المجلس الجماعي بأكادير يحرم جمعيتين ترعيان 580 طفلا منهم ذوو إعاقة سمعية عميقة من مقرهما

إصرار وتهجم وإفراغ دون سند قانوني

تم أول أمس الأربعاء، التهجم على ممتلكات جمعيتي “حماية ورعاية الصم” و”أرض الأطفال” من قبل السلطات التي كانت مدججة بآليات الهدم، حيث اقتحمت المقر بعد تكسير أبوابه وعملت بعد ذلك على إخلائه من المستفيدين من خدمات الجمعيتين اللتين تعتبران رائدتين في هذا المجال على المستوى المحلي والوطني.
وقد دخل أطر الجمعيتين وعمالها في اعتصام مفتوح ليقضوا ليلة أول أمس في العراء، في انتظار ما ستسفر عنه تطورات هذا الملف الشائك،لاسيما، وأنه في طريقه إلى التدويل.
وكان المجلس الجماعي لمدينة أكادير مصرا على حرمان الجمعيتين من المقر الذي يزاولان به نشاطهما لما يربو عن 27 سنة في مساعدة أطفال يحتاجون من أجل متابعة دراستهم إلى دعم بيداغوجي وطبي واجتماعي في أفق تكوين أجيال حاملة للأمل.
ويظهر أن المجلس الجماعي الذي كان قد راسل في 6 أبريل الماضي الجمعيتين المذكورتين عبر مفوض قضائي ودون سند قانوني، من أجل إخلاء المقر الذي ينشطان به والكائن بزنقة السوق الحي الصناعي، بذريعة أنه يندرج ضمن اتفاقية التنمية الحضرية، لا يعي أن موقفه هذا خطير وخطير جدا، ويكشف عن قصر نظر وضعف في التدبير والتسيير، بل وعدم تقدير المسؤولية حق قدرها في حماية أطفال منهم ذوو إعاقة سمعية عميقة، هم جميعا في أمس الحاجة للدعم التربوي والاجتماعي والتكوين الحرفي، لاسيما، وأن أغلبهم من أسر معوزة.
إن إصرار المجلس الجماعي على إفراغ الجمعيتين من مقرهما دون طرح أي بديل ملائم، هو بمثابة معاداة لمصلحة الطفولة، وتجاهل للسياسة العمومية المندمجة للدولة في حماية الطفولة والإعاقة، وتغاض عن توصيات اللجنة الوزارية التي يترأسها رئيس الحكومة نفسه، وهي المكلفة بتتبع هذه البرامج الرامية لحماية هذه الفئة، والتي يجري حاليا الاشتغال من أجل تعميمها على كافة أقاليم الوطن المملكة.
فما أقدم عليه المجلس الجماعي من قرار ألح على تنفيذه دون تقديم أي بديل، سيحرم بلا شك أزيد من 580 طفلا منهم 380 في وضعية إعاقة سمعية عميقة، من حق التمدرس والتكوين الحرفي والخدمات شبه الطبية كتقويم النطق والترويض الطبي، وليس ذلك فقط بل سيتسبب في تسريح العاملين بالجمعيتين الذين سيجدون أنفسهم بين عشية وضحاها من دون شغل ولا مشغلة، مما سيعمق من ظاهرة البطالة ويشجع على تسول الأطفال المعوزين الذين سيبقون عرضة لمختلف أشكال الانحراف، الشيء الذي يعد ضربا للبرنامج الوطني الخاص بكفالة الأطفال المحرومين من السند الأسري.
استنكار عدم السعي لإيجاد حلول بديلة ملائمة

