العثماني يؤكد أن طبيعة كورونا المتقلبة والتباطؤ النسبي للحملة الوطنية للتلقيح من بين عوامل تشديد الإجراءات الاحترازية خلال رمضان

أفاد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أول أمس الاثنين، بأن طبيعة وباء كورونا المتقلبة والمباغتة، والتباطؤ النسبي الذي عرفته الحملة الوطنية للتلقيح بسبب ما فرضته السوق العالمية للقاحات، من بين العوامل التي دعت إلى تشديد الإجراءات الاحترازية خلال شهر رمضان.
وأوضح العثماني، خلال جلسة بالبرلمان حول “الحالة الوبائية بالمملكة.. التطورات والتدابير الاحترازية والإجراءات المواكبة”، أن دواعي اتخاذ هذا القرار مرده، أيضا، إلى التطورات الوبائية والجينومية المقلقة التي عرفتها عدد من البلدان المجاورة، لاسيما مع ظهور سلالات جديدة للفيروس انتقلت إلى المملكة وانتشرت بعدد من جهاتها.
وأضاف أنه، مع اقتراب حلول شهر رمضان، زادت السلطات الصحية والأمنية المعنية من استنفارها، ومعها اللجنة العلمية الوطنية التي كانت خصصت اجتماعين، بتاريخ 11 مارس و06 أبريل 2021، لدراسة الوضع الوبائي الوطني وتقييم المخاطر المرتبطة به، أصدرت على إثرهما توصية، بالإجماع، تدعو إلى الاستمرار في التدابير الاحترازية الحالية خلال الشهر الفضيل، “حماية للمواطنات والمواطنين من خطر موجة أخرى، أو للتقليل قدر الإمكان من الآثار السلبية بسبب موجة جديدة في حالة تأكد حدوثها، وتجنب استحكامها وتطورها كما عرفته بعض الدول، خاصة مع ظهور سلالات جديدة ببلادنا”.
ونقل رئيس الحكومة عن الخبراء تحذيرهم من أن “أي تأخر في التفاعل أو أي تراخ قد تكون كلفته باهظة، وأن التحكم في انتشار الوباء يمر ضرورة عبر التقليل من الحركية وتقليل فرص الاجتماع ومددها، لا سيما في الأماكن المغلقة”.
وأمام التطورات الوبائية، يضيف المسؤول، وأخذا بعين الاعتبار آراء اللجنة العلمية وآراء السلطات والهيآت المعنية، وبعد التداول والتشاور، وعلى إثر تتبعها المستمر للوضعية وتقييمها، وجدت الحكومة نفسها أمام جملة من الخيارات لاستقبال شهر رمضان، منها خيار “التخفيف” الذي تم بذل جهود كبيرة لتحقيق شروطه، وخيار “التشديد” الذي يعطي الأولوية بطريقة شبه مطلقة للبعد الصحي، ثم “خيار وسط”، والمتمثل في الإبقاء خلال شهر رمضان المبارك على الإجراءات الاحترازية التي كانت مقررة من قبل، مع تقديم موعد بدء الحظر بساعة انسجاما مع تغيير الساعة الذي اعتمده المغرب خلال هذا الشهر.
وقد تقرر اعتماد هذا الخيار الأخير بخصوص شهر رمضان، من خلال حظر التنقل ما بين الثامنة ليلا والسادسة صباحا، باستثناء الحالات الخاصة، مع الإبقاء على مختلف التدابير الاحترازية المعلن عنها سابقا.
وشدد العثماني على أن هذا القرار جاء بعد تريث وتشاور وإشراك الجهات المعنية، من سلطات صحية وأمنية وسلطات محلية، “كما تعمدنا اتخاذه والإعلان عنه قبل حوالي أسبوع من بداية شهر رمضان حتى يتخذ المواطنون والتجار والمقاولات ومقدمو الخدمات ما يلزم من الترتيبات”.
وأبرز أن هذا القرار يروم تحقيق غايتين أساسيتين، تتمثلان في الحفاظ على صحة المواطنين وتفادي أي انتكاسة، لاسيما مع الاحتمال المتنامي لازدياد حدة وخطورة المؤشرات الوبائية التي تشهدها المملكة، واستشراف تحسن الوضعية الوبائية بالموازاة مع تقدم حملة التلقيح، معربا عن الأمل في أن “تسهم الإجراءات المتخذة خلال هذا الشهر الفضيل في مزيد من التحكم في الوضعية الوبائية (…) وأن نستقبل الشهور المقبلة في وضع صحي أفضل”.
وحسب رئيس الحكومة، فقد تم اتخاذ هذا القرار”الاستباقي” تجنبا لإعادة سيناريو عيد الأضحى للسنة الفارطة “ارتفاع مهول في عدد الحالات وصل إلى أزيد من 6000 حالة مؤكدة في اليوم الواحد”، مجددا، من جهة أخرى، الإشادة بالتزام المواطنين المسؤول بالتدابير التي أقرتها السلطات العمومية لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها، ومهيبا بهم الاستمرار في احترام الإجراءات الوقائية والتباعد الجسدي، لاسيما في وسائل النقل وبالفضاءات والتجمعات التجارية ونقاط البيع ومحلات تقديم الخدمات التي تعرف رواجا كبيرا، قبل وخلال شهر رمضان الكريم.
من جانب آخر، تتواصل الحملة الوطنية للتلقيح وقد بلغ عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من اللقاح، إلى غاية أول أمس الاثنين 4 ملايين و486 آلاف و628 شخصا، فيما وصل عدد الذين استكملوا التطعيم 4 ملايين و148 ألف و610 شخصا.
وسجل خلال الـ24 ساعة الماضية 175 حالة إصابة جديدة و271 حالة شفاء، و9 حالات وفاة.
ورفعت الحصيلة الجديدة للإصابات بالفيروس العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 502 ألف و277 حالة، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 488 ألف و632 حالة، بنسبة تعاف تبلغ 97.3 في المائة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 8909 حالة، بنسبة فتك قدرها 1.8 في المائة.
وبحسب المعطيات الجديدة فقد بلغ مؤشر الإصابة التراكمي بالمغرب1381.1 إصابة لكل مائة ألف نسمة، بمؤشر إصابة يبلغ 0.5 لكل مائة ألف نسمة خلال الـ24 ساعة الماضية، فيما وصل مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج إلى 4736 حالة.
وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة بأقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال الـ24 ساعة الماضية 50 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 424 حالة، 18 منها تحت التنفس الاصطناعي الاختراقي، و222 تحت التنفس الاصطناعي غير الاختراقي. أما معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لـ”كوفيد-19″، فقد بلغ 13.4 في المائة.

