العرب وتاريخ الأدب

يعد كتاب “العرب وتاريخ الأدب: نموذج كتاب الأغاني” لمؤلفه أحمد بوحسن، من بين أهم ما صنف في تاريخ الأدب العربي، هذا الكتاب الذي صدر عن دار توبقال بالرباط  سنة (2003) هو في الأصل أطروحة لنيل دكتوراه الأدب من كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وقد اختار الباحث النظر في فعل تاريخ  الأدب العربي من خلال نموذج كتاب الأغاني الذي اعتبره يملك حظا وافرا من التمثيلية لممارسة كتابة تاريخ الأدب العربي، ويحمل إمكانات قرائية وتأويلية متعددة ومختلفة، قد تلتقي بعضها مع انشغالاتنا الأدبية والفكرية والثقافة المعاصرة، ويتعلق الأمر بكتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني (353 – 284هـ) الذي عده  المؤلف نموذجا في كتابة تاريخ الأدب العربي لأسباب مختلفة نجمل بعضها فيما يلي: 

  • يكشف “كتاب الأغاني” عن أهم مكونات تاريخ الأدب العربي في القرن الرابع الهجري، متجلية في الألحان، والأشعار، والأخبار، ويكشف كذلك عن مكونات الثقافة العربية الإسلامية، ومن ثم فهو من الكتب الكبرى التي أرست دعائم الثقافة العربية، ووضعت أسسها وأصولها، أي إنه من الكتب التي أصلت للهوية العربية في مختلف أبعادها.
  • يكشف “كتاب الأغاني” عن المكونات التي تغاضت عنها كتب تواريخ الأدب العربي، وأقصد انفتاح تاريخ الأدب في “الأغاني” عن مختلف الأجناس، والأقوام، والأعراق، والديانات، والثقافات، هذه المكونات شكلت أصولا للثقافة العربية الإسلامية من حيث اللغة والدين والإبداع الشعري، والغنائي (ص8).
  • بإمكان هذه المكونات أن تبرز الأنباء الثقافي المتراكب والمتداخل لتاريخ الأدب العربي، وكذا معالم الهوية العربية التي تشكلت في ظل شروط معرفية وثقافية متنوعة.
  • يرى المؤلف أن “الأغاني” يفتح آفاقا أخرى نحو كتابة تاريخ أدبي عربي يقترب من مجال الدراسات الثقافية.

  هذه الافتراضات المنهجية المتبصرة التي انطلق منها الباحث مكنته من معالجة موضوع تاريخ   الأدب العربي انطلاقا من كتاب الأغاني في مستويين منهجيين اثنين: مستوى إبستمولوجي ومستوى تكويني.

وقد قسم الباحث الكتاب إلى قسمين كبيرين يتوسطان المقدمة والخاتمة، وذيله بفهرسين، خصص الأول منهما لأهم المصطلحات التي وردت في متن الأطروحة، وخصص الثاني للموضوعات التي تناولها في بحثه.

لقد أزال اللبس في القسم عن مجموعة من المفاهيم التي تتصل بموضوع تاريخ الأدب، ورصد في القسم الثاني مكونات “الأغاني” الأدبية والثقافية، برؤية الناقد المتبصر الذي يملك عدة معرفية منهجية، مكنته من الإلمام بمكونات تاريخ الأدب العربي في حقبة أدبية زاهرة عرفت بربيع الثقافة العربية، ويتعلق الأمر بالقرن الرابع الهجري الذي تشكلت فيه الأنساق المعرفية، والفلسفية، والعلمية كذلك.

وبما أن تاريخ الأدب هو في الحقيقة بحث المفاهيم والتصورات التي ينبثق عنها مفهوم الأدب، فإن الباحث لم يجد بدا من صياغة أسئلة نقدية دقيقة حول مفاهيم اعتبرها حجر الزاوية في بحثه، لأنها هي التي ستغني النقاش، وتخصبه، وتعمقه، حول مكونات تاريخ الأدب، إن في الحقبة الزمنية القديمة أو المعاصرة.

