الفلاحون يؤمنون غذاء المغاربة في عز أزمة كورونا

اكتفاء ذاتي في الخضراوات والفواكه واللحوم والأسماك يعفي البلاد من فاتورة الاستيراد

  

لا زال الفلاحون ومربو الماشية والدواجن ومختلف الفاعلين في الصناعات الغذائية، يشتغلون بشكل عادي لتوفير الإنتاج والتموين المنتظم لأسواق المملكة في عز أزمة وباء كورونا.
وقال العديد من المهنيين الذين تحدثت بيان اليوم معهم، إن وضعية التموين الحالية لا تدعو للقلق، لاسيما وأن العرض من المواد الفلاحية والمنتوجات الغذائية المصنعة يفوق بكثير الطلب عليها، سواء في المدة الراهنة أو في المدة التالية.
وفي جولات مختلفة وقفت الجريدة على استمرار عمل أسواق الجملة والمتاجر الكبرى والمتوسطة ومحلات البيع بالتقسيط لتموين المغاربة بانتظام وبشكل جيد، وذلك بفضل المجهود الذي يبذله عمال وعاملات الضيعات الفلاحية والوحدات الصناعية للتحويل والتصبير، وشركات الصناعات الغذائية.
وفي عز هذه الأزمة الوبائية، وفي ظل التوقف الاقتصادي للعديد من القطاعات الحيوية بالمغرب والعالم بأسره، يبقى القطاع الفلاحي والغذائي نشيطا في عمله محليا، ومحافظا على مناصب الشغل، بالرغم من الصعوبات التي يواجهها العمال والعاملات في التنقل، أو نتيجة الظروف الأسرية والصحية.
وأظهرت جميع سلاسل القطاع الفلاحي انطلاقا من التموين إلى غاية تسويق المنتوجات الفلاحية والغذائية، قدرتها على الصمود في وجه هذه الجائحة التي دفعت ببعض الدول الأوروبية إلى التوقف، ومن تم حدث اختلال في تموين أسواقها بالمنتوجات الغذائية الضرورية.
وعلى عكس دول أخرى، تمكن المغرب من تأمين غذائه من خلال احتياطي الاستيراد من الحبوب والقطاني، أو الإنتاج الذاتي من الخضر والفواكه واللحوم البيضاء والحمراء والحليب والبيض والأسماك، التي يحقق فيها الاكتفاء الذاتي، بفعل سياسة مخطط المغرب الأخضر الذي يحرص عليه جلالة الملك محمد السادس منذ سنة 2008، استنادا إلى تمكين الفلاحة المغربية من جميع الوسائل والإمكانات الضرورية لتطويرها وتحديثها.
وبحسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، فإن قطاعات على غرار الفلاحة والصيد البحري بالمغرب، يجب أن تستفيد من هذه الظرفية، نظرا لتحسن الطلب الموجه نحوها، وخاصة الخضر والفواكه والحوامض، وذلك عقب تقلص الإنتاج في بعض الدول الأوروبية كإسبانيا وفرنسا وإيطاليا بسبب نقص اليد العاملة الموسمية في الضيعات الفلاحية، بسبب انتشار فيروس كورونا كوفيد-19.
وفي هذه الورقة نبسط سلسلة من الإجراءات الاستباقية التي أقدم عليها مختلف الفاعلين في القطاع الفلاحي من أجل تأمين غذاء المغاربة طيلة فترة الحجر الصحي، وهي الخطوات التي تفند ادعاءات بعض الصحف الجزائرية، والهجوم الإلكتروني والإعلامي لبعض قنوات دول الخليج التي تحذر من الجوع وغياب الأمن الغذائي بالبلاد.

