اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية تصادق على تقرير الديوان السياسي وتقرر الاستمرار في الحكومة

قررت اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، المجتمعة في دورة استثنائية، يوم السبت الماضي بسلا، الاستمرار في حكومة سعد الدين العثماني، وتكليف الأمين العام للحزب والديوان السياسي بتدبير وتصريف هذا القرار.
وصوتت أغلبية برلمان حزب التقدم والاشتراكية على قرار الاستمرار في حكومة سعد الدين العثماني، مقابل اعتراض 17 عضوا وعضوة، على بقاء الحزب في الحكومة، وامتناع صوت واحد عن التصويت.
كما صادقت اللجنة المركزية على بيان عام شمل مجريات أشغالها وقراراتها والآفاق المستقبلية للحزب.
وجاء هذا القرار الذي وصف بـ “التاريخي” و”الشجاع”، بعد نقاش عميق وهادئ بين أعضاء اللجنة المركزية، على إثر التقرير الذي قدمه الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله باسم المكتب السياسي، والذي بسط من خلاله مستجدات الحالة السياسية الراهنة، وفي مقدمتها القرارات الأخيرة التي اتخذها جلالة الملك، على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول البرنامج المسمى “الحسيمة منارة المتوسط”، والتي مست ثلاثة وزراء من الحزب، بصفتهم أعضاء في الحكومة السابقة التي كان يرأسها عبد الإله بنكيران.
وقد طرح الأمين العام في التقرير ذاته، (تجدون نصه الكامل في الصفحة الثانية) إمكانية الاستمرار في حكومة سعد الدين العثماني من عدمه، تاركا الخيار لأعضاء اللجنة المركزية لاتخاذ الموقف الأنسب والذي سيمكن الحزب من ضمان مساهمته في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي، وفي الوقت ذاته، الموقف الذي يحفظ وحدة الحزب، ويمكنه من الخروج من هذه المرحلة بأقل الأضرار.
ورغم قوة الصدمة التي عبر عنها عضوات وأعضاء اللجنة المركزية، سواء في تدخلاتهم، أو كما بدت على محياهم، فقد قارب برلمان حزب التقدم والاشتراكية، بموضوعية عالية، وبتجرد ونكران للذات، موضوع مواصلة الحزب لمساهمته في الحكومة الحالية، مؤكدين على أن نفس الظروف التي أنتجت موقف المشاركة في الحكومة تبقى هي نفسها قائمة.
مقابل ذلك، أقر أعضاء اللجنة المركزية، بالإجماع، بنزاهة وجدية وزراء حزب التقدم والاشتراكية، سواء الذين تحملوا مسؤوليات في الحكومة السابقة، أو الذين تحملوا مسؤوليات في الحكومة الحالية، معربين عن افتخارهم واعتزازهم بما قاموا به من مهام جليلة، خدمة للوطن والشعب، بكل تفان وإخلاص، وبروح عالية من الجدية والمسؤولية والوفاء لمبادئ الحزب وللروح الوطنية العالية التي ميزت كفاحه الطويل في خدمة القضايا المشروعة للوطن والشعب.
وذهبت أغلب التدخلات إلى انتقاد ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات المتعلق بمشروع “الحسيمة منارة المتوسط” إلى درجة أن بعض المداخلات وصفته بـ “الانتقائي”، فيما صنفته مداخلات أخرى ضمن خانة “تصفية حسابات سياسية مع حزب التقدم والاشتراكية”، مع تشديد الجميع على الاحترام الواجب لمختلف المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها المؤسسة الملكية.
وكان الأمين العام محمد نبيل بنعبد الله الذي ناشد باسم المكتب السياسي أعضاء اللجنة المركزية للتصويت على قرار مواصلة العمل في حكومة سعد الدين العثماني، لجعل الحزب يضطلع بأدواره وأن يستمر في خدمة القضايا الكبرى للوطن، قد أكد على أن هذا الموقف لا يعني، بالمطلق، خوف حزب التقدم والاشتراكية من ممارسة المعارضة، مشيرا إلى أن الحزب مارس المعارضة لأزيد من خمسين سنة، وأنه إذا تطلب الأمر أن يعود للمعارضة فسيفعل ذلك، وفق ما هو موجود في جميع الأنظمة الديمقراطية، مؤكدا على أن القول بأن الحزب إذا خرج إلى المعارضة سيموت، هو كلام مجانب للصواب، على اعتبار أن التواجد في الحكومة ليس قدرا محتوما، والتواجد في المعارضة ليس قدرا محتوما كذلك.
وجدد محمد نبيل بنعبد الله التأكيد على أن ما تعرض له الحزب ليس بالمسألة السهلة، لكن قبل اتخاذ أي قرار، يضيف المسؤول الحزبي، وجب التأكيد على أن ماهية وهوية حزب التقدم والاشتراكية “مرتبطة، ارتباطا وثيقا، بالدفاع عن مشروع مجتمعي قوامه الديمقراطية الحق ودولة المؤسسات، مجتمع الحرية والكرامة وحقوق الإنسان والمساواة، مجتمع بناء الاقتصاد الوطني المتين، وتحقيق العدالة الاجتماعية وإرساء العدالة المجالية، مجتمع الانفتاح والحداثة”.
وأفاد نبيل بنعبد الله أن قيادة الحزب توصلت يوم وغداة صدور القرارات الملكية، بما مفاده أن هناك رغبة سامية في أن يواصل الحزب مشاركته في الحكومة الحالية، من خلال تولي الحقائب ذاتها التي كان يتولاها. وهو أمر مطروح على اللجنة مركزية، للحسم فيه بمقتضى القانون الأساسي للحزب.
وقد كان أول المتدخلين خلال هذه الدورة الاستثنائية، إسماعيل العلوي، رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية وعضو اللجنة المركزية، والذي وصف الظرف الراهن بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية، بـ “الحاسم” الذي يقتضي بحسبه التفاف جميع المناضلات والمناضلين لصيانة وحدته، مؤكدا على أن الدعوة إلى مواصلة العمل من داخل الحكومة الحالية، لا يعني أنه ليست هناك تلوينات أخرى.
وأكد إسماعيل العلوي ما ذهب إليه نبيل بنعبد الله، كون قيادة الحزب توصلت برسالتين من أعلى مستوى، مفادهما مواصلة المشاركة في الحكومة، مشيرا إلى أنه لا يمكن ألا نأخذ ذلك بعين الاعتبار، وألا نستمر في مواصلة النضال من أجل تفعيل الدستور الذي أقره المغاربة سنة 2011، وأن نسعى إلى تحويل مضامينه إلى واقع ملموس.

 محمد حجيوي

Related posts

Top