الشاعر الغنائي بوب ديلان صاحب نوبل للآداب لعام 2016

فاز كاتب الأغاني الأمريكي الشهير بوب ديلان  مؤخرابجائزة نوبل للآداب لعام 2016. وأعلنت الأكاديمية السويدية (الجهة المانحة للجائزة) اليوم، عن حصول ديلان على نوبل للآداب لهذا العام وذلك “لإنشائه تعبيرات شعرية جديدة تدخل في تراث الأغاني الأمريكية العظيمة”.
 وتعد هذه أول مرة يحصل فيها مؤلف أغاني وموسيقار على جائزة مرموقة من هذا النوع.
وبوب ديلان اسمه الحقيقي روبرت ألن زيمرمان، من مواليد 1941، وهو مغني وملحن وشاعر وفنان، يتمتع بصوت رائع ومرن. ويعد شخصية مؤثرة في الموسيقى والثقافة الشعبية لأكثر من خمسة عقود. على هامش فوزه نورد الحوار الذي سبق أن اجرته معه مجلة بلاي بوي قبل حصوله على الجائزة

> “الأغاني الشعبية”، قلت عنها إنها الشكل الفني الوحيد الذي يصف صعوبة الأوقات. والمكان الوحيد الذي تحدث فيه هو الراديو والتسجيلات. وهو المكان الذي يقضي فيه الناس أوقاتهم. ليس في الكتب؛ ليس في المسرح؛ ولا في صالات العرض. كل هذه الفنون التي ذكرت تبقى فقط على الرفوف. لأنها لا تجعل أي شخص أكثر سعادة. ونظراً لحقيقة أن المزيد من الناس صاروا يقرؤون الكتب ويذهبون إلى المسرحيات والمعارض الفنية، ألا تعتقد أن هذا التصريح ربما كان خالياً من الحقائق؟
< الإحصائيات مقياس للكمية، وليس الجودة. الناس في الإحصائيات هم أناس يشعرون بالملل الشديد. الفن، إذا كان هناك شيء من هذا القبيل، هو في الحمامات؛ الجميع يعرفون ذلك. أن تذهب إلى معرض فني، حيث تحصل على اللبن المجاني والدونات وحيث تقوم فرقة روك أند رول بالعزف: أرى الأمر مجرد علاقة وضعية. لا آخذها بعين الاعتبار، لو لم تمانع؛ ولكنني أقضي الكثير من الوقت في الحمام. وأعتقد أن المتاحف مبتذلة. فجميعها ضد الجنس. وعلى أية حال، أنا لم أقل أن الناس يقضون أوقاتهم بالاستماع إلى الراديو، لقد قلت أنهم يتعلقون بالراديو.
> لماذا تعتقد أن موسيقى الروك أند رول أصبحت ظاهرة دولية؟
< لا أستطيع أن أفكر حقاً في أن هناك موسيقى روك أند رول. في الواقع، عندما تفكر في الأمر، أي شيء ليس له وجود حقيقي لا بد أن يصبح ظاهرة عالمية. على أي حال، ماذا يعني الروك أند رول؟ هل يعني البيتلز، هل يعني جون لي هوكر، بوبي فينتون، جيري لويس الصغير؟ ماذا عن لورنس ولك؟ لا بد أنه لعب بضع أغنيات روك أند رول. هل كل هؤلاء الناس متشابهون؟ هل ريكي نيلسون مثل أوتيس ريدينغ؟ هل ميك جاغر في الحقيقة ما ريني؟ أستطيع أن أقول من خلال الطريقة التي يحمل بها الناس سجائرهم إذا كانوا مثل ريكي نيلسون. أعتقد أنه لا بأس من أن تعجب بريكي نيلسون: أنا لا أهتم إطلاقاً إذا كان هناك شخص يحب ريكي نيلسون. ولكن أعتقد أننا ننحرف عن المسار هنا. ليس هناك أي ريكي نيلسون. ليس هناك أي بيتلز؛ أوه، لا، دعني أتراجع عن ذلك: هناك الكثير من البيتلز “الخنافس”. ولكن ليس هناك أي بوبي فينتون. على أي حال، الكلمة التي يجب قولها ليست ظاهرة عالمية؛ الكلمة هي كابوس الوالدين.
> في السنوات الأخيرة، وفقاً لبعض النقاد، فقد الجاز الكثير من جاذبيته بالنسبة إلى جيل الشباب. هل توافق على ذلك؟
