المدرب الذي نريد لفريقنا الوطني

أمام استحالة استمرارية هيرفي رونار مروضا للأسود

تفيد كل الدلائل والمعطيات أن الناخب الوطني الفرنسي هيرفي رونار سيغادر الإدارة التقنية للفريق الوطني المغربي لكرة القدم، ليس لأن الطرفين يرغبان في ذلك بقوة، بل لأن المصلحة تقتضي إحداث تغييرات جوهرية، فالمدرب يريد البحث عن آفاق جديدة، وإدارة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تسعى إلى وضع حد لآليات تحكم وضعها رونار داخل منتخب، ومن تم إعادة بناء منتخب جديد، وفق آليات جديدة ، والاستفادة من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في عهد رونار الذي لا شك سيرحل عن بلادنا.
وبغض النظر عن رغبة الطرفين في الانفصال، فإن بنود العقد الذي يربطهما يتضمن مجموعة من الأهداف أبرزها بلوغ نصف نهائي كأس أمم أفريقيا 2017 التي أقيمت في الغابون، ونهائي نسخة مصر 2019، وهي أهداف لم يوفق الثعلب الفرنسي في بلوغها، لا خلال دورة 2017، ولا خلال نسخة مصر، وبالتالي فإن العقد يعتبر تلقائيا لاغيا وملغيا.
إلا أن للسيد رونار منطلقات أخرى أو مزايدات أو سعيا لتحقيق المزيد من المكاسب المالية، فقد صرح مباشرة بعد حدوث الإقصاء أمام بنين يوم الجمعة الماضي من دور ثمن النهاية، أنه مرتبط بعقد مع المنتخب المغربي حتى عام 2022، وهو يحترم هذا التعاقد، فهل نسي أن هناك عقدة الأهداف التي يتضمنها هذا العقد، وإذا كان فعلا يحترم نفسه فهو من كان عليه المبادرة بطلب الإعفاء، وطلب «المسامحة» من طرف الأوساط الرياضية الوطنية.
فالجامعة مقتنعة أشد الاقتناع بضرورة رحيل هذا المدرب الفرنسي، وأن «أسود الأطلس» باتوا في حاجة إلى دماء جديدة، رغم أن المدرب يمكنه الاستمرار إلى ما بعد نهائيات كأس العالم 2022 بقطر، بناء على العقد الذي يربط الطرفين، والذي يتضمن -كما قلنا- أهدافا محددة.
فضرورة التغيير تفرض نفسها بعد أن وصلت الأمور داخل المنتخب المغربي إلى حد لا يطاق، إذ تحول هذا المنتخب إلى ما يشبه دائرة ضيقة محصنة، يتحكم فيها لوبي يقوده العميد المهدي بنعطية ويحميه رونار.
فصحيفة «ليكيب» الفرنسية التي يفضل رونار التعامل معها دون غيرها، أكدت أن «الثعلب» سيغادر رسميا المنتخب المغربي، بعد فشله في قيادة المجموعة للمنافسة على لقب النسخة الـ 32 لنهائيات كأس أمم إفريقيا.
سيغادر رونار بعد عجزه عن تحقيق رهانه بتحقيق التتويج القاري الثالث في مسيرته كمدرب، بعد أن رفع التاج الإفريقي مع زامبيا في دورة 2012، وكوت ديفوار قبل 4 سنوات تقريبا في بطولة كانت مقررا تنظيمها بالمغرب.
نفس الصحيفة، سبق لها أن كشفت قبيل انطلاق دورة مصر، أن رونار سيغادر «أسود الأطلس»، عقب نهاية بطولة «مصر 2019»، مضيفة أنه سيدرب أحد الأندية المصرية الكبيرة، دون الكشف عن اسم النادي.
وأكدت، الصحفية ذاتها، أن المدرب الحالي لنادي ليون الفرنسي، برونو جينيسيو، سيتحول إلى المغرب للتفاوض مع الجامعة لخلافة رونار بعد نهاية مونديال إفريقيا.
كل هذه المعطيات تؤكد إذن أن رونار راحل لا محالة نحو وجهة أخرى، وهناك وجهات متعددة سبق أن راجت مباشرة بعد نهاية المشاركة بمونديال روسيا، فقد سمعنا الكثير من رغبات التعاقد مع رونار، فهناك اليابان وقطر ومصر والجزائر وفرنسا والخليج العربي وغيرها من العروض التي يتم الترويج لها من طرف بعض أصدقائه من الصحفيين في إطار المزايدة على إدارة الجامعة.
