الصحة النفسية.. ضرورة وأولوية تعليمية

تعتبر المدرسة المؤسسة الاجتماعية التي تلي الأسرة مباشرة في أهميتها وتأثيرها في الصحة النفسية  ودرجة توافق التلاميذ معها نفسيا واجتماعيا.
إن المدرسة ليست مجرد فضاء يتم فيه تعلم المهارات وإنما هي مجتمع مصغر يتفاعل فيه التلاميذ ويؤثر بعضهم في البعض الآخر..و اذا كانت أسس الصحة النفسية  للتلاميذ تبدأ في البيت خلال السنوات الأولى التكوينية لحياتهم فإن المدرسة تظل رغم ذلك ذات أثر تكويني  مهم في حياة وشخصية التلميذ لا يكاد يقل عن أثر البيت.
إن معظم المدارس ببلدنا لا تعطي للصحة النفسية  المكانة التي تستحقها  وأن إدارتها  بحاجة الى موارد بشرية كافية ومعدات تمكنها من أداء دورها بكفاءة عالية،لأن غياب هذه الإمكانات يؤدي إلى مضاعفة المشاكل النفسية  لدى التلاميذ فيزداد قلقهم أو صراعاتهم الداخلية..فمعظم مدارسنا بالثانوي على الخصوص يعيش تلامذتها ضغوطا نفسية كثيرة بجانب مشكلات فترة المراهقة.هذه الضغوط تقود بعضهم إلى الهدر المدرسي .
لحماية تلامذتنا، ينبغي التركيز عل الجوانب الوقائية لحمايتهم من الأمراض النفسية  وهذه مهمة وزارة الصحة العمومية و وزار ة التربية الوطنية..
إن الصحة النفسية للتلاميذ هي من أهم جوانب التنمية الاجتماعية والمعرفية اذ يحتاج التلاميذ إلى أن تكون لديهم حالة صحية ونفسية جيدة لان الصحة النفسية  هي جزء أساسي من الصحة العامة للتلاميذ  ولها علاقة تفاعلية مع الصحة  البدنية  وتؤثر في كيفية تفكيرنا وشعورنا وتعزز ثقة تلامذتنا.
إن من بين أهم الأعراض الشائعة لدى التلاميذ الشعور الدائم بالحزن وقلة الثقة بالنفس  والخجل والاكتئاب وضعف التركيز  والتغيير المفاجئ في سلوك بعضهم ولجوئهم إلى عادات غير جيدة كالتدخين..
وهناك عوامل تؤثر في الصحة النفسية  للتلميذ أولها الأسرة، لأنه عندما يعيش الإنسان في أسرة منسجمة ومترابطة،تمكنه من تكوين شخصية سوية.فهي ترسم  ملامح شخصيته.
ومن واجب المدرسة التعرف  والوقوف عل  الحالات  وتقييمها مبكرا  قبل أن تحصل المضاعفات وذلك عن طريق  تحويل المعنيين  لذوي  الاختصاص بالتعاون مع الأسرة والمسؤولين عن الرعاية الصحية  لوضع خطة لعلاج التلاميذ ودعمهم نفسيا.
للصحة النفسية  أهمية كبرى  في مدارسنا .فهي تهدف الى معالجة المخاوف  المتعلقة  بالمشكلات النفسية  والصحية و الاجتماعية والتي تؤثر  في التعلم  وأداء التلاميذ.
ومن وسائل تعزيز الصحة النفسية  للتلاميذ تعزيز مهارات الحياة. بمعنى آخر تدريب التلاميذ على أداء الواجبات المدرسية والتفكير النقدي و الإبداعي ومهارة تكوين علاقات إيجابية  مع الآخرين  والتكيف مع الانفعالات  وتقبل الآخرين والوعي بالذات.
لابد من وضع برامج تنفيذية بالمدارس تتناول  تعزيز النشاط البدني والتغذية المتوازنة والوقاية من الأمراض والتحصين باللقاحات الأساسية والتوعية  بالأمراض المعدية والكشف المبكر لأمراض ضعف البصر والأسنان والسمنة. وللتذكير مدارسنا خاصة الابتدائية منذ سنوات، كان بها مواكبة صحية يومية .يزورها الأطباء والممرضون يقدمون العلاجات الضرورية والاستباقية للتلاميذ. 
إن الصحة النفسية تشكل أهمية كبرى  لارتباطها  المباشر بشريحة المستقبل وهي التلاميذ جيل الغد .فالصحة الجيدة استثمار للمستقبل.
إن الصحة المدرسية ، ينبغي أن ترتكز على مجموعة من المحاور الأساسية منها: التربية الصحية والبيئة المدرسية والخدمات الصحية والإرشاد الصحي والاهتمام بالتغذية  وسلامتها خاصة بالمدارس التي تحتضن القسم الداخلي. 
كما يلزم توفير حماية للبيئة المحيطة بمدارسنا من كل شكل من أشكال التلوث فمثلا هناك مؤسسات تعليمية بجهة الدار البيضاء وبالضبط  ثانويتي بئرانزران والخوارزمي، أساتذتها وتلامذتها يعانون يوميا من انتشار المواد الكيماوية السامة من معمل مجاور ومن نفايات مطاحن الحبوب. ولقد سبق أن عبر العاملون بالثانويتين المذكورتين عن استيائهم واستنكارهم عبر مراسلات رسمية إلى كل من يهمهم موضوع البيئة لكن لا حياة لمن تنادي .فكيف يمكن تحقيق بيئة صحية نقية بمدارسنا في ظل انتشار مصانع ملوثة بمحيطها..

> خليل البخاري

Related posts

Top