إن الباحث كان واعيا بأهمية المفاهيم في ضبط موضوع تاريخ الأدب وتأطيره، لذلك أخضع بعض المفاهيم ذات الصلة بتاريخ الأدب للمساءلة، والتمحيص، والتدقيق، مستفيدا بشكل معلن عنه مما حققته دراسة المفاهيم، و ما نتج عن توضيعها في الميادين العلمية والمعرفية الأخرى (ص13)، فبعد أن سلط الضوء على “دلالة المفهوم” في المعاجم العربية الجامعية، وفي المعاجم العربية الحديثة، خلص إلى أن كل ميدان علم أو معرفة تقدمت فيه الممارسة وأصبح له تاريخ خاص به، إلا وأصبحت له مفاهيمه الخاصة التي تحدد موضوعه أكثر، وتمكنه بنوع من الاستقلال (ص15).

إن الباحث أراد أن يبني مفاهيم خاصة بتاريخ تحكمه في ذلك تصورات نظرية تنطلق أساسا من الممارسات الأدبية المختلفة والمتنوعة، وليس غرضه هو القيام بعملية البنينة فحسب، وإنما تلمس عناصر المفهوم، وصيغ تشكله في الممارسة الأدبية العربية التي عرفها تاريخ الأدب العربي .

 يقول المؤلف: “فليس الغرض هو القيام بعملية البنينة فقط، وإنما الغرض هو محاولة تلمس عناصر المفهوم، وصيغ تشكله في الممارسة الأدبية العربية التي عرفها تاريخ الأدب العربي مثلا، والمصنفات التي وضعت فيه، حتى أصبحت مراجع أساسية في تكوين تصوراتنا ومفاهيمنا عن الأدب العربي وتاريخه” (ص18).

إن مقصدية المؤلف كانت واضحة، وهي جعل المفهوم أداة إجرائية ومنهجية تعينه على التحكم أكثر في موضوع تاريخ الأدب، وإضفاء صفة العلمية على الممارسة الأدبية، ولبلوغ هذه الغاية كان لا بد من البحث في دينامية المفهوم وسيرورته، ووضع فروق دقيقة بين المفهوم والمصطلح، إنها خطوات منهجية ينطلق منها كل بحث جاد يتعامل مع المعرفة الإنسانية سواء أكانت علمية، أم أدبية.

ومن مفاهيم ذات الصلة بموضوع تاريخ الأدب والتي فصل فيها القول نلفي مفهوم النموذج الذي جعله جزء من عنوان الأطروحة، وأفرد له فصلا خاصا في القسم الأول لما يكتسيه من أهمية،  إن في حقل الدراسات الأدبية بشكل عام أو في مجال تاريخ الأدب بشكل خاص.

وإذا كان مفهوم النموذج له صلة وثيقة بالفلسفة الأفلاطونية التي تعتبر الموجودات نماذج للمثل التي تحاكيها، فإن ما استرعى انتباه الباحث هو ذلك النموذج الذي ظهر في الدراسات الاجتماعية والإنسانية، وعرف تطورا كبيرا في الدراسات اللسانية التي اشتغلت به لبناء معرفتها وضبطها، واستخلصت منه خاصة المنهج الذي يؤكد تصورها، ولضبط المادة الأدبية في تصور فكري محدد للموضوع لابد من توضيح النماذج الرياضية والتقنية والعلمية، متمثلة في التعميم، والمتوسط والمراجعة، والمراقبة، بهدف استخلاص النموذج الأدبي، وإن كان من الصعب بناء نموذج في تاريخ الأدب لأنه في هذه حالة يتعين مراقبة واختبار جملة من النصوص الكثيرة ولهذا السبب اختار الباحث كتاب “الأغاني” للإجابة عن السؤال: كيف كتب تاريخ الأدب العربي؟ لأن هذا الكتاب- من وجهة نظره- يملك حظا وافرا لبناء نموذج خاص به.

