السيناريو.. السيناريو

تجدد طرح إشكالية السيناريو بعد عرض إنتاجات درامية مغربية جديدة على شاشة التلفزة خلال الشهر الفضيل المنصرم.
مما لا شك فيه أن السيناريو يشكل عنصرا حاسما في نجاح أو فشل عمل درامي ما، لأنه بكل بساطة هو العنصر الأساسي، في حين أن الممثلين لا يعدون كونهم مشخصين لأدوار هذا العمل.
قد نأتي بأفضل الفنانين على مستوى التشخيص، ولا شك أن ساحتنا الفنية لا تعدمهم، لكنهم لن يكون باستطاعتهم إنجاح المنتوج الفني إذا كان هذا المنتوج مبنيا على سيناريو هش، مفكك.
وبالتالي فإن الاستمرار في عدم إيلاء عنصر السيناريو ما يستحقه من اهتمام، لا يعدو أن يكون غير استمرار في مراكمة أعمال درامية فاشلة، يراد بها ملء مساحة زمنية شاغرة.
هناك عزوف للأسماء الفاعلة في حقل الإبداع القصصي والروائي، عن كتابة سيناريو المسلسلات الدرامية والأفلام التلفزيونية والسينمائية، مع أن لديها ما هو جدير بأن يعرض على هذا المستوى.
لو انخرط هؤلاء في إبداع سيناريوهات؛ لساهموا بكل تأكيد في الرقي بإنتاجاتنا الدرامية، وقدموا صورة جديدة لهذا الإنتاج سواء على مستوى الموضوع أو اللغة الموظفة في الحوار.
هذا العزوف من قبلهم لا مبرر له؛ فمن المؤكد أن كتابة السيناريو لا تقل أهمية عن باقي الأجناس التعبيرية الأخرى.
ومن يعتقد أن الانخراط في هذا الميدان قد يحط من قيمته أو يمس بوضعه الاعتباري؛ فهو واهم، لا بل يمكن اعتباره منقطع الصلة عن الواقع، يعيش في عالم خيالي، مهما حاول إقناعنا بأنه يكتب عن هذا الواقع في حد ذاته.
يمكن أن يكون السبب في عدم انخراط بعض المبدعين المحترمين في كتابة السيناريو، كامنا في التقاعس عن القيام بذلك بكل بساطة، مع أن لهم الإمكانيات الضرورية لإبداع سيناريو في مستوى تطلعات المشاهدين المتنورين.
ومن جهتهم؛ فإن المنتجين لا يبادرون إلى التعامل معهم، وحثهم على الإبداع في مجال السيناريو، وينتظرون إلى من يعرض عليهم مشروعه، حتى لو كان هذا المشروع يفتقر إلى القيمة الموضوعية والإبداعية.
وبالتالي فإن الجواب الذي يتردد في الغالب بهذا الخصوص، هو أن هذا هو المتوفر في السوق.
والنتيجة هو ما طلعت علينا به التلفزة المغربية في الشهر المنصرم: مسلسلات درامية وسيتكومات تفتقر إلى المقومات الفنية والموضوعية الضرورية، مع بعض الاستثناءات القليلة جدا، مع الإشارة كذلك إلى أن من يشخصون هذه الأعمال، ليس هناك مؤاخذات على أدائهم في المجمل، لكن مهارة التشخيص لوحدها لا تكفي لإنجاح عمل درامي تلفزيوني ما.
هناك إذن حاجة ماسة إلى الاهتمام بعنصر السيناريو، وحث من لهم المقدرة الفعلية على الإبداع فيه، وهم موجودون بالفعل، لكن يلزم فقط من يحفزهم على الانخراط في هذا المجال الإبداعي الذي له خصوصيته وخطورته كذلك إذا جاز القول.

عبد العالي بركات

[email protected]

الوسوم

Related posts

Top