المبالغة في ممارسة رياضات قوة التحمل تؤدي إلى الكسور الإجهادية

 تعد كسور الإجهاد تشقُّقات صغيرة في العظام وتنتج عن القوة المتكررة، وتحدث غالبا بسبب الإفراط في الاستخدام، مثل القفز بشكل متكرر إلى الأعلى وإلى الأسفل أو الجري لمسافات طويلة. ويمكن أن تظهر كسور الإجهاد أيضا كنتيجة للاستخدام العادي للعظام والذي أضعفه مرض ما مثل هشاشة العظام.
وقال الدكتور كاسبر جريم إن الكسور الإجهادية (Stress Fractures) عبارة عن شقوق صغيرة في العظام تحدث نتيجة الإجهاد الزائد المتكرر على العظام.
وأوضح جراح العظام الرياضي الألماني أن الكسور الإجهادية تصيب بصفة خاصة الأشخاص الذين يمارسون رياضات قوة التحمل مثل المشي والركض، بسبب زيادة شدة التمرين على نحو مفاجئ وليس بشكل تدريجي، على سبيل المثال عند زيادة معدل تدريب الركض من مرتين إلى سبع مرات في الأسبوع.
وإلى جانب زيادة شدة التمرين على نحو مفاجئ، يمكن أيضا أن ترجع الكسور الإجهادية إلى أسباب هرمونية أو إلى الوضعيات الخاطئة أو إمدادات الطاقة غير المتوازنة.
وغالبا ما يحدث الكسر الإجهادي في عظم مشط القدم وعظم الكعب وقصبة الساق والحوض وعنق الفخذ، ويمكن ملاحظته من خلال الشعور بألم في الموضع المصاب وحدوث تورم به وعدم القدرة على التحميل عليه.
ويَكثر حدوث كسور الإجهاد في العظام التي تَحتمل وزن الجسم في الجزء السفلي للساق والقدم. ويعد الرياضيون في سباقات المضمار والميدان والمجندون العسكريون الذين يحملون عبوات
ثقيلة لمسافات طويلة، الأكثر عُرضة للخطورة، ولكن يمكن لأي شخص الإصابة بكسور الإجهاد. وقد يحدث أن يصاب الشخص بكسور الإجهاد إذا بدأ برنامجا تدريبيّا جديدا، وقام بتمرينات كثيرة بعد فترة وجيزة. وفي الحالات البسيطة يتم علاج الكسور الإجهادية من خلال العلاج التحفظي باتباع طرق الإسعافات الأولية وخاصة الراحة حتى التئام الكسر، وفي الحالات المتوسطة يتم تجبير الكسر.
وفي الحالات الشديدة يتم اللجوء إلى الجراحة؛ حيث يتم تركيب شرائح ومسامير، علما بأن العلاج يستلزم التوقف عن ممارسة الرياضة لعدة أشهر.
وكثيرا ما تنتج كسور الإجهاد عن زيادة كمية أو شدة النشاط بسرعة كبيرة.
ويشير خبراء اللياقة البدنية إلى أن العظام تتكيف تدريجيا مع زيادة الأحمال من خلال إعادة التشكل، وهي عملية طبيعية تزداد سرعتها عند زيادة الحمل على العظم. وأثناء إعادة التشكل، يتم تدمير أنسجة العظام ثم إعادة بنائها.
وترتشف العظام المعرضة لقوة غير مألوفة دون وقت كاف للتعافي الخلايا بسرعة أكبر من قدرة الجسم على استبدالها، مما يجعلها أكثر عرضة لكسور الإجهاد.
وتكون الكسور الإجهادية أكثر شيوعا لدى الأشخاص الذين يشاركون في الألعاب الرياضية المُجهِدة؛ مثل سباقات المضمار والميدان وكرة السلة والتنس والرقص أو الجمباز.
وتحدث الكسور الإجهادية غالبا لدى الأشخاص الذين يتغيرون فجأة من نمط الحياة المستقرَّة إلى حِمْية رياضية نشطة، أو من يقومون بسرعة بزيادة كثافة التدريب ومدته وعدد جلساته.
