الروائي المغربي عبد الجليل الوزاني التهامي لـ “بيان اليوم”

الكتاب الورقي لا غنى عنه رغم انتشار الرقمنة

يشهد الكتاب الورقي تنافسا شديدا من لدن الكتاب الإلكتروني. مع ذلك، فإن حركة النشر بنوعيها، تواصل نشاطها غير مبالية بإكراهات الواقع.
على هامش الدورة السادسة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، كان لبيان اليوم حوار مع نخبة من الأدباء حول إصداراتهم الجديدة وحول مشاركاتهم في الفعاليات الثقافية للمعرض، وكذلك حول نظرتهم الخاصة لمستقبل الكتاب الورقي، بالإضافة إلى قضايا أخرى.

< ما هي طبيعة مشاركتك في الدورة الحالية للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء؟
> تأتي مشاركتي في المعرض لتقديم الأعمال الكاملة للأديب الراحل محسن أخريف في إطار حلقة “أحياء في الذاكرة” التي تمت برمجتها من طرف وزارة الثقافة، تكريما لروح الفقيد تغمده الله برحمته الواسعة، وهي مناسبة للوقوف على المنجز الإبداعي الزاخر الذي خلفه الرجل بصفته أحد الشعراء المتميزين في الفترة الأخيرة، حيث خلف أربعة دواوين شعرية فازت بعضها بجوائز وطنية وعربية، وأيضا بصفته قاصا وروائيا حظيت أعماله السردية بالتميز ذاته، إذ فازت مجموعته القصصية “حلم غفوة” بجائزة الشارقة، كما فازت روايته “شراك الهوى” بجائزة اتحاد كتاب المغرب، في حين دخلت روايته الأخيرة “ليالي الأوراد” ضمن اللائحة القصيرة لجائزة راشد بن حمد الشرقي بإمارة عجمان الخليجية.
لذلك تعتبر مبادرة وزارة الثقافة بإصدار أعماله الكاملة اعترافا بمكانة الراجل الذي مات وهو يناضل من أجل الكتاب والثقافة بصفة عامة.

< ما هو أحدث إصداراتك وماذا عن محتواه؟
> آخر إصدارتي رواية ” أوراق من ملفات مؤجلة ” عن منشورات سلمى الثقافية بتطوان، وهي الرواية الثامنة ضمن مشروعي الروائي.
وهذه الرواية وكما يبدو من عنوانها عودة لملفات كنتُ قد طرحتها في جزئين سابقين: “احتراق في زمن الصقيع” 2007 و”امرأة في الظل” 2016 وهي محاولة لإماطة اللثام عن قضايا تهم الواقع المغربي في مرحلة ما بعد (الربيع العربي).
بالمناسبة أذكر أنني سأوقع هذه الرواية برواق الراصد المغربي للقراءة والنشر بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء يوم 14 فبراير.

< ما هي أهم المراحل التي قطعتها تجربتك الأدبية؟
> من الصعب أن أقيم تجربتي الأدبية، لكني أشعر بالارتياح عندما أقف على التراكم الإبداعي الذي حققته لحد الساعة، فليس من السهل إصدار ثامن رواية فازت اثنتان منها بجائزتين قيمتين كانت إحداهما عربية من قيمة جائزة كتارا للرواية العربية، كما لا يمكن أن أستهين بالتقدير الكبير الذي تحظى به أعمالي من طرف النقاد وعموم القراء سواء بالمغرب أو المشرق العربي.

< ما هو تقييمك للأدب المغربي المعاصر؟
> الأدب المغربي المعاصر بصفة عامة يعيش فترة ازدهار، إذا أخذنا بعين الاعتبار الحضور المغربي المميز في المحافل الأدبية بالوطن العربي، وكذا بأوروبا بالنسبة للأدب المغربي المكتوب باللغة الفرنسية، فالمتتبع لثمرات المطابع في الفترة الأخيرة يلاحظ الكم الهائل من الإصدارات المتنوعة في المجال الإبداعي شعرا وقصة ورواية وما يواكبها من دراسة نقدية وفكرية، ومنذ فترة طويلة لم يتخلف المغاربة عن الحضور ضمن الجوائز الأدبية العربية والمنافسة من أجل الحصول عليها.
ولعل الظاهرة الصحية للأدب المغربي المعاصر بروز الكثير من الأسماء الشابة في مجال الكتابة الروائية التي تؤكد أن المستقبل للإبداع المغربي.

< ما موقفك من الأجناس التعبيرية المستحدثة، مثل الومضة القصصية، الهايكو المغربي..؟
> بالفعل انتشرت في الآونة الأخيرة مثل هذه الأجناس التعبيرية المستحدثة التي تتسم بالسرعة في الإنتاج والتلقي أيضا، استجابة لروح العصر وانتشار الوسائط الرقمية المساعدة على الوصول السريع والاستهلاك الأسرع، وأحيانا البحث عن التفاعل الآني المتجلي في الحصول على أكبر عدد من الإعجابات “الليكات”.
وحسب تصوري فلهذه الظاهرة وجه إيجابي باعتبارها مناسبة ووسيلة تتيح للبعض التعبير عن الذات والمساهمة في خلق دينامية إبداعية لها متلقيها ومستهلكها، ومن جهة أخرى تحمل بعض السلبيات بتسرعها واستسهالها، وأحيانا بخلوها من أي قيمة إبداعية جمالية. والجدير بالذكر هنا أن من يظن أن كتابة القصة القصيرة جدا أو الهايكو سهلة وفي متناول الجميع فهو مخطئ، لذلك فالقليلون ـ حسب تصوري ـ من فرضوا أسماءهم ككتاب جيدين لهذا النمط من الكتابة الإبداعية.

< هل أنت متفائل بخصوص مستقبل الكتاب الورقي في ظل النشر الرقمي؟
> الحديث عن الكتاب الورقي ذو شجون، وموضوع شائك، لكن قد ننظر إليه من زاويتين، أولهما الكتابة الورقية الصحفية، إذ لا يختلف اثنان حول الضرر الذي أصاب الصحافة الورقية سواء تعلق الأمر بالجرائد اليومية أو الدوريات الأسبوعية بسبب انتشار الجرائد الرقمية والمواقع الإلكترونية التي تتسم بالسرعة والنجاعة والانتشار الواسع غير المكلف بالنسبة للمستهلك. الأمر الذي يهدد الصحافة الورقية بالاختفاء.
أما فيما يتعلق بالكتاب الورقي في الإبداع والنقد والفكر وغيرها من المجالات الثقافية فلا غنى عنه، فمهما انتشرت وهيمت الرقمنة فإن الكتاب الورقي سيبقى موجودا ومزدهرا، بل ومستفيدا من الإمكانية الهائلة التي وفرتها الأجهزة الرقمية في المعالجة والرقانة والطبع. فلازال الإحساس بلذة النشر الورقي يلهب العواطف بالنسبة للمبدعين والكتّاب وجمهور القراء بصفة عامة الذين يجدون متعة في تصفح الكتاب ورقيا.

> أجرى الحوار: عبد العالي بركات

Related posts

Top