وفي سياق متابعة جريدة بيان اليوم لهذه القضية، توصلنا من جمعيتي “حماية ورعاية الصم” و”أرض الأطفال”، ببلاغ تعبران من خلاله عن استنكارهما الشديد لتمادي المجلس الجماعي في التجاهل وعدم السعي الجاد إلى إيجاد حلول بديلة، علما بأن هذا الأخير هو من طالب بالإخلاء المقر شهر أبريل الماضي دون سند قانوني، كما عبرا عن استنكارهما للطريقة التي تتم بها دعوتهما للاجتماعات “من طرف السلطة” دون اعتماد المساطر المعمول بها، إذ يتم الاتصال بهما عبر الهاتف بزمن قليل قبل الاجتماع، وأحيانا أثناء انعقاده.
واستنكر البلاغ الطريقة التي تم التعامل بها مع رئيس جمعية حماية ورعاية الصم خلال اجتماع 7 يونيو، حيث تم انتهاك حقه في الترجمة “بعدم توفير مترجم للغة الإشارة” مما جعله يحس بالمهانة، كما ندد المصدر نفسه، بالهجوم الذي تعرضت له الأطر التربوية بجمعية أرض الأطفال من طرف أشخاص يدعون أنهم من الشركة المسؤولة عن المشروع المراد إقامته مكان المقر الذي تستغله الجمعيتان، واستياؤه كذلك من المضايقات التي تتعرض له جمعية “أرض الأطفال” من قبل موظف بمصلحة الشؤون القانونية بجماعة أكادير، كما عبر عن شجبه لسياسة التمييز بين الجمعيات وعدم العمال بمبدأ تكافؤ الفرص في توزيع المقرات مما يتعارض ومبادئ المساواة بين المواطنين.واعتبرت الجمعيتان بأن التضييق الذي تعانيان منه مخالف لروح الدستور الذي جعل من المجتمع المدني شريكا استراتيجيا ورافعة للتنمية.

شجب مغالطات محضر كال بمكيالين

وفي تصريح لبيان اليوم، عبرت فاطمة الشعبي رئيسة “جمعية أرض الأطفال”، عن استنكارها لما آلت إليه الأمور في هذه القضية التي تعتبر شاذة، وشجبت الهجوم الذي طال مقر الجمعية من قبل السلطات التي اقتحمت المقر وحطمت ممتلكاته لتطرد منه الأطفال المعوزين وأطر وعمال الجمعيتين الذين يسهرون على خدمة المستفيدين، مما أفضى إلى اعتصام هؤلاء ومبيتهم في العراء احتجاجا على طردهم من مكان عملهم.
وأضافت بأن الجمعيتين توصلتا بداية الأسبوع الجاري بقرار بإخلاء المقر من قبل المجلس الجماعي، موضحة، أن هذا القرار مبني على محضر لم يتم تسليمه للجمعيتين وكله مغالطات، وقد أغفل عن قصد كثيرا من الأمور، منها عدم توفير مترجم لرئيس جمعية رعاية وحماية الصم أثناء الاجتماع والتغاضى عن مقترح الحل المرحلي الذي قدمته الجمعيتان والذي يتعلق بداري الحي الفضية وابن زيدون وتم رفضه رفضا قاطعا.
واعتبرت الشعبي هذا التصرف بمثابة كيل بمكيالين، مؤكدة، أن المحضر يجب أن يكون أمينا لما دار في الاجتماع دون انحياز لأي طرف. واستغربت المتحدثة، ما تم تداوله والذي يفيد بأنه عرض على الجمعيتين مركز الفرصة الثانية لوزارة التربية الوطنية بمدينة انزكان وتم رفضه، موضحة أن هذا المركز، لم يكن إطلاقا مقترحا بديلا لهما كجمعيتين، علما أنه تابع لجماعة ترابية أخرى.
وأوضحت المتحدثة، أن مقترح المقرات البديلة، يتعلق بثلاثة أقسام في حالة مزرية بمدرسة التقدم بحي تالبرجت، أو أحد مكاتب البيع التابعة لشركة عقارية بحي أدرار أو منزل من طابقين بحي النهضة تشتغل فيه جمعية أخرى، أو قاعة يتيمة بالمركز الثقافي “ابزيكا” بالحي المحمدي، أو مدرسة المحيط بأنزا التي ما تزال أشغال تهيئتها متواصلة.
وتساءلت المتحدثة، كيف القبول بهذه المقترحات غير الملائمة، بالنسبة لجمعيتين رائدتين، تحتاجان لأقسام وقاعات متعددة بحجم نشاطهما المتنوع في تقديم الخدمات للطفولة المعوزة وذات احتياجات..
مساعي مكثفة رغم الباب المسدود