أما الفصل الثاني من القسم الأول فقد خصصه الباحث لتسليط الضوء على مفهوم النسق، واسكناه دلالته في المعاجم العربية القديمة، وفي بعض اللغات الأجنبية، وخلص إلى ضرورة التمييز بين النسق والنظام، على اعتبار أن الأول يشير إلى ما هو عام، بينما الثاني يشير إلى ما هو خاص، وتبنيه لمفهوم النسق كان من أجل التمييز بين النظام كمقابل لمصطلح order/ordre، والنسق كمقابل لمصطلح système، ولرد الاعتبار للنسق الأدبي كان الباحث على وعي تام بأهمية التدقيق في المفاهيم والمصطلحات التي لها علاقة مباشرة بالممارسة الأدبية، منوها بجهود الشكلانيين الروس في دراستهم للنسق الأدبي، هذا الأخير الذي سيتطور في اتجاهات مختلفة سواء عند البنيويين أو في الدراسات المهتمة بالقراءة وجمالية التلقي، ثم إن التنظيرات التي نظرت للأدب من منظور النسق، وسعت بعض النماذج اللسانية، ومددتها لتسع الظاهرة الأدبية ما وسع الظاهرة اللسانية (ص37).

ولم يكن الباحث ليتعامل مع الأدب العربي وتاريخه من منظور نسقي لولا إيمانه الراسخ بأهمية هذا الإجراء في وضع اليد على الأنساق الأصلية الأولى التي تحكم هذا الأدب في الزمان والمكان، وأهمية هذه الأنساق في الكشف عن الأنساق الفرعية المتعددة أو الثانوية التي تصاحب باستمرار ذلك النسق الأولي (ص39)، وقد كانت غايته التعريف بالأنساق المتعددة التي يعبر عنها كتاب الأغاني لفهم تاريخ الأدب العربي، مستمدا أدواته الإجرائية والتحليلية من نظرية تعدد الأنساق التي وجدت تطبيقات لها في المجتمعات المزدوجة اللغة، والتي تتصارع فيها اللغات، والآداب، ومراكز السلطة الفنية والأدبية.

وفي عالج الباحث مفهوم التحقيب في الفصل الثالث من القسم الأول، لما يكتسيه من أهمية في ملامسة الزمن الإنساني والأحداث الإنسانية الهامة، وفي خلق علاقات مباشرة أكثر بين التاريخ والأدب، أما أهميته الإجرائية فتمكن في اعتباره وسيلة علمية تجريبية لاستقراء موضوع “تاريخ الأدب” وتأطير هذا الموضوع، على اعتبار أن التحقيب فرضية وأداة للعمل، وتشييد للموضوع (ص50)، ومن أجل البحث في الحقبة الادبية كان لا بد من مراعاة الحضن التاريخي الذي يحضنها إليه ضمن ما يحضن من معارف وأفعال إنسانية أخرى، والاستعانة بما سماه فتجنستين بالتشابه العائلي للاقتراب أكثر من مفهوم الحقبة الأدبية (ص52).

ويكتسي التحقيب بعدا نسقيا – نظاميا يقوم على عملية النقد لما آل إليه الزمن أو المصير، أي أن التحقيب الذي لآل إليه الأدب، وهو في نهاية المطاف وصف للزمن في تعالقاته المختلفة وتمييز له في الوقت  نفسه (ص53).

ومن المفاهيم التي بحثها أحمد بوحسن والتي لها صلة بخلفيات التحقيب نجد مفهوم “الجنس الأكبر” أو “الجنس المركب” الذي يساعد على تفادي النظرة الانغلاقية أو الضيقة لموضوع تاريخ الأدب وقد وقف مليا عند مشكل التقطيع في تاريخ الأدب، وما يواجهه من كشاكل نظرية نابعة أساسا من طبيعة تاريخ الأدب نفسه، ذلك أن مصطلح تاريخ الأدب يتميز بنوع من الإبهام الأصلي الذي استمده من طبيعة تركيب مادته اللغوية والمصطلحية والمفهومية، ومن التعالق المفترض في أصل المفهوم أيضا، فهناك التاريخ، الأدب وللتعامل مع مثل هذا المفهوم لا بد من افتراض التعقد في تكوينه وتكونه، ومن هذا المنطلق يجب البحث عن خصوصية منهجية للتعامل مع مادة تاريخ الأدب، على أساس أنها مادة واحدة موحدة (ص57).