مخزون استراتيجي

يعتبر القطاع الفلاحي واحدا من المجالات الذي أبان عن دوره الفعال في تأمين غذاء المغاربة خلال فترة الحجر الصحي، الذي أملاه انتشار فيروس كورونا بالبلاد، مما يجعل الفلاح يقف في الصف الأول إلى جانب العاملين في قطاع الصحة، والأمن، والنظافة، والنقل، خلال هذه الجائحة التي يمر عبرها العالم.
ويلعب القطاع الفلاحي بالمغرب، دورا مهما في توفير حاجيات المستهلك المغربي من الخضر والفواكه، واللحوم الحمراء والبيضاء، والحليب ومشتقاته، والبيض، والحبوب والقطاني، والسمك بالنسبة لقطاع الصيد البحري.
وبفعل هذا الاكتفاء الذاتي في المواد الأولية الفلاحية- باستثناء الحبوب والقطاني، وكذا التي يتم من خلالها تصنيع باقي المواد الأولية الأخرى في التغذية من قبيل السكر والزيت، استطاع المغرب تجنب حمى الصراع الدولي حول الغذاء في عز أزمة وباء كورونا، الذي دفع سلاسل القطاعات الفلاحية والغذائية إلى التوقف بالعديد من بلدان العالم.
وعلى الرغم من ارتفاع الطلب الذي عرفته العديد من المواد الفلاحية خلال الأيام الأولى التي سبقت الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب (خلال 20 مارس الماضي)، إلا أن الطلب سرعان ما عاد إلى مستواه الطبيعي، بعد التطمينات التي صدرت عن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
إلى جانب ذلك، رجعت أسعار مختلف المواد الفلاحية إلى مكانها المعتاد بعدما قفزت بسنتيمات ودراهم عن ثمنها الأصلي في بداية الحجر الصحي، إذ عادت المياه إلى مجاريها كباقي أيام السنة، بفضل اشتغال الفلاحين بنفس الوتيرة العادية، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة أثناء العمل في الحقل، أو الضيعة، أو وحدات التجميع والتوضيب والتحويل، والمنصات اللوجيستيكية.
واستمر الفلاحون في تموين السوق المحلية بمختلف الخضراوات والفواكه، وكذلك الدواجن والبيض، واللحوم الحمراء والحليب، سواء عن طريق التعاونيات الفلاحية أو الشركات الكبرى، كما أن أسواق بيع الحبوب والقطاني لا زالت تتوفر بها كميات مهمة من السلع المحلية والمستوردة.
ووجد القطاع الفلاحي نفسه مستعدا لتلبية حاجيات المغاربة، مهما كان الطلب مرتفعا، على اعتبار هذا المجال يشتغل على مدار السنة ببرنامج زراعي متنوع بحسب الفصول الأربعة، مما يجعل إنتاج الخضراوات يكفي لتموين السوق الوطنية لمدة ثمانية أشهر (إلى غاية شهر دجنبر 2020).
وبحسب وزارة الفلاحة، فإن الإنتاج المتوفر من الخضراوات حاليا بالأسواق، وخاصة الطماطم والبصل والبطاطس والجزر والقرع الأخضر والفلفل والباذنجان واللفت والخيار، ناتج عن محاصيل توزيع الزراعات التي تمت خلال فصل الشتاء، مشيرة إلى أن الإنتاج يغطي حاجيات الاستهلاك خلال شهري أبريل وماي القادم، المتزامنين مع شهر رمضان.
ومن جهة أخرى، ستكون منتوجات الفاصوليا والبطيخ والبطيخ الأحمر (الدلاح)، متوفرة في السوق ابتداء من شهر يونيو القادم، نتيجة تنفيذ برنامج الزراعات الربيعية، الذي يمتد على إجمالي مساحة 85 ألف هكتار، حيث بلغت نسبة الإنجاز 77 في المائة منه، ومن هنا فإن الإنتاج المتوقع سيفوق الطلب المحلي.
وفي سياق متصل، فإن برنامج توزيع الزراعات المعتمد في فصل الصيف على مساحة 17 ألف هكتار، سيضمن تواجد جميع المنتوجات الفلاحية خلال فصل الخريف، وهو ما يضمن تغطية الحاجيات إلى غاية دجنبر القادم من السنة الجارية.
ويمكن المخزون الاستراتيجي والبرنامج الفلاحي المعتمد بالمغرب، من الانسيابية في توفير الحاجيات الوطنية للمغاربة من الطماطم والبطاطس والبصل، وستبلغ كميات الإنتاج المتوقعة إلى غاية يونيو القادم 352 ألف طن من الطماطم، و910 ألف طن من البطاطس، و412 ألف طن من مادة البصل.
وعلى المدى الطويل ستصل كميات الإنتاج المرتقبة خلال نهاية السنة الحالية، 540 ألف طن من الطماطم، و1 مليون طن من البطاطس، و520 ألف طن من البصل، حيث سيتم الاعتماد على المدارات السقوية التي تسمح مواردها المائية بالرفع من الإنتاج المحلي.
ولقطع الطريق على السماسرة والمحتكرين للخضر والفواكه بأسواق الجملة بالمغرب، اهتدت وزارتي الداخلية والفلاحة إلى خطوة التموين المباشر للمحلات التجارية المتوسطة والكبرى من الفواكه والخضر من قبل المنتجين.
وشرعت الضيعات والتعاونيات الفلاحية منذ 18 مارس الماضي في تزويد هذه الأسواق التجارية بالخضر والفواكه بدون وساطة السماسرة الذين يتحينون مثل هذه الفرص لتحقيق أرباح غير مشروعة، نظرا لارتفاع الطلب على المنتجات الفلاحية من قبل المستهلكين، وهو ما لا يمكن التغاضي عنه في هذه الفترة الحرجة التي تستدعي السلاسة والانتظام والانضباط للتعاليم الصحية والأمنية لتجاوز الأزمة.
وبعد سلسلة من الخرجات الإعلامية التي طمأنت عن طريقها الحكومة المغاربة، بخصوص وفرة الإنتاج المحلي، ووجود التأمين الغذائي السلس بالبلاد، عاد منحنى الطلب إلى مستواه العادي، وتغير سلوك المستهلك الذي اتسم في البداية بالشراء الضخم خوفا من تداعيات فيروس كورونا على الأمن الغذائي محليا.
ومع توالي الأيام ظهر بأن بعض المستهلكين تسرعوا في البداية، وقدموا هدية للمضاربين والمحتكرين للرفع في الأثمان بتهافتهم الشره، وهو الخطأ الذي أتى بفعل التأثر بالصور التي تم تقاسمها في وسائط التواصل الاجتماعي، تبين الازدحام الشديد بالمراكز التجارية لبعض الدول، مع العلم أن هذا السيناريو لا يمكن أن يتحقق بالمغرب، نظرا لتعدد نقط البيع بين محلات بيع الخضر والفواكه، والمراكز التجارية، والأسواق الأسبوعية، والباعة المتجولون.
إجراء استباقي

