الديربي « 119» ..من عرس للرياضة إلى ساحة للمواجهة

بيان24: محمد الروحلي

بالرغم من كل الإجراءات الأمنية، والتدابير التنظيمية، والحملة التواصلية، والتحذيرات المسبقة، وتجنيد المئات من رجال الأمن من مختلف الفرق والرتب، فإن المشاغبين لم يفوتوا فرصة الديربي 119 لممارسة هويتهم المقيتة، المتمثلة في التخريب، والاعتداءات، وإلحاق الضرر بالبلاد والعباد.
كل شيء كان عاديا، جمهور غفير، تيفوهات رائعة، تشجيع حضاري، شعارات حماسية، إلى حدود انتهاء المقابلة التي حضرها ثلاث وزراء “السكوري، الرميد، والضريس”، حيث اختلط بالمدرجات الحابل بالنابل، وبدأت المواجهة التي شملت رجال الأمن، واستعملت العصي التي كانت وسيلة لحمل التيفوهات، للضرب والتشاجر، واقتلاع الكراسي، بمشاركة ملحوظة للأطفال والقاصرين، الذين يمنع القانون دخولهم للملاعب، لتتواصل الشرارة خارج المركب، حيث اندلعت المواجهات بالشوارع والأزقة المؤدية من وإلى المركب، مخلفة زجاجا مكسورا للسيارات وواجهات المحلات التجارية، ناهيك عن الاعتداء على المارة والناس العاديين.   
ودون البحث عن الأسباب التي كانت وراء هذه الأحداث الخطيرة، أو الاجتهاد لمعرفة الجهة التي كانت وراء اندلاع الشرارة، فإن الأمر الذي يجب التركيز عليه هو الحلول الواجب اتباعها للحد من استمرار مثل هذه الأحداث المرفوضة، التي تحولت للأسف إلى مرادف للأنشطة الرياضية، مع أن الفعل الرياضي منها  براء، في وقت تبدو فيه المقاربة الأمنية أو الزجرية عاجزة تماما عن الحد من تنامي ظاهرة الشغب والتخريب، إلى درجة أصبحت المقابلات الرياضية عبئا أمنيا و فضاء لـ “حروب أهلية” بين مشجعي الفرق الرياضية، و مجالا للتحريض على العنف والكراهية.
وبالرغم من المقاربة الأمنية الاستباقية، وتعميق التكوين والمتابعة والمواكبة، ومراكمة الخبرة والتجربة بأمن الملاعب، وكيفية التعامل مع الجمهور الرياضي، وتجريب كل الأساليب والآليات التأطيرية للحد من ظاهرة الشغب في الملاعب، فإن التطورات المتلاحقة تظهر بالملموس أن هناك عجزا واضحا في مجال الحد مما يمكن تسميته بـ”الجريمة الرياضية” وحماية ممارسة الأنشطة الرياضية، وحماية الجمهور واللاعبين والمنشآت الرياضية، والأملاك الخاصة والعامة.
 وبالرغم من صدور قانون الشغب وكثرة اللجان المحدثة لهذا الغرض، فإن ما يحدث من عنف تحول خلال السنتين الأخيرتين إلى عنف منظم مع سبق الإصرار والترصد، تجاوز طابع العفوية والفردية، ليتحول إلى سلوك جماعي مبني على التخطيط والإعداد المسبق والانتقام وردة الفعل وتصفية الحسابات. ولم يعد الأمر مقتصرا على كرة القدم، بل امتد إلى أنواع رياضية أخرى، مما لا يدع مجالا للشك حول أننا أمام ظاهرة العنف كسلوك عدواني منظم تعدى الملاعب الرياضية ليطال المنشآت العامة، والممتلكات الخاصة، والاعتداء على الأفراد والمجموعات بالطرق السيارة والوطنية خارج المدار الحضري.
إنه منحى خطير وتطور ينذر بكارثة حقيقية، في وقت ما يزال التعامل العام والرسمي والأمني والإعلامي مع هذا الشغب والعنف المتزايد، عابرا ويبرز في بعض الحالات المحدودة، لكن هذا الشغب تحول إلى واقع خطير يقتضي اتخاذ مخطط استعجالي لمواجهته تطوره كإجرام منظم وصل إلى حدود العمل الإرهابي والتخريبي.   
والمؤكد أن التدخلات الأمنية تتزايد أهميته مع تطور الأحداث وتعاقبها، إلا أنه لابد من تدخل جوانب أخرى لها ارتباط مباشر أو غير مباشر بالموضوع، من خلال مقاربة شمولية مندمجة يشارك فيها الباحث الاجتماعي، والفاعل الاقتصادي، والطبيب النفسي، والسلطة القضائية، والمسير، والحكم، وكل المتدخلين، دون أن يستثني دور الإعلام الرياضي الذي يمارس في بعض الأحيان، سواء عن قصد أو غيره، نوعا من الإثارة بهدف البيع وجلب القراء. مما يأتي بنتائج عكسية تماما، دون إغفال ضرورة إشراك الجمهور على اعتباره المعني بالأمر أكثر من غيره…

Related posts

Top