الفنان بدر رامي لبيان اليوم: من الضروري أن تكون الأصالة حاضرة في كل الأغاني

بدر رامي نجم ساطع في مجال الموشحات والقدود الحلبية. إنه الابن الروحي للمطرب الكبير صباح فخري وأحد تلامذته ومريديه، بالإضافة إلى ذلك فقد أصبح في سن مبكرة من متيمي أغاني كوكب الشرق أم كلثوم و موسيقار الأجيال الأستاذ محمد عبد الوهاب. انطلق مشواره الفني في أواخر التسعينات، حيث اختار لنفسه أسلوبا عريقا جعل منه اسما لامعا على الساحة الفنية العربية المعاصرة، لا سيما أنه باق وسيظل على العهد بالمحافظة على أغاني التراث الأصيل، وتقديمها بالأسلوب الطربي المتميز والمعاصر كما قدمه الفنان الكبير صباح فخري. في هذا الحوار الخفيف، يفتح لنا المطرب بدر رامي عوالمه الفنية العميقة والخصبة لنلامس جزء منها

كيف تقدم نفسك للقراء؟
< بدر رامي، والدي هو محمد رامي زيتوني، الأصل من مدينة حلب، مدينة الجمال، مدينة الفن، معروفة طبعا في العالم العربي، مدينة الطرب الأصيل، مدينة الموشحات. مزداد في المغرب، بالدار البيضاء، ولي عظيم الشرف أن أكون مغربيا بقلبي وروحي. أنا مغربي الحمد لله، وأصدقائي كلهم  في المغرب، حامل لمشعل التراث والطرب الأصيل، لكلا البلدين، أتمتع بثقافتين، السورية والمغربية.
> أنت من بين الفنانين القلائل الذين ظلوا أوفياء للطرب الأصيل، اليوم هل هذا النوع من الطرب لا يزال له حضور في العالم العربي؟
< نعم ، هذا النوع من الطرب لا يزال موجودا، ولا  يزال بدر رامي يشارك في المهرجانات الدولية، غنيت في باريس حفلين، مدة كل واحد ساعتان. الجمهور يريد المزيد من الطرب الأصيل وبدون ملل، غنيت الموشحات والقصائد والطرب. الناس اليوم متعطشة لمثل هذا النوع من الطرب. أنا لست ضد الأغنية الشبابية، لكن خلافي الوحيد، يا ليت يعطوننا ولو النصف من الأغنية الشبابية والنصف الأخر للأغنية الطربية حتى لا نهملوا حضارتنا وثقافتنا الموسيقية .
> هناك فئات عمرية مختلفة شغوفة للطرف الأصيل، لكن تفتقده اليوم، وتبحث عنه بدون جدوى، في ظل اجتياح الأغنية العصرية أو ما يسمى بالأغنية الشبابية . كيف يمكن تلبية عشق هؤلاء المتعطشين للطرب الأصيل؟
< أقول، الطفل عندما يولد، فالوالدان يربيانه على الذوق الرفيع، منذ الصغر يستمع لأغاني محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، صباح فخري..وأغاني التراث الأصيل وعلى أغاني عبد الحليم حافظ. ومن هنا توفر له طبعا بيئة يعيش فيها ويسمع هذه الأغاني، وهو يكبر، يحفظها عن ظهر قلب. ولذلك نحن نطلب من الإعلاميين في الإذاعة وفي التلفزة أن يراعوا جانب الثقافة والذوق في اختيار الأغاني والطرب الأصيل خاصة في بعض البرامج ، ونعمل على تقريب المستمع والجمهور الجديد من هذا الفن الجميل والراقي، إلى جانب آخر، تجد مطربين شباب يغنون في سهراتهم أغاني طربية لعمالقة الأغنية المغربية والعربية، وهي مبادرة محمودة ومستحسنة .
> أحييت مؤخرا سهرة فنية كبيرة بمدينة مكناس، كيف كان الجمهور، وكيف تجاوب معك؟
< والله صدقا، شاركت في مهرجانات عديدة دولية في أوروبا، وأمريكا، وبصراحة لامست في حفل مدينة مكناس تجاوب أكثر من رائع من الجمهور الذي كانت أغلبيته شبابا. لم أشاهد مثل هذا الجمهور، في جو روحاني كبير، شباب يغنون معي من أول الأغنية الى نهايتها. بدأت بالصوفي، فالقصيدة الصوفية، شباب متعطش متشوق لمثل هذه الأغاني، والكلام واللحن الجميل. أديت أيضا القصيدة المعروفة للإمام البوصيري والمفرجنة لعبد الهادي بلخياط. صدقني القول، المغرب غني بالأصوات القوية والجميلة. المغرب من أنجب العملاق عبد الهادي بلخياط، وإسماعيل أحمد وأحمد البيضاوي، ومحمد الحياني وابراهيم العلمي.. والأغنية  المغربية غنية أيضا بإيقاعاتها الفنية وبمواضيعها وبمقاماتها. وأنا أحبها وأتعلم منها وأؤديها بعشق وحب كبيرين .
