اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تصادق بالإجماع على تقرير المكتب السياسي ووثيقة “تجذر وانصهار”

صادقت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية التي التأمت في دورتها الخامسة، أول أمس السبت بالرباط، بالإجماع، على تقرير المكتب السياسي الذي تقدم به الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله.
وعرفت أشغال اللجنة المركزية التي احتضنها مقر الحزب المركزي بحي الرياض، بالرباط، نقاشا موسعا بين أعضائها حول المشهد السياسي الوطني العام والمشهد السياسي الدولي، بالإضافة إلى ما تعرفه الساحة الوطنية من نقاشات سياسية واجتماعية على هامش مشروع مالية 2020، فضلا عن الأمور التنظيمية الداخلية لحزب “الكتاب”.
من جهة أخرى، وفي إطار تقديمه لتقرير المكتب السياسي أمام أعضاء اللجنة المركزية، وجه نبيل بنعبد الله نقدا حادا للحكومة الحالية، والتي قال إنها غير مستوعبة لحالة الضبابية والقلق المسيطرة على المشهد السياسي والاجتماعي بالمغرب.
وقال بنعبد الله إن مشاكل الأغلبية الحكومية الحالية تتفاقم من خلال استمرار التشنجات بين مكوناتها، حيث أوضح أن هناك من ارتكن منها إلى “اطمئنان مغشوش”، فيما أطراف أخرى تعمل على عرقلة الإنجاز والتطلع لما بعد 2021 عبر ترويج الأوهام.
وشدد بنعبد الله على أن الحكومة الحالية غير مستعدة وغير قادرة سياسيا على تنفيذ الإصلاحات اللازمة للخروج من حالة الجمود التي يعرفها المغرب على جميع المستويات، مشيرا إلى أن الاستمرار في الصراع بين مكوناتها يزيد من تأزيم الأوضاع وترسيخ أزمة اللاثقة التي أصبحت تطغى على المشهد العام.
هذه الأزمة أكد المسؤول الحزبي أنها أدت إلى بروز تعبيرات عفوية تندد بالأوضاع وتؤكد على حالة الجمود والقلق التي ما فتئ حزب التقدم والاشتراكية يحذر منها وينبه إليها على مدى السنوات الماضية، سواء من موقعه السابق في الأغلبية أو موقعه الحالي في المعارضة.
وجدد بنعبد الله دعوته إلى الاستماع والإنصات إلى التعبيرات الشبابية والتعبيرات العفوية للمجتمع المغربي، واحتضانها، والعمل على إيجاد حلول حقيقية لمطالب الشعب في إطار الإصلاح في كنف الاستقرار، بدل إطلاق تصريحات تزيد من تعميق اللاثقة، مشيرا إلى أن الصواب هو الاستماع إلى صوت الجماهير والعمل على تأطير قضاياها ومطالبها مؤسساتيا.
وذكر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بمواقف الحزب في هذا الصدد، والتي اتخذها على مدى السنوات الماضية، حيث دعا من خلالها إلى ضخ نفس ديمقراطي جديد، في الحياة الوطنية، والتسلح بالإرادة الحقيقية للإصلاح من طرف جميع المكونات السياسية.
كما ذكر بنعبد الله بخروج حزب التقدم والاشتراكية من الحكومة بسبب عدم الإجابة عن أسئلة الحزب من طرف المكون السياسي الذي يقود الأغلبية، مبرزا أن ما يحدث اليوم من صراعات بين مكونات هذه الأغلبية يبين صواب رأي الحزب، وصوابية الأسباب التي بنى عليها موقفه.
من جهة أخرى، وبعدما هنأ بنعبد الله لجنة النموذج التنموي التي عينها جلالة الملك أول أمس على الثقة التي حظيت بها، عبر عن تمنيات حزب التقدم والاشتراكية بنجاح عملها، داعيا في هذا السياق إلى جعل الأشهر المقبلة فرصة لنقاش وطني عمومي حول الأوضاع العامة وسبل التنمية لإخراج البلاد من حالة الحيرة.
