السلطات تحرق القوارب غير القانونية بالداخلة وتشدد المراقبة على نشاط الصيد والتسويق

قال يوسف فنون مندوب وزارة الصيد البحري بالداخلة: “إن مندوبيات وزارة الصيد البحري تسهر على استدامة المخزون السمكي، من خلال تكثيف الحملات التحسيسية والتواصلية مع المهنيين، إلى جانب الإشراف المباشر على المصايد من قبيل السهر على الراحة البيولوجية، وكذا “الكوطا” الخاصة بالصيد، وصولا إلى تطبيق المساطر القانونية الزجرية في حق المخالفين للإجراءات التي تضعها الإدارة على المستوى المركزي، بناء على استشارات واسعة مع ممثلي المهنيين أثناء الاجتماعات”.
وأكد يوسف فنون في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه تم اعتماد إجراءات جديدة خلال هذه السنة على مستوى مدينة الداخلة التي عرفت انطلاق الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط منذ 20 دجنبر 2022: “والتي أعطت نتائجا إيجابية على أرض الواقع، ويتجلى ذلك في القضاء بصفة كبيرة على الكميات المهربة، والقطع مع الممارسات والتصرفات التي كانت تمس بالثروة السمكية للمغرب”.
وكشف فنون أن مدينة الداخلة: “تحطم خلال هذه الأيام أرقاما قياسية في تاريخها، فيما يخص حجم المفرغات، وجودة المنتوج، وتثمينه في السوق، ويرجع ذلك إلى انضباط المهنيين للمساطر، بعدما كانوا يشتغلون في الفوضى إلى جانب القوارب غير القانونية التي أصبحت قصتها من الماضي”.
وأوضح مندوب وزارة الصيد البحري بالداخلة، أن القضاء بشكل نهائي على هذه القوارب غير القانونية: “لم يكن بالإجراء السهل، لكن تغلبنا عليه بتنسيق مع وزارة الداخلية، وأصبحنا الآن نتوفر على ميثاق بجميع قريات الصيد وميناء الداخلة، يؤطر نشاط الصيد البحري، ونتائجه تظهر بشكل جلي على أرض الواقع”.

في الحاجة إلى نصوص قانونية رادعة
من جانبه، كشف مولاي الحسن الطالبي رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي بالداخلة، أن الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط يمر في ظروف جيدة: “كما أن المهنيين يشتغلون بشكل عادي بالداخلة، نظرا للإجراءات المشددة التي قامت بها وزارة الصيد البحري ووزارة الداخلية وكل المتدخلين في القطاع، حيث لاحظنا أن الدولة استرجعت هيبتها ووقارها بعد الفوضى التي كان يشهدها البحر والموانئ أثناء استئناف نشاط صيد الأخطبوط خلال كل موسم”.
وقال الحسن الطالبي في تصريح لجريدة بيان اليوم: “إن المهنيين لمسوا الإجراءات المشددة على أرض الواقع، وهذا شيء يثلج الصدر، لا سيما وأن الأمر يتعلق بقطع الطريق على كل المتجاوزين والمخالفين لقانون الصيد، وانعكس هذا الوضع أيضا على أثمنة المنتوج المتوفر بكثرة”.

