المخيمات فضاء للترفيه والفرح ومدرسة لتعلم الحياة

ردا على ما ادعاه موقع “كود”

كتبت صحفية كود الإليكترونية، يوم الجمعة 12 غشت الجاري مقالا تحت عنوان “فضيحة.. الوزير بنسعيد فعطلة والتطرف حاضر فالمخيمات الصيفية” وربطت ذالك بصورة لأطفال يؤدون الصلاة بشكل جماعي بأحد المخيمات الفرعية بمخيم الهرهورة، ونسبت هذه الواقعة لمنظمة الطلائع أطفال المغرب، التي نفت ذلك في بيان تم تعميمه من طرف الإدارة التربوية لمخيم الطلائع بالهرهورة.

الإشكال هنا، ليس هو تكذيب الخبر، بقدر ما يكمن في طريقة صياغته بشكل يفتقد للكثير من مقومات العمل الصحفي المهني الذي يتطلب التحري والدقة قبل نشر الخبر. كما يضرب في العمق أخلاقيات المهنة، حيث إن كاتب المقال لم يكلف نفسه عناء الاتصال بالجهة التي نسبت إليها هذه الواقعة، أو الاتصال بقيادة مركز مخيم الهرهورة الممثلة للقطاع الوصي وهو وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عوض كتابة الخبر استنادا لمصدر غير معلوم.

الأكثر من ذلك، هو أن كاتب المقال ربط أداء الصلاة بشكل جماعي في المخيم بـ “التطرف” واعتبرها “فضيحة” وكأن الصلاة التي تقام في مساجد المملكة “فضيحة” وتهدد البلاد والعباد بالتطرف، ونسي أن الأطفال الذين يستفيدون من المخيمات الصيفية التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم، ينحدرون من أسر مغربية مسلمة، ولم يأتوا من كوكب آخر أو من قارة أخرى قد نقول إنها تعاني من ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

كما أن صياغة خبر حول المخميات الصيفية بتلك الطريقة، وإقحام منظمة الطلائع أطفال المغرب، وحزب التقدم والاشتراكية، قد يكون محركها الحقيقي هو تصفية حسابات سياسية مع هذه المنظمة التربوية من طرف تلك المصادر التي لم يسمها صاحب المقال لأنها بكل بساطة، لا تملك الشجاعة للكشف عن هويتها، وربما لأنها ضاقت ذرعا بالانتقاد الموضوعي والصريح الذي عبرت عنه الطلائع في أكثر من مناسبة، بخصوص الارتباك الحاصل في تدبير البرنامج الوطني للتخييم لهذا الموسم الذي يأتي بعد سنتين من التوقف، وكان من المفترض أن يكون التحضير له بشكل جيد حتى يظهر في حلة جيدة وجديدة تليق بأطفال عانوا كثيرا من التأثيرات النفسية الناجمة عن الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورنا.   

وكانت منظمة الطلائع أطفال المغرب، قد انتقدت، بحدة، إغلاق العديد من المخيمات الصيفية لأسباب مختلفة، مما أدى إلى تقليص عدد الفضاءات وبالتالي تراجع عدد المستفيدين بشكل كبير مقابل ارتفاع عدد الجمعيات خاصة بعد جائحة كورنا. كما نددت بإعدام العديد من مراكز التخييم كان آخرها غلق مخيم طماريس الشاطئي التابعة لعمالة النواصر، مخيم سيدي رحال التابع لعالة برشيد، وكذا إعدام مخيمي تاغزوت والانبعاث بأكادير، وكان الأحرى، في نظر منظمة الطلائع أطفال المغرب، أن يهتم الإعلام الوطني بمثل هذه الأخبار التي تهدد في العمق مكتسبات الطفولة المغربية وتهدد وجود واستمرار المخيمات الصيفية كمجال للترفيه والتنشيط والتربية على القيم، وكمدرسة لتعلم الحياة وليس نشر التطرف.  

الواضح أيضا أن من أوحى بكتابة هذا المقال حول واقعة لا تكتسي أي خطورة على الأطفال، يريد تصوير المجتمع المدني التربوي وكأنه بعبع، وأن ما تقوم به هذه الجمعيات هو نشر التطرف، وفي ذلك تجن واضح على هذه الجمعيات التي تخضع استفادتها من تنظيم المخيمات لضوابط تربوية وبيداغوجية تراعي مقومات التنشيط التربوي والتثقيفي والترفيهي بما يناسب هذه الشريحة من الأطفال، بالإضافة إلى الضوابط القانونية التي تؤطر هذا المجال الحيوي الذي يكتسي أهمية قصوى بالنسبة لهؤلاء الأطفال المستفيدين من المخيمات الصيفية، والذين ينحدرون  من أسر فقيرة ومتوسطة، ومن مجالات جغرافية متفاوتة، تعاني في الغالب من غياب كلي للبنية التحتية التي من شأنها ضمان حق الطفولة في التنشيط والترفيه.

محمد حجيوي

Top