اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تؤشر على مواصلة التواجد في الحكومة شريطة الذهاب في الإصلاح إلى أبعد مدى

أشرت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، التي التأمت في دورتها الثالثة، أول أمس السبت بالرباط، بأغلبية أعضائها، على مواصلة رفاق بنعبد الله، النضال والعمل من داخل حكومة سعد الدين العثماني.
وجاء قرار برلمان حزب الكتاب، الذي تمت المصادقة عليه بالأغلبية المطلقة، مع تحفظ خمسة أعضاء، بعد نقاش واسع لم يكن بالضرورة يسير في خط مستقيم، بل كانت هناك آراء متباينة، وحادة في نبرتها وفي مبررات مخرجاتها.
فقد ذهب بعض أعضاء اللجنة المركزية إلى المطالبة بضرورة الخروج من الحكومة، والنضال من موقع المعارضة، ليس بسبب الضربات التي تلقاها حزب التقدم والاشتراكية والتي كان آخرها حذف كتابة الدولة في الماء التي كانت تشرف عليها العضوة في الديوان السياسي للحزب شرفات أفيلال، ولكن، أيضا بالنظر إلى ما بات يعتري المشهد السياسي من احتقان اجتماعي، ومظاهر الارتباك والتفكك التي بدأت تظهر بين الحين والآخر، على الأغلبية الحكومية.
لكن أغلبية مداخلات أعضاء اللجنة المركزية فضلت أن تسجل نقطة نظام واضحة وصريحة، على حكومة سعد الدين العثماني. وفي الوقت ذاته، مواصلة النضال من داخل الحكومة، آخذة بعين الاعتبار كل المؤشرات الإيجابية التي بدأت تلوح في الأفق، في مقدمتها تلك الشحنة الإصلاحية التي حملتها الخطب الملكية الثلاث، خطاب العرش وخطابُ ذكرى ثورة الملك والشعب، ثم خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الحالية، بالإضافة إلى المنحى الإيجابي لمشروع قانون المالية للسنة القادمة والذي جاء بإجراءات ذات حمولة اجتماعية واقتصادية.
وكان الأمين العام للحزب، محمد نبيل بنعبد الله، قد أكد في معرض تفاعله مع مداخلات أعضاء اللجنة المركزية، على أن حزب التقدم والاشتراكية، لن يحيد عن خطابه الذي ينادي بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبتفعيل دستور 2011 وأن تضطلع كل المؤسسات بدورها الحقيقي، وباقتصاد وطني شفاف، مشيرا إلى أن مواصلة الحزب حضوره في الحكومة، ليس أمرا مقدسا، بل إنها موضوع يمكن الرجوع إليه والتداول فيه ومراجعته في أية لحظة من طرف اللجنة المركزية، صاحبةِ القرار الأولِ والأخير.
وأكد الأمين العام أن حزب التقدم والاشتراكية، ليس له الإمكانيات المادية، لكن لديه قوة الموقف، وله القدرة في أن يقول بأن المسؤوليات داخل الحكومة هي على قدم المساواة، وفي الوقت ذاته، فهو يتعامل باحترام، مع كافة الأحزاب السياسية، ولم يحدث أن هاجم أي قطاع حكومي آخر يسيره ويدبره حليف له في الحكومة، مثل ما تقوم به بعض الأحزاب المتواجدة داخل الحكومة والتي تتعمد توجيه انتقاداتها، بشكل غير مفهوم، للقطاعات التي يدبرها حزب التقدم والاشتراكية.
إلى ذلك أوضح نبيل بنعبد الله، في التقرير الذي قدمه باسم المكتب السياسي، والذي أقرته اللجنة المركزية بالأغلبية المطلقة، أن الاقتناع بدأ يترسخ للشروع في شق طريق جديد قوامه ما دأب حزب التقدم والاشتراكية، على نعته بـ “النفس الديمقراطي الجديد”، وهو طريق، قال المتحدث إنه “طويل وشاق، ولكنه طريقٌ ممكنْ، وهو كفيل بالذهاب بوطننا وشعبنا إلى بر الأمان”. مؤكدا في الوقت ذاته على أن الحكومة مطالبة بالإنصات لصوت الناس وملء الساحة وتملك خطاب مقنع والذهاب في الإصلاح الى أبعد مدى وتفعيل الدستور وإعادة الثقة للناس في وطنهم وإبراز المنجز وتفادي الحروب الداخلية..
وشدد الأمين العام، على أن حزب التقدم والاشتراكية، الحزب الوطني اليساري الديمقراطي الحداثي، وفي ومُلتزم إلى أبعد الحدود، ليس بالظرفياتِ والمواقعِ، ولكن بقضايا الوطن والشعب.
وأضاف زعيم التقدميين المغاربة أن حزب التقدم والاشتراكية سيستمر في وضوحه، وبنبرته النقدية البناءة وخطابه المتفرد والواضح، وجرأته المسؤولة، على الرغم من أن ذلك كله، يجعل الحزب عرضة للصدامات والضرباتِ والهزاتِ المُؤْذِيَة، والتي نالت منه كثير على المستوى النفسي والمادي والمالي والانتخابي، مؤكدا على أن الحزب سيواصل الدفاع عن مشروعه المجتمعي الديمقراطي والحداثي.
من جانب آخر، تضمن تقرير اللجنة المركزية، خارطة طريق تنظيمية والتي تستهدف مختلف الهياكلَ الحزبية، في جميع مستوياتها، والتي قال التقرير عنها “إنها مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بأن تستنهضَ الهمم، وبأن تباشرَ مسؤولياتِها”، مشيرا إلى أن المكتبُ السياسي عازمٌ على تتبع ذلك بشكل صارم.
وفي السياق ذاته، دعا التقرير إلى عقد المجالس الإقليمية في أُفُقِ انعقادِ المؤتمراتِ الجهوية في بحــرِ الثلاثةِ أشهرٍ القادمة، مرورًا بإعادةِ تنظيمِ بعضِ المؤتمراتِ الإقليمية التي تدعو الضرورةُ إليها، مع بلورة دينامية تنظيمية من باقي الهياكلِ الحزبية والقطاعاتِ الأخرى والمنظماتِ الموازية.
وفي موضوع آخر، قدم رشيد روكبان عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عرضا للنظام الداخلي للحزب الذي ينظم العلاقات بين مناضليه ومناضلاته والمنتسبين إليه.

