المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يدعو إلى تهيئة مستدامة للساحل

نظم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الخميس الماضي بطنجة، لقاء برئاسة رئيس المجلس أحمد رضا الشامي، خصص لعرض رأي الهيئة بعنوان “أية دينامية عمرانية من أجل تهيئة مستدامة للساحل؟”.
وشكل هذا اللقاء التواصلي، الذي جرى بحضور والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، محمد مهيدية، ورئيس مجلس الجهة عمر مورو، وعامل إقليم الفحص-أنجرة، عبد الخالق المرزوقي، ورئيس جماعة طنجة والمدير العام لوكالة تنمية أقاليم الشمال منير البويوسفي، وممثلي القطاعات الحكومية والمؤسسات العامة والمجالس المنتخبة والمنظمات والمؤسسات الدولية والمجتمع المدني، بالإضافة إلى رؤساء المصالح اللاممركزة وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فرصة لإبراز الاهتمام بموضوع الديناميات الحضرية وتهيئة الساحل، والفرص والتحديات المتعلقة بالساحل المغربي، والصعوبات الهيكلية التي تعوق التخطيط الحضري، ودعوة المجلس إلى تهيئة مستدامة للساحل.
وأكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أحمد رضا الشامي، أن لقاء اليوم خصص للحديث عن تهيئة الساحل باعتباره محورا لجزء كبير من الأنشطة الاقتصادية والبشرية، موضحا أن الساحل بالمغرب، والذي يمتد على مسافة تفوق 3500 كلم، يساهم بـ83 في المائة من الناتج الداخلي الخام بالمغرب، وبأكثر من 50 في المائة من مناصب الشغل.
وأشار الشامي، في تصريح للقناة الإخبارية (M24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن هناك نماذج متنوعة من السواحل، ما يقتضي وضع مقاربات جهوية لتطوير الساحل وتنميته، داعيا إلى القطع مع الفكرة القائلة بأن الساحل منطقة للاستهلاك فقط، بل هي منطقة تنتج الثروة ومناصب الشغل، لكن يتعين القيام بذلك بطريقة مستدامة لضمان التوازن بين التنمية والمحافظة على البيئة.
في هذا السياق، شدد على ضرورة تطبيق واحترام التدابير القانونية المتعلقة بتدبير المناطق الساحلية، متوقفا، على سبيل المثال، عند ضرورة منع البناء في مسافة تقل عن 100 متر عن البحر، والحرص على تحرير الملك العمومي البحري، والعمل على ضمان ولوج المواطنين إلى الشواطئ باعتباره حقا من حقوقهم.
وسجل الشامي، في كلمة خلال اللقاء، أن رأي المجلس، الذي تم إعداده وصياغته على أساس مقاربة تشاركية مع جميع المعنيين والمتدخلين في الموضوع، هو نتاج نقاش واسع بين الفئات المختلفة التي يتكون منها المجلس، وكذلك جلسات الاستماع التي تم تنظيمها مع الفاعلين الرئيسيين المعنيين، بالإضافة إلى أنه تم إطلاق مشاورة على منصة المشاركة المواطنة الرقمية “Ouchariko”، أظهرت اهتمام المواطنين الكبير بالتوسع الحضري والتهيئة المستدامة للساحل في علاقته بإعداد التراب.
وقال إنه “من بين المواطنين الذين شاركوا في استطلاع الرأي الذي أطلقه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن التهيئة المستدامة للساحل، اعتبر 85 في المائة أنهم غير راضين عن حالة الساحل الوطني، وأكد 81 في المائة على الحاجة إلى إصلاح سياسات التخطيط الحضري، واقترح 70 في المائة تحسين قابلية تطبيق وثائق التعمير”، مشيرا إلى أن المشاركين في المسح يعتقدون أن أربعة عوامل تفسر الاختلالات في تهيئة المناطق الساحلية، وهي عدم التناسق بين السياسات العمومية (26 في المائة)، نمط الحكامة وتعدد الفاعلين المتدخلين في موضوع الساحل (26٪)، وعدم فاعلية وثائق التعمير الخاصة بالمدن (23٪) وإشكالية تدبير العقار (18٪).
من جانبه، أكد والي الجهة، محمد مهيدية، أن ساحل جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، التي تتميز بواجهتين بحريتين مهمتين بطول 450 كلم، يشكل عنصرا مهما في النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والعمراني، باعتباره مجالا للاستثمار والمشاريع المهيكلة وفضاء خصبا لأنشطة الصيد البحري وللسياحة، مبرزا بالمقابل أنه يبقى عرضة للاستنزاف والتلوث بفعل عوامل الضغط السكاني والأنشطة الصناعية والخدماتية الملوثة، ما يطرح إشكالية التدبير المندمج للساحل.
وشدد الوالي على أن البعد البيئي وهاجس الحفاظ على الوسط الطبيعي يبقى حاضرا بقوة في صلب القرارات المتعلقة بالسياسات العمومية المحلية والمشاريع الاستثمارية، من خلال مبادرات هادفة للحد من التلوث وحماية البيئة، لاسيما تعميم محطات معالجة المياه العادمة، خلق مطارح عمومية مراقبة، تهيئة وتشجير المطارح القديمة، وإيقاف أنشطة المقالع الرملية.
وفي هذا السياق دعا المسؤول الترابي كافة الفاعلين إلى الانكباب بفعالية لإخراج المخطط الجهوي لتدبير الساحل إلى حيز الوجود في أقرب الآجال، اعتبارا لأهميته الاقتصادية والإيكولوجية من أجل ساحل مندمج ومستدام.