ولم يقف إقبال المغاربة الشديد عند الخضر والفواكه فقط، بل تهافتوا على اقتناء الحبوب والقطاني أيضا، وهو ما عاينته جريدة بيان اليوم بمدينة الدار البيضاء على الخصوص، حيث أقبل البيضاويون على “رحبة” كراج علال بشارع محمد السادس، لاقتناء الزرع ومختلف القطاني كإجراء احتياطي استباقي.
واعتبر مهنيون هذه الخطوة غير صحيحة وليست في محلها، أولا لأن احتياطي المغرب من هذه المواد الأولية يكاد يتعدى 4 أشهر، ثم ثانيا لأن الازدحام في “رحبات الزرع” أو المحلات التجارية يساهم في انتشار فيروس كوفيد-19 بين المغاربة.
وفي أول بلاغ صحافي لها، أكدت وزارة الفلاحة أن تموين الاحتياجات الوطنية من الحبوب والقطاني يتم في ظروف جيدة، موضحة بأن الواردات من الحبوب والقطاني عززت من وضعية المخزونات الاستراتيجية، خصوصا القمح والذرة والشعير والقطاني.
من جهتها، استطاعت وحدات التصنيع أن تواكب الطلب المتزايد للمستهلكين على مادة الدقيق، الذي يعتبر مكونا رئيسيا في إعداد الخبز، حيث تجاوبت المطاحن الصناعية مع هذا الطلب المتزايد بالرفع من وثيرة العمل والتوزيع على مختلف نقط البيع بالمملكة.
وخلال 27 مارس المنصرم، عقد اجتماع تنسيقي مع الفيدرالية الوطنية للمطاحن ترأسه وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي، وحضره ممثلو وزارتي الداخلية والفلاحة والمكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، وذلك من أجل تتبع وضعية تموين الأسواق المغربية من مادة الدقيق.
وتم التأكيد أثناء الاجتماع، على وفرة المخزون الوطني من الحبوب، وعلى رفع أرباب المطاحن لقدراتهم الإنتاجية لمادة الدقيق بشكل يغطي الحاجيات الاستهلاكية لجميع الأسر المغربية بشكل كافي ومنتظم.
ومباشرة بعد ذلك بأيام قليلة، وبالضبط بتاريخ 9 أبريل الجاري، أعلن المكتب الوطني للحبوب والقطاني عن فتح الأظرفة المتعلقة بعروض تزويد المطاحن الصناعية بمليون و268 ألف قنطار من القمح اللين الموجه لإنتاج الدقيق المدعم على مستوى جميع المدن المغربية.
ولم تقف مبادرات المسؤولين المغاربة عند هذا الحد، بل سارع مجلس الحكومة إلى المصادقة على مشاريع مراسيم تتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على القمح الصلب، وبعض القطاني كالعدس والحمص والفول والفاصولیاء العادیة، حيث أصبحت هذه المراسيم سارية المفعول منذ بداية شهر أبريل الجاري.
وأتى هذا الإجراء الاستباقي بهدف ضمان التزويد المنتظم للسوق الوطني من هذه المواد بالوفرة الكافية وبأثمنة مناسبة، وخاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب على هذه المنتوجات.
ومن شأن هذا القرار أن يساعد المغرب على استيراد أكبر كمية ممكنة من هذه المنتوجات التي كثر الطلب عليها حاليا من قبل العديد من بلدان العالم التي توقفت الحركة بها بفعل جائحة كورونا، وعلى هذا الأساس كانت الخطوة استباقية وفي وقتها وفق مصادر الجريدة، لاسيما وأن الإنتاج الوطني سيكون منخفضا صيف سنة 2020، بفعل جفاف سماء المغرب من الأمطار.
وجميع المشتغلين في القطاع الفلاحي أعلنوا تعبئتهم الكاملة لمواجهة فيروس كورونا، بتوفير كل ما يحتاجه المغاربة طيلة فترة الحجر الصحي، إذ طمأنت الفدرالية الوطنية البيمهنية للأرز المستهلكين المغاربة، بشأن استمرارية وانتظام تموين السوق الداخلية بمادة الأرز طيلة أيام حالة الطوارئ الصحية.
وأوضحت الفدرالية أن المخزونات المتوفرة من مادة الأرز على مستوى الوحدات الصناعية تفوق بكثير احتياجات المستهلكين، وذلك بتغطية حاجيات المغاربة من الأرز الأبيض لمدة 9 أشهر، مشيرة إلى أن الإنتاج المتعلق بموسم الأرز الحالي سيبدأ خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر شتنبر 2020.
وأكدت سهرها على أن لا تشهد أسعار البيع لدى تجار الجملة والتقسيط أي مضاربات، وأن تكون في متناول المستهلكين بالأسعار المعتادة، مشيرة إلى أخذ الوحدات الصناعية بعين الاعتبار إجراءات النظافة والصحة والسلامة في العمل، من أجل الحفاظ على صحة العمال والمنتجين.

