الرشوة تطارد رخصة السياقة في المغرب

لا سبيل لاجتياز الاختبار التطبيقي في كل مراكز الامتحان دون “حلاوة”

لا زالت الرشوة تطارد بدون توقف المواطنين المغاربة، سواء القاطنين أو المقيمين في المهجر، الراغبين في اجتياز امتحان رخصة السياقة وبالضبط  الامتحانات التطبيقية.

هذه الرخصة التي تعتبر معروفة التسعيرة، أصبحت الرشوة جزء لا يتجزأ منها. وتتباين هذه الرشوة بين المدن المغربية لكنها لا تستثني أي مواطن بغض النظر عن براعته في السياقة أو عدمها.

إلزامية الرشوة على المواطنين المغاربة ليست بظاهرة جديدة بل هي ظاهرة معششة بكل جهات المملكة بدون استثناء، حيث يتم ابتزاز المواطنين خلال الدورة الشرفية من امتحانات السياقة.

منذ تحديث الامتحان النظري للسياقة في المغرب سنة 2018، سيطرت الرشوة على الامتحان التطبيقي للسياقة حيث يضطر المواطنين لدفع مبالغ ثابتة ومحددة حسب المناطق من أجل تجاوز هذا الامتحان بغض النظر عن استحقاقهم وكفاءتهم من أجل اجتيازه.

 وتتم عملية الابتزاز بعد أن يمر الممتحن من مرحلة التوقف “الباركينج” والذي يعتبر الشق الأول من الامتحان التطبيقي، حيث يطلب منه دفع مبالغ ثابتة، تتراوح بين  200 إلى 300 درهم بمدينة الدار البيضاء، و 200 درهم ببني ملال و مبلغ 500 درهم بمدينة الجديدة، وذلك  حسب ما توصلت به جريدة بيان اليوم.

وأصبح العمل بهذه الرشوة منتشرا إلى درجة أنه أصبح من المسلمات التي على المواطن أخذها بعين الاعتبار. هذه الرشوة التي تمثل أموالا طائلة، تقدر بملايير السنتيمات، لا يعرف من هي الجهات التي تفرضها على المواطن وتستفيد منها.

في حديث لبيان اليوم، أكد رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات وأرباب مدارس تعليم السياقة وقانون السير والسلامة الطرقية، دحان بوبرد، أن هذه الفوضى التي تعم قطاع تعليم السياقة وقانون السير يتحمل فيها المواطن مسؤولية كبيرة أيضا، حيث أن التعاقد بين المواطنين ومدارس تعليم السيارات يجب أن لا تتم المصادقة عليها قبل أن يتأكد المواطن من أنه يعي حقوقه تجاه هذه المدارس.

إضافة إلى ذلك، فقد أكد دحان بوبرد أن المواطن يجب عليه إتمام مدة التعليم النظري والتطبيقي التي لا تقل عن 20 ساعة لكل شق على حدة، قبل أن يتقدم لاجتاز الامتحان، وأن يصر هذا المواطن على فهم المعلومات وليس حفظها، مؤكدا أن الأسئلة التي تنتشر والتي يصطلح علها ب “PDF”، ما هي إلا تسريبات للامتحانات التي تدفع المواطنين للحفظ بدلا من الفهم، وبالتالي تؤدي إلى تكوين سائقين على غير علم بقواعد السير.

وأشار بوبرد إلى أن هذا الشق أصبح خاليا من مظاهر الرشوة بعد أن انفصل عن تدخل العنصر البشري وأصبح مئة بالمئة الكترونيا، مما يجعل الشق التطبيقي هو المعرض لتدخل العنصر البشري وبالتالي تدخل أعمال الرشوة والابتزاز.

ويذكر أن امتحان السياقة يتكون من شقين، شق نظري وشق التطبيقي، ينقسم هو الآخر إلى مرحلتين، شق متعلق بتوقيف السيارات وشق يتعلق بالسياقة داخل المدينة. ويعرف أن الشق الأول من الامتحان التطبيقي هو مرحلة الباركينخ والتي يخلو من مظاهر الارتشاء والابتزاز لأنه يتم أمام أعين الجميع، فيما الشق الثاني وهو الدورة الشرفية للسياقة يعرف هيمنة للرشوة التي يصطلح عليها ب “التدويرة” أو “قهيوة”.

وصرح الفاعل أن الحل الذي يمكن من الحد من ظاهرة الرشوة خلال الامتحان التطبيقي هو تعويض العنصر البشري بالتكنولوجيا، اي بتوفير السيارات الأوتوماتيكية. لكن ذلك يظل صعبا بالنظر للبنية التحتية غير المهيئة في المغرب وحال الطرق.

وأكد بوبرد أن هذا الفعل لا يمثل إلا صاحبه وهو فعل مشين يضر بسلامة المواطنين قبل كل شيء، فإعطاء رخصة السياقة لغير مستحقيها هو السبب الأول والاخير وراء حوادث السير التي تؤدي بحياة آلاف المواطنين سنويا.

وفي حديث مع المواطنين المغاربة، أكد محمد، مواطن مغربي من مدينة بني ملال، أن الرشوة أصبحت جزء من تسعيرة رخصة السياقة في المغرب ولا يمكن للمواطن تجاوز الامتحان التطبيقي من دونها. وأكد أيضا أن سكان المدينة والجماعات القروية التابعة لها جميعا تعرض عليهم تسعيرة رشوة واحدة لا مفر منها.

وصرح مهدي، مواطن مغربي آخر، أن مدينة الجديدة على غرار باقي المدن، تعرف ظاهرة الرشوة من أجل الحصول على رخصة السياقة، في حين يتعرض المواطن الذي يرفضها إلى الاقصاء بغير عدل ولا انصاف.

نزهة مواطنة مغربية من نفس المدينة أكدت أنها كانت مضطرة لدفع مبلغ 500 درهم رشوة بعد أن أتمت مرحلة الباركينج إلى جهة مجهولة وأن هذه الرشوة تعتبر عرفا لا مهرب منه. وأكدت المواطنة أنها تأمل أن تنتهي أزمة الرشوة ذه لأنها لا تعتبر ظلما للمواطنين فقط، بل هي فرصة لغير الكفاء لتجاوز هذا الامتحان دون محاسبة والتسبب لاحقا في حوادث مميتة.

ويذكر أن المغرب قد عرف حوادث سير مفجعة في الأسابيع الأخيرة، منذ بداية موسم الاصطياف، آخرها فاجعة الطريق الرابطة بين خريبكة وبني ملال التي راح ضحيتها 25 قتيلا و عشرات الجرحى في تمثيل واضح لما قد تسببه ظواهر الفساد خاصة منه ظاهرة الرشوة.

أخيرا وليس آخرا فقط أكد الفاعل دحان بوبرد أن على المواطنين رفض هذا الابتزاز بشكل قطعي والتواصل مع المسؤولين في حالة طلب الرشوة منهم وخاصة الرقم الهاتفي الأخضر 0800004747 الذي يستعمل للتبليغ عن الرشوة في المغرب.

نوافذ

*دحان بوبرد: على المواطنين رفض الابتزاز بشكل قطعي والتواصل مع المسؤولين في حالة طلب الرشوة منهم 

*في مدينة الجديدة يتعرض المواطن الذي يرفض أداء الرشوة إلى الاقصاء بغير عدل ولا انصاف

* الحل الذي يمكن من الحد من ظاهرة الرشوة خلال الامتحان التطبيقي هو تعويض العنصر البشري بالتكنولوجيا

كوثر الصابري(ص- م)

Related posts

Top