العالم العربي يجني النصيب الأكبر من مخاطر التغيرات المناخية

ظاهرة التغيرات المناخية هي ظاهرة ناتجة عن النشاطات البشرية وخاصة الصناعية التي تقوم بها معظم دول العالم المتطورة والنامية، وأصبحت تشكل تهديدا خطيرا للغلاف الجوي لكوكب الأرض. وتعتبر الدول النامية والفقيرة الأكثر تضررا من هذه الظاهرة، نظرا لما تسببه من آثار سلبية مباشرة على المناخ وارتفاع درجات الحرارة وعلى مواسم الأمطار ومصادر المياه الشحيحة أصلا في غالبية تلك البلدان.

يثير مصطلح “تغير المناخ” أفكارا تتعلق ببرودة الشتاء وقيظ الصيف وموجات الجفاف الطويلة والفيضانات والسيول العارمة، أما في الوطن العربي فتغير المناخ يعني أيضا فقدان مصادر الدخل التقليدية، والهجرة القسرية، والدخول في صراعات لا تنتهي لتلبية الاحتياجات الأساسية.
ورغم أن انبعاثات الغازات الدفيئة بالمنطقة العربية لا تتجاوز 5 بالمئة من انبعاثات الغازات في العالم، فإنها المتضرر الأكبر من هذه الظاهرة، فإذا تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب درجتين مئويتين، فهذا يعني ارتفاعا هائلا في درجات حرارة المنطقة العربية يصاحبه شح المياه وانهيار الزراعة، ناهيك عن غرق عدة مدن عربية ساحلية.
إذن فالوطن العربي ليس بمنأى عن هذه الظاهرة التي تهدد بيت الإنسان الكبير، بالتواجد في قلب المشكلة المناخية الكبرى التي يواجهها العالم ألا وهي التصحر ونقص المياه.
وحسب خبراء المناخ، فإن 13 في المئة فقط من هذه التغيرات مصدرها الطبيعة ذاتها، فيما يتحمل الإنسان مسؤولية 87 في المئة من الأسباب التي أدت إلى حدوثها وتفاقمها.
وأكد الخبراء أن تغير مناخ الأرض نتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري أصبح مع مطلع القرن الحادي والعشرين حقيقة وواقعا٬ مشيرا للآثار السلبية لهذا التغير المناخي على البلاد العربية مثل غرق أجزاء من دلتا نهر النيل وتأثر معدل الفيضان بهذا التغير.
وتنعكس هذه التغيرات على انخفاض درجات الحرارة شتاء وهطول الأمطار بغزارة على بلدان العالم العربي، خاصة دول شمال أفريقيا وبلاد الشام، وكذلك انخفاض الحرارة عن معدلاتها الطبيعية في كل البلاد العربية وزيادة العواصف الترابية والأعاصير.
ويؤكد الخبراء أن التغيرات المناخية ستؤثر على مناخ البحر المتوسط ليتحول من حار جاف صيفا ودافئ ممطر شتاء، وإلى حار جاف صيفا إلى بارد ممطر شتاء.
وطالب الخبراء المسؤولين العرب بممارسة أقصى أنواع الضغط على الدول الصناعية الكبرى لتقليل انبعاث ثاني أوكسيد الكربون والالتزام بالمعاهدات الدولية كمعاهدة كيتو وكوبنهاغن ووضع خطط لتلافي الآثار السلبية لتغير المناخ على البلاد العربية، مؤكدين على أهمية رصد التغيرات المناخية في المنطقة وعرض الأدلة العلمية التي تؤكد حدوث هذا التغير لتدارك الخطر الداهم. وحذر البنك الدولي من أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستشهد ارتفاعا في معدل درجات الحرارة يبلغ ست درجات مئوية بحلول عام 2050.
وقال البنك الدولي في دراسات أجريت للغرض ذاته إن المنطقة ستشهد ارتفاعا في معدلات الحرارة ونقصا في الأمطار
وانتشارا كبيرا لظاهرة الجفاف والقحط، وقد تصل إلى أزمات عطش ومجاعة في عدة دول عربية.
وتشير خارطة أعدتها مؤسسة “ناشيونال جيوغرافيك” إلى ارتفاع منسوب المياه في البحر الأبيض المتوسط، ما سيؤدي إلى غرق المناطق الساحلية لمعظم الدول العربية من المغرب غربا إلى البحرين شرقا والتي ستغمرها المياه كليا بحسب هذه الدراسة في حال تواصل ارتفاع درجات الحرارة.
وحذر البنك من النتائج الوخيمة لهذه التغيرات المناخية على الأمن الغذائي لسكان الدول العربية، وخصوصا المياه التي باتت شبه منعدمة في العديد من المناطق الجافة في المنطقة.
ومن المحتمل أن تؤدي الزيادة السكانية السريعة في الوطن العربي وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وقلة كميات الأمطار وتراجع جريان المياه من قمم الجبال، إلى اضطرابات شديدة في النشاط الزراعي، وهو قطاع يوظف أكثر من 35 بالمئة من الأيدي العاملة بالمنطقة.
وتناول تقرير للبنك الدولي بعنوان “اخفضوا الحرارة” الآثار المحتملة للمستوى الحالي لارتفاع درجات الحرارة البالغ 0.8 درجة مئوية في المنطقة، وكذلك الآثار المحتملة لارتفاع الحرارة بمستوى درجتين وأربع درجات مئوية.
وركز التقرير بشكل خاص على تبعات ارتفاع الحرارة على المياه في المنطقة، لا سيما وأن الموارد المائية المتجددة في المنطقة تقل عن 2 بالمئة من إجمالي الموارد المائية في العالم، كما توجد في المنطقة بعض أشد بلدان العالم شحة في المياه.
ويشير التقرير إلى أنه حتى في أقل السيناريوهات تطرفا، ستؤدي التغيرات المناخية إلى زيادة التنافس على الموارد الشحيحة واستشراء معدلات الفقر وتزايد موجات الهجرة القسرية. وهو بالفعل ما يحدث حاليا.

Related posts

Top