الشاعر المغربي محمد الأشعري يتسلم في احتفالية بالرباط جائزة الأركانة العالمية للشعر

 تسلم الأديب والشاعر المغربي محمد الأشعري، جائزة الأركانة العالمية للشعر، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وذلك خلال احتفالية نظمت يوم الجمعة الماضي بالرباط، بحضور شخصيات من عالم الفن والثقافة والإعلام.
 وتسلم الشاعر الأشعري جائزة الأركانة العالمية في دورتها الخامسة عشر، التي تمثلت، فضلا عن قيمتها المادية (12 ألف دولار)، في درع رمزي لشجرة الأركانة، وشهادة تقديرية، وبورتريه للشاعر المتوج، من إنجاز الفنان التشكيلي المغربي أحمد جاريد.
 واستعرض رئيس لجنة تحكيم هذه الدورة من الجائزة، الشاعر نجيب خداري، في كلمة بالمناسبة مضامين تقرير اللجنة الذي أعلن أن تتويج الأشعري بهذه الجائزة يأتي “تقديرا لمنجزه الشعري المتميز على مدى خمسة عقود من الكتابة الإبداعية التي تتقاطع مع مسار أدبي وثقافي رفيع”، وباعتبار أن “قصيدته أسهمت، منذ أكثر من أربعة عقود، في ترسيخ الكتابة بوصفها مقاومة تروم توسيع أحياز الحرية في اللغة وفي الحياة، عبر ممارسة شعرية اتخذت من الحرية أفقا ومدار انشغال”.
  من جهته، هنأ وزير الشباب والثقافة والتواصل، السيد محمد المهدي بنسعيد، الشاعر الأشعري على فوزه “عن جدارة واستحقاق” بهذه الجائزة، التي سبق وفاز بها شعراء كبار، معتبرا أن هذا الفوز “يعكس مسارا إبداعيا حافلا بالكتابة الإبداعية في مجال الشعر والرواية”.
 وأعرب الوزير عن تقديره لمؤسسة بيت الشعر في المغرب على هذه المبادرة الهامة، التي تعكس الجهود الحثيثة من أجل تطور الممارسة الثقافية، وعن شكره لانخراط مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير في دعمها، وهو ما يرسخ “مكانتها كمؤسسة مواطنة في خدمة الثقافة والفن بالمملكة”.
 وأكد بنسعيد أن الوزارة ستبقى حريصة على مواصلة دعمها لمثل هذه المشاريع الثقافية الراقية، ومنفتحة على كل الاقتراحات والمبادرات الرامية إلى دعم ومواكبة جهود الهيئات والمنظمات الثقافية من مختلف الفاعلين في المجال، تثبيتا للمقاربة التشاركية التي اعتمدتها باعتبارها خيارا استراتيجيا.
 من جانبه، قال رئيس بيت الشعر في المغرب مراد القادري، في كلمة مماثلة إن الشاعر محمد الأشعري واحد من الشعراء المميزين في مختلف ربوع العالم حيث “استطاع منذ كتابة الشعري الأول  أن يكشف عن امتلاكه لرؤية شعرية لا تتغذى باللغة فحسب، بل ومن تفاصيل الطفولة وسراديب التجربة الشخصية، وسيرورة الحياة وتأرجحاتها المستمرة بين الممكن والمستحيل”.

