الدعوة إلى التفاعل الإيجابي والحوار البناء خدمة لقضايا حقوق الإنسان

فنن العفاني

«خلص الطرفان إلى أهمية مواصلة التفاعل الإيجابي والحوار البناء خدمة لقضايا حقوق الإنسان ودعما للإصلاحات الكبرى التي تعرفها المملكة»، بهذه العبارة أجملت وزارة العدل والحريات نتائج اجتماع الوفد الحكومي مساء الجمعة الماضي مع الأمين العام لمنظمة العفو الدولية «سليل شيتي»، والذي ترأسه الوزير مصطفى الرميد، وضم ممثلين عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ووزارة الداخلية والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
ويمكن استنتاج من خلال هذه الخلاصة التي أعلنتها وزارة العدل والحريات ضمن بلاغ عممته في ختام هذا الاجتماع، وتوصلت جريدة -بيان اليوم- بنسخة منه، أن المنظمة والسلطات المغربية قد تمكنا من التوصل إلى إقرار قواعد للتعامل والتعاون بينهما،بما يعني أن الزيارة حققت أهدافها التي تمحورت حول «ضبط قواعد ومبادئ التعاون والتفاعل البناء بين الطرفين، بما يراعي الإنصاف والموضوعية والحياد والشفافية وأخلاقيات العمل الحقوقي، واحترام قوانين ومؤسسات الدولة»حسب ما كشفت عنه السلطات الحكومية .
كما أن»التوصل إلى ضبط قواعد ومبادئ التعاون والتفاعل البناء»، يرمز أن الطرفين قد تمكنا استبعاد كل العناصر التي من شأنها خلق التوتر في العلاقة بينهما ، والقطع مع مرحلة سابقة شابها تأزم كبير ، وسوء فهم واسع ،حيث وصل الأمر إلى توجيه الحكومة لانتقادات حادة للمنظمة واتهامها بالتحامل على المملكة ،على خلفية إطلاقها لحملة دولية ضد التعذيب في العالم حصرت فيها لائحة من خمس دول بينها المغرب.
و قال مصطفى الرميد وزير العدل والحريات خلال هذا اللقاء»إن حماية حقوق الإنسان والنهوض بها يعد خيارا استراتيجيا للمملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس ، حيث أطلقت أوراشا إصلاحية مهيكلة ترمي إلى تعزيز حقوق الإنسان والبناء الديمقراطي»، مجددا في ذات الوقت التأكيد على انفتاح المملكة المغربية على كافة الهيئات والمنظمات الدولية واستعدادها الدائم للتعاون معها.
أما  الأمين العام لمنظمة العفو الدولية فقد أقر بأن المملكة المغربية قطعت أشواطا هامة في مجال حقوق الإنسان، وأنها تعرف تقدما حقيقيا في هذا الشأن، قائلا»إن المغرب اتخذ مبادرات وخطوات تستحق التقدير والدعم».
وأشاد في هذا الصدد بالعمل الهام الذي أُنجز على مستوى هيئة الإنصاف والمصالحة واعتماد الدستور الجديد، ومواصلة المغرب الانخراط في المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، ولاسيما الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، مؤكدا فيما يخص موضوع التعذيب «أن منظمته مقتنعة بأن التعذيب ليس سياسة ممنهجة للدولة».
من جانب آخر، وصف مراقبون اللقاء الذي عقده «سليل شيتي» الأمين العام لمنظمة العفو الدولية مع هيئات المجتمع المدني مساء الخميس الماضي بأحد فنادق الرباط والذي استمر إلى ساعة متأخرة من الليل،كان كحائط مبكى ،حيث غاب عنه طرح القضايا الجوهرية والأساسية، والتعبير عن القلق الذي يرتبط بالتردد المسجل في تفعيل المقتضيات الدستورية ، وتم بدل ذلك التركيز على بعض حالات الاعتقال أو المنع .
وبدا الأمر حسب ما تم تداوله بشأن هذا اللقاء وكأن أمنستي الدولية، تملك عصا سحرية ، غير آخذين بعين الاعتبار الوضع الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي يمثل فيها المغرب الذي حقق تقدما مشهودا به على مسار حقوق الإنسان، النقطة المضيئة ،أو جزيرة محاطة ببحر من القمع والحرمان من حقوق الإنسان.
وقال بوبكر لاركو رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ، في اتصال هاتفي أجرته معه جريدة بيان اليوم»، أن أغلب ممثلي المجتمع المدني اختاروا إثارة ذات الملفات التي تخص حالات الاعتقال والمنع، والتي يمكن أن توجد في كل البلدان بالنظر للردة التي تشهدها حقوق الإنسان على الصعيد الدولي والذي تظهر في جزء منها بشكل جلي عبر أوضاع اللاجئين في أوروبا وما سجل بكل من فرنسا وبلجيكا نتيجة الإرهاب.
 وأغفلوا طرح القضايا الجوهرية والأساسية التي تخص مسار حقوق الإنسان ، فإذا كان المغرب قد تمكن من تحقيق مكتسبات تضمنتها مقتضيات الدستور، وقد أكد الأمين العام لأمنستي نفسه ، على ذلك ، فإن هناك إكراهات حقيقية، ثقافية ،وإكراهات نعيشها كحداثيين وديمقراطيين»، يشير المتحدث.
وأضاف موضحا في هذا الصدد،أن المجتمع المدني لايغير ولكن الحكومة والبرلمان باعتبارهما ممثلي المواطنات والمواطنين ، هما اللذان بإمكانها إحداث التغيير،لكن يسجل ضعف وتردد على هذا المستوى وهو ما يثير الكثير من القلق،مستدلا في هذا الإطار بمسألة كون عدد من القوانين تمت بلورتها ووصلت إلى الأمانة العامة للحكومة، لكن سرعان ما عادت إليها كما حدث مثلا مع قانون هيئة المناصفة، وقوانين أخرى..
واعتبر أن هذا التردد يثير القلق لأن الأمر يتعلق بمكتسبات جوهرية وأساسية حملها الدستور، ، والذي يجب تنزيله وتفعيله بشكل ديمقراطي، وهي المكتسبات الحقوقية والاختيار الديمقراطي ،مسجلا أن في المواجهة توجد أحزاب داخل الحكومة ، كحزب التقدم والاشتراكية لها مواقف تدفع في اتجاه تكريس هذه المكتسبات وتنادي بإقرار المساواة بين الجنسين وإلغاء عقوبة الإعدام، وهذا  المشترك يتقاسمه معه المجتمع المدني.
وفي المقابل، اعتبر لاركو أن أمنستي تلعب دورا في الضغط والتنبيه، ويجب أخذ الجانب الإيجابي فيما يمكن ان تقوم به من حملات قد تشمل المغرب ،لكن لايجب أن يصل الأمر إلى الخوف ،» فالمغرب انفتح على كل الآليات الأممية ، على خلاف بعض البلاد التي نهجت إغلاق كل الأبواب على هذا المستوى».
 وأبرز، أنه بشهادة خبراء أجانب خاصة أوروبيين يتم الإقرار بالنموذج المغربي، فيجب أن لاننزعج بسرعة ، بل ينبغي التحلى بالهدوء التام حيال مثل تلك الحملات أو التقارير، خاصة وأن التقرير الأخير لأمنستي حول أضاع حقوق الإنسان في العالم ،إذا تم وضعه في السياق العام الدولي ، فإن الملاحظات التي سجلت حيال المغرب ضعيفة جدا بالمقارنة مع البلدان الراسخة في الديمقراطية «، حسب ما أفاد به، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان.

Related posts

Top