الصديقي: المغرب يوجد في موقع دون المتوسط الدولي في مجال الحماية الاجتماعية

أكد عبد السلام الصديقي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، أن المغرب يوجد في موقع دون المتوسط الدولي في مجال الحماية الاجتماعية.
وأوضح الصديقي الذي كان يتحدث في ندوة وطنية نظمها حزب التقدم والاشتراكية، بمساهمة مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، الثلاثاء الماضي بالرباط، حول موضوع “الحماية الاجتماعية، رافعة أساسية لبناء مغرب متضامن وتقليص الفوارق الاجتماعية”، أن إقرار الحماية الاجتماعية بمفهومها الواسع، لا يمكن أن يستقيم، بالاقتصار فقط، على التمويل الذاتي، ما يفرض، بحسبه، خلق موارد جديدة وإضافية وذلك عبر إعادة توزيع الثروة الوطنية والقيام بإصلاح جبائي عميق.
وأضاف عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن موضوع الحماية الاجتماعية يعتبر إشكالية إنسانية وحقوقية وهو أيضا إشكالية اجتماعية مرتبطة بضمان كرامة الإنسان ومحاربة كل أنواع الفقر والهشاشة والإقصاء، مشيرا في السياق ذاته، إلى البعد الاقتصادي للحماية الاجتماعية من حيث مساهمتها في الادخار الوطني وفي إعادة خلق الثروة.
ودعا عبد السلام الصديقي، خلال هذه الندوة التي أدارها عبد الأحد الفاسي الفهري عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلى بلورة معادلة متوازنة بين دور كل من القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع التعاضدي في إطار نوع من التكامل بين هذه القطاعات، مما سيسهم في نظره، في توضيح العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص في مجال الصحة.  
من جانب آخر، قال عبد السلام الصديقي “إن القانون الخاص بالتعويض عن فقدان الشغل يشكل تقدما كبيرا على مستوى الرفع من التعويضات المترتبة عن حوادث الشغل وتوسيع الاستفادة لتشمل ذوي الحقوق” مؤكدا على أن حكامة تدبير مجال التعويض عن فقدان الشغل يتعين أن توكل للقطاع العام، وليس القطاع الخاص، لضمان المردودية والنجاعة التدبيرية.
وبدوره، أكد إدريس الكرواي الكاتب العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، على أن مضمون الحماية الاجتماعية يرتبط بمجموعة من الحقوق من الجيلين القديم والحديث من حقوق الإنسان، والتي تعتبر ضرورية لتلبية الحاجيات الأساسية وكل ما يتعلق بشروط تلبية تلك الحاجيات، انطلاقا من المرجعية الدستورية والمواثيق الدولية، التي كرست مفهوم الحماية الاجتماعية في بعدها الشامل، والمرتبطة أساسا بالحق في الصحة والتربية وفي السكن وفي الغذاء وفي التعويضات العائلية وفي الشغل وكل ما يتعلق بصون كرامة الإنسان.
وأضاف إدريس الكرواي، أن الحماية الاجتماعية هي خيار مجتمعي ذو أبعاد استراتيجية جوهرية مرتبطة بطبيعة ونوعية المجتمع المراد بناؤه، مؤكدا على أن الحماية الاجتماعية هي حق من حقوق الإنسان الأساسية كرسها الدستور، وأصبحت بذلك التزام دستوري جوهري على عاتق الدولة إزاء مواطنيها، بالإضافة إلى المواثيق الدولية التي أقرت الحماية الاجتماعية الشاملة التي أصبحت من أهداف التنمية المستدامة.
وبحسب الكاتب العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبئي، لا ينبغي أن ننظر إلى الحماية الاجتماعية، على أنها مجرد كلفة بل هي، أيضا، مجال خصب لجلب الثروة، وإنعاش الشغل، وإعادة توزيع الدخل بين كل أفراد المجتمع، مشيرا إلى أنه على الرغم من المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال الحماية الاجتماعية خاصة على المستوى الكمي، لكنها على المستوى النوعي يبقى تلك المكتسبات غير كافية. وتبقى الإشكالات الكبرى التي يتعين الانتباه إليها، والتي تعترض منظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا، وفق إدريس الكراوي “هي إشكالية الحكامة” والمتمثلة أساسا في انعدام قيادة موحدة مؤسساتية للحماية الاجتماعية، على اعتبار تعدد المتدخلين وهو ما يحد من آثارها النوعية والكمية، ويحول دون التقائبة البرامج ودون انسجامها وكذا مجموعة من الانحرافات الإدارية وغياب التنسيق والفوضى التي تعرفها بعض مصحات القطاع الخاص، بالإضافة إلى إشكالات أخرى حددها المتدخل في ضعف العرض الاستشفائي الذي لا يتماشى مع الطلب، والعجز المسجل على مستوى الموارد البشرية الصحية وعدم القدرة على بلورة مبدأ المسؤولية الجماعية إزاء المرفق العمومي والذي يقتضي، بحسبه، ثورة ثقافية كبيرة للتحلي باسلوك المتحضر في التعامل مع المرفق العمومي.
ويرى إدريس الكواوي أن هناك حاجة ماسة إلى ابتكار مقاربة وطنية جديدة في مجال تدبير الحقل الاجتماعي، تقوم على المأسسة الدائمة للحوار الاجتماعي وبناء تعاقدات اجتماعية كبرى، ما يقتضي في نظره جيل جديد من النقابات وجيل جديد من أرباب المقاولات وجيل جديد من الإدارة.
وشدد المتحدث، على أن تحدي تعميم الحماية الاجتماعية يتعين أن يتم عبر التدرج وبشكل واقعي، من خلال مقاربة تشاركية تقوم على   إعمال مبدأ الاستهداف في مجال الجماعية الاجتماعية، عبر بلورة دعم الفقراء الحقيقيين، وعدم الاستمرار في دعم الميسورين، مشيرا إلى أن تمويل الحماية الاجتماعية لا يمكن أن يستمر عبر الدين سواء خارجي أو داخلي، وهو ما يطرح، يضيف الكراوي، تحدي البحث عن نموذج جديد، على اعتبار أن النموذج الحالي المعتمد استنفذ كل إمكانياته.
من جانبه، أكد عبد الحفيظ ولعلو نائب رئيس مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال على أن مطلب توسيع التغطية الصحية هو مطلب جماعي ومجتمعي، مبرزا مختلف الإكراهات والمعيقات التي تحول دون تعميم التغطية الصحية الشاملة.
ووقف عبد الحفيظ ولعلو، عند مشكل تضارب الأرقام والمعطيات المرتبطة بالحماية الاجتماعية، بين مختلف الفاعلين خاصة في مجال الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى مشكل الولوج إلى الخدمات الصحية وضعف استهلاك الفرد من الدواء حيث لا يتجاوز 440 درهما سنويا.
واعتبر ولعلو تعدد المتدخلين في مجال الحماية الاجتماعية يشكل عائقا في إعمال الحكامة وفي جودة تدبير هذا المجال الذي يتطلب في نظره احداث قطب اجتماعي موحد يتكلف بتدبير كل ما هو مرتبط الحماية الاجتماعية، وضمان الالتقائية في مجال السياسات العمومية المرتبطة بالحماية الاجتماعية، وردم الفوارق المجالية بين العالم القروي والعالم الحضري، بالإضافة إلى مراجعة المنظومة الصحية وتأهيل القطاع ومده بالموارد البشرية الكافية.
بدوره تحدث عبد اللطيف المرتقي مسؤول بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، على مجال الحماية الاجتماعية المدبرة من الصندوق ومجالات تدخلاته واعتماده على التمويل الذاتي دون تدخل الدولة، مشيرا إلى أن الصندوق خلال السنوات الأخيرة، طور استراتيجية لتوسيع التغطية الاجتماعية في مجال القطاع الخاص.
وتطرق عبد اللطيف المرتقي إلى أهم محاور هذه الاستراتيجية، والمتمثلة أساسا في تطوير العرض وتحسين جودة الخدمات خاصة في مجال تقليص مدة معالجة ملفات التعويض وتوسيع الشبكة التي وصلت إلى 102 وكالة في السنة الجارية مقابل 61 وكالة سنة 2005.
يشار إلى أن هذا اللقاء يندرج في إطار النقاش العمومي الذي أطلقه الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية حول العديد من القضايا الكبرى التي تندرج في صلب المشروع المجتمعي الذي يتطلع إليه حزب الكتاب، وأن الغاية من هذا النقاش هو الانصات والإشراك والتشاور بهدف إغناء البرنامج الانتخابي الذي سيترافع حوله حزب التقدم والاشتراكية في الانتخابات التشريعية المقبلة.     

محمد حجيوي

Related posts

Top