< لا أعتقد أن موسيقى الجاز وجهت في أي وقت من الأوقات لجيل الشباب. على أي حال، أنا لا أعرف حقاً من هو جيل الشباب. لا أعتقد أن بإمكانهم الدخول إلى نادي جاز على أي حال. لأن الجاز تصعب متابعته؛ أعني أنك يجب أن تحب الجاز فعلا لتستطيع متابعته: وشعاري هو، لا تتبع أي شيء. لا أعرف ما هو شعار جيل الشباب، ولكن أعتقد أنهم يجب أن يتبعوا آباءهم. أعني، ما الذي سيقوله بعض الآباء لطفلهم إذا جاء الطفل للمنزل مع عين زجاجية، أسطوانة تشارلي مينغوس وجيب مليء بالريش؟ سيقول الوالد: “من الذي تتبعه؟”، والطفل المسكين سوف يقف هناك مع ماء في حذائه، وربطة عنق على أذنه وسخام يتدفق من صرته ويقول: “موسيقى الجاز، يا أبي، أنا أتبع الجاز”. ووالده ربما يقول، “أجلب مكنسة ونظف كل هذا السخام قبل أن تذهب إلى النوم”. ثم ستخبر والدته صديقاتها، “أوه، نعم، ابننا دونالد الصغير، إنه جزء من جيل الشباب، كما تعلمون”.
> لقد كنت تقول إنك تريد أن تقدم أداءات قليلة، لأنك تريد أن توفر الكثير من وقتك لنفسك. بعد، فأنت تقدم أكبر قدر من الحفلات والتسجيلات في كل عام. لماذا؟ هل هو المال؟
< كل شيء تغير الآن عن ذي قبل. في الربيع الماضي. أعتقد أنني كنت أنوي الإقلاع عن الغناء. كنت مستنزفاً جداً، وبالطريقة التي كانت تسير بها الأمور، فقد كان الوضع سخيفاً جداً. أعني، عندما تقدم “الكل يحبونك لأجل عينيك السوداوين”، وفي الوقت نفسه تكون هناك رضوخ في مؤخرة رأسك.
 على كل حال، كنت أقدم أغانٍ كثيرة لم أكن أود تقديمها. كنت أتغني بكلمات لم أكن أريد حقاً غناءها. أنا لا أقصد كلمات مثل “الله” و “الأم” و”الرئيس” و”الانتحار” و”ساطور اللحوم”. أعني كلمات بسيطة صغيرة مثل “لو” و “آمل” و”أنت”. لكن مع “رولينغ ستون” تغير كل شيء: لم أعد مهتماً بعد ذلك بكتابة الكتب أو القصائد أو أياً كان. أعني أنها كانت شيئاً باستطاعتي شخصياً تقديره. إنه لأمر متعب جداً وجود أشخاص آخرين يخبرونك بأنهم يقدرونك إذا لم تكن تقدر نفسك أولاً. كما أنها حكمة ترفيهية قاتلة للغاية. على عكس ما يعتقد بعض الناس المخيفين، أنا لا ألعب مع فرقة الآن لأي نوع من الدعاية أو أي نوع من الأسباب التجارية. الأمر مجرد أن أغنياتي “صور” والفرقة تصنع صوت لتلك الصور.
> هل تشعر بأن اكتساب السرد والتحول من الشعبي إلى الروك الشعبي أدى إلى تحسنك كمؤد؟
< أنا لست مهتماً بنفسي كمؤد. المؤدون هم أناس يؤدون لأناس آخرين. على عكس الممثلين، أعرف ما أقول. إنه بسيط جداً في عقلي. لا يهم نوع رد فعل الجمهور الذي قد يحصل. ما يحدث في المسرح واضح. ولا أتوقع من خلاله أي جوائز أو أشياء جيدة من أي نوع من مثيري الشغب. الأمر فائق البساطة، وسوف يكون موجوداً لو كان هناك من يشاهد أو لا.
 بقدر ما الموسيقى الشعبية والروك الشعبي مهمين، فإن الأسماء السيئة التي يخترعها الناس لهذه الموسيقى ليست مهمة أبداً. يمكن أن يطلق عليها موسيقى الزرنيخ، أو ربما موسيقى فيدرا. لا أعتقد أن كلمة مثل الروك الشعبي لها أي علاقة بتلك الموسيقى. الموسيقى الشعبية هي كلمة لا يمكن استخدامها. الموسيقى الشعبية هي حفنة من الناس البدناء. يجب علي أن أفكر في كل هذه الموسيقى كموسيقى تقليدية. فالموسيقى التقليدية تستند على النجمة السداسية. لأنها تأتي من الأساطير، والكتاب المقدس والأوبئة، وتدور حول الخضار والموت.
