العثماني يشدد على أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء «تحول كبير» في مسار القضية الوطنية

شدد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أول أمس الثلاثاء بالرباط، على أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب التامة والكاملة على صحرائه يعد « تحولا كبيرا « في مسار القضية الوطنية.
وقال العثماني، في معرض جوابه على سؤال محوري حول « الحماية الاجتماعية: أية مقاربة لربح رهانات التوحيد والجودة والحكامة» بمجلس المستشارين، إن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يعد «تحولا كبيرا» في مسار القضية الوطنية، تبعته إجراءات عملية، مثل قرار فتح قنصلية بمدينة الداخلة، وتكرس من خلال اعتماد خريطة كاملة للمغرب تتضمن منطقة الصحراء المغربية.
ونوه رئيس الحكومة، بهذه المناسبة، بالإنجازات الأخيرة بدء بتأمين معبر الكركرات وفتح عدد من الدول الشقيقة والصديقة لقنصلياتها في الأقاليم الجنوبية خاصة في مدينتي العيون والداخلة، وأيضا بالإعلان الرئاسي الأمريكي الأخير الذي يعترف بمغربية الصحراء وبسيادته على كامل ترابه.
وسجل أن هذه الانجازات للقضية الوطنية جاءت نتاج جهود دبلوماسية مغربية فعالة بتوجيهات وقيادة جلالة الملك محمد السادس، مدعوما بالإصرار والإجماع الوطني الذي أظهره الشعب المغربي منذ المسيرة الخضراء المظفرة وإلى غاية هذه الانتصارات الدبلوماسية المتتالية.
وبعد أن ذكر بأن «المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها»، اعتبر رئيس الحكومة « أن هذه حقيقة يؤكدها الواقع الثابت على الأرض (..) وأن موقف المغرب لا محالة يزداد قوة مع مثل هذه المواقف والاعترافات الدولية المتصاعدة «.
وسجل أن ترصيد هذه الانتصارات يتطلب عملا جماعيا وجهدا متواصلا، مؤكدا « أننا لا يمكن أن ننجح في معاركنا الكبرى إلا بهذا الإجماع الوطني والإصرار الوطني والثقة في المؤسسات «.
من جهة أخرى، شدد على أن المغرب والمغاربة خلدوا تاريخا مشرفا تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه القدس الشريف، وما باب المغاربة إلا شاهد على جزء من هذا التاريخ، المشرق والمشرف.
ولفت إلى أن هذا ما جدد التأكيد عليه بلاغ الديوان الملكي بوضوح وصراحة حيث أكد جلالة الملك محمد السادس، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، أن « المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة «.
كما أكد بلاغ الديوان الملكي، يضيف السيد العثماني، على حرص جلالة الملك، بصفته رئيس لجنة القدس، على الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس وحماية الطابع الإسلامي لمدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى.
وفي معرض جوابه على سؤال محوري حول « الحماية الاجتماعية: أية مقاربة لربح رهانات التوحيد والجودة والحكامة» بمجلس المستشارين، أن التدابير المواكبة لورش تعميم التغطية الاجتماعية تتمثل على الخصوص في تحسين وملاءمة الإطار القانوني والمؤسساتي، والإصلاح العميق للمنظومة الصحية الوطنية، وضمان الاستدامة من خلال تنويع مصادر التمويل، فضلا عن تحسين منظومة الاستهداف.
فبخصوص ملاءمة الإطار القانوني والمؤسساتي، سجل السيد العثماني أن الحكومة تتابع تنفيذ الإصلاح المؤسساتي المتعلق بالصندوق المغربي للتأمين الصحي، بعد أن عملت على تحويله إلى مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، ليحل محل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي في تدبير نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بالقطاع العام، بما يمكن من تحسين حكامة وقيادة أنظمة التغطية الصحية.