وشدد الطالبي على أن: “المهنيين وحدهم من يجب أن يسهروا على مخزون الموارد البحرية للمغرب، باحترام القانون والتعاون مع السلطات بالتبليغ عن كل المتغيرات الصغيرة والكبيرة التي يعرفها البحر”.
ويرى رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي أن إجراء تحرير المخالفات لم يعد ناجعا مع الممارسات الموجودة في الميدان: “ويجب أن نلجأ إلى سياسة الردع والزجر مع كل المتجاوزين، خصوصا وأن الغرف المهنية لم تقم بدورها المنوط بها في الوساطة بين المشتغلين في القطاع والوزارة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن المرحلة التي نعيشها الآن: “عنوانها الأبرز ‘الفوضى’ حيث يغيب القانون، ولا أفهم لماذا المشرع لم يتجه إلى التعاطي الحازم والصارم مع التجاوزات بوضع نصوص قانونية رادعة؟!”.
ودعا الحسن الطالبي: “إلى إعادة النظر في ما يطلق عليه بميناء الربط، حيث لكل ميناء رقم خاص به، والأمر غير المفهوم، هو لماذا سفن الحسيمة يسمح لها باستنزاف الثروة السمكية بهذه المدينة، والزحف في اتجاه آسفي، أو سيدي إفني والعكس صحيح، بصيغة أخرى على كل سفينة أن تلتزم نقطتها المحددة وأن لا تتجه نحو مناطق أخرى بعيدة عنها، لأن ذلك يعتبر تجاوزا للعرف في ظل غياب القانون”.
وفي هذا الصدد، قدم الطالبي في حديثه مع بيان اليوم، نموذج الداخلة: “حيث توجد أربع قرى (لاساركا، لبويردة، انتيرفت وإمطلان)، تلتزم قوارب كل قرية بالصيد في الفضاء المسموح لها به، ويندرج هذا الإجراء في إطار الحفاظ على المخزون السمكي، بيد أنه في المقابل نرى بأن الدولة تساهم في تدمير الثروة السمكية عن طريق السماح للسفن بالتحرك للصيد في مختلف النقط التي توجد بها الأسماك، واليوم لم يعد من الممكن غض الطرف عن هذه التجاوزات”.
وطالب رئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي جمعيات المجتمع المدني التي تعنى بالشأن البحري، والتي توجد بالمئات على طول الشريط الساحلي للمغرب، بـ: “أن لا تهتم كثيرا بالدفاع عن مصالحها الضيقة، وأن تتعاون مع الدولة بالسهر على حماية هذه الثروة التي باتت في حاجة إلى قانون رادع لحمايتها بالمتابعات القضائية، لأنه إذا استمر هذا التراخي فأكيد أنه في يوم من الأيام ستصبح مياهنا عقيمة”.

أقفاص مطعمة وقوارير لصيد الأخطبوط
ومع بداية الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط، أثارت خديجة أروهال النائبة البرلمانية عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إشكالية استعمال الأدوات الممنوعة في الصيد البحري بسواحل سيدي إفني، حيث وجهت سؤالا في الموضوع إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وكشفت خديجة أروهال في سؤالها الكتابي الذي توصلت جريدة بيان اليوم بنسخة منه، أن: “وضعية الثروة البحرية بإقليم سيدي إفني تتعرض إلى أبشع أشكال الاستباحة بوسائل مضرة بيئيا، من طرف بعض من يستعلمون الوسائل المحرمة والممنوعة قانونا لصيد الأخطبوط، كالأقفاص المطعمة والقوارير البلاستيكية التي كانت تستعمل في الأصل لتعليب زيوت المحركات ومواد التنظيف، مع ما يفضي إليه ذلك من تأثيرات وخيمة جدا على الأحياء البحرية، ومن إضرار بالغ بالبيئة وبالتوازن الطبيعي، ومن تهديد حقيقي للكتلة الحية للرخويات”.
وفي هذا الصدد، وجهت أروهال سؤالا مباشرا إلى وزير الصيد البحري حول التدابير المستعجلة التي تم اتخاذها: “من أجل المراقبة والتصدي إلى الجريمة التي ترتكب، بشكل واسع، في حق السواحل المحلية، ومنها ساحل سيدي إفني، حيث يواصل البعض إغراق السواحل بالقوارير والأوعية البلاستيكية، التي دقت بشأنها منظمات ودراسات دولية ناقوس الخطر؟”.

