الكاتب المغربي فؤاد العروي.. ساخرا

 ينوع الكاتب المغربي فؤاد العروي في كتاباته؛ فإلى جانب كونه روائيا وقصاصا أصيلا وباحثا أكاديميا، نجده حريصا على تخصيص حيز من وقته لكتابة نصوص ذات طابع نقدي، نقد المجتمع ومشاكل الهجرة والعادات والعلائق الإنسانية بوجه عام.
 هذا الكاتب المقيم بالمهجر، وتحديدا بهولاندا، الذي اختار اللغة الفرنسية وسيلة للتعبير عن آرائه وما يختلج في وجدانه والذي حظيت إنتاجاته الأدبية بالتتويج في محافل دولية، على سبيل الذكر: «القضية الغريبة لسروال الداسوكين» الفائزة بجائزة الغونكور للقصة القصيرة.. ظل محافظا على روحه الخفيفة حتى وهو يكتب نصوصا ذات طابع جدي، كما أنه لم يضح بالبعد الجمالي والإبداعي لهذه النصوص، رغم منحاها التقريري.

  • الحلقة التاسعة

عن التوظيف الجيد للمغاربة المقيمين بالخارج

لأي شيء يصلح المغاربة المقيمون بالخارج؟ كل واحد يتبنى فكرة خاصة بهذا الخصوص.
بالنسبة للبعض، إنهم أولا سفراء المغرب في الخارج، يجب عليهم أن يقدموا صورة إيجابية، الشيء الذي يمكن ربما أن يشكل ورقة رابحة بالنسبة للدبلوماسية أو السياحة.(كم من السياح يأتون لزيارة البلد الأصلي لجيرانهم، لأنهم يتفاهمون معهم بشكل جيد؟)
 بالنسبة لآخرين، المغاربة المقيمون بالخارج هم أولا نوع من الأبقار الحلوبة التي تغذي بواسطة العملة صناديق الدولة. (بهذا الصدد، ينبغي رفع لبس غالبا ما يتم إثارته: المغاربة المقيمون بالخارج لا يهبون أموالهم للدولة، بل يخصون بها أنفسهم أو عائلاتهم، إنها ببساطة عملية تبادل، ربح العملة الصعبة الذي يصنع رخاء الدولة..).
 آخرون، في النهاية  – ينبغي إثارة هذا الجانب المشؤوم، أخذا بعين الاعتبار الأوقات الرديئة التي نعيشها- يعتبرون المغاربة المقيمين بالخارج بمثابة الطابور الخامس الذي دخل إلى أوروبا من أجل تقويضها من الداخل. ألا تصدقون؟ لأنكم لا تقرأون الأدب السلفي الممقوت، إذا صح اعتبار ذلك أدبا، إنه بالأحرى براز كابوسي.
باختصار، هناك العديد من الأدوار التي يتم إسنادها للمغاربة المقيمين بالخارج، الذين لا يطالبون فعلا بأي شيء، كل ما يريدونه هو العيش حياة كريمة وآمنة على ضفاف هي غير ضفافهم والتي وضعهم عليها القارب الهش  لمصيرهم.  
حسنا، لننتقل إلى مجال الرقص ولنسند دورا جديد للمغاربة المقيمين بالخارج، وهو دور حسب علمي، لم يسبق لأحد أن أسنده إليهم، دور ملقن السلوكات والممارسات الجيدة.
ـ ماذا؟ ما هذا؟ تتساءلون.   
 مثال بسيط من شأنه أن يساعد في فهم هذا الدور الجديد الذي أحب أن أرى المغاربة المقيمين بالخارج  يؤدونه: في هولندا، نستهلك ست مرات أقل من الأدوية بأمستردام أو أوتريخت، في ستين في المائة من الحالات تدبرون أنفسكم بدون وصفة طبية، لكن مع جملة من النصائح الناجعة:
قوموا بثلاثين دقيقة من المشي كل يوم، تناولوا البرتقال، قوموا بإغناء حلقة أصدقائكم، مارسوا هواية الترقيع “بريكولاج”، تناولوا الثوم، إلى آخره.
في فرنسا، ليس هناك سوى ثلاث أو أربع في المائة من الحالات التي يتم فيها تدبر الأمر بدون وصفة طبية لطبيبهم الخاص. شيء مثير، أليس كذلك؟
وفي المغرب؟ لا أعرف الرقم الإحصائي لكننا لا بد أن نكون بهذا الصدد أكثر، بالنظر للتكوين الذي يتوفر عليه أطباؤنا الغاليين.
 هو ذا بيت القصيد:
 حسب إحصائيات المنظمة العالمية للصحة، يعد الهولانديون من بين الشعوب الذين يتمتعون بصحة أكثر من غيرهم في كوكبنا.
 وها هو الدور الذي أريد أن يؤديه المغاربة المقيمون بالخارج في هولاندا حين عودتهم إلى بلادهم المغرب: العمل على نشر هذه الفكرة الأساسية التي مفادها أن “تحرير وصفة الدواء فعل خطير”، وأن الطبيب الذي لا يصف الدواء لكن يقدم نصائح جيدة هو أهم وأفضل من ذاك الذي يخربش على الورق ستة أو سبعة أنواع من الأدوية ذات الأثمنة الباهضة.
إذا لم يصدقوكم، احكوا لهم عن آخر زيارة لكم لطبيب هولاندي، التي انتهت بلكمة قوية، لكن بدون وصفة طبية. ويظهر أنها لم تقتلكم.
وفق ذلك، فإننا نوفر أكثر، هذا عمل فذ، أليس كذلك؟  
في كل بلدان العالم، هناك على الأقل مقيم مغربي بالخارج، إذن أحدهم مؤهل ليفيدنا بخصوص السلوكات السليمة الممارسة في ميادين مختلفة من طرف بلدان متعددة.
يكفي جمع هذه المعلومة (لدى الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج) وهكذا يكون بإمكاننا أن نجعل المغرب يتبوأ مرتبة القمة في جميع الميادين.      

> ترجمة: عبد العالي بركات

Related posts

Top