المرضى النفسانيون بالمغرب.. أوضاع مقلقة وجهود في حاجة إلى مزيد من التعبئة

تفيد الأرقام الرسمية لوزارة الصحة أن أزيد من 10 ملايين مغربيا يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية بنسب متفاوتة، ما يعادل 40 بالمائة من الساكنة فوق 15 سنة. وكانت دراسة أجرتها الوزارة في سنة 2017 قد خلصت إلى أن 48 في المائة من السكان يعانون من اضطرابات نفسية.
أرقام مقلقة يزيد من حدتها ضعف العرض الصحي الذي لا يتلاءم حجمه تماما مع نسب انتشار الأمراض النفسية والعقلية، حيث أكدت نفس الدراسة لوزارة الصحة أن 197 طبيبا نفسيا يعملون في القطاع العام ويرتفع الرقم إلى 290 طبيبا نفسيا إذا أخذنا بعين الاعتبار عيادات الطب النفسي في القطاع الخاص، والمجموع يوافق نسبة لا تتجاوز 0.85 طبيب لكل 100 ألف نسمة، مقارنة مع 3.66 طبيبا التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. فضلا عن حوالي 1069 ممرضا.
وحسب الوزارة دائما فإن المغرب يتوفر على 36 مؤسسة استشفائية قدرتها الاستيعابية تصل إلى 2238 سرير مخصصا للمرضى النفسيين، أي ما يمثل 0.67 سرير لكل 10 آلاف نسمة.
وتقدر الميزانية المخصصة للأدوية الخاصة بالصحة النفسية بنحو 90 مليون درهم (9.5 ملايين دولار)، أي ما يمثل حاليا 6% من ميزانية الأدوية. كما تفيد تقارير غير رسمية (شبكة الحق في الصحة) أن القيمة الاستهلاكية لأدوية الأمراض النفسية والعقلية بلغت 70 مليار سنتيم خلال سنة 2017، وأن إجمالي مبيعات هذا الصنف من الأدوية وقف عند حاجز 12 مليون علبة، أغلبها مضادات الاكتئاب والذهان ومهدئات.
ورغم الجهود التي بذلتها وزارة الصحة خلال السنوات الأخيرة خصوصا من أجل تحسين شروط وظروف التكفل بالأمراض النفسية والعقلية، إلى أن الواقع المر يؤكد بأنه ما زال هناك الكثير مما يتوجب فعلة في هذا المجال، وخصوص أن انتشار هذا النوع من الاضطرابات الصحية في ارتفاع مستمر مع يشهده المجتمع من تطورات على عدة مستويات اجتماعية واقتصادية.
وفي هذا الصدد، يتضح أيضا الدور الذي يمكن أن يقوم به المجتمع المدني الذي ما يزال يتحرج من ملامسة هذه الدائرة نظرا لما يكتنف الميدان من صعوبات جمة، إلا أن مجموعة من الشابات الباحثات في مجال الصحة والطب النفسيين قررن أن يقتحمن هذه التجربة يحفزهن الأمل في غد أفضل والرغبة في تقديم الدعم والمساندة للأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعقلية ببلادنا.
ومن هذا المنطلق جاء تأسيس جمعية “شريط الأمل” (Ruban d’Espoir) التي تطمح إلى تعبئة الجهود من أجل تحسين أوضاع فئة تعاني أيضا من التهميش والهشاشة الاجتماعيين مما يضاعف معاناتها تحت وطأة المرض.
وفي هذا السياق، تقول ليديا هناء فارس، رئيسة الجمعية، “إننا كمواطنات ومواطنين، نقف في مفترق الطرق أمام الإشكالات التي تواجه مجتمعنا، فإما ان نكون مجرد متفرجين وأن نقاوم من أجل مواصلة الحياة، وإما نختار أن نكون فاعلين في التغيير وفي تحقيق الوعود التي نطمح أن تمنحها الحياة لنا، إنه خيار الأمل الذي لا يمكننا أن نحقق أحلامنا كأفراد وكمجتمع”.
الأمل في غد أفضل والعمل من أجل مجتمع متضامن متعاون هو الاختيار الذي يحرك الرئيسة للعمل إلى جانب باقي الشابات المؤسسات ضمن المكتب التنفيذي لجمعية “شريط الأمل” للبحث عن سبل تحقيق برنامج طموح يتضمن عدة مبادرات لفائدة الأشخاص المصابين بالأمراض العقلية والنفسية وخاصة تحسين شروط إقامتهم في المراكز الاستشفائية، وكذا مرافقتهم وأسرهم في رحلة العلاج، في شراكة مع السلطات الصحية المعنية وكذا مع مجموعة من الفاعلين غير الحكوميين.

Related posts

Top