احتمال وصول هذه التأثيرات إلى جنينك.
ومن الأمور التي تزعج المرأة الحامل هي أنها لن تستطيع استقبال الزيارات الاجتماعية المتعارف عليها عقب الولادة، ولا تنظيم الحفلات التقليدية التي تعقب الولادة حيث من الصعب فعل ذلك في ظل جائحة كورونا، لهذا نحن ننصح المرأة الحامل دوما بالتفكير في طرق بديلة لتبادل التهاني والفرحة بقدوم المولود الجديد، حيث لابد من الالتزام بوجود مسافة اجتماعية آمنة بين الأم الجديدة وبين الآخرين حفاظا على صحتها وعلى صحة مولودها وهذا لا يعني أن تدخل في حالة من الانعزالية؛ لأن الانعزالية ستتسبب في إصابة المرأة بالتوتر والقلق النفسي، لذلك فالأم مدعوة للبحث عن طريق بديلة لتحقيق التواصل الاجتماعي مع الحفاظ على التباعد الجسدي حفاظا على صحتها وصحة المولود.

كيف ستكون الولادة والرضاعة؟

هناك أكثر من 130 مليون امرأة يلدن حول العالم كل عام، وقد تحولت المستشفيات مؤخرا إلى «ساحات حرب» في المعركة ضد فيروس كورونا، الأمر الذي جعل عشرات النساء الحوامل من حول العالم يعدن النظر في الولادة وحتى في مكانها.
لا تعني إصابة الأم بالفيروس الاضطرار إلى إجراء عملية ولادة قيصرية، إذ لا تعتبر الإصابة سببا في حد ذاته، إلا إذا كانت الأعراض شديدة. ووفقا لمنظمة اليونيسيف فلا يزال حليب الثدي أفضل مصدر لتغذية الرضع -حتى في حال إصابة الأم بالفيروس- لتعزيز الأجسام المناعية في جسم الرضيع وحمايته من العديد من الأمراض، كما أن هذا الاتصال الوثيق بين الأم والمولود في اللحظات الأولى من حياته يساعد الطفل على النمو. وحتى إذا كانت الأم مصابة بـ «كوفيد 19-، فلا داعي للقلق بشأن إصابة الطفل. ويؤكد الأطباء أن جميع الحالات المبلغ عنها التي أُصيب فيها الرضع حديثو الولادة بفيروس كورونا حدثت عقب ولادتهم ولم تكن الأعراض شديدة لديهم. وتشير الأبحاث إلى أن الفيروس لا يبدو أنه ينتقل عن طريق حليب الأم، لكن عليها تقديم رعاية خاصة أثناء الرضاعة، والتأكد من غسل وجهها ويديها قبل الرضاعة وبعدها، وتنظيف الأسطح وارتداء القناع عند الاقتراب من الطفل، ويشجع العديد من الأطباء -خاصة في حالة شدة الأعراض لدى الأم- على شراء مضخة الثدي للحد من الاتصال.

استمتعي باللحظة

في انتظار وصول الصغير تقول بيري تاريس إيزابيل توراس، الأستاذة بكلية التربية الاجتماعية والعمل الاجتماعي: «من المهم أن نتحدث إلى أنفسنا، وأن نرسل إليها رسائل إيجابية، عندها سيكون من السهل مواجهة المواقف التي تؤثر على رفاهيتنا، وإذا كنت بخير، فسيكون المخلوق الصغير الذي تحملينه بداخلك بخير أيضا»، وتؤكد أن على المرأة الحامل خلق بيئة ممتعة والاستمتاع باللحظة أكثر ما يمكن، «يجب ألّا ننسى أن هذه اللحظات فريدة من نوعها، إننا نعيشها مرات قليلة جدا، لذلك عليك التركيز فيما يمكنك التحكم فيه»، وتنصح توراس بالبقاء على اتصال بالطبيب إن أمكن، والانضمام إلى مجموعات افتراضية من النساء الحوامل لتبادل الدعم في الاهتمامات والمخاوف، والبحث عن إجابة لأسئلتهن من مصادر موثوقة.
وتؤكد ماريا مارتين، الأستاذة في دراسات علم النفس والعلوم التربوية في جامعة كاليفورنيا، أهمية التركيز على ما يمنحنا الرفاهية وما يخضع منه لتأثيرنا بالأساس، وهي رابطة الأم مع الطفل، «ما الباقي فهو ليس تحت سيطرتنا»، وهي تؤكد أيضا أن الثقة في الطبيب مهمة جدا عند اقتراب الولادة، برغم الشكوك والمخاوف، والثقة في أن كل شيء سينتهي وسيصل الصغير في سلام، وعلينا أن نكون على استعداد أيضا لنصنع له عالما جميلا.

Related posts

Top