ودعا الأمين العام إلى جعل الإصلاح السياسي مدخلا أساسيا للنموذج التنموي الجديد، مبرزا أن الإصلاح السياسي سيؤدي مباشرة إلى إصلاح اقتصادي، حيث أوضح المتحدث أن هناك ارتباطا بين الأوضاع السياسية والاقتصادية، “إذ أن الانفراج السياسي يساهم في تجاوز المعضلات الاقتصادية”، وفق تعبيره.
في ذات الإطار، انتقد المتحدث مشروع مالية 2020 الذي تمت المصادقة عليه، والذي قال إنه يكرس ما يجري من عبث في تسيير الشأن العام من خلال خلوه من النفس الاجتماعي وكذا توجهه صوب الحلول السهلة كالقروض.
ويرى بنعبد الله على أن التوجه لاستقراض 91 مليار درهم في مشروع مالية 2020 وعدم تخصيصها لبرامج تمويلية وتنموية، هو دخول في حلقة مفرغة من الديون لاسيما وأنه نفس الرقم المخصص لتسديد الديون وفوائدها، محملا الحكومة مسؤولية الأوضاع التي تعيشها مختلف الفئات الاجتماعية والتي تعرف احتقانا أكبر، في ظل الارتكان إلى اطمئنان مغشوش.
إلى ذلك، وحول الأوضاع الداخلية لحزب التقدم والاشتراكية، نوه بنعبد الله بالدينامية التي يعيشها الحزب والقوة التي يعبر بها عن مواقفه في جل القضايا وبشكل دوري ومستمر، كما نوه بأداء مناضلات ومناضلي الحزب من مختلف المواقع، وكذا برلمانييه ومستشاريه بمختلف الجهات والأقاليم.
ودعا بنعبد الله إلى تكثيف هذه الجهود والاستمرار في العمل من أجل الالتحام بقضايا المواطنات والمواطنين، وتملك قضاياهم، مبرزا، في كلمته، أن الحزب، ومن موقع المعارضة الوطنية التقدمية البناءة، سيعمل على الدفاع عن المواقف الرصينة والقضايا الاجتماعية العادلة.
في هذا الإطار، قدم زعيم حزب “الكتاب” وثيقة “تجذر وانصهار” والتي قال إنها وسيلة وأسلوب ومقاربة للعمل من موقع المعارضة للنهوض بأوضاع الحزب الداخلية والتماهي مع حركية المجتمع، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية له الشجاعة الأدبية لأن يكيف أساليبه، ويقف عند نقائصه من أجل معالجتها، فضلا عن كونه حزبا منفتحا وله الاستعداد لأن يجدد دماءه على كافة المستويات، ويحذوه تطلع كبير نحو تجسيد البديل التقدمي الديمقراطي.
وذكر بنبعد الله بالعمل الحزبي القوي الذي يجب أن ينبني على بث نفس ديمقراطي جديد، كما جاء في المؤتمر السابق، وكذا مشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي يؤمن به الحزب باعتباره بديلا تقدميا اشتراكيا سواء على مستوى المشروع السياسي، أو على مستوى بنيات الاستقبال التنظيمية.
وسجل المتحدث أن وثيقة “تجذر وانصهار” كوثيقة تأطيرية، تأتي لمقاربة عمل كافة تنظيمات الحزب من موقع المعارضة، وهي الوثيقة التي تعد استمرارا وامتدادا وتحيينا لوثائق مماثلة، وخاصة خطة تجذر، وقبلها خارطة الطريق، “كما أنها ورقة موجهة للسير بخطى واثقة نحو استرجاع زمام المبادرة والانصهار في الحركة الاجتماعية”، يقول بنعبد الله، مضيفا أن هذه الوثيقة “تنهل من هوية الحزب ومشروعه السياسي التقدمي، وغايتها تعبئة الجسد الحزبي، من أجل بعث دينامية أقوى في صفوفه، والإسهام في إحداث وتأطير دينامية مجتمعية، والانخراط الأقوى في قلب النضالات الجماهيرية”.
يشار إلى أن الدورة الخامسة للجنة المركزية ترأسها مصطفى عديشان عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية إلى جانب كل من عبد الأحد الفاسي وخديجة الباز وثريا الصقلي وادريس الرضواني وفاطمة الزهراء برصات ورشيد روكبان.

< محمد توفيق أمزيان < تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top