أما النساء، وخاصة اللاتي لا تنتظم لديهن دورات الحيض، أو من ليست لديهن دورات حيض على الإطلاق، فهن عُرْضة أكثرَ للإصابة بالكسور الإجهادية.
كذلك الأشخاص الذين لدَيهم أقدام مُسطَّحة أو تقوُّس صلب وعال. كما يمكن أن تُضعِف بعض الحالات، مثل هشاشة العظام، العظم، وتجعل من السهل الإصابة بالكسور الإجهادية.
هذا إضافة إلى أن الإصابة بواحد أو أكثر من الكسور الإجهادية مسبقا تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بها مرة أخرى. ويمكن لاضطرابات الشهية ونقص فيتامين “دي” ونقص الكالسيوم التسبُّب في الكسور الإجهادية أيضا.
ويشير الخبراء إلى أن عدم التئام بعض الكسور الإجهادية بشكل صحيح قد يسبب مشاكل مزمنة؛ لذا إن لم تُعالَج الأسباب الكامنة، فقد يتسبب إهمالها في تعريض الفرد لخطر الإصابة بالمزيد منها.
ويوصي الخبراء بخطوات بسيطة للمساعدة في تجنب الإصابة بالكسور الإجهادية، ومن ذلك إجراء التغييرات تدريجيّا، وبدء أي برنامج جديد للتمارين الرياضية ببطء والزيادة فيه بشكل تدريجي. وكذلك الامتناع عن زيادة التمارين لأكثر من 10 في المئة في الأسبوع.
كما يوصي الخبراء باستخدام حذاء ملائم والتأكد من ملاءَمة قياس الأحذية للنشاط البدني. وإذا كان الشخص مصابا بالقدم المسطحة، فليطلب من طبيبه توفير الدعامات المقوسة لأحذيته.
ويوصي الخبراء بالتغذية السليمة حفاظا على متانة العظام، وضرورة العمل على اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على مقدار كاف من الكالسيوم وفيتامين D والعناصر المغذية الأخرى.
وكذلك بالتمارين ذات التأثير المنخفض لتجنب الإجهاد المتكرر الواقع على جزء معين من الجسم.
وعلى الرغم من أن الجراحة غير عادية، إلا أنها ضرورية في بعض الأحيان لضمان الشفاء التام لبعض أنواع كسور الإجهاد وخاصة تلك التي تحدث في المناطق التي تعاني من ضعف إمداد الدم.
وقد تكون الجراحة أيضا خيارا للمساعدة في الشفاء لدى نخبة الرياضيين الذين يرغبون في العودة إلى رياضتهم بسرعة أكبر أو العمال الذين ينطوي عملهم على موقع كسر الإجهاد.
وتظهر أعراض الكسور الإجهادية عادة على شكل تورم وألم في مكان محدد من القدم أو الساق يزداد مع النشاط ويقل مع الراحة. ولذا من المهم أن يسأل الطبيب المصاب عن مستوى نشاطه البدني خلال الأيام السابقة لحدوث الألم. وقد لا تظهر هذه الكسور بصورة واضحة في الأشعة خلال الأيام الأولى ولكن بمرور الأيام يبدأ ظهور تغيرات تشير إلى وجود هذا الكسر.
وقد تجعل ممارسة الرياضة أثناء مرحلة تعافي الكسور الإجهادية الأمور تزيد سوءا، فمن الأفضل أثناء التعافي من الكسور التزام الراحة تماما وتجنب الجري والمشي على الأراضي الصلبة لأنها قد تقوم بفتح الكسور وتجعل الفرد يعاود رحلة التعافي مرة أخرى بالإضافة إلى الآلام الشديدة التي سيتعرض لها أثناء ممارسة الرياضة.

Related posts

Top