والمؤكد أن مستقبل الفريق الوطني ليس مع رونار، لكونه -وبكل بساطة- لم يعد قادرا على إعطاء الجديد، بنفس الدينامية التي عرفت عنه، فهو يفضل الإقامة الدائمة بالسنغال، وحتى عندما يقوم بزيارات قصيرة للمغرب فهو يقيم باستمرار بمراكش، مع أن مكتب عمله يوجد بمقر الجامعة أي الرباط.
يكتفي بالمراسلة والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فحتى لحظة الإعلان عن تشكيلة المنتخب قبل خوض أي مباراة رسمية أو ودية أو تظاهرة ما، فإنه يمرر ذلك عبر حساباته بمواقع «فايسبوك» و»إنستغرام» عوض الموقع الرسمي الجامعة.
رونار الذي كان ينتظر على أحر من الجمر دعوة الجامعة، وعلى استعدادا للمجيء للمغرب مشيا على الأقدام إذا طلب منه تدريب المنتخب المغربي، لم يعد هو نفسه رونار الذي تم التعاقد معه سنة 2016، فقد تغيرت النظرة الأمور، وأصبح متعاليا غير مستعد للنقاش أو قبول رأي آخر أو مجرد تلقي ملاحظة.
رونار جعل المنتخب محمية خاصة به وأصدقائه من أفراد الطاقم التقني الذين اختارهم بنفسه، وازداد عددهم بطريقة غير مسبوقة، كما ربط علاقة خاصة ببعض اللاعبين وقوى مكانتهم وجعلهم بعيدين عن أي تغيير، حول المنتخب إلى محمية خاصة لابد لأي وافد جديد أن يقبل انخراطه وتزكيته، وإلا لا مكان له، والشرط ليس بالضرورة مؤهلات تقنية، فقد تكون مجرد لاعب احتياطي أو بدون فريق حتى، لتقبل وتستمر ضدا على إرادة الجميع.
لكن السؤال الجوهري هو لماذا تحول رونار إلى ثعلب خارج عن السيطرة، وإلى شخص غير منضبط لقرارات إدارة الجامعة، ولا لرئيس لجنة المنتخبات فوزي لقجع الذي هو في نفس الوقت هو رئيس للجامعة؟
المؤكد أن الجواب على هذا السؤال يكمن في الطريقة الغارقة في الودية التي تعاملت بها الجامعة مع هذا المدرب، تعامل غير جدي وغير حازم، ومجامل إلى حد ما، حوله إلى شخص منفرد بكل السلط لا يأبه لا لرئيس الجامعة، ولا إلى المحيطين به.
وعندما انتبهت الجامعة أن صاحبنا «تعنتر» وتجبر وتقوى، بفضل وقع المكالمات الهاتفية التي كان يتلقاها من طرف بعض الأشخاص النافذين، وجدت إدارة نفسها متجاوزة حتى من طرف أبسط الموظفين الذين حصلوا على حماية خاصة من طرف هذا «الرجل الأبيض» الذي يشتغل بإفريقيا.
والأخطاء التي ارتكبت مع رونار هي التي يجب عدم تكرارها مع مدرب آخر قادم، أولها إدخال مجموعة من الشروط التي تبدو حيوية وأساسية أولها الإقامة بالرباط ومكتبه بإدارة الجامعة وتخصيص جزء أساسي من لاعبي البطولة الوطنية الاحترافية داخل المنتخب، ثم متابعة مباريات الدوري المحلي، وربط خيط ناظم بين جل باقي المنتخبات السنية والتنسيق مع الإدارة التقنية الوطنية، واحترام مبدإ التواصل الدوري والمؤسساتي، والتعاقد مع موظفين تابعين لإدارة المنتخب، بصفتهم يشتغلون مع الجامعة وليس مع المدرب.
المؤكد أن لإدارة الجامعة ملاحظات أخرى جوهرية من خلال التعامل مع رونار، تقتضي المصلحة عدم تكرارها أو السقوط فيها.
ننتظر المستجدات، وننتظر إذا ما كانت إدارة الجامعة ستكون حازمة صارمة هذه المرة، تتحمل مسؤوليتها كاملة في كل ما يهم شؤون كرة القدم الوطنية، ومن بينها بالدرجة الأولى مؤسسة المنتخب الوطني، والتي تتطلب صونها من تعدد الاختراقات والتدخلات الخارجية.

مبعوث بيان اليوم الى القاهرة: محمد الروحلي

Related posts

Top