الكاتبة الكندية الساخرة كيم ليزوت

كيم ليزوت، كاتبة من كندا، من الكيبيك تحديدا، مثقفة يسارية، كتاباتها وغير ذلك من أنشطتها الثقافية، تتسم بطابعها المرح إلى حد السخرية من الذات.
ربما أن هذا راجع إلى كونها قضت طفولة استثنائية، تقول بهذا الصدد:
« لا أذكر أن أبوي عاملاني يوما ما كطفلة، بل كانا ينظران إلي دائما باعتباري كائنا بشريا محايدا..».
موهبتها الأصيلة في التفكه، دفعها إلى أن تتابع دراستها في المدرسة الوطنية للفكاهة، وهو ما أهلها لتنشيط برامج تلفزية بالموازاة مع كتاباتها المنتظمة حول الحياة ومتطلباتها، حيث القاسم المشترك بين هذين النشاطين، يظل دائما هو حس الفكاهة.
كيم ريزوت لها أسلوب خاص في الكتابة، يدخل في ما يمكن تسميته بالسهل الممتنع.
لقد أعجبتني هذه النصوص، وأردت أن أتقاسم مع القراء هذا الإعجاب وهذه المتعة، سيما وأنها في حدود اطلاعي لم يتم نقلها إلى العربية ولم يتعرف عليها قراء هذه اللغة.
مختلف هذه النصوص مكتوبة ومنشورة باللغة الفرنسية في الموقعين الالكترونيين:
«URBANIA» و»le Journal de Québec»

كم أكره هذا النوع من الأسئلة: ما هو حلمك؟

رحبت بالإجابة عن استمارة أسئلة لإحدى المجلات، لسبب أساسي هو أن لي صديقا يسخر مني كلما رأى صورتي في مطبوع ما.
يأخذ المقال المتضمن لصورتي ويضعه على جداري الفايسبوكي، مزينا بنكتة عن حالتي، أضحك من أعماق قلبي وهذا يبهج صبيحتي التي أكرسها للكتابة بين فنجاني قهوة. ولتحي السخرية من الذات.
في استمارة الأسئلة المعلومة، نجد سؤالا عتيقا:
ما هو حلمك؟
يا لطيف.
كم أكره هذا النوع من الأسئلة. إنه لا يعني أي شيء، لا يفيد في أي شيء، يمكن بالأحرى أن يعكر المزاج.
هيا، اطرحوا هذا السؤال على محيطكم، سترون. ننشغل بالبحث عن الجواب الجيد كأننا في لعبة: صحيح أم خطأ المتلفزة، وأن الجرس سيدق حالا.
بعيدا عن “الأخذ والرد”، أنا، لا أملكه، لا أملك حلما.
الفوز بأوسكار.
المشي على القمر.
بلوغ قمة جبل ما.
طيب، ستقولون عني إنني لست ممثلة ولا عالمة فضاء وأن لدي قلب امرأة في الثامنة والتسعين من عمرها، لكن بيت القصيد لا يكمن هنا.
أنا معجبة بالناس الذين لديهم أهداف محددة والذين يقومون بكل شيء لأجل تحقيق تلك الأهداف.
سيكون أمرا محفزا لو يستيقظ المرء كل صباح وهو يحمل في رأسه مشروعا ما، موطدا العزم على تنفيذه ومتمنيا من كل قلبه أن يتوفق فيه. إنني أحسدكم.
الوجه الآخر للميدالية، هو أنني رأيت أناسا ينفقون الكثير في سبيل ذلك دون أن يظفروا بأي شيء. فراغ، دوخة، اكتئاب يلتصق بالجلد. لحسن الحظ، أغلبهم ينتهون إلى رفع تحد آخر يمدهم بطعم العض على الحياة.
أحلامي.
أعتقد أنني لا أملك ذلك، لا أملك حلما. إلى أن آخذتني إحدى الصديقات على كوني حالمة.
وسرعان ما ألقى بي ذلك من جديد في يم طفولتي. كنت قد سمعت أبوي وأساتذتي وأصدقائي يرددون من له الأفضلية عن الآخر: “كيم، تحلم باستمرار. إنها دائما على ما يرام. دائما في القمر. كيم، الحالمة”.
هل تقولون لي ما الذي حدث لي كي أصدق أنني لم أعد أعرف كيف أحلم؟ التقدم في السن؟ الخوف؟ الإحباطات؟
كلا، لم أتغير.
لا أملك حلما، لأنني منشغلة كثيرا ولا أجد الوقت الفارغ للحلم.
أحلم برؤية مناظر تقطع الأنفاس.
أحلم برؤية عمل فني يدفعني للبكاء.
أحلم بالضحك إلى أن تدمع عيني عدة مرات في حياتي.
أحلم بأن أكتشف ذاتي وأتجاوزها وأنا فخورة بي.
أحلم بأن أمنح ما يكفي من الحب والعطف لطفل ما وأن تكون لي القدرة على جعله سعيدا وتحبيب الحياة إليه.
أحلم بأن أرى العلم والتكنولوجيا تغيران العالم نحو الأفضل.
أحلم بأن أرى الكيبيك قد صارت دولة. لقد فقدت الثقة، لكن هذا الحلم ظل راسخا في أعماقي.
أحلم بأن أرى مجتمعي يتخذ أفضل القرارات.
أحلم بالثورة، بالأمل، بالعدالة الاجتماعية.
أحلم برؤية امرأة على رأس الولايات المتحدة الأمريكية.
أحلم بأن أحب فعلا ما أنا عليه.
أحلم بأن يكون لدي ما يكفي من المال لأنفع به أقاربي وأساعدهم عند الحاجة.
أحلم بأن يكون أحد ما قادرا على أن يحبني طيلة الحياة، حتى ولو كان ذلك من يعيد.
أحلم بالإبداع والإنتاج والتفوق.
أحلم بالتألق، بالاقتراب من الناس أكثر، بأن لا أكون وحيدة ما أمكن، وبأن أشاطر الناس روحي.
أحلم بالعيش دون خوف.
أحلم بالعيش في حالة حب.
أحلم بالعيش بدون كثير من الأسف.
ليس هناك الكثير من الغنائم والميداليات والانتصارات والاحتفاءات في أحلامي، لكن أطمئنكم بأن هذه الأحلام لا ينقصها الطموح؛ لأنه ليس هناك حلم أكبر من أن تكون لنا الشجاعة للفوز في حياتنا.

 ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top