***

نبيل الكط: تطورات الحالة الوبائية بالمملكة تستدعي من الجميع التحلي بروح المسؤولية

أكد الأستاذ الجامعي نبيل الكط، أن التطورات التي تشهدها الحالة الوبائية بالمملكة، تستدعي من الجميع التحلي بروح المسؤولية.
وأوضح الكط، وهو أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، تعليقا على القرار الحكومي القاضي باتخاذ تدابير احترازية وإجراءات مواكبة على إثر هذه التطورات، أن «الوضع الوبائي الراهن يفرض على جميع المواطنين التحلي بروح المسؤولية من خلال الالتزام بإجراءات الوقاية والتباعد والتقليص من التواصل الاجتماعي المباشر».
وأضاف، من الواضح أن «الحكومة راعت، بل كانت جد واعية، بحجم التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لقراراتها، عندما حاولت تقليص نطاق انتشار الفيروس دون الاضطرار إلى اتخاذ إجراء الإغلاق الكلي، الذي يظل أحد الخيارات المطروحة، إذا ما شهدت الحالة الوبائية انفلاتا على مستوى الحالات الخطيرة». وأشار إلى أنه خلال شهر رمضان الأبرك، بما يرمز إليه من ارتباط وثيق بشعائر دينية وعلاقات اجتماعية، وتباطؤ ملحوظ يصل حد التوقف بالنسبة لبعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية نهارا، سيطرح النقاش مجددا لدى المواطنين والمهنيين على حد سواء حول الإجراءات المتخذة بشكل مواز مع قرار حظر التنقل الليلي على الصعيد الوطني يوميا من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة السادسة صباحا، باستثناء الحالات الخاصة ، مع الإبقاء على مختلف التدابير المعلن عنها سابقا.
وتابع أن القراءة العلمية للحالة الوبائية في المملكة، والمتسمة بروح الإستباقية والمسؤولية، كما أبانت عنه المحطات السابقة التي أثبتت إلى حد كبير فعالية تدبير هذه الجائحة، والتي مكنت من تجنب سيناريوهات كارثية لم تتمكن دول ذات منظومات صحية متقدمة من التغلب عليها ، تؤكد اليوم على أن زيادة نسبة ملء غرف الإنعاش وظهور أعراض أكثر حدة على المصابين، تلزم باتخاذ إجراءات ناجعة تراعي خصوصية السلالة الجديدة من الفيروس.

> سعيد أيت اومزيد

Related posts

Top