العنصرية.. عندما يستنكر المغاربة النعوت القدحية في حق المهاجرين

إن التمييز العنصري والنفور من الآخر مرض خطير يصيب العقل البشري، وهو ظاهرة عالمية تواجهها العديد من الدول. وبالنسبة للسياق المغربي، فإن العنصرية تظهر بشكل لافت في بعض الأحياء والشوارع تجاه المواطنين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء تاركين بلدانهم بحثا عن لقمة عيش كريمة وظروف اجتماعية أفضل.
ويعاني ذوو “البشرة السوداء” أو “السمراء الداكنة” في المغرب من بعض الصعوبات الاجتماعية والنظرة الدونية من طرف بعض الفئات، من خلال نعتهم بـ “العزي” و”الكحل” و”اللوين” “والإفريقي”، وهي كلمات قدحية تشعر هؤلاء الأشخاص بعدم الانتماء والتهميش، ليتحول بذلك لون البشرة إلى مقياس للحكم على جمال الأشياء.
وفي هذا السياق، تعرض مؤخرا لاعب المنتخب السنغالي والوداد البيضاوي سابقا والمدرب الحالي لجمعية سلا، موسى نداو للعنصرية، عندما صدرت من مدرجات ملعب المباراة عبارات عنصرية لأحد المحسوبين على المضيف.
وخلف الحادث موجة من الغضب والاستنكار في صفوف المغاربة الذين رفضوا هذا التصرف العنصري في حق موسى نداو الذي تأثر بشدة من الحادث، حيث انتقدت مختلف مكونات المجتمع الحادث العنصري، معتبرة إياه حادثا عرضانيا، ولا يعكس حقيقة الشعب المغربي المتسامح والمتعايش مع مختلف الجنسيات.
وتعليقا على هذا الحادث المثير، قالت حنان السرغيني عضو الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث حول الهجرة، وأيضا الباحثة في مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية في الرباط، إن “موسى نداو السنغالي الجنسية يحب المغرب والمغاربة كثيرا، فقد قدم الكثير لكرة القدم الوطنية، كلاعب متميز وبعد ذلك كإطار تقني ذو كفاءة كبيرة”، مؤكدة أن “التصرف العنصري في حقه، على الرغم من أنه فردي ومعزول، إلا أنه غير مقبول بتاتا ولا يعكس بأي حال من الأحوال المبادئ الرياضية النبيلة التي يحترمها جميع المغاربة”.
وأشارت حنان السرغيني في تصريح صحافي لجريدة بيان اليوم إلى أن الجميع “أدان هذا التصرف الشنيع بشدة، لاسيما في صفوف مكونات كرة القدم الوطنية”، أملة “أن يختفي هذا النوع من السلوكات وإلى الأبد من الملاعب، والفضاءات الرياضية، ومن بلادنا عموما”.
وأفادت السرغيني، أن “المغرب أحرز تقدما كبيرا في مجال النهوض بحماية حقوق الإنسان وتكريس مبدأ المساواة وعدم التمييز بسبب العرق، بمصادقته على مجموعة من الاتفاقيات الدولية خاصة المعاهدة الدولية لمناهضة التمييز العنصري، بالإضافة إلى دستور 2011 الذي ينص على مكافحة التمييز ضد أي شخص على أساس الجنس، أو العرق، أو الجنسية، أو اللون، أو اللغة، أو الدين”.
وأضافت المتحدثة ذاتها أنه “لا يمكن لأحد أن ينكر التنوع الثقافي العريق الذي يميز المجتمع المغربي، فهو يكتسب مزيجا من الثقافة العربية، والبربرية، والأندلسية، والإفريقية، والحسانية، واليهودية”، مسجلة وجود بعض السلوكات العنصرية في المغرب، لاسيما ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
وأشارت إلى أن “المغرب أصبح بلد عبور لعدد كبير من المهاجرين وطالبي اللجوء من إفريقيا الوسطى وإفريقيا جنوب الصحراء، فارين من بلدانهم لأسباب سياسية واقتصادية وبيئية مختلفة، حيث يجدون أنفسهم عالقين في الأراضي المغربية، وفي وضع حرج بسبب الضوابط الهائلة على الحدود الأوروبية”.
وذكرت حنان السرغيني أن “أغلبية المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين قابلتهم في إطار أبحاثي الميدانية، صرحوا بأنهم كانوا موضع أعمال عنصرية من قبل مواطنين مغاربة، كالشتائم (عزي، إفريقي، أسود..)”، مشيرة إلى أن “وضعية هؤلاء المهاجرين غير القانونية في المغرب تحول دون التبليغ ووضع شكاية عما يتعرضون له من مضايقات وانتهاكات لحقوقهم الأساسية في مراكز الشرطة”.
وذكرت السرغيني، أن “منظمات وطنية ودولية لحماية حقوق المهاجرين تواصل أعمالها لشجب كل أشكال العنف والتمييز ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، مطالبة بإدماج المهاجرين وأطفالهم في المدارس، والصحة، والسكن، والعمل، إضافة إلى توعية المواطنين المغاربة باحترام الآخرين والتعايش معهم”.
ودعت في الأخير “منظمات المجتمع المدني والمسؤولين المنتخبين إلى العمل معا لتعزيز التفاهم بشأن مسألة العنصرية واحترام حقوق الإنسان، وبالمثل، يمكن للمؤسسات الدينية أن تؤدي دورا رائدا في الترحيب بالمهاجرين وتعزيز الحوار بين الأديان والتماسك الاجتماعي، من خلال التوعية وتعلم اللغة والاندماج”.

تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top