الكتاب الورقي.. تحفة نادرة

مطلع الأسبوع القادم، وبالضبط في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، سيجري الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، وهو موعد سنوي، باتت الحاجة ماسة إليه أكثر من أي وقت سابق، بالنظر إلى المتغيرات التي حدثت خلال المدة الأخيرة والتي كان لها تأثير على هذا المنتوج الورقي المسمى كتاب.
من الأكيد أن الاحتفال المشار إليه يهم الكتاب الورقي وليس غيره، علما بأنه في اليوم الذي تقرر الاحتفال به لم يكن هناك وجود أو بالأحرى حضور طاغ لشيء اسمه الكتاب الالكتروني والثقافة الرقمية وسوى ذلك من الأمور التي أحدثتها الثورة التكولوجية.
الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، يجب أن يكون مناسبة لإجراء لقاءات موسعة بين كافة المعنيين بهذا المنتوج الثقافي والمعرفي: الناشرون، المؤلفون، الباحثون الأكاديميون، التقنيون، مصممو الأغلفة.. إلى غير ذلك من المتدخلين الذي من شأنهم أن ينتجوا أفكارا ويقترحوا حلولا للمأزق الذي يتخبط فيه إنتاج وترويج الكتاب الورقي.
المأزق ليس كلمة مبالغا فيها، بالنظر إلى التراجع الذي بات يعرفه الكتاب الورقي في حياتنا اليومية، في مقابل السهولة التي صار يتم بها الولوج إلى الكتاب عن طريق التكنولوجية الرقمية، غالبا دون تكاليف تذكر.
ومن المعلوم أن الإنسان ميال إلى كل ما هو يسير ولا يتطلب عناء أو تحمل تكاليف من أي نوع، في حين أن الحصول على كتاب ورقي، يستدعي الكثير من التضحيات، ابتداء من التنقل والبحث في المكتبات وأسواق بيع الكتب، ودفع الثمن، فضلا عن المتاعب التي يفرضها حمل الكتاب في حد ذاته، خصوصا إذا كان من الحجم الكبير، إلى غير ذلك من المتاعب، في حين أن الكتاب الالكتروني لا يفرض عليك مغادرة بيتك وموقع جلوسك في أي مكان، ويكفي بلمسة أصبع أن يأتيك ما تطلبه مطواعا كأنك في تواصل مع جني خارج من فم قمقم يقترح عليك أن تطلب ما شئت.
إن التغير الذي طرأ على علاقة الإنسان بالمقروء، يستدعي من الفاعلين في حقل صناعة الكتاب الورقي، أن يفكروا في أساليب جديدة لخلق مصالحة بين القارئ والكتاب المصنوع من الورق.
هناك أجيال جديدة لم تتعود على القراءة في الكتاب الورقي، أجيال اصطلح على تسميتها بأبناء الطابليت أو الألواح الرقمية، لقد اكتسبت عادة معينة، سواء في إمساك المقروء أو تقليب صفحاته أو حمله أو غير ذلك من أشكال العلاقة التي تعقدها معه، وبالتالي من الصعب جدا إقناعها بتغيير هذه الأشكال، خصوصا إذا كان المقترح لا يشبع رغبتها أو تحتفظ بنظرتها له باعتباره شيئا متخلفا، متجاوزا.
هذه التحديات تفرض على صناع الكتاب الورقي، بما في ذلك المؤلفون أنفسهم، التفكير في أساليب جديدة لجعل الكتاب الورقي لا يقل إغراء من الكتاب المعروض في غيره من السندات.
كيف ذلك؟
لا شك أن مثل هذه المناسبة، أقصد مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، تعد فرصة سانحة لطرح الإشكالية المتعلقة بمستقبل الكتاب الورقي، سيما وأن العديد من المؤشرات تنذر بأنه في طريقه نحو الزوال والتحول إلى مجرد تحفة نادرة.

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top