عرض يفوق الطلب

وفي سياق متصل، أعفى الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الحيواني البلاد من اللجوء إلى السوق الدولي، وذلك نتيجة السياسية الفلاحية في القطاع المتمثلة في مخطط المغرب الأخضر، الذي مكن المغرب تدريجيا من تحقيق نتائج إيجابية في سلسلتي تربية الدواجن والماشية، بحسب الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن.
وقبل أن يعلن المغرب عن حالة الطوارئ الصحية، أعلنت الفيدرالية، أن المهنيين يتوفرون على طاقة إنتاجية جد كافية لضمان التزويد العادي والمنتظم للبلاد، من لحوم الدواجن وبيض الاستهلاك.
وكشفت أن مصانع الأعلاف تتوفر على طاقة إنتاجية تفوق 5.6 مليون طن في السنة، في حين لا تنتج سنويا فعليا سوى 4 ملايين طن من الأعلاف، وهو ما يعني أن مخزون المواد الأولية المتوفر حاليا يعتبر كافيا لتزويد ضيعات الدواجن بالأعلاف المركبة، ومن تم ضمان استمرار العمل في القطاع.
وبخصوص المحاضن، أشارت إلى أن المهنيين في القطاع قادرين على تزويد الضيعات بالكتاكيت بجميع أصنافها، اللاحم والبياض والديك الرومي، مطمئنة المربين بأن ضيعاتهم سيتم تزويدها بالكتاكيت والأعلاف المركبة بشكل عاد، ووفقا لمعايير الجودة واحترام الشروط الاعتيادية في ما يتعلق بالكمية المطلوبة وآجال التسليم.
وخلال جولة لجريدة بيان اليوم بالأسواق التجارية الكبرى والشعبية، لاحظت الوفرة في منتجات لحوم الدواجن وبأثمنتها العادية (ما بين 12 و14 درهما)، وذلك نتيجة استمرار المجازر الصناعية للدواجن في الاشتغال، بأدنى طاقتها، كما أنها تستطيع تلبية أي طلب استثنائي على المستوى الوطني، بحسب الفيدرالية.
وعموما يصل عرض اللحوم البيضاء في المغرب، بأكثر من 50 ألف طن شهريا، كما يصل العرض من البيض إلى 600 مليون بيضة. وهي مستويات تغطي بشكل كافي احتياجات الاستهلاك وبأسعار مستقرة.
وفيما يتعلق باللحوم الحمراء، طمأنت وزارة الفلاحة منذ البداية المغاربة، بأن الحالة الصحية للقطيع الوطني جيدة، ويتم تتبعها عن كثب بجميع أنحاء التراب الوطني، مشيرة إلى استمرار عملية التلقيح التي تم إطلاقها في شهر يناير الماضي لتغطية مجموع قطيع الأبقار والغنم والماعز والجمال.
ومن أجل تأمين الإنتاج الكافي من اللحوم الحمراء في هذه الظرفية الخاصة، بادرت الوزارة الوصية على القطاع إلى دعم الفلاحين بتوفير العلف للقطيع، قصد التخفيف من آثار نقص التساقطات المطرية التي غابت عن سماء المملكة خلال هذا الموسم.
ولاحتواء هذا النقص المهم في التساقطات المطرية، وضعت الوزارة برنامجا لحماية الماشية يرتكز على توزيع 2.5 مليون قنطار من الشعير المدعم لفائدة مربي الماشية، بسعر ثابت يبلغ درهمين/ للكيلوغرام الواحد، حيث ابتدأت عملية التوزيع بتاريخ 29 مارس الماضي.
وعلى هذا الأساس، فإن كمية اللحوم الحمراء المتاحة (الأبقار والأغنام والماعز) كافية لتغطية احتياجات الاستهلاك الوطني، كما أن أثمنتها مستقرة، حيث يتراوح سعرها إجمالا ما بين 65 و85 درهما.
وفيما يتعلق بإنتاج الحليب ومشتقاته، لا زالت الضيعات الفلاحية بالمغرب، مواظبة في عملها اليومي، إذ يتوقع خلال هذه الفترة توجيه 165 مليون لتر تقريبا لفائدة شركات التصنيع، مقابل متوسط احتياجات شهرية يقدر بـ 125 مليون لتر، ويرتفع لـ 135 مليون لتر في شهر رمضان.
وتبدد وزارة الفلاحة مخاوف المغاربة من ارتفاع أسعار منتوجات الحليب، مؤكدة عدم توقع أي تغيير في الأثمنة، إلى جانب الضمان الكافي لمشتقات الحليب من قبيل الزبدة المتوفرة بفضل الإنتاج الوطني المحلي، وعن طريق عملية الاستيراد التي ابتدأت منذ بداية العام.
والاكتفاء الذاتي الغذائي لا يحققه المغرب في هذه المواد الأساسية فقط، بل في الإنتاج البحري أيضا، حيث لا يتوقع أي تأثير أو نقص في التموين بالأسواق المغربية، ويعد المهنيون بالزيادة في كميات الإنتاج، خصوصا سمك السردين الذي يعد منتوجا رئيسيا في الأطباق المغربية.
وعلاوة على استهلاك السمك الطري، فإن السردين المنتج في المغرب يوجه كذلك لصناعة التعليب، فالمغرب يعد أول مصدر لهذه الصناعة في العالم، من تم فهو يتوفر على مخزون استراتيجي وافر من هذا المنتوج، الذي سيوجه إلى السوق المحلية قبل الخارجية.
وفي هذا الإطار، أكد الاتحاد الوطني لصناعة مصبرات السمك قدرته على ضمان التموين العادي للسوق من مصبرات السردين، واستعداده الكامل لإنتاج المزيد إذا اقتضت ذلك الضرورة، بهدف تلبية طلب السوق المحلي.
وبالإضافة إلى السردين والأنواع الأخرى من الأسماك السطحية الصغيرة، ينتج المغرب عددا كبيرا من المنتجات السمكية، ووفق مهنيي الصيد البحري، فإن أرقام الكميات المفرغة، تشير إلى وفرة مختلف الأنواع السمكية، من قبيل الأخطبوط والحبار والكالمار.

مراقبة صارمة

ومن أجل السهر على التأمين الغذائي للمغاربة بشكل سلسل ومنتظم، سارعت الحكومة المغربية إلى تكوين اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع التموين والأسعار وعمليات مراقبة الجودة والأسعار، وذلك على مستوى جميع مناطق التراب الوطني.
وإحداث هذه اللجنة أملته الصور التي سادت في البداية على مستوى الاحتكار والرفع الصاروخي في الأسعار، مما جعل المستهلك خائفا من مستقبل أمنه الغذائي، بيد أن هذا السيناريو المتشائم سرعان ما انهار إخراجه، بعد تكوين هذه اللجنة التي ضربت بيد من حديد على المخالفين للمقتضيات القانونية، في استغلال منهم للظرفية الحالية التي يفترض أن يراعا فيها الجانب الإنساني على الاقتصادي.
ومنذ تكوينها، راقبت اللجن الإقليمية والمحلية المختلطة للمراقبة الآلاف من نقط البيع، حيث خلال الفترة الممتدة من الفاتح إلى غاية 15 أبريل الجاري، راقبت 22 ألف محلا للبيع بالجملة وبالتقسيط ومستودعات التخزين.
وأفضت هذه التدخلات، إلى تسجيل 340 مخالفة في مجال الأسعار وجودة المواد الغذائية، منها 252 مخالفة تهم عدم إشهار الأثمان، و52 مخالفة متعلقة بعدم الإدلاء بالفاتورة، و22 مخالفة خاصة بالزيادة غير المشروعة في الأسعار المقننة، و10 مخالفات تمثلت في عدم احترام معايير الجودة والنظافة، فضلا عن سبع مخالفات متنوعة.
وفي ما يخص جودة المواد والمنتجات المخزنة أو المعروضة للبيع، فقد قامت اللجن المختلطة في نفس الفترة بحجز وإتلاف ما يفوق 162 طنا من المواد غير الصالحة للاستهلاك، من الخضر والفواكه، واللحوم الحمراء والبيضاء، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية في حق المخالفين.

