الصناع التقليديون والتجار يستعيدون الشارع من كورونا

استعاد المغاربة الشارع من كورونا، بعدما سحبتها من تحت بساطهم طيلة ثلاثة أشهر من الحجر الصحي، حيث عادت الحياة والحركة تدب في الفضاءات العامة للمدن المغربية، التي كانت شبيهة بمدن الأشباح خلال الشهر الأول من الحجر الصحي.
فلا حديث بين المغاربة إلا عن الكابوس المرعب لجائحة كورونا، التي فاجأت العالم بداية سنة 2020 الجارية، بعدما انطلقت الشرارة الأولى للفيروس من مدينة ووهان الصينية، قبل أن تنتشر كالنار في الهشيم بمختلف دول العالم خلال أيام وأسابيع قليلة.
اعتقد المغاربة في البداية أنهم بعيدين عن الفيروس، غير أن هذا الاعتقاد سرعان ما تبدد بعد الإعلان عن تسجيل أول حالة بمدينة الدار البيضاء، ليتأكدوا بعدها أن تدابير الحجر الصحي التي اعتمدت بالعديد من الدول أصبحت واردة في المغرب، وهو ما كان بالفعل، حيث تم تقبل قرار الحجر الصحي لكبح سرعة انتشار كوفيد-19 بين المغاربة.
وبعد الصبر على الحجر المنزلي، بدأ العديد من المهنيين والتجار والحرفيين يتنفسون الصعداء مؤخرا، لاسيما وأن الأوضاع المادية بدأت تتدهور، وما تم اذخاره نفذ مع أيام الطوارئ الصحية، ذلك أن هناك من اقترض، ومن ملء كناشه بقائمة طويلة من الديون لا يمكن تسديدها إلا بالعدوة إلا العمل.
بيد أن استئناف النشاط الصناعي التقليدي بالدرجة الأولى، رهين بفتح الأسواق، والقيساريات، والمحلات التجارية، من أجل تسويق المنتوجات التي يتم تصنيعها، تفاديا للتضخم، بل إن هناك من كان يتوفر على السلع ولم يتم تسويقها طيلة 90 يوما الماضية، وهو ما أرخى بظلاله على الوضع المادي للحرفيين والتجار، خصوصا السلع المخصصة لفصل الشتاء.
وقال هشام الصانع التقليدي للأحذية بحي بوشنتوف بدرب السلطان- الدار البيضاء، إن العديد من المحلات الصناعية والتجارية فتحت أبوابها من جديد بعدما أغلقتها كورونا، حيث التحق العديد من الصناع والحرفيين بعملهم بعدما سافروا إلى مدنهم الأصلية.

واعتبر هشام في حديث مع بيان اليوم أن الفترة الحالية هي فترة الجد والعمل والاجتهاد، من أجل أداء الديون المتراكمة عليه من واجبات كراء ثلاثة أشهر للمنزل الذي يقطن به والمحل التجاري الذي يشتغل به، متمنيا استقرار الوضع الوبائي بالمغرب، حتى لا يتم العودة إلى الحجر الصحي مجددا إذا ما قدر الله.
من جانبه، ذكر ادريس الحرفي في الحدادة بالحي الصناعي بنسودة بمدينة فاس، أن جميع أوراش البناء والتجهيز كانت متوقفة، وهو ما دفع الحدادين إلى التوقف عن العمل أيضا، بالرغم من عدم وجود قرار حكومي بذلك، مشيرا إلى أن العديد من الطلبات يتم إعدادها حاليا بعد استئناف العمل بمختلف الأوراش العمومية والخاصة.
وأوضح ادريس أن العمل داخل المحل الذي يشتغل به يتم باحترام الشروط الصحية التي تشدد عليها مصالح وزارة الصحة والداخلية، كالتعقيم، وارتداء الكمامة، واحترام مسافة التباعد الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات هي في صالح المغربي أولا، والمغاربة بصفة عامة، حتى لا يؤدون بعضهم البعض، بفعل التهاون والاستخفاف من خطورة الوباء.
وأفاد في السياق نفسه، أن العديد من الجمعيات المهنية توزع ملصقات وتضعها في واجهات المحلات، قصد التوعية والتحسيس، لا سيما وأن الوباء لم يتم القضاء عليه، ومن تم فالتعايش هو عنوان المرحلة القادمة.
وتتسم المرحلة الثانية التي اختار المغرب الدخول فيها بحذر شديد، خوفا من ارتداد هجومي للفيروس مرة أخرى، ومن ثم فإن القضاء على الفيروس رهين بمدى احترام شروط السلامة الصحية.

< يوسف الخيدر < تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top