وقد تمثل الباحث مناهج متعددة في مقاربته لتاريخ الأدب، ويمكن أن نجمل هذه المناهج في المنهج الذري أو الجزئي الذي يعتمد على الفصل بين التاريخ والأدب، والمنهج الدينامي أو التفاعلي الذي يقوم على التفاعل والتداخل بين التاريخ والأدب، والمنهج الذي تولد عن الأخير هو الذي يقوم على السيرورة (ص58).

وقد تطرق لباحث في الفصل الرابع من القسم الأول لمختلف التصورات حول كتابة تاريخ الأدب، بغية إدراك فعالية تاريخ الأدب، واستشراق آفاق مختلف تواريخ الآداب الإنسانية توجهه في ذلك مقصدية واضحة في تمثل تاريخ أدبنا العربي الذي لا يختلف عن التواريخ الإنسانية في شيء، إلا إذا استثنينا لغته وعالمه العربي الذي عالجه، وهذا يعكس بشكل جلي مدى حرص الباحث على استثمار الزاد النظري الإنساني في دراسة وتشييد كتابة التاريخ الأدبي العربي، مع مراعاة المنهجية العلمية التي أثمرت نتائج ملموسة في تواريخ الآداب الإنسانية الأخرى (ص59).

وقد عقد الباحث العزم على إعمال النظر في كتاب الأغاني، بعد أن تكونت لديه رؤية واضحة عن التصور النسقي المتعدد الذي يفتح المجال لمختلف الأصوات والرؤى التي تتفاعل في النسق الثقافي، وبعد أن استعرض ما تيسر له من مناهج ونظريات حول تاريخ الأدب، وتبين له أن ما يوجد بينها هو البعد  التاريخي والفني، والبعد الثقافي (ص79).

وقد خصص الباحث الفصل الأول من القسم الثاني لتفصيل القول في موضوع كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، الذي اعتبره من امهات الكتب العربية القديمة، وقد وضعه ابن النديم في “الفهرست” بـ “كتاب الأغاني الكبير” ليميزه عن كتاب لآخر للمؤلف نفسه هو “كتاب مجرد الأغاني”، ثم أشار إلى الأسباب العلمية والتاريخية والفنية التي كانت وراء تأليف كتاب الأغاني، وما يضفي  على الكتاب صفة العلمية هو حرص مؤلفه على أن يكون كتابا في الأغاني، يحترم قواعد صناعة الألحان وأسسها المتداولة بين أهل الصناعة (ص85).

إن الاصفهاني كان واعيا بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وهي وضع كتاب الأغاني يستجيب للذوق الفني، ويلبي طموحات الناس الفنية، ويعبر عن أحاسيسهم، والأكثر من ذلك ينبغي أن ينبني على صنعة جيدة، تنتفي فيه كل العيوب التي ظهرت في كتاب “الأغاني الكبير”، المشكوك في نسبته إلى إسحاق الموصلي، وبما أن القطب الفني هو إحدى ركائز المجتمع العربي الحضارية والثقافية كان المؤلف ملزما بتأليف كتاب “الأغاني الكبير” يكون العمدة والثقة، وقد فعل حين كرس معظم حياته لتأليف كتاب الأغاني، فقد قضى خمسين سنة في جمع مواد هذا الكتاب، وما يلزم ذلك من أدلة نقلية وعقلية، تستوجب التدقيق والمراجعة والتنقيح والتدبر.

إن مقصدية المؤلف من وضع هذا الكتاب تتوخى الأهداف التالية:

  • نسبة الألحان والأشعار إلى أصحابها.
  • تحديد طريقة إيقاع اللحن.
  • تحديد الاصبع الذي ينسب إليه اللحن.
  • التطرق إلى ضروب صناعة الألحان والأشعار.