تموين عادي
ومن أجل التأكد من نجاعة كل هذه الإجراءات التي اتخذت من قبل الحكومة، تنقلت جريدة بيان اليوم بين مجموعة من شوارع الدار البيضاء، حيث وقفت على الوفرة في منتوجات الغذائية، مع تفاوت قليل في الأثمان بين محل تجاري وآخر.
وقالت فاطمة (ربة بيت) المكلفة بقضاء حاجيات أفراد أسرتها، إنها تخرج كل ثلاثة أيام قصد التبضع واقتناء جميع حاجيات عائلتها من الغذاء، حيث لا تجد مشكلا في تموين قفتها، لأن المحلات التجارية لبيع الأغذية والخضر والفواكه والقطاني والسمك واللحوم، لا زالت مشتغلة وتوفر المنتجات بشكل كافي.
وانتقدت فاطمة (45 سنة) التي تقطن بـ”درب السلطان” بالدار البيضاء، تصرفات بعض المستهلكين في الأيام الأولى للحجر الصحي، الذين سارعوا إلى اقتناء جميع الأغذية بهدف اكتنازها واحتكارها في المنازل، بـ”الرغم من أن قرار الحجر الصحي لا يهم غلق المحلات التجارية التي تتوفر بها الأغذية بالشكل الكافي”، على حد تعبيرها.
وأرجعت سبب خوف بعض المغاربة الذين اهتدوا إلى التبضع الشره إلى الإشاعات التي انتشرت عبر الصور وبعض التسجيلات الصوتية في وسائط التواصل الاجتماعي “الواتساب والفايسبوك”، والتي تدعو إلى أخذ الاحتياطات بخصوص المؤونة حتى لا يتكرر السيناريو الذي حدث ببعض الدول التي ازدحم مواطنوها أمام المحلات التجارية.
من جهته، اتفق أحمد (رب أسرة) مع طرح فاطمة بخصوص الخطأ الذي وقع فيه القليل من الناس، “والذين لا يمثلون جميع المغاربة” بحسبه، مشيرا إلى أن الظرفية الحالية تقتضي اتباع تعليمات السلطات العمومية بحذافيرها لأنها الأدر بالوضعية الحالية للمغرب، نظرا لتوفرها على المعيطات الكافية لتدبير المرحلة على جميع الأصعدة الصحية والغذائية والاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح أحمد (39 سنة) الذي يسكن في حي “اسباتة” بالبيضاء، إلى أن جميع المواد الغذائية متوفرة ولا حاجة إلى الاقتناء المبالغ فيه، والذي لا يخدم إلا مصلحة المضاربين والمحتكرين، الذين يغتنمون مثل هذه الفرص للرفع من أسعار الخضر والفواكه واللحوم.
ودعا المواطن البيضاوي، إلى التحلي بالمسؤولية الجماعية في تدبير المرحلة، التي تستعدي استحضار الحس الوطني والتضامن بين مختلف مكونات المجتمع، مؤكدا أن المغرب ليس ضمن قائمة البدان التي تعاني من الخصاص في التغذية حتى يتم اعتماد التخزين في المنزل، نظرا لاشتغاله منذ مدة طويلة على سياسة الاكتفاء الذاتي المحلي.
وتوفر جميع الحاجيات الغذائية بالأسواق والمحلات التجارية بالتقسيط، راجع بالأساس إلى استمرار جميع سلاسل إنتاج الغذاء في العمل، من قبيل الفلاحين والعمال بالضيعات ووحدات التصبير والتلفيف، ووسائل نقل البضائع، وأسواق الجملة، والمحلات التجارية..
وفي هذا الإطار، انتقلت بيان اليوم إلى مدينة برشيد، حيث عاينت استمرار الفلاحين في عملية الإنتاج بشكل سلسل، بهدف تزويد الأسواق المحلية بالحاجيات الغذائية، خصوصا وأن الظرفية الحالية تستدعي تغذية متوازنة لتقوية مناعة جسم الإنسان للدفاع عن نفسه من انتقال عدوى فيروس كورونا.
وقال الفلاح إبراهيم إن جل الفلاحين بمدينة برشيد يواصلون عملهم اليومي بدون انقطاع، مع أخذهم للاحتياطات اللازمة التي تفرضها إجراءات السلامة الصحية بسبب فيروس كوفيد-19.
وأكد إبراهيم (55 سنة) أن الخضر والفواكه موجودة بوفرة بالمنطقة، ولا خوف على الغذاء، كما أن الأسعار مستقرة وعادية بالنسبة للفلاحين، محملا مسؤولية الزيادة في أثمنتها إلى السماسرة “والشناقة” الذين يجب التعاطي معهم بحزم من قبل السلطات المحلية.
من جانبه، ذكر الفلاح محمد بالمدينة ذاتها، أن الفلاحين مجندين هم الآخرين لتوفير الأمن الغذائي للمغاربة في الحجر الصحي، من خلال توفير الخضر والفواكه، والدواجن والبيض واللحوم الحمراء والبيضاء، والحليب ومشتقاته.
وأوضح محمد (50 سنة) أن عرض الفلاحين فاق اليوم طلب المستهلك الذي دفعه فيروس كورونا إلى تغيير عاداته الغذائية، ومن تم انكماش طلبه واستهلاكه، وهو ما جعل العديد من الفلاحين يشتكون من الخسائر التي لحقتهم بعد فساد محاصيلهم الفلاحية.