بدوره، أبرز رئيس مجلس الجهة، عمر مورو، أن العلاقة الترابطية بين الساحل والعمران من جهة والاقتصاد والمجتمع من جهة ثانية، تظهر بشكل جلي في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ولاسيما في قطبي طنجة وتطوان، اللذين يعرفان كثافة سكانية مرتفعة وضغطا عمرانيا واقتصاديا كبير، العاملان اللذان يؤثران بشكل أو بآخر على توازن الأنظمة بهذه المنطقة الساحلية وأنظمتها البيئية وجغرافيتها البشرية بشكل عام.
من هذا المنطلق، حث مورو الفاعلين الإداريين والمتدخلين الترابيين والباحثين الاقتصاديين على الأخذ بعين الاعتبار هذه الخصوصيات والحذر أثناء اتخاذ القرارات وبرمجة التدخلات واقتراح المشاريع، داعيا إلى ضرورة الحفاظ على التوازنات الكبرى بين الساحل والداخل من خلال إعادة النظر في توزيع الأنشطة الاقتصادية والامتدادات العمرانية، ورفع تحدي التنمية الشاملة والدائمة والمتوازنة.
في هذا السياق ذكر بمبادرات الجهة لإدماج البعد البيئي، من خلال الوثائق المرجعية للتنمية (التصميم الجهوي، البرنامج الجهوي للتنمية) لإعادة النظر في توزيع الأنشطة بين المجالات الترابية بالجهة، بشكل يراعي النجاعة الاقتصادية، والتوافقات الاجتماعية والعدالة المجالية والتوازنات البيئية، داعيا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار سياسته الجهوية، لمواكبة الجهة فيما يتعلق بالتدبير والحكامة والاقتراح والاستشراف والتقييم، واستشراف حلول مبدعة وذكية لإعادة التوازن للدينامية العمرانية والاقتصادية، وجعلها تتماشى وقواعد التعمير المستدام والمتوازن والنجاعة الاقتصادية.
وشكل اللقاء مناسبة لتقديم عرض ألقاه عضو المجلس ومقرر موضوع اللقاء خليل بنسامي، حيث تم استعراض أهم محاور رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول التهيئة المستدامة للساحل.

Related posts

Top