وأضاف أن الحكومة تنكب أيضا على مراجعة القانون 00-65 المتعلق بالتغطية الصحية الأساسية، والذي يروم أساسا توطيد مهام الوكالة الوطنية للتأمين الصحي كهيئة للرقابة والضبط في هذا المجال، مع تحديد الهيئة المدبرة لنظام المساعدة الطبية «راميد»، بالإضافة إلى تحيين مشروع القانون المعدل، في أفق وضعه في مسطرة المصادقة في أقرب الآجال.
كما لفت إلى أن الحكومة على وشك الانتهاء من إعداد دراسة إكتوارية حول الاستدامة المالية لنظام المساعدة الطبية «راميد»، على أساس محورين، يتمثل الأول في التوقعات الديموغرافية للمستفيدين من نظام المساعدة الطبية «راميد» والنفقات المتعلقة بهذا النظام للفترة ما بين 2020 و2030، بينما يهم الثاني تقييم التكلفة السنوية لنظام «راميد» في صيغته الحالية، وكذا في صيغته التأمينية المقترحة، لنفس الفترة المذكورة، حيث ينتظر أن توفر هذه الدراسة أرضية لإعداد دفاتر التحملات التقنية والاحترازية للهيئة التي ست ك ل ف بتدبير هذا النظام.
وفي ما يتعلق بالإصلاح العميق للمنظومة الصحية الوطنية، أورد السيد العثماني أن مخطط الصحة في أفق سنة 2025 يستند على ثلاث دعامات تتمثل في تنظيم وتطوير عرض العلاجات بهدف تحسين الولوج إلى الخدمات الصحية، ومن أهم محاور هذه الدعامة تنظيم العرض الصحي الوطني وتطوير الشبكة العمومية وتعزيز شبكة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية وتطوير الصحة المتنقلة بالعالم القروي، وتطوير صحة القرب وطب الأسرة.
وتتمثل الدعامة الثانية، يبرز رئيس الحكومة، في تقوية الصحة الوطنية وبرامج محاربة الأمراض، فيما تهم الدعامة الثالثة تطوير حكامة القطاع وترشيد استخدام الموارد واستعمالها، وتشمل معالجة الخصاص في الموارد البشرية، وتحسين ظروف العمل وتحفيز المهنيين في مجال الصحة.
أما بالنسبة لتحسين منظومة الاستهداف، فاعتبر السيد العثماني أن مجموع خدمات الحماية الاجتماعية لن تحقق الأهداف المتوخاة منها وبالفعالية المطلوبة، إلا من خلال تحديد وضبط الشروط الموضوعية التي وجب توفرها لدى الفئات الاجتماعية المستفيدة.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس الحكومة، وبعد إتمام الورش التشريعي، تعمل الحكومة على تنزيل مقتضيات القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات.
وتابع أن العمل حاليا ينصب على إنجاز منصتين رقميتين، ويتعلق الأمر بــ «السجل الوطني للسكان» و»السجل الاجتماعي الموحد»، لتوفير آليات موحدة لتسجيل واستهداف المستحقين للدعم بناء على نظام تنقيط عام، وكذا التحقق من صدقية البيانات المصرح بها من طرف المستفيدين من برامج الدعم، مشيرا إلى أن هاتين المنصتين ستدخلان الخدمة سنة 2022 في إطار تجربة نموذجية كمرحلة أولى، في أفق تعميمها على مجموع التراب الوطني بين 2023 و2025.
وفي ما يخص ضمان الاستدامة من خلال تنويع مصادر التمويل، أوضح السيد العثماني أن الحكومة اتخذت عدد من التدابير للإسهام في توفير الموارد المالية اللازمة لاستدامة البرامج الاجتماعية، من بينها توسيع قاعدة المستفيدين ليشمل كل المهن الحرة والمستقلين غير الأجراء، وإحداث المساهمة المهنية الموحدة المتعلقة بالخاضعين للضريبة على الدخل وفق نظام الربح الجزافي، تيسيرا لانخراط هذه الفئة في التغطية الصحية.
كما تشمل هذه التدابير، يقول رئيس الحكومة، تعزيز موارد «صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي»، بإضافة مداخيل جديدة تتمثل أساسا في «حصيلة المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول « و»المكوس الداخلية على الاستهلاك المفروضة على الإطارات المطاطية» بالإضافة لمساهمة الميزانية العامة للدولة، والعمل على تجميع وعقلنة مختلف البرامج والخدمات الاجتماعية، ولا سيما تلك الموجهة للفئات الضعيفة والهشة، بغية تحقيق تعميم التعويضات العائلية، وإصلاح القطاع غير المهيكل باعتباره أداة ناجعة لتوفير الحماية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين الذين يشتغلون فيه.

Related posts

Top