> أنت باحث في الأغنية العربية، وخاصة في الموشحات والطرب الأصيل. واقع الأغنية العربية اليوم، من أية زاوية تقرأه؟
< أنا أقدر الموجة التي يميل إليها الشباب، لكن في نفس الوقت قلت لك، أنني لم أفقد الأمل، لأنني عندما أصعد المسرح، أجد الشباب حاضر بكثافة، ويرددون معي الأغاني ويطلبون مني المزيد، هل عندي أغنية شبابية، أرد عليهم، نعم هناك أغاني شبابية بلمسة طربية، بنفحة طربية أصيلة مثلا: مقام عربي. لقد أصبحنا نفتقد لمقام البياتي، فأنا سأحاول أن أغني أغاني شبابية عصرية بنفحة طربية في المستقبل، وبإيقاع خفيف شيئا ما حتى أكون موازيا وأرضي جميع الأذواق .
> غياب اللحن، كلمات دون المستوى، لحن يتكرر في كثير من الأغاني، ومع ذلك نجد أصاحبها يحضرون بقوة في المهرجانات الكبيرة ويحققون نسبة مشاهدة مرتفعة. ما سر هذا الاجتياح إذا صح التعبير. ولماذا هذه الأغاني تنتشر بقوة؟
< سأتكلم معك صراحة، نعم، مع الأسف، نحن في عصر السرعة، عصر ” الفاست فود “. أغنية أصبحت تستهلك في سنتين على الأكثر وتنسى، بينما الأغاني التي تطرب، والتي نتعلم منها المقامات والروح والذوق، فهي تبقى خالدة والى الأبد. نحن نسير في هذا الطريق ونتمنى أن أكون عند حسن ظن المتلقي المغربي والعربي، ونكون خفيفين على القلب، كما أتمنى من الشباب الرجوع الى الأصل. ولا يصح إلا الصحيح .
> هل يمكن أن نسمي هذه الأغنية الشبابية / العصرية أغنية تجارية؟
< أكيد، انها أغنية تجارية، نحن نتكلم هنا بصدق. يعني أن شركات الإنتاج أو ما شابه ذلك، يريدون “الفاست فود”. وأقول لك أن هذه الأغاني مهما وصلت فسرعان ما تنطفئ، بينما التراث يبقى متجذرا لأنه مدرسة قائمة بذاتها .
> هناك اليوم فنانون كبار مغاربة وعرب اختاروا الصمت والابتعاد عن الأغاني، لأن الساحة فقدت بريقها وجمالية أغانيها. لماذا؟
< هؤلاء أساتذة كبار، موجودون بروحهم وبأغانيهم وباجتهاداتهم، لهم وجهة نظرهم الخاصة بهم. هذا المعطى موجود وملاحظ، يعني هناك مطربين كثر لهم أصوات جيدة، يقولون أنهم يغنون أغاني مغربية ، لكن في واقع الحال يغنون أغاني خليجية بإيقاع خليجي . اشتهرت لأنه يقول أنها أغنية مغربية لأنه مغربي. أريد أغنية مغربية على حقها وطريقها بإيقاع مغربي جميل ” بارد وسخون يا هوى..”، مثلا هذه أغنية مغربية أصيلة، يجب أن تكون الأصالة حاضرة في كل الفنون، وعلى وسائل الإعلام أن تكثف من جهودها لإسماع الجمهور مادة خام، مادة طربية، كما نريد في عدد البرامج التي تهتم بالأغنية الطربية، نوع من التثقيف وأن يكون هناك توازن في الأغنية الشبابية والأغنية الطربية . على الأقل .
> ما رأيك في شباب يغنون أغاني الرواد؟
< هذا يشرفنا جميعا، مثلا أغني التراث السوري الشامي الذي غناه الأستاذ صباح فخري، وصبري مدلل. هؤلاء رواد في بلاد الشام، وغنيت للأستاذ الكبير عبد الهادي بلخياط، ومحمد الحياني، ما شاء الله على أغانيه، فهذا شيء مشرف، وأنا أطلب منهم الاستمرار في تأدية أغاني الرواد لتقريبها من عموم الجمهور وخاصة الشباب منهم  .

حاوره:محمد معتصم

Related posts

Top