تعزيز البنية التحتية العلمية
من جانبه، أوضح عبد الحليم الصديقي الكاتب العام للجامعة الوطنية للصيد البحري المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل (UMT)، أن تخفيض حصص الصيد السمكي، هم لحد الآن، صنف الأخطبوط فقط، في حين يتم صيد باقي الأسماك بشكل عادي.
وقال عبد الحليم الصديقي في تصريح لجريدة بيان اليوم: “إنه عند الحديث عن نقص المخزون في الأخطبوط، فإن ذلك تتم مقارنته بأرقام السنة الفارطة، والتي كان المنتوج قد زاد فيها بنسبة 120 في المائة، لكن في هذه السنة تراجع بـ 83 في المائة، مقابل تحسن مخزون ‘الكلمار و’السيبية’..”.
وكشف الصديقي أن قرار تخفيض حصة الصيد من سمك الأخطبوط يرجع إلى التفسيرات العلمية للمعهد بشأن وضع المخزون الذي انخفض بفعل غياب التوالد خلال السنة الماضية: “أي أن الإباضة كانت ضعيفة، والتي عزاها المعهد إلى التغيرات المناخية خصوصا ارتفاع درجة حرارة المياه”.
وأشار الإطار النقابي بوزارة الصيد، أنه مقابل هذا التراجع “هناك تحسن في الأسماك السطحية الصغيرة كالسردين و’الشرن’، وهو ما يؤكده حجم المفرغات في السوق، على عكس الأخطبوط الذي نسجل فيه تراجعا كبيرا، وكما هو معلوم فالأحياء البحرية لا تعيش على نمط واحد، ومن ثم تتم دراسة كل صنف بشكل مغاير، وإجمالا نسجل تحسنا في المخزون السمكي السطحي الذي يمثل 90 في المائة من الثروات البحرية للمغرب”.
وبخصوص دقة الأبحاث العلمية لـ INRH، أوضح المتحدث ذاته أن المعهد باعتباره مؤسسة علمية يوظف التقنيات نفسها التي تستعملها دولا أخرى: “وبطبيعة الحال عندما نتحدث عن المنهجية العلمية التي يتم اعتمادها، فنسبة صحتها تكون في حدود 70 في المائة، لأن خبراء المعهد لا يقومون بمسح جميع المناطق البحرية، ويهتدون إلى أخذ عينات متفرقة، وفي هذه الحالة طبيعي أن لا تعكس مخرجات هذا البحث الحقيقة 100 في 100”.
وفي هذا الصدد، دعا إلى ضرورة: “القيام بمجهود آخر لدعم المعهد بسفن أخرى، إلى جانب بناء جسور للتواصل بينه وبين ضباط الصيد البحري و’الرياس’ ليتقاسمو المعلومات والمعطيات بشأن التحولات التي يعرفها البحر، نظرا لأن المعهد هو من يقدم تقاريره وتوصياته للوزارة من أجل اتخاذ المتعين بالنسبة لحصص الصيد أثناء كل موسم”.
وجوابا عن سؤال بيان اليوم حول مدى تأثير التهريب على مخزون المغرب من الثروات البحرية، أجزم عبد الحليم الصديقي، بأن كل ما يتم صيده من الأخطبوط: “يتم التصريح به، لأنه لا يمكن تصديره بدون وثائق ثبوتية تحدد منشأه، لأنه في حالة التهريب لا تساوي قيمة الأخطبوط في السوق شيئا، خصوصا وأن المغاربة لا يستهلكونه، ومن ثم فجل المنتوج يتم إعداده للتصدير نحو الأسواق الأوروبية، وهذه الأخيرة لا تسمح بولوج أسماك لا تعرف مصدرها، على عكس سمك السردين و’الأنشوفة’ الذي يباع في الأسواق الوطنية ولا تتم مراقبته بشكل صارم”.
وذكر الصديقي في حديثه مع الجريدة أن انخفاض التوالد الذي وازاه النقص في “الكوطا”: “عرفه جنوب سيدي الغازي فقط، ويمكن إرجاع انخفاض المنتوج إلى عوامل بشرية كذلك، مثل نشاط آلاف القوارب المعيشية التي كانت تصطاد في مياه الداخلة بدون أن تحترم الراحة البيولوجية، ومؤخرا أتلفت وزارة الداخلية عددا كبيرا منها”.
وأفاد الكاتب العام للجامعة الوطنية للصيد البحري، أن التخلص من هذه القوارب المعيشية: “ساهم إلى جانب تشديد الإجراءات الإدارية بشأن التصريح، في ضبط مسار صيد الأخطبوط وتسويقه بالداخلة، لأن الوزارة فرضت على مصانع الأسماك التصريح بمخزونهم قبل بداية موسم صيد الأخطبوط وبعد انتهائه، بهدف محاربة التهريب، والحفاظ على هذه الثروة السمكية”.
وخلص عبد الحليم الصديقي إلى: “أننا اليوم أمام ثلاثة إجراءات مهمة، يتعلق الإجراء الأول، بالتخلص من القوارب غير القانونية بالداخلة، وثانيا؛ تشديد إجراءات المراقبة الإدارية، وأخيرا تخفيض نسبة حصة صيد الأخطبوط التي وصلت إلى الثلثين بالنسبة للصيد في أعالي البحار التي تم حصرها في 37 طن مقارنة بـ 100 طن خلال السنة الماضية، وأعتقد أن كل هذه القرارات ستمكن من تعافي مخزون الأخطبوط”.

يوسف الخيدر

Related posts

Top