 وأضاف أن فوز الأشعري بهذه الجائزة يشكل “دليلا على حيوية ودينامية شعرنا المغربي، وتأكيدا على الجدارة التي بات يمتلكها هذا الشعر، وهو يجاور بندية باقي الجغرافيات الشعرية العالمية”، معربا عن سعادة بيت الشعر في المغرب و”كناش الجائزة یزدان باسم الأشعري إلى جانب شعراء مغاربة، وآخرين من مختلف بقاع العالم، اختلفت لغات كتاباتهم وتباينت خلفياتهم الثقافية ورؤاهم الفنية والجمالية”.
 ولم يفت القادري أن يذكر بأن هذا الحفل يأتي قبيل أيام من احتفالات المعمور باليوم العالمي للشعر (21 مارس)، “الذي كان لمؤسستنا شرف توجيه نداء إلى اليونسكو، بتاريخ 29 يونيو 1998، الإعلان عنه، وهو ما استجابت له يوم 15 نونبر 1999، مؤكدا أن “هذا الشرف الثقافي والديبلوماسي ما كان له أن يتحقق لولا الدعم الذي لقيه هذا المقترح من طرف الشاعر محمد الأشعري، الذي كان حينها وزيرا للثقافة، وللأستاذ الراحل عبد الرحمان اليوسفي الوزير الأول آنذاك”.
 أما المديرة العامة لمؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير دينة الناصري، فهنأت الشاعر الأشعري على فوزه بجائزة الأركانة العالمية للشعر، وهو الذي “راكم خلال خمسة عقود زخما ورصيدا أدبيا شعريا وروائيا، وهو ينسج القول ويبدع المعاني ويطور الكتابة الشعرية باللغة العربية”.
 كما أشادت الناصري بخصال الأشعري الذي “وجدت فيه دوما المثقف الذي يتطلع لخدمة بلاده ووطنه، والشاعر الذي ينتصر للقيم الإنسانية الرفيعة التي تدعو للحرية والخير والجمال، وينتصر للصمت أكثر مما ينتصر لهدير الكلام. ذلك الصمت المضيء والملهم في نفس الوقت”.
 وجددت التأكيد على حرص مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير على مواصلة دعم جائزة الأركانة العالمية للشعر، وذلك منذ دورة سنة 2008 التي فاز بها الشاعر العربي محمود درويش، “لكونها شكلت دوما جسرا لربط بلادنا بالعالم الخارجي من خلال بوابة الشعر، كما مثلت فرصة للحوار الشعري والإنساني من شعراء بلادنا وشعراء العالم”.


 من جانبه، أكد محمد الفران، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، التي احتضنت هذا الحفل، إن جائزة الأركانة العالمية تعد من أهم الأعراس الثقافية التي تتميز بها الرباط عاصمة الثقافة في إفريقيا والعالم الإسلامي، وذات صيت عالمي متميز، منوها بالفائز بها، السيد الأشعري الذي يعتبر “أيقونة من ايقونات الشعر المغربي الحديث، وبلغ مكانة متميزة بفضل شعره المتميز وكلمته الهادفة الملتزمة وخصاله الحميدة”.
 وتميزت هذه الاحتفالية بتقديم الشاعر الأشعري كلمة أعرب فيها، على الخصوص، عن شكره لرعاة جائزة الأركانة العالمية للشعر. كما ألقى الأشعري بالمناسبة مقاطع من إحدى قصائد ديوان جديد له يصدر قريبا، تحمل عنوان “أوراق سقطت حية”.
 وإلى جانب الشاعر نجيب خداري، ضمت لجنة تحكيم هذه الدورة من الجائزة كلا من الناقد عبد الرحمان طنكول، والناقد خالد بلقاسم، والشعراء حسن نجمي الأمين العام للجائزة، ورشيد المومني وعبد السلام المساوي ونبيل منصر ومراد القادري.
 يشار إلى أن محمد الأشعري، شاعر وروائي، ولد في زرهون المغرب سنة 1951، بدأ نشر قصائده في مطلع السبعينات. وصدر ديوانه الأول “صهيل الخيل الجريحة” سنة 1978. ومنذ ذلك الحين صدر له العديد من الكتب الشعرية، ومن ضمنها “عينان بسعة حلم” (1982)، و”يومية النار والسفر” (1983)، و”مائيات” (1994)، و”سرير لعزلة السنبلة” (1998)، و”حكايات صخرية” (2000)، و”قصائد نائية” (2006)، و”أجنحة بيضاء.. في قدميها (2007)، و”يباب لا يقتل أحدا” (2011)، و”كتاب الشظايا” (2012)، و”جمرة قرب عش الكلمات” (2017).
 جدير بالذكر أنه وبمناسبة انعقاد هذا الحفل، اختار بيت الشعر في المغرب، بدعم من قطاع الثقافة، أن يصدر عددا خاصا من مجلته “البيت” عن الشاعر الفائز، ضم ثلاثة أبواب، الأول خاص بدراسات في أعمال محمد الأشعري الشعرية، والثاني بشهادات عن الشاعر وتجربته، والثالث بمقاربات لأعماله الروائية.
 يشار إلى أن جائزة الأركانة العالمية للشعر التي انطلقت سنة 2002، هي جائزة للصداقة الشعرية، يقدمها المغاربة لشاعر يتميز بتجربة في الحقل الشعري الإنساني ويدافع عن قيم الاختلاف والحرية والسلم.

Related posts

Top