العزلة وخسارة الأصدقاء تزيدان من مضاعفات الاكتئاب لدى المراهقين

يؤكد خبراء علم النفس أن اكتئاب المراهقين اضطراب نفسي خطير يشعر فيه المراهق بالحزن الدائم وعدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء في حياته، كما أن حياته تتأثر من الناحية الاجتماعية والدراسية والشخصية.

ويضيفون أنه ليس حزنا عابرا، أو فترة تمر، بل هو حالة مرضية تتمثل في مجموعة من الأعراض تظهر معا في الوقت نفسه، من بينها الحزن الدفين، وعدم الاستمتاع، واضطرابات النوم والأكل، والشعور بالدونية، والأفكار السلبية، والانعزال، وانخفاض الطاقة، والتفكير في الموت أو الانتحار.

كما يشير الخبراء إلى أن العزلة وخسارة الأصدقاء تزيدان من مضاعفات الاكتئاب لدى المراهقين، مؤكدين أن فقدان صديق مقرب ليس أمرا سهلا على الإطلاق، فهو قد يكون مؤلما مثل ألم انتهاء العلاقات العاطفية.

فقدان صديق مقرب ليس أمرا سهلا بالنسبة إلى المراهق، فهو قد يكون مؤلما مثل ألم انتهاء العلاقات العاطفية

وقد يسبب أيضا آلاما جسدية مثل الشعور بالأرق، وآلاما بالصدر والجهاز الهضمي، حيث تكون هذه الآلام بمثابة وجع قلب حقيقي.

وقالت المختصة في علم النفس جينا سيمونز، إن علاقات الصداقة تحسن من نفسية الإنسان ومن صحته الجسدية أيضا، بينما فقدانها قد يسبب التوتر واليأس والاكتئاب.

وأضافت أنه “للتكيف مع فقدان الصديق يجب أولا أن نعلم أن الخسارة أمر لا بد منه، مهما حاولنا أن نتجنبها، ومن المتوقع أحيانا خسارة الأصدقاء بسبب تغير الظروف، أو تغير الشخصيات مع الوقت، ولكن دائما ما سيتأقلم الإنسان مع هذه الخسارة”.

وللتأقلم مع خسارة الأصدقاء، على الإنسان أن يعلم أن خسارة صديقه لا تعني فشله، فأسباب الخسارة في معظم الوقت ليست شخصية، فهناك بعض الأشخاص يفكرون بطريقة سلبية عن أنفسهم لأن صديقهم تركهم، ولكن هذا ليس حقيقيا، فالأشخاص ينفصلون عن بعضهم البعض لاختلاف الظروف وليس شرطا لعيوب شخصية.

ويعاني بعض الشباب في سن المراهقة من حالة من الإحباط نتيجة عدم تفهم الأهل لاحتياجاتهم واهتماماتهم، وطريقة التواصل معهم في هذه الفترة، وقد تتطور إلى شعورهم بالعزلة والاكتئاب، حيث ينبه مختصون الأهل إلى ضرورة الحذر من هذه الحالات التي تصيب أبناءهم حتى لا تتطور ويصابون باكتئاب وما ينتج عنه من مخاطر.

والمقصود بالعزلة هو الابتعاد عن الأهل والأصدقاء وجميع الأشخاص المقربين، والرغبة في البقاء وحيدًا لساعات طويلة. وتعتبر مشكلة العزلة، حسب الخبراء، من المشكلات الأكثر انتشارًا بين المراهقين.

ويعاني المراهقون من مشكلة العزلة بسبب التغيرات الفسيولوجية التي تحدث في مرحلة النمو، كما أن التحديات التي يواجهها المراهق في حياته الاجتماعية تعد من أبرز أسباب الإصابة.

وتكون مشكلة العزلة عند المراهق سببا في شعوره باليأس والحزن الدائمين، الرغبة في الجلوس وحيدًا وتجنب التجمعات مثل الأفراح أو المناسبات العامة.

علاقات الصداقة تحسن من نفسية الإنسان ومن صحته الجسدية بينما فقدانها قد يسبب التوتر واليأس والاكتئاب

وجدير بالذكر أن مشكلة العزلة عند المراهقين أصبحت أكثر انتشارًا، حيث أن 25 في المئة من المراهقين يعانون من العزلة الاجتماعية لأسباب مختلفة قد تعود إلى النشأة الأسرية أو صدمات الطفولة وغيرها، وينصح الآباء بضرورة التعامل مع تلك المشكلة بذكاء وحكمة، وطلب المساعدة من طبيب مختص لتقديم الدعم والحل العلاجي المناسب.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت مؤخرا أن المشاكل العقلية مثل الاكتئاب من بين أكبر المخاطر التي يواجهها المراهقون ويجب أن تصبح إحدى أولويات السلطات الصحية حول العالم.

وقالت المنظمة في تقريرها الدولي بشأن صحة المراهقين إن الاكتئاب هو المرض الأكثر شيوعا لدى من تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاما، وجاء الانتحار في المرتبة الثالثة بين الأسباب المحتملة للموت.

ويذهب الاختصاصي النفسي التربوي الدكتور موسى مطارنة إلى أن المراهقة مرحلة من المراحل النمائية المهمة، وينبغي أن تكون الأسرة مدركة لخصائص هذه المرحلة ومنتبهة للتعامل معها، إلا أن عدم فهمها وعدم معرفة كيفية التعامل معها يخلق عديد المشاكل.

ويرى مطارنة أنها مرحلة من المراحل الطبيعية التي يمر بها الإنسان إلا أن لها متطلبات كونها فترة بناء وولادة جديدة للإنسان ويحدث فيها الكثير من المتغيرات الجسمانية والنفسية، ويشعر المراهق فيها بحالة من الشعور بالذات وإثبات نفسه وإبراز شخصيته.

ويشدد على ضرورة تعامل الأهل مع المراهق بشكل سليم، كون المراهق إذا شعر بحالة من التقزيم والتحجيم وعدم الانتباه إلى ما يريد، تخلق عنده حالة من النكوس والانسحاب الاجتماعي، خصوصاً وأن الضوابط عنده ضعيفة في هذه المرحلة.

Top