الكاتبة الكندية الساخرة كيم ليزوت

كيم ليزوت، كاتبة من كندا، من الكيبيك تحديدا، مثقفة يسارية، كتاباتها وغير ذلك من أنشطتها الثقافية، تتسم بطابعها المرح إلى حد السخرية من الذات.
ربما أن هذا راجع إلى كونها قضت طفولة استثنائية، تقول بهذا الصدد:
« لا أذكر أن أبوي عاملاني يوما ما كطفلة، بل كانا ينظران إلي دائما باعتباري كائنا بشريا محايدا..».
موهبتها الأصيلة في التفكه، دفعها إلى أن تتابع دراستها في المدرسة الوطنية للفكاهة، وهو ما أهلها لتنشيط برامج تلفزية بالموازاة مع كتاباتها المنتظمة حول الحياة ومتطلباتها، حيث القاسم المشترك بين هذين النشاطين، يظل دائما هو حس الفكاهة.
كيم ريزوت لها أسلوب خاص في الكتابة، يدخل في ما يمكن تسميته بالسهل الممتنع.
لقد أعجبتني هذه النصوص، وأردت أن أتقاسم مع القراء هذا الإعجاب وهذه المتعة، سيما وأنها في حدود اطلاعي لم يتم نقلها إلى العربية ولم يتعرف عليها قراء هذه اللغة.
مختلف هذه النصوص مكتوبة ومنشورة باللغة الفرنسية في الموقعين الالكترونيين:
«URBANIA» و»le Journal de Québec»

نونبر.. ارحل

(أتمنى بالرغم من هذا الفصل الحالك، أن تظل لدينا القدرة على النهوض)

السماء رمادية، البرد، المطر. إنه خريف القسوة. انكمشت داخل فراشي وأنا أنظر إلى الخارج في انتظار وقت الاحتفال.
الجو حالك في الساعة الخامسة مساء عندما نهضت، كانت لدي رغبة في ارتداء معطف وقفازين.
يا لفظاعة هذا الإحساس بالبرد.
إنها حالة الاكتئاب الموسمية، إنه الثلج الذي يوشك أن يهطل، إنه نقصان الضوء الذي يجعلني أعيش أعراض قلق فيزيولوجي دائم ويدفعني إلى الصراخ:
أنا بحاجة إلى طبيب نفساني.
الخريف حالك مثل المشهد الإعلامي. انتهى وقت التفاح والخدود الصغيرة الحمراء بعد فترة مشي طويلة، إنه وقت مشاهدة العالم وهو يتغير عبر القنوات التلفزية الفضائية.
إن زمن رؤية سقوط الإمبراطوريات بعيد عنا.
إنهم الجمهوريون هم الذين يستحوذون على المجلس الأمريكي.
إنها الحرب على الإرهاب.
إنه دوي القنابل في العراق.
إنه واحد اسمه جوستان ترودو في حالة تردد وتفكك، نراه وهو يمشي قائلا لنفسه:
” أشعر بأننا سنحتك مع المحافظين لزمن طويل”
إنهم الحمقى الذين يفكرون في القيام بعمل نبيل عن طريق إطلاق النار على الجنود.
إنه الوباء الذي يثير الهلع في النفوس ويقبض أرواح الآلاف من البشر.
إنها حكومة تقوم ببتر ذاكرتنا الجماعية. إنها ملكة فرضت علينا رمزيا، إنه عالم باحث نريد التخلص منه لفائدة لاعب رياضة الهوكي. إنها بذلة نافعة وضرورية، غاصة بالذكريات، تختفي من تحت أعيننا. إنها تلفزة عمومية يجب أن تخرس والتي تحصل على الاقتطاعات. إنه في اللامبالاة التامة حيث أرى ثقافتي تضمحل.

**
في الدفء
إنه الخريف.
أظل طريحة الفراش وأزدرد أطنانا من الشوكولاطا الدافئة لأواسي نفسي.
أستمع إلى الأطنان من المسلسلات والأفلام وأقرأ عدة كتب وأستمع إلى الموسيقى التي تريحني.
أريد أن أغلق على نفسي وأقطع الاتصال الهاتفي.
لأنه الخريف الذي يأتي ببرده القارس وأخباره السيئة، الذي يحطم ما كان يشكل دائما قناعة بالنسبة إلي، فلم أر قط منظرا أكثر قسوة من هذا.
أترجى العواصف حتى التي على الأقل تحمل بعدا شاعريا والتي تمنحنا الرغبة في الذهاب إلى الالتصاق بمن نعشق.

**
النساء تتحدثن
لكن ليس هناك فقط السواد.
في طرف هذا الشهر اللانهائي المشؤوم الذي يسود أفكارنا، هناك بصيص من الضوء.
مع فضيحة غومشي، طفر كلام نساء، استياء عارم. نساء تجرأن في النهاية على التنديد والتعبير عن معاناتهن وأخذ مصيرهن بين أيديهن. لا يمكن القول دائما إن هذا الشيء لا يحدث سوى للآخرين. سيكون بإمكاننا في النهاية الاطلاع على هذا الإحصاء الصادم الذي يشير إلى أن امرأة من بين ثلاث نساء سبق لهن أن تعرضن للاغتصاب الجنسي.
يمكن في النهاية تحسيس الرجال وتذكيرهن بأن شقراواتهم، زوجاتهم، صديقاتهم، أمهاتهم، بناتهم، لهن الحق في الكف عن الإحساس بالخوف. إنه يبعث على الارتياح القول بشكل حاسم: هذا يكفي.
حان الوقت لكي يصغي الرجال للنساء اللواتي يعشقونهن ويضعون في بالهم أن هذا لا يحدث سوى لنساء الآخرين.
أشعر في النهاية بأن الريح تتغير. أشعر بأن اللامبالاة لم تعد سائدة.
إنه في العتمة حيث يبدو النور جميلا.
أتمنى بالرغم من هذا الفصل الحالك، أن تظل لدينا القدرة على النهوض.

 ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top