لن يحاول أحد قتل الموسيقى التقليدية. كل تلك الأغاني حول الورود النامية من أدمغة الناس والعشاق الذين هم إوز وبجع يتحول إلى ملائكة لن تموت. إنهم كل أولئك الناس المرتابين الذين يعتقدون أن شخصاً ما سوف يأتي ويسلبهم ورق المرحاض خاصتهم، هم من سيموتون. أغنيات مثل Which Side Are You On? وI Love You, Porgy – ليست أغان موسيقى شعبية. إنها أغانٍ سياسية. وقد ماتت بالفعل.
من الواضح، أن الموت ليس مقبولاً عالمياً جداً. أعني، أنك قد تعتقد أن المهتمين بالموسيقى التقليدية يمكن أن يجمعوا من أغانيهم أن ذلك اللغز – مجرد لغز بسيط وسهل – هو حقيقة، حقيقة تقليدية. قد أستمع إلى الأغاني الشعبية القديمة؛ لكني لن أذهب إلى حفلة وأستمع إلى الأغاني الشعبية القديمة. يمكن أن أعطيك وصفاً تفصيلياً لما تفعله بي، ولكن بعض الناس ربما يعتقدون أن مخيلتي قد جن جنونها.
 يبدو مضحكاً بالنسبة لي أن الناس لديهم بالفعل الوقاحة الكافية للاعتقاد بأنني أملك بطريقة ما مخيلة رائعة. هذه فكرة عازلة جداً. لكن على أي حال، الموسيقى التقليدية غير واقعية تماماً لتموت. ولذلك ليس هناك حاجة لحمايتها. ليس هنا أحد سوف يضر بها. في تلك اوسيقى الحقيقة الوحيدة هي الموت ساري المفعول الذي يمكنك أن تشعر به اليوم من شريط مسجل. ولكن مثل أي شيء آخر عليه طلب كبير، فالناس يحاولون امتلاكها. فهي تتعلق بالأشياء النقية. وأعتقد أن لا معناها مقدس. الجميع يعرف أنني لست مغنياً شعبياً.
>  بعض معجبيك القدامى يتفقون معك – وليس في سياق الإطراء- منذ عزفك للروك أند رول في مهرجان نيوبورت فولك العام الماضي، حيث صاح العديد منهم باستهجان وبصوت عال أنك “بعت القضية” لصالح أذواق البوب ​​التجارية. بدايات بوب ديلان كانت بوب ديلانية نقية. كيف تشعر حيال ذلك؟
< كنت مذهولاً. لكنني لن ألوم أي شخص لأنه أتى واستهجن. على كل حال، فهم دفعوا المال ليأتوا. ربما كانوا خارج نطاق راحتهم وغير متواصلين تماماً. كان هناك الكثير من كبار السن هناك؛ الكثير من العائلات أتت من ولاية فيرمونت، الكثير من الممرضرهم، كانوا وكأنهم أتوا فقط لسماع بعض أغنيات الفلاحين المهدئة، كما تعلم، ربما بولكا هندية أو ما شابه؛ وبينما كان كل شيء يسير على ما يرام، جئت أنا، وتحول المكان بأكمله إلى مصنع خمر. كان هناك الكثير من الناس سعداء جداً بأني حصلت على صيحات استهجان. رأيتهم بعد ذلك.
لقد استاؤوا بعض الشيء، على الرغم من ذلك، جميع الذين استهجنوا برروا فعلهم ذلك بأنهم كانوا معجبين قدماء.
> ماذا عن اتهامهم لك بأنك شعّبت موهبتك الخاصة، أي “جعلتها شعبية”؟
< ماذا يمكنني أن أقول؟ أود أن أرى واحداً من أولئك الذين يطلق عليهم معجبين. أود أن يجلب إلي معصوب العينين. الأمر مثل أن تخرج إلى الصحراء وتصرخ، ثم يأتي أطفال صغار ويقومون برمي جرادل الرمل عليك. أنا في الرابعة والعشرين فقط. هؤلاء الناس الذين يقولون ذلك – أهم أمريكيون؟
> أمريكيون أم لا، هناك الكثير من الناس الذين لم يحبوا صوتك الجديد. في ضوء رد الفعل السلبي واسع النطاق هذا، هل تعتقد أنك قد ارتكبت خطأ بتغيير نمطك؟
< الخطأ هو ارتكاب سوء فهم. لا يمكن أن يكون هناك شيء، على أي حال، كهذا الفعل. إما أن الناس يفهمون أو يدعون الفهم غير ذلك، ربما لا يفهمون حقاً. ما تتكلم عنه هنا هو فعل أشياء خاطئة لأسباب أنانية. أنا لا أعرف الكلمة التي تصف ذلك، سوى أنه الانتحار. في أي حال، فإن هذا لا علاقة له بموسيقاي.