إن القراءة في هذه الأهداف العامة جعلت الباحث يستنتج أن الأصفهاني يقدم لنا في كتابه ديوان العرب ملحنا، فيقدم لنا بذلك الشعر العربي مسموعا بالألحان العربية القديمة وألوانها وتفاصيل صناعة تلك الألحان، وكذلك صناعة الأشعار (ص88).

وكتاب الأغاني ينبني عموما على ثلاثة أقطاب أساسية حددها الباحث في قطب اللحن، وقطب الشعر، اللذين يشكلان موضوع الأغاني، وقطب الخبر الذي يؤطر الكتاب، ويجعله يمتد ليعانق فنونا من القول مختلفة ومتنوعة، فلقد فتح الخبر في الكتاب فضاءات مختلفة ومتنوعة كان يتقاطع فيها مع التاريخ والأدب، والأيام، والحوادث، وتفاصيل الحياة الدقيقة التي لا نجدها في الألحان أو في الأشعار .

وقد خضع كتاب الأغاني لقراءات متعددة لأن موضوعه يسعف على ذلك، لأنه أولا يغطي الحياة العربية من الجاهلية حتى العصر العباسي، ويمتد في الأزمنة العربية وثقافاتها المتنوعة، ويدل على ما وصلت إليه الحضارة العربية من حيث تقدير فن الغناء والألحان، والأشعار، وما وصل إليه فن الخبر الذي كان يلعب دورا تواصليا هاما في الحياة العربية، لهذه الاعتبارات وغيرها خضع الكتاب لاختصارات وتلخيصات كثيرة في الوطن العربي، استعرضها الباحث بعناية فائقة، وكشف عن مظانها وأماكن وجودها، حفاظا على الأمانة العلمية، ثم وقف بعد ذلك مليا عند القراءات العامة التي وجدت في كتاب الأغاني كل ما يبتغيه القارئ، واعتبرته كتابا عاما وشاملا لكل فنون القول العربي (ص92).

وما يطبع القراءة العامة هو التنوع والانتقال من جانب آخر، أي أنها تجعل من موضوع كتاب الأغاني موضوعا مفتوحا على مختلف فنون القول، ثم إنها كتابة مسالمة تتوخى المتعة مما تجده في الأغاني، وهي مفيدة من الناحية التربوية أو في مجال اختيار النصوص العربية النموذجية (ص94).

وقد استعرض الباحث جهود الباحثين الذين اهتموا بالقراءة الموسيقية في كتاب الأغاني، وعرف بالمدرسة العربية القديمة، وبمدرسة الشراح للفلسفة الإغريقية، ثم بالمدرسة النظامية، والمدرسة العصرية.

وكان لا بد من الوقوف عند هذه القراءات  المختلفة بهدف شرح وتفسير ما ورد في كتاب الأغاني من مصطلحات ورموز، وبفعل القراءة العالمة أمكن له إبراز عدم تأثر المدرسة العربية الأصيلة بالموسيقى الفارسية أو اليونانية، والتي يمثلها إسحاق الموصلي بالاستشهاد بأبحاث دقيقة ساهمت إلى حد كبير في توضيح ما كان مستغلقا، ولعدة قرون، في كتاب الأغاني من مصطلحات الموسيقية، ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى كتاب “الموجز في شرح مصطلحات الأغاني” للباحث غطاس بن عبد الملك خشبة (ص98).

أما النوع الثالث من القراءة التي وجدت كتاب الأغاني يدور حول الأدب العربي وتاريخه بالمعنى الواسع لتاريخ الأدب، إنه كتاب يقدم صورة عامة عن الحياة العربية، ويعد ديوان العرب من حيث الألحان والأشعار والأخبار، ذلك أن المختصرات الأولى للأغاني قامت على هذا الأساس، كما أن كتاب الأغاني يعتبر مصدرا من مصادر الكتب العربية وتاريخها، فلا غرو أن نجد جل الكتب التي وضعت في تاريخ الأدب العربي قد اعتمدت عليه.

بقلم: د. امحمد امحور

Related posts

Top