المرأة والكتابة

يصادف هذا العدد الاحتفال باليوم الوطني للكاتبة، ولعل في هذا الاحتفال اعتراف ضمني بأن هناك ما يسمى بالأدب النسائي وإن كان الكثير من الكاتبات يتحفظن من هذه التسمية ويجمعن على أن الكتابة لا جنس لها.
 لا يزال الأدب النسائي المغربي يشكو من محدودية المتابعة النقدية الجادة وليس ما يسميه البعض بالقراءة العاشقة، وهي قراءة عادة ما تفتقر إلى الموضوعية وتنحاز نحو المؤلفة، عوض ممارسة النقد وفق شروطه المتعارف عليها.
 هناك قراءات تنحرف نحو التغزل بصاحبة النص، في الوقت الذي يكون من المفروض الوقوف عند مكامن القوة والضعف في النص المنقود بحد ذاته.
هناك فاعلات في الأدب النسائي يرفضن إطلاق هذه التسمية جملة وتفصيلا، اعتقادا منهن أن ذلك من شأنه أن يقوم بالتنقيص من تجربتهن الأدبية، على غرار تلك التسمية التي تطلق عادة على الأسماء الجديدة الوافدة التي تتلمس خطواتها في درب الإبداع، المتمثلة في أدب الشباب، وهناك من ظل سجين هذه التسمية، حتى وإن كان قد غادر مرحلة الشباب بكثير.
 بلا شك أن الإبداع الأدبي النسائي له خصوصيته، على اعتبار أنه مرتبط بالأحاسيس والعواطف والوجدان، بخلاف ما هو متصل بالإنتاج الذي يصب في مجال العلوم على سبيل المثال، مع الإشارة إلى أن الفاعلات في مجال الفكر وحتى النقد، شبه منعدمات.
 لقد حصل تراكم لا يستهان به في مجال الكتابة النسائية، وخاصة ما يتعلق منها بالإبداع الشعري والقصصي وكذا الروائي، وإن بدرجات متفاوتة، وظهرت أجيال من المبدعات إلى حد أنه صار من الصعب إحصاؤهن، في وقت كان عددهن لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، إلى حدود نهاية الثمانينات من القرن العشرين. يمكن حصر عددهن: آمنة اللوه، خناثة بنونة، زينب فهمي، ثريا السقاط، فاطمة الراوي صاحبة الكتاب اليتيم غدا تتبدل الأرض.. ثم جاء بعدهن جيل ثان وكان هو الآخر قليل العدد، يتمثل على الخصوص في مالكة العاصمي وربيعة ريحان وزهرة زيراوي وزهور كرام.. ثم الجيل الحالي الذي ما فتئ يتكاثر، والذي يضم أسماء جديرة بالتقدير.
 كل هذا يبرز أن الكتابة النسائية لا تزال مع ذلك في بداية الطريق، دون أن يعني ذلك أنه لم تتحقق طفرة نوعية في هذا الإنتاج، لا بل يمكن القول إن بعض المبدعات كانت لهن الجرأة في التطرق إلى قضايا كانت تعتبر بمثابة طابو، كما كانت لهن إسهامات لا يستهان بها على مستوى طرائق الكتابة في حد ذاتها.
 لكن في المقابل هناك كتابات تم النفخ فيها إذا صح التعبير، من طرف بعض من يعتبرون أنفسهم نقادا سامحهم الله، إلى حد جعلوا صاحبات تلك الكتابات يعتقدن ويتوهمن أنهن مبدعات فعلا، كما أن بعض المسؤولين عن النشر، يتحملون المسؤولية في هذه الفوضى، من خلال التساهل في نشر كل ما يصلهم من إنتاج أدبي، لا لشيء سوى لأنه من تأليف امرأة، بغض النظر عن قيمة ذلك الإنتاج بحد ذاته. 

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top