****

نماذج من أشعاره الغنائية

1ــ أطرقُ باب السماء

أمّاه، انزعي هذه الشارة عن صدري
لم أعد قادراً على النظر
كل شيء يغدو مظلماً في عيني
أشعر كأنني.. أطرقُ باب السماء

أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء

أمّاه، ضعي مسدسي على الأرض
لم أعد قادراً على التصويب
وتلك الغيمة الطويلة الظلماء.. تدنو من الأرض
أشعر كأنني.. أطرقُ باب السماء

أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء
 أطرقُ، أطرقُ، أطرق باب السماء.

2- مثل حجرٍ يتدحرج

قد كان يا ما كان
في يوم من الأيام، لبستِ أحسن الثياب
ورميت قرشاً للمتسولين
كنت في عنفوانك، أليس كذلك؟
كان الناس ينادونك «أيتها الجميلة الطائشة.. أحذري..
ستسقطين»
فظننت أنهم يمزحون
كان المتسكعون يثيرون ضحكك
لكنك الآن لا ترفعين صوتك بالحديث
ولا تبدين فخورة عندما تتسولين وجبتك القادمة
كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

حسناً يا آنسة «وحيدة»
قد درستِ في أرقى المدارس، لكنك تعرفين
أنهم كانوا يعصرونك فيها عصراً
ولم يعلمك أحدٌ كيف تعيشين على قارعة الطريق
لكنك الآن مرغمة على اعتياد ذلك
كنت تقولين: لن أتساوم مع المتشرد الغامض
لكنك الآن تدركين: أنه لا يبيع الأعذار
حين تحدقين في خواء عينيه
وتسألينه أن يعقد صفقةً معك

كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

لم تلتفتي لتري تقطيبة الحزن خلف أوجه المهرجين
حين جاؤوا جميعاً ليرقصوا ويلعبوا أمامك
لم تفهمي أن الأمر سيء
ما كان عليك أن تسمحي للآخرين
أن يتلقوا الرفسات بدلاً عنك
كنت تركبين حصانك المطلي بالكروم
يصحبك دبلوماسيون يحملون على أكتافهم
قطتك السيامية المدللة
هل تألمك يومَ اكتشفت
بأنه لم يكن حيث يجدر
بعد أن سلب منك كل ما استطاع سرقته
كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟
…أميرة البرج العالي، كل الظرفاء الآخرين
يشربون، واثقين من نجاحهم
يتبادلون أثمن الهدايا
أما أنتِ يا فتاتي فيجدر بك
أن تنزعي خاتمك الماسي، أن ترهنيه.
نابليون في الأسمال، ولغة حديثه
كانا يسليانك

اذهبي إليه الآن، إنه يناديك، ولا يمكنك الرفض
فحين لا تملكين شيئاً.. ليس ثمة ما تخسريه
أنت الآن لا مرئية تماماً، وليس عندك ما تخفيه

كيف يبدو هذا.. كيف تشعرين
حين تكونين وحيدة.. ولا تعرفين طريق البيت
مثل نكرةٍ كاملة.. مثل حجر يتدحرج؟

3- في مهب الريح

كم من الطرقات ينبغي للإنسان أن يقطعها
قبل أن ندعوه رجلاً؟
كم من البحار ينبغي للحمامة البيضاء أن تطير فوقها
قبل أن تنام في الرمال؟
وكم من القنابل ينبغي أن تقذفها المدافع
قبل أن تُحظرَ إلى الأبد؟

الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب في مهب الريح

كم من السنين ستبقى الجبال
قبل أن تذوب في البحار؟
كم من السنين يعيش بعض الناس
قبل أن ينالوا حريتهم؟
وكم من المرات يمكن للإنسان
أن يدير رأسه.. ويتظاهر بالعمى؟

الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب في مهب الريح

كم مرة ينبغي للمرء أن يرفع عينيه
قبل أن يبصر السماء؟
كم من الآذان ينبغي أن يملكها المرء
قبل أن يسمع بكاء الآخرين؟
وكم من الوفيات يجب أن تحدث
قبل أن ندرك
أن الكثيرين .. الكثيرين.. قد ماتوا؟

الجواب، يا صديقي، في مهب الريح
الجواب.. في مهب الريح

Related posts

Top