الصرامة والحزم والتعبئة

الصرامة، الحزم والتعبئة هي ما يمكن أن نصف به الموقف الوطني المغربي هذه الأيام بخصوص مناورات خصوم الوحدة الترابية لبلادنا، والصفات الثلاث تستند إلى إجماع وطني معروف حول عدالة القضية، وهو ما لم يتوفر يوما لدى الخصوم، ومثل لبلادنا باستمرار ورقة النصر المركزية في هذه المعركة.
منذ شهور توالت استفزازات عناصر “البوليساريو” في شرق الجدار الأمني، وتكررت مساعيها لزعزعة موازين القوى أو لجر المغرب لوضعيات جديدة، وبقيت الرباط، رغم ذلك، ملتزمة التريث وعدم الرد، وتركت للأمم المتحدة فرصة التحرك لوقف خروقات الطرف الآخر واستفزازاته، وبالتالي أن تعيد الأمور إلى النصاب…
الطرف الآخر لم يفهم هذا السلوك الديبلوماسي المغربي ولم يقدره، واختار، بدل ذلك، التصعيد وتكرار الاستفزاز ومحاولة افتعال الأزمات، وكان، عند كل انتصار تحققه الديبلوماسية المغربية قاريا أو دوليا، يقوم بافتعال منحى تصعيدي جديد لجر المغرب إليه والتغطية على الهزيمة، ولم تكن الأمم المتحدة ترى كل هذا، وبقيت ملتزمة بترددها الغريب.
المغرب قرر اليوم أن يرفع الصوت في وجه الجميع، وأن يؤكد بأن صبره بلغ حده، وبأن التزامه مع الأمم المتحدة لا يجب أن يكون على حساب المس بوحدته وسيادته الترابية وبحقوقه الوطنية المشروعة.
وسواء من خلال تصريحات وزيري الخارجية والداخلية أو سفير المغرب لدى الأمم المتحدة أو أيضا تصريحات مختلف الأحزاب والنقابات، فإن المعجم المغربي الجديد جاء متميزا بصرامته ووضوحه وحزمه، وأيضا بالتعبير عن استعداد البلاد لمختلف الخيارات من أجل الدفاع عن سيادتها الوطنية ورد استفزازات الخصوم.
المملكة بهذا تريد أن تذكر الجميع بأنها دولة حقيقية ولها امتدادها العريق والمعروف في التاريخ، وفي متانة الوجود، وبأنها لما تتمسك بالخيار السياسي والديبلوماسي في إيجاد حل عادل ودائم لهذا النزاع المفتعل، فهي لا تستبعد الخيارات الأخرى، ولا تخشى المواجهة مع من يتربص بوحدتها الترابية أو يستهدفها.
وعندما كتب السفير المغربي في الأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن بأن “تحريك أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أو أيا كانت طبيعتها، لـ “البوليساريو”، من مخيمات تيندوف في الجزائر، إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية، تشكل عملا مؤديا إلى الحرب”، فقد كان القول يجسد قمة الوضوح في الخيار، وفي الاستعداد للمواجهة، ويؤكد أن البلاد، التي ما فتئت تتقدم للأمم المتحدة بالمبادرات والمقترحات من أجل السلام ولإيجاد الحل، هي أيضا على استعداد للدفاع عن حقوقها الوطنية عندما يعلن الطرف الآخر الحرب عليها.
المغرب اليوم يخوض معركة للدفاع عن حقه ولمواجهة استفزازات خصوم وحدته الترابية ومناوراتهم التصعيدية، وهو مستمر في سعيه للسلم ولصيانة الأمن والاستقرار في كامل المنطقة، ولكن أيضا لن يقبل أن يجره الطرف الآخر لوضعيات مفتعلة تمس سيادته وحدوده.
بقيت الإشارة إلى أن معركة الوحدة الترابية تتطلب، فضلا عن الصرامة والحزم وهجومية العمل الديبلوماسي، إشراك القوى السياسية الوطنية ذات المصداقية والتجربة، وأساسا الإصرار على متانة الجبهة الوطنية الداخلية، ومواصلة الديناميات الديمقراطية والتنموية داخل البلاد، وكسب رهانات الإصلاح والتحديث وتقوية المسار الديمقراطي الداخلي، وتعزيز التقدم والعدالة الاجتماعية.

< محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top