وأوضح روكبان، في عرضه أمام الدورة الثالثة للجنة المركزية، التي ترأسها عضو الديوان السياسي إدريس الرضواني، بمعية أعضاء من الديوان السياسي: شرفات أفيلال وخديجة الباز وفاطمة الزهراء برصات وأنس الدكالي وعبد الأحد الفاسي الفهري ورشيد ركبان، (أوضح) أن الغاية من النظام الداخلي، تنظيم العلاقة الحزبية بين المناضلين والمناضلات، وبين القيادة والقواعد والتنظيمات الموازية للحزب، عبر تحديد الواجبات والحقوق في علاقة المناضل بالحزب.
وقال روكبان “إن النظام الداخلي للحزب يهدف، أيضا، إلى ترسيخ الديمقراطية الداخلية وتعزيز الحياة التنظيمية للحزب، بحيث يبرز صلاحيات الكاتب الجهوي في تدبير الفروع التابعة للجهة، ودور آليات الرقابة من حيث الانضباط للقواعد الأخلاقية والتنظيمية للحزب، فضلا عن تحديد شروط التداول على المسؤوليات الحزبية وعدم الجمع بينها، بالإضافة إلى إجراءات تنظيمية تهدف إلى ضمان استمرارية نشاط الفروع على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية”.
وأشار روكبان إلى أن النظام الداخلي يتضمن دیباجة تحدد إطاره القانوني والمؤسساتي كبیئة سیاسیة، ويوضح ویة الحزب ومبادئه وبیان كیفیة الانخراط فيه، وحقوق وواجبات أعضائه، وكیفیة تأسیس وتسییر هیاكله التنظیمیة المحلیة والإقلیمیة والجهویة والوطنیة، وتحدید الأجهزة الداخلیة للحزب والقطاعات السوسیو مهنیة والنسائیة وقطاعات الشباب والطفولة، وندواته الوطنیة وأنشطة المنظمات الشریكة، وبیان التحالفات والاتحادات الحزبیة واندماجها، مع بیان نظام المشاركة في الانتخابات الوطنیة وتعیین المرشحین والانضباط الحزبي، فضلا عن سياسة الحزب الإعلامیة وموارده المالیة.
هذا، وأرجأت اللجنة المركزية التي انعقدت في دورتها الثالثة، المصادقة على النظام الداخلي إلى دورتها المقبلة، التي سيتم تحديد تاريخها لاحقا، وذلك حتى يتسنى لأعضائها تعميق النقاش واقتراح مجموعة التعديلات التي سيتم الاتفاق بشأنها، حيث تم الاتفاق على إحداث لجنة لتلقي الاقتراحات والتعديلات بشأن النظام الداخلي، على أن يتم في الدورة الرابعة مناقشتها والتصويت عليها، قبل أن تتم المصادقة بصفة نهائية على النظام الداخلي.

> محمد حجيوي وتوفيق أمزيان
تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top