الـطـاقـة الـخـضـراء

معروف أن اللون الأخضر هو لون الأمان والسلام والسكينة، يريح العين ويرخي الأعصاب.. لون التوازن والتناغم.. لون الولوج دائما، حتى في إشارات المرور، عندما نرى اللون الأخضر نعرف أن الطريق آمن ويُمكن العبور.. واللون الأخضر هو لون النمو، والربيع، والتجديد ولون النهضة، يعيد ويجدد الطاقة المستنفذة.. هكذا الطاقة الخضراء، جسر العبور بسلام دون خوف أو وجل.
الطاقة الخضراء هي الطاقة البديلة، معروفة بالطاقة المتجددة نظرا لاستخلاصها من مصادر الطبيعة، وتحظى بتسمية ثالثة هي الطاقة النظيفة. وتعتبر من أهم المعجزات التي حدثت في الفترة الأخيرة لهذا العالم قصد تفادي جل التهديدات التي كانت تفرضها حالة الأرض من تلوث أو احتمالية تلوث بسبب الطاقات الضارة المستخدمة، إلا أن الخطر بدأ يتلاشى في الآونة الأخيرة مع ظهور الطاقة الخضراء نظرا لأهميتها الشديدة كطاقة غير قابلة للنفاذ.
لهذه الغاية فقد أصبحت بارقة أمل في حماية الموارد الطبيعية والإنسان. ولها فوائد عديدة مثل منع الأمطار الحامضة من التساقط، خلق فرص الشغل، ثم تجنب الانبعاث أو الاحتباس الحراري الذي بات معركة مناخية يقودها العالم، ثم ضمان توازن المنظومة البيئية والمحافظة على التراث الإيكولوجي.
مؤخرا عرف المغرب نقلة نوعية على مستوى النجاعة الطاقية بإرساء خطة وطنية للطاقة عبر تخفيض 12 في المائة في أفق 2020 و15 في المائة من الاستهلاك الطاقة في أفق 2030 فضلا عن إنتاج 6000 ميغاواط من الطاقة اعتمادا فقط على الطاقة المتجددة وذلك على مستوى خمس محطات تتعلق بورزازت وعين بني مطهر وفم الواد و بجذور وسبخة تاه، ناهيك عن مركز الطاقة الخضراء، “غرين إنيرجي بارك” المتواجد بالمدينة الخضراء ببنجرير، من شأنه الإسهام في تطوير تكنولوجيا مغربية في مجال الطاقات الشمسية تستفيد منها المملكة والقارة الإفريقية.
فضلا عن ذلك يعتبر مشروع الطاقة الشمسية والريحية والكهرومائية بالمغرب مشروعا رائدا على الصعيد الإقليمي والعالمي، خصوصا مع بناء محطة الطاقة الشمسية بورزازات، التي بوأت المغرب مرتبة مهمة نظرا لتوفره على أكبر محطة في العالم لتوليد الكهرباء لفائدة الشبكة الوطنية، وهكذا سيكون من الدول المنخرطة في تأمين التزود بالطاقة، والحد من الاعتماد على الطاقة من الخارج والمساهمة في المحافظة على البيئة. 
إيمانا بسياسة النجاعة الطاقية، أطلق المغرب برنامجا طموحا باسم “المساجد الخضراء” قبل انعقاد كوب 22 بمراكش سنة 2016، والذي يعد أحدث مبادرة تهدف إلى تخفيض استهلاك الطاقة، بتجهيز المساجد بإضاءة (LED)، ومجموعة من الألواح الشمسية، وسخانات المياه بالطاقة الشمسية، وهو ما من شأنه أن يوفر فاتورة الطاقة بنسبة 80% على الأقل. وكذلك جعل المباني الأخرى أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
نعلم جيدا أن الطاقة هي حجر الأساس لرقي ونهضة الأمم. لكن الواقع أن الجدل حول بدائل الطاقة ما زال كبيرا وواسعا فلكل بديل مزايا وعيوب. إذا ما تطرقنا على سبيل المثال إلى اليورانيوم الذي يعتبر كذلك من الطاقة النظيفة، لكن هناك هاجس التخوف من تسرب المواد المشعة من مفاعلات إنتاج الطاقة النووية. ونستشهد بالحادث النووي بتشرنوبل سنة 1986 بأوكرانيا، إضافة إلى صعوبة بالغة في التخلص من النفايات السامة التي تنتجها المفاعلات النووية.
الشيء الذي يلزمنا اختيار البدائل الأنسب لنا، تلبية الاحتياجات المتزايدة من الطاقة، لتحقيق الطاقة الآمنة والمتاحة للجميع في ضوء وضع البنى التحتية المطلوبة، كضرورة ماسة لديمومة الحياة.
مع الطاقة الخضراء يراودنا حلم لا يفارق خيالنا، ويتمثل في تشييد المدينة الخضراء، هذا المصطلح الجذاب جدا الذي يراود كل شخص موجود بهذا العالم، وهو أن تكون هناك قطعة من الأرض لا تعرف الحفريات والطاقات الغير نظيفة التي تشن حربا ضروسا على البيئة، أن تكون هناك قطعة من الأرض لا تنبعث من السيارات الموجودة بها عوادم سامة تؤثر بشكل سلبي على البيئة والموجودين بها، ببساطة شديدة جدا، أن تكون هناك قطعة من الأرض لا تعرف سوى الطاقة الخضراء. لأجلها يبتسم كوكب الأرض ويحتضننا بسلام …

> حسناء شهابي (*)

(*) رئيسة جمعية “نساء الماء والبيئة”

Top