أزمة داخل الأزمة
وفي الوقت الذي استطاع فيه المغرب تأمين غذاء مواطنيه خلال هذه الفترة الحرجة، تواجه اليوم العديد من البلدان أزمة داخل الأزمة، حيث تحارب انتشار فيروس كورونا من جهة، وتتصارع دوليا لضمان الغذاء لمواطنيها محليا من جهة أخرى.
وفي هذا الصدد، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من المخاطر التي يمكن أن يشكلها انتشار فيروس كورونا المستجد على النقص في المواد الغذائية لمئات ملايين الأشخاص عبر العالم، مشددا بأن الوباء يشكل خطرا على الأمن الغذائي أيضا.
ونبه أنطونيو غوتيريس إلى ضرورة الحفاظ على سلاسل الإمدادات الدولية، سواء المرتبطة بالمواد الصيدلية والمعدات الطبية والأغذية كذلك، لاسيما في المناطق الأكثر فقرا، والأكثر عرضة للمخاطر في العالم.
ومن بين الدول التي ستعرف صعوبة كبيرة في تأمين غذائها عبر العالم، توجد الصومال وجنوب السودان، وأنغولا ونيجيريا وتشاد، إلى جانب الدول المصدرة للنفط مثل إيران والعراق، وكذلك اليمن وسوريا.
وصعوبة التزود بالغذاء لا ترتبط فقط باحتفاظ الدول بمواردها الغذائية، بل بصعوبة النقل أيضا، حيث حد فيروس كورونا من تحرك النقل الدولي عبر كل الطرق خصوصا البحرية منها، ومن تم لا يرتبط المشكل في الإنتاج فقط، بل بتوقف الخطوط الرئيسية لحركة التجارة الدولية كذلك، بحسب منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).
ودعا برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، دول العالم إلى عدم تقييد صادرات المحاصيل الزراعية وسط تفشي فيروس كورونا، محذرا من العواقب المحيطة بالتسعيرة وحركة الأغذية في الدول التي تعتمد على الاستيراد.
وتطالب الأمم المتحدة حكومات الدول بتقديم المزيد من الدعم إلى البرنامج، مشيرة إلى أنه في حالة توقف سلاسل الإمداد واحتكار المنتوجات الغذائية، فإن 150 ألف شخص قد يموتون كل يوم عبر ربوع العالم.
وتشير العديد من التقارير الدولية إلى أن كبريات الدول المصدرة للغذاء تحد من صادرات محاصيلها الزراعية، في محاولة منها لتعزيز المخزون المحلي، ويتعلق الأمر بدول في جنوب شرق آسيا وشرق أوروبا، وروسيا والهند، والولايات المتحدة الأمريكية.
ويبقى تدبير أزمة فيروس كورونا غير مرتبط بما هو صحي فقط، بل بما هو غذائي أيضا، لهذا وجدت بعض الدول صعوبة في تأمين المواد الصحية والغذائية لمواطنيها معا، بيد أن السياسة الاستراتيجية الغذائية للمغرب في المجال الفلاحي أعفته من الصراع الدولي حول الغذاء، وهو ما جعل عرض المنتجات يفوق اليوم بكثير طلب المستهلك المغربي.
ومن جانبه، حافظ المغرب على حركة صادراته من المنتوجات الفلاحية والبحرية نحو الخارج، مع إعطائه الأهمية أولا للسوق الوطنية، حيث بلغت صادرات البواكر لهذا الموسم (إلى غاية 14 أبريل الجاري)، ما مجموعه 876 ألف طن، مسجلة بذلك نموا بلغ 3 في المائة بالمقارنة مع الموسم السابق في نفس التاريخ (848 ألف و900 طن).
وبخصوص صادرات الفواكه الحمراء، فقد سجلت نموا هاما خلال هذا الموسم، حيث بلغت ما مجموعه 68 ألف و400 طن إلى غاية 14 أبريل الجاري، مسجلة بذلك نموا بلغ 27 في المائة بالمقارنة مع المسوم الماضي في نفس التاريخ (54 الأف طن).
كما سجل تصدير البطيخ الأحمر مستويات جيدة، بحسب وزارة الفلاحة والصيد البحرية والتنمية القروية والمياه والغابات، إذ تضاعف من 59 ألف طن إلى 11 ألف و900 طن، بالإضافة للبطيخ الذي شهد تحسنا في الصادرات بنسبة 18 في المائة.
وأمام هذا التحسن، تراجعت صادرات المغرب من الحوامض بنسبة 30 في المائة بسبب انخفاض الإنتاج المحلي، بيد أنه تبقى قيمة الصادرات في مستوى جيد بفضل المستويات الجيدة للأسعار في الأسواق الدولية.
وفيما يتعلق بالمنتجات البحرية، فقد بلغت الكميات المصدرة خلال هذا الموسم، ما مجموعه 496 ألف طن، مقابل 481 ألف و200 طن خلال نفس الفترة من موسم 2018-2019، مسجلة بذلك نموا بلغ 3 في المائة (إلى غاية 14 أبريل الجاري).

