الفنان التشكيلي المغربي ميلود رفيع : حركية وألوان تتناغم مع قيم الجمال

رفيع ميلود فنان تشكيلي عصامي، موهوب، من مواليد مدينة آزمور سنة 1974، عشق الرسم و هو في المرحلة الابتدائية، من خلال استنساخ صور ورسومات الكتب الدراسية أو تلك الرسومات المقتبسة من لوحات أو معالم عمرانية وطبيعية تؤثث محيط مسكنهم المتواجد بالمدينة العتيقة، و التي أثرت فيه بشكل كبير كما ساهمت في نمو موهبته وخياله وتصوراته، صقل تجربته الفنية معتمدا على نفسه وبتشجيع من أساتذته وأصدقائه، حتى أوجد لنفسه مكانا في فضاء الفن التشكيلي في الساحة الأزمورية، بإبداعه ولوحاته ذات الطابع المتميز، و التي يمكن أن نستشف منها شخصيته، وما يختلج دواخله من مشاعر وأحاسيس مرهفة، والمتجلية بالأساس في هدوءه وصمته وحبه للجميع، و تقبل النصيحة و التوجيه من بعض الفنانين، خصال مكنته أن يكون محبوبا وسط زملائه في العمل كموظف بالوقاية المدنية، أو بين عشاق ورواد الفن التشكيلي داخل المدينة أو خارجها.
يرتكز الفنان رفيع ميلود في أسلوبه على الفكرة كموضوع من خلال تشكيلات بصرية متخطيا بها حدود المحاكاة المنطقية للصورة الأصل، ومعالجتها معالجة تعبيرية ورمزية تطغى عليها الصبغة التجريدية، كما نجده أحيانا يمزج ما بين الواقعية و الخيال، من خلال تعامله مع أشكال و ألوان بسيطة، من أزرق و أبيض و أصفر وبني، و بنفسجي… بعيدا عن التكلف، مستدعيا في منجزاته البصرية موضوعات متنوعة سواء كانت اجتماعية أو تراثية أو طبيعية، محاولا مخاطبة أحاسيس و مشاعر المتلقي من خلال جعله يحاور اللوحة، حيث يجد في ذلك – المتلقي – البساطة والحركة العفوية في التعبير عن الإنسان، وأشكال الزهور و الصابات وأسوار المدينة العتيقة و نهرها، هي قصص يحاكيها من رزمانة ما اختزنته ذاكرته و مدى تفاعله معها وسط بيئة المدينة التي عشقها و أحبها للنخاع، مدينة آزمور، مُعيدا لها ذاكرتها في مشاهد بصرية تأسر الناظرين، و بذلك يؤكد الفنان ميلود رفيع حضوره كفنان تشكيلي عصامي من خلال أسلوبه المنجز المختلف، مؤكدا تفرده عن مجموعة من الفنانين الذين رسموا مسارهم في تلك الآونة، والمتمعن في أعماله سواء التي سبق أن شارك بها في عدد من المعارض سواء بمدينته آزمور أو الجديدة أو البيضاء أو الصويرة، أو التي هي قابعة بمرسمه المتواجد بالقرب من مسجد القصبة بالمدينة العتيقة، ستبدو له مجموعة من الحركات والتعابير والرموز والألوان المتداخلة فيما بينها التي توحي بعفوية الفنان ورهافة إحساسه، وفي نفس الوقت تظهر إبداعا مثقلا بالإيحاءات والإشارات التي تحمل معاني معينة تسكن ذات الفنان، الأمر الذي يجعل المتلقي سواء المتخصص أو العادي أن يتطلع لها و يقرأها بتعددية لما تحمله من عوالم رمزية و إيحائية بليغة، و يضفي على تلك الأعمال القيمة الفنية كمنجز تشكيلي له مكانته. لقد استطاع ميلود رفيع أن يجعل لوحاته ذلك الناقوس الذي يحرك الأحاسيس الانسانية ويجعلها تحاكي الذات بكل وعي و صدق، متجاوزة كل المساحات و الألوان، نحو رؤيا روحية متشبعة بالقيم الإنسانية، و هنا نستحضر قولة بابلو بيكاسو “هناك مصورون يحولون الشمس إلى نقطة صفراء، ولكن هناك مصورون آخرون يحولون النقطة الصفراء إلى شمس بفضل فنهم وذكائهم”.

< محمد الصفى

Related posts

Top