السفر للاحتفال بعيد الأضحى في زمن كورونا

يتجدد اللقاء بين الأسر المغربية خلال المناسبات العائلية وإقامة الشعائر الدينية، ويعتبر عيد الأضحى فرصة لربط الصلة مع الأهل والأحباب في مسقط الرأس، لاسيما بالنسبة للأفراد الذين يشتغلون في مدن غير التي تربوا ودرسوا بها.
ويتحتم السفر على المغاربة الذين يعملون خارج مدنهم وقراهم التي تتواجد بها عائلاتهم خلال كل مناسبة إلى الاحتفال بشعيرة من الشعائر الدينية بشكل جماعي، رفقة الوالدين والإخوان، وباقي أفراد الأسرة، الذين لا يجتمعون فيما بينهم إلا في مثل هذه اللحظات الروحانية أو المناسبات العائلية (حفل زفاف، عقيقة، جنازة..).
لكن خلال كل موسم يطرح مشكل التنقل والهجرة إلى مسقط الرأس، بفعل الازدحام الناتج عن كثرة الطلب من قبل المسافرين، إلى جانب الارتفاع الصاروخي في أسعار التذاكر التي تتجاوز نسبة 300 في المائة على مستوى بعض المحاور الطرقية التي تقل فيها وسائل النقل، ويكثر فيها الطلب، فضلا عن تزايد حوادث السير، والازدحام في المحطات.
وإلى جانب هذه المشاكل التي تطرح بشكل سنوي، وجد المغاربة أنفسهم اليوم يسافرون في ظل وضع استثنائي بفعل تفشي فيروس كورونا كوفيد-19، حيث تم إلزام شركات النقل الطرقي باحترام التدابير المنصوص عليها في دفتر تحملات خاص بكورونا أعدته وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء.
وينص دفتر التحملات الذي اطلعت عليه جريدة بيان اليوم، على ضرورة بيع التذاكر حصريا في شبابيك المحطات المخصصة لذلك، وهي النقطة التي لا تحترم على مستوى محطة اولاد زيان بالدار البيضاء بحسب ما عاينته الجريدة، خصوصا بعد قرار غلق 8 مدن (طنجة، تطوان، فاس، الدار البيضاء، مكناس، مراكش، سطات، برشيد)، بالإضافة إلى ضرورة تسجيل أسماء المسافرين، وإلزامهم بوضع الكمامة طيلة مدة السفر، علاوة على التعقيم المستمر، والتوقف للاستراحة على رأس كل ساعة..
غلاء فاحش

وبعدما كانت وزارة النقل قد حددت في البداية نسبة ملئ حافلات النقل في 50 المائة، عادت لمراجعة هذا القرار برفعه إلى نسبة 75 في المائة، بل إلى 100 في المائة مؤخرا، وذلك بضغط من المهنيين الذين رفضوا استئناف العمل بسبب دفتر التحملات حيث أضربوا عن العمل طيلة 21 يوما، مباشرة بعد الإعلان عن رفع الحجر الصحي والسماح للمغاربة بالتنقل على مستوى المنطقة 1 بدون رخصة السفر من قبل السلطات المحلية.
لكن في مقابل هذا الرفع من عدد المقاعد في الحافلة، لم يتغير سعر التذاكر الذي تم الرفع منه بعد الحجر الصحي، بحجة انخفاض عدد المسافرين في المركبة، بل زاد ارتفاعا بفعل تزايد الطلب، وغياب المراقبة من قبل المصالح المختصة على مستوى نقط البيع بالمحطات الطرقية للمغرب.
ووصل سعر تذكرة السفر بين الدار البيضاء وفاس إلى 300 درهما، بعدما كان ثمن الرحلة لا يتجاوز 60 درهما، ونفس الأمر يتعلق بالمحور الطرقي بين البيضاء ومراكش التي ارتفعت فيه سومة السفر من 60 درهما إلى 300 درهما، وهو ما يستنكره المسافرون الذين يضطرون إلى أداء هذه الزيادات بفعل غياب بديل آخر يعوض هذه الحافلات التي تلهب أسعارها جيب المغاربة.
وإذا كان البعض مضطرا للرضوخ لعرض هذه الحافلات، وسط تراخي السلطات الوصية على القطاع في المراقبة والزجر بالنسبة للمخالفين، فإن مسافرين آخرين يبحثون عن سبل أخرى للسفر، من قبيل حجز تذاكر القطار مسبقا، إذا كانت مدنهم تتوفر على خطط سككي، أو البحث عن شركات نقل طرقي تحترم الأسعار المرجعية للسفر بدون زيادات فاحشة في التذكرة.
وإلى جانب هذين الاختيارين، يهتدي بعض أبناء المدينة الواحدة إلى كراء سيارة خاصة، وتنظيم سفرهم في وقت محدد، على أساس العودة من مكان الانطلاقة في زمن محدد أيضا، تفاديا للازدحام في المحطات الطرقية، وتجنبا للأسعار الصاروخية للتذاكر النقل.
وبالإضافة إلى هذا الحل، ظهرت خلال السنوات الأخيرة، العديد من المجموعات على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، والتطبيقات الذكية التي تعرض فيها فرص السفر بثمن أقل “covoiturage” على متن سيارات خاصة.
ويجد العديد من الشباب على الخصوص ضالتهم في هذه المجموعات التي تمكنهم من السفر على متن سيارات خاصة وبتكلفة أقل، حيث يتم اقتسام مصاريف السفر بشكل تشاركي بين مرافقي صاحب السيارة الذي يحدد زمكان الانطلاق سلفا.

تأشيرة السفر

وفي الوقت الذي يستعد فيه مختلف المغاربة البعيدين عن أهلهم إلى السفر للاحتفال بعيد الأضحى رفقة أسرهم، حذر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني من هذا السفر الذي يظل محفوفا بمخاطر الإصابة بجائحة كورونا.
ويتوقع العديد من المراقبين أن يرتفع معدل الإصابات خلال القادم من الأيام بفعل هذه التنقلات غير المحسوبة العواقب، في ظل عدم التزام الجميع بشروط السلامة الصحية، من قبيل وضع الكمامة والتعقيم المستمر وتفادي التجمعات البشرية.
ويتقاسم رواد مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور التي تنقل التجمعات البشرية على مستوى المحطات، والأسواق، وهو ما يعتبر تهديدا مباشرا للصحة العامة للمغاربة، وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى التشديد على ضرورة ارتداء الكمامة خارج المنزل، مع متابعة المخالفين لهذا القرار استنادا إلى قانون حالة الطوارئ الصحية.
وفي الوقت الذي لا زال فيه السفر متاحا بالنسبة لباقي المدن الأخرى التي لا يهمها قرار الإغلاق، الذي أحدث فوضى عارمة ليلية الأحد/ الاثنين، فإن السفر اليوم إلى المدن الثمان، يتوجب التوفر على شهادة التنقل مسلمة من قبل السلطات المحلية.
وللحصول على هذه التأشيرة مطالب المسافر بإعداد ملف خاص يتوفر على مجموعة من الوثائق، من قبيل التكليف بمهمة من طرف إدارة المؤسسة سواء في القطاع العام أو الخاص، ثم نسخة من بطاقة التعريف الوطنية، وشهادة مسلمة من طرف “المقدم” أو “الشيخ” ثم البطاقة الرمادية لسيارة السفر، وهي الشروط التعجيزية التي لا تسمح للمغاربة بالسفر بحرية في الظرفية الحالية.

> يوسف الخيدر
> تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top