العلوي: استوردت المطاحن كميات كافية من الحبوب لتأمين غذاء المغاربة

قال رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن، مولاي عبد القادر العلوي، إن الفاعلين في قطاع الحبوب والمطاحن اتخذوا بشكل مستعجل التدابير اللازمة لتأمين غذاء المغاربة، حيث استوردوا الكميات الكافية من الحبوب لتلبية الطلب المحلي.
وأكد مولاي عبد القادر العلوي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن المهنيين تعاملوا بسرعة مع الوضع في ظرف 15 يوما، حيث استوردوا الحبوب كاحتياطي لثلاثة أشهر، مستدركين النقص الذي كان قد حصل قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب.
وأوضح عبد القادر العلوي، وجود نقص في إنتاج الحبوب بالمغرب خلال السنتين الأخيرتين بفعل جفاف الأمطار على المساحات الزراعية البورية، وهو ما يدفع بمهنيي المطاحن إلى اللجوء للسوق الدولية، بهدف تأمين الدقيق على المستوى الوطني.
وشدد العلوي على ضرورة التفكير مستقبلا في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب لتجنب مثل هذه الأزمات، من خلال تخصيص مساحات زراعية مهمة، وباعتماد أصناف منتجة، وكذا استعمال الوسائل الضرورية لتكثيف الإنتاج.
واعتبر رئيس الجامعة الوطنية للمطاحن أن استهلاك الحبوب بالمغرب مرتفع جدا بالمقارنة مع بعض البلدان الأخرى، محددا المعدل في 180 كلغ لكل فرد، وذلك نتيجة العادات الغذائية للمستهلكين المغاربة.
ودعا المتحدث ذاته، إلى ضرورة التفكير مجددا في السياسة الغذائية للمغرب، خصوصا في مجال الحبوب، محذرا من الاعتماد الكبير على الاستيراد فقط، متسائلا عن السيناريو الذي كان سيحدث لو أن دولة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة أغلقت موانئها البحرية.
وأردف بأنه لا يمكن الاعتماد على المخططات المرتبطة بالدول الأخرى، من حيث المسافة والتعامل التجاري، مؤكدا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أزمات الحروب والأوبئة التي تؤثر على سلاسة الاستيراد.
ونبه مولاي عبد القادر العلوي إلى ضرورة وضع سياسة التخزين الاستراتيجي من الإنتاج الوطني المحلي، على شاكلة السدود الوطنية التي وضعها الملك الراحل الحسن الثاني، من أجل تأمين غذاء المغاربة بشكل كافي وجيد.
وأشار عبد القادر العلوي إلى أن أول شيء يفكر فيه الإنسان أثناء أوقات الأزمات هو الغذاء، وهو ما حدث بالفعل أثناء الأيام الأولى من إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، حيث “بحث المواطن عن حاجياته الضرورية من الدقيق، والحبوب، والقطاني، والزيوت، والخضر.. حاثا على ضرورة التفكير في نموذج جديد لمزيد من التأمين الغذائي بالبلاد.
وطالب العلوي بضرورة تغيير المغرب لسياسة استيراد الحبوب من الخارج، في إشارة منه إلى أوقات الاستيراد التي يكون فيها الإنتاج مرتفعا والسعر منخفضا، من أجل تجنب حمى الأسعار الدولية أثناء الأزمات التي يرتفع فيها الطلب كثيرا.

 الغازي:يتم تزويد الأسواق بالخضر والفواكه بسلاسة بالرغم من مشاكل التنقل

 ذكر رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أسواق الجملة للخضر والفواكه بالمغرب عبد النبي الغازي، أن عملية تموين الأسواق تمر بشكل عادي على الصعيد الوطني.

وقال عبد النبي الغازي في تصريح لجريدة بيان اليوم، إن السلع الغذائية موجودة وبكثرة، حيث تؤمن الشاحنات عملية نقل الخضر والفواكه من الضيعات الفلاحية إلى أسواق البيع بالجملة، بالرغم من بعض المشاكل التي تواجهها على مستوى بعض الحواجز الأمنية لعناصر الأمن الوطني والدرك الملكي.

وأكد الغازي، أن الخضراوات والفواكه موجودة وبكثرة، على اعتبار هذه الفترة معروفة بالإنتاج الوافر خلال كل سنة، مشددا بأن الأسعار هي الأخرى عادت إلى طبيعتها بعد الارتباك الذي حدث في البداية، نتيجة ارتفاع الطلب والاحتكار في السوق.

وطمأن رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أسواق الجملة للخضر والفواكه بالمغرب المستهلكين، بخصوص عملية التزويد المستمر للأسواق بالخضر والفواكه، مشتكيا فقط من الحواجز الأمنية التي تطالب الشاحنات بشهادة التنقل.

وأوضح المتحدث أن من شأن مثل هذه العراقيل، أن تحد من عملية تزويد الأسواق المحلية لاسيما خلال شهر رمضان، مذكرا بالمراسلة التي تم التقدم بها لفائدة وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت من أجل السماح للشاحنات بالتنقل بدون وجود صعوبات على مستوى الطرق الوطنية.

* رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أسواق الجملة للخضر والفواكه بالمغرب

  الذهبي: السلع الغذائية متوفرة والأسعار مستقرة

أكد الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن بالمغرب محمد الذهبي، توفر جميع السلع الفلاحية والمواد الغذائية بالمغرب، مستبعدا وجود أي مشكل في التزود بالغذاء، من عند البقال، أو محلات بيع الخضر والفواكه واللحوم.

وذكر محمد الذهبي في تصريح صحافي لجريدة بيان اليوم، أن الاتحاد على اتصال دائم بمختلف الفاعلين في المجال الغذائي، الذين سجلوا تراجع الإقبال على محلات البقالة، بعد الإقبال الكبير للمستهلكين على اقتناء حاجياتهم من الأسواق الكبرى، بهدف تخزين المنتوجات خوفا من اختفائها من السوق.