يذكر أن الجمعيتين كانتا قد عقدتا يوم الجمعة 11 يونيو 2021 اجتماعا لتدارس المرحلة المقبلة لتدبير ملف المقر المهدد بالإخلاء وكذلك من أجل إيجاد السبل لاستمرار اشتغال الجمعيتين دون التأثير على السير العادي لهما وعلى نفسية المستفيدات والمستفيدين.
وخلال هذا اللقاء تم استحضار المساعي والإجراءات التي قامت بها الجمعيتان منذ التوصل بمطالبة الإخلاء يوم 6 أبريل الماضي من رئيس المجلس الجماعي لأكادير، مرورا بالمساعي التي قامت بها السلطات المحلية في شخص الباشا و قائد المقاطعة الثانية، بمعية مدير الأكاديمية الجهوية سوس ماسة والمدير الإقليمي للتربية والتكوين ثم اللقاء الذي دعاهما إليه والي جهة سوس ماسة يوم الاثنين 24 ماي 2021 بحضور الباشا رئيس المنطقة الحضرية لأكادير المحيط، والذي حضره عن جمعية حماية الصم يونس العلوي كمدير إداري مكلف بالتواصل مع المصالح الخارجية، وعن جمعية أرض الأطفال فاطمة الشعبي كرئيسة.
وأثناء هذا اللقاء نوهت الجمعيتان بالنوايا الحسنة لكل الأطراف، كما عبرتا عن ارتياحهما للطابع الإيجابي الذي اتسم به الحوار مع الوالي للبحث عن حل مرحلي يناسب الخدمات التي تقدمها الجمعيتان في انتظار إحداث مركز خاص وقار يليق بحجم تلك الخدمات .
كما تم خلال نفس اللقاء، الوقوف من قبل الجمعيتين على مخرجات الحوار التي من خلالها الاتفاق على تقديم المقترحات التي قد تراها الجمعيتان مناسبة.
واستحضر أطر الجمعيتين خلال لقائهما هذا، الاجتماع الذي تمت دعوتهما إليه إلى جانب المصالح المختصة يوم الاثنين 7 يونيو 2021، من طرف رئيس المنطقة الحضرية “أكادير- المحيط” لتدارس الحلول المقترحة بحضور كل من المديرية الإقليمية للتربية والتكوين، والقسم الاجتماعي بالبلدية، وغياب كل من قسم الممتلكات بالبلدية والمصلحة المكلفة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ووقفت الجمعيتان، على ما دار خلال هذا الاجتماع، حيث فوجئتا خلاله باستبعاد المدير الإداري لجمعية حماية الصم- الذي يعتبر المخاطب والمترجم الرسمي لها مع مختلف السلطات، وتم الاكتفاء بدعوة رئيسها الذي بعاني من إعاقة سمعية عميقة دون توفير آلية الترجمة كما هو مفروض في مثل هذه الحالات، الشيء الذي تسبب في صعوبة كبيرة في التواصل للرئيس وخلق ارتباكا للحاضرين
وبعد التباحث من قبل أطر الجمعيتين في كل هذه المعطيات وكذلك مخرجات الاجتماع الأخير ” 7 يونيو” الذي لم يتم التوصل فيه لأي حل حيث لم تقبل المقترحات التي أتت بها الجمعيتان كبديل مرحلي مناسب للمقر الحالي ويتعلق الأمر باقتراح دار الحي الفضية ودار الحي ابن زيدون، أكدت الجمعيتان على أنهما ليستا ضد المشاريع التنموية وليست لهما أي رغبة في عرقلتها، ولا أية مسؤولية في تأخير إنجازها، كما شددتا على حلول بديلة ملائمة تراعي حجم الخدمات التي يقدمانها لفائدة المستفيدات والمستفيدين.

Related posts

Top