وشدد محمد الذهبي، على أن الأسعار مستقرة، بل إنه تم تسجيل تراجع في أثمنة بعض السلع كاللحوم والبيض، هذا الأخير الذي كان خلال هذه الفترة بالضبط يتجاوز سعر وحدته (البيضة) 1 درهم، إذ ثمنه اليوم لا يتعدى65 سنتيما في أسواق الجملة، والأمر نفسه يهم التمور التي يتراوح ثمنها ما بين 8 دراهم و32 درهما.

وأردف الذهبي أن “الارتفاع في الأثمان الذي كنا نسجله خلال شهر رمضان لا يوجد اليوم، وذلك نتيجة التعايش مع مثل هذه الأزمات، حيث الناس بدؤوا يفهمون أن المواد الغذائية متوفرة ولا حاجة إلى التخزين أو الاقتناء المبالغ فيه”.

وسجل الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن بالمغرب، أن “جميع النقط بما فيها الصغيرة لعبت دورها الاجتماعي الذي كنا نعيشه قديما، لأن الذين يتوفرون على السيولة المادية اتجهوا صوب المحلات التجارية الكبرى، في حين اتجهت الفئة الضعيفة إلى “مول الحانوت” الذي تضامن مع الفئات الهشة في هذه الظرفية الحرجة، من خلال “كناش الكريدي””.

وختم محمد الذهبي تصريحه بالإشارة إلى أن الدولة، والمجتمع المدني قاما بواجبهما من خلال التضامن الذي ميز المغرب عن باقي الدول الأخرى، لاسيما بالنسبة للفئات التي لا تتوفر على الإمكانيات المادية، مبرزا أن هذه المعطيات كلها، جعلت من الضغط الاجتماعي غائبا اليوم.

*الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن بالمغرب

 مجدوبي: لا وجود لأي خصاص في سلسلة تربية الأغنام والماعز

سجل رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز عبد الرحمان مجدوبي، وجود وفرة كبيرة في الإنتاج الوطني للأغنام والماعز، موضحا أن كل ما يحتاجه “الكسابة” (المربون) هو تسويق منتجاتهم.

وقال عبد الرحمان مجدوبي إنه لا وجود لأي خصاص في سلسلة تربية الأغنام والماعز، خصوصا بعد إغلاق جميع المطاعم بالمغرب لاسيما تلك التي تتواجد بالطرق الوطنية، والتي تعرف إقبالا كبيرا من قبل المسافرين (اللحوم “المشوية”).

ونبه مجدوبي إلى الاشكال المرتبط اليوم بالتسويق، وهو ما فتح الباب للسماسرة الذين يتوجهون نحو القرى لاقتناء الماشية بأبخس الأثمان، مستغلين وضعية المربي الذي يعاني من الوباء والجفاف معا.

وأوضح رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، أن المربين في حاجة اليوم إلى تسويق منتوجاتهم من أجل توفير الغذاء لأسرهم والكلأ لمشايتهم، مشيرا إلى فتح هذا المشكل مع مديرية السلاسل والإنتاج بوزارة الفلاحة، لإيجاد صيغة لإعادة فتح سوق بيع المواشي بالرغم من ما تعتري الخطوة من خطورة.

وأفاد المتحدث ذاته، أن المنتوج موجود والأوضاع الفلاحية بدأت تتحسن خصوصا بعد التساقطات المطرية الأخيرة بعدد من المناطق، لاسيما بشمال المغرب، متمنيا إعادة المياه إلى مجاريها بعد نهاية الوباء.

وذكر عبد الرحمان مجدوبي أن المربين كان لهم اجتماع بوزارة الفلاحة مؤخرا، بخصوص الإعداد لعيد الأضحى، حيث تم توقيع اتفاقية مشتركة بعد 45 يوما من المفاوضات، والتي تهم تأمين أضاحي العيد للمغاربة، حيث سيسهر طاقم من 250 شخصا على عملية التتبع الصحي للقطيع بمختلف مناطق التراب الوطني.

* رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز

 فقير: يتعامل المغرب بإمكانياته الذاتية لتوفير أمنه الغذائي

أوضح المحلل الاقتصادي المهدي فقير، أنه لحد الآن لم يسجل أي نقص في الأمن الغذائي على المستوى الوطني، مشددا بأن المغرب تعامل بإمكانياته الذاتية لتوفير غذائه، والشاهد على ذلك هو عدم تسجيل أي إشكال فيما يتعلق بمسالك التوزيع، التي كان عليها بعض الضغط في البداية مباشرة بعد الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية.

وقال المهدي فقير، إنه وبحسب التقارير الرسمية للحكومة، يتوفر المغرب على احتياطي استراتيجي من المواد الغذائية تكفيه لأربعة أشهر، مشيرا إلى عدم وجود أي مشكل لحد الآن.

وأكد فقير أن المغرب قادر على التعامل مع أي مستجد بخصوص أمنه الغذائي في المستقبل، لاسيما بعد الإعلان عن حصيلة الموسم الفلاحي في سلسلة الحبوب، وكذا أوضاع التجارة الدولية التي قد تتأثر بفعل جائحة كورونا.

وأبرز المحلل الاقتصادي أنه لا وجود لأي معطى سلبي بالبلاد، على اعتبار المغرب راكم تجربة مهمة في تدبير مثل هذه الأزمات وفي أحلك الحالات عبر تاريخه، رافضا الحملات الإعلامية لدولتي الجزائر والإمارات على المغرب بخصوص أمنه الغذائي.

وأشار المتحدث عينه، إلى أنه كيفما كانت التصورات للأوضاع، يبقى الأمن الغذائي محفوظ بالمغرب، لأن هذا الأخير له قدرة على توفير الغذاء ومستقلا ولو نسبيا إلى حد كبير على صعيد التأمين الغذائي.

*محلل اقتصادي

 إنجاز: يوسف الخيدر

تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top