المطالبة بعودة الحياة الفنية والثقافية إلى مجراها الطبيعي

مرت حتى الآن أكثر من سنة على قرار السلطات إغلاق الفضاءات الثقافية للحد من تفشي وباء كوفيد 19، وما من شك أن هذا الإغلاق كان له ضرر كبير على الحياة الثقافية وعلى الوضع الاجتماعي للفاعلين في حقولها المختلفة: المسرح، السينما، الموسيقى، التشكيل.. إلى غير ذلك.
سنة ليست بالقليلة، فهناك العديد من المشاريع الثقافية لم يكتب لها الخروج إلى الوجود، بالنظر إلى ارتباط عرضها بالقاعات العمومية.
وبالرغم من التحول الإيجابي الذي طرأ على الحالة الوبائية ببلادنا، حيث تراجعت نسبة الإصابات، وبدأت تلوح هناك مناعة جماعية ضد الفيروس الوبائي بفضل حملات التلقيح، فإن السلطات لم تقرر بعد رفع الحجر عن الحياة الثقافية، يحدث ذلك في الوقت الذي استأنفت فيه العديد من الأنشطة اليومية ديناميتها، سواء ما ارتبط منها بالنقل أو التسوق أو ما إلى ذلك.
بعد هذه المدة الطويلة التي تنيف عن سنة، كان من الطبيعي أن ترتفع أصوات الفنانين على اختلاف توجهاتهم الفنية والإبداعية للمطالبة بإطلاق سراح الممارسة الثقافية داخل الفضاءات العمومية.
من بين هذه الأصوات، نذكر الإطلالة الأخيرة التي قام بها الفنان المسرحي نبيل لحلو، حيث قام بتسجيل فيديو من أمام واجهة مسرح محمد الخامس بالرباط، وألقى من خلاله رسالة إلى وزير الداخلية، طافحة بالإحساس بالمرارة والحرمان، يقول في ندائه: مرت سنة بكاملها على منعنا من تقديم مسرحية «المرأة صاحبة الفردي 45» التي كنا بصدد الإعداد لعرضها على خشبة مسرح محمد الخامس يومي الخميس 12 والجمعة 13 مارس من السنة الماضية، هذا المنع – يضيف نبيل لحلو- نزل علينا كالصاعقة. ونحن نضع اللمسات الأخيرة لمسرحيتنا، جاء تنفيذ القرار الذي اتخذتموه والذي يمنع الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية..
وناشد نبيل لحلو بعد ذلك وزير الداخلية من أجل «إعطاء تعليماته إلى السيد وزير الثقافة لأجل فتح مسرح محمد الخامس في وجه عرضه المسرحي وعروض غيره من الفنانين».
الطريف في هذا التسجيل أن الفنان نبيل لحلو ظل طيلة خطابه إلى وزير الداخلية متسترا وراء الكمامة وياقة معطفه، ولم يكشف عن وجهه سوى في نهاية خطابه قائلا:
«والآن اسمحوا لي أن أقدم لكم نفسي، أنا نبيل لحلو مخرج مسرحية «المرأة صاحبة الفردي 45»، نتمنى عرضها على خشبة مسرح محمد الخامس أيام 2 و3 و4 و5 من شهر يونيو القادم ابتداء من الساعة الرابعة بعد الزوال».
طبعا، الفنان نبيل لحلو ليس سوى نموذج واحد من الفنانين الذين قاسوا من التدابير الاحترازية التي فرضتها السلطات لمنع تفشي الوباء، غير أن حالة الطوارئ هاته طال أمدها بالرغم من التحول الإيجابي الذي طرأ على الحالة الوبائية ببلادنا، ومن ثم فإن الاستمرار في إغلاق الفضاءات الثقافية، أدى إلى تأزيم الوضعية الاجتماعية والنفسية لعدد كبير من الفنانين، كما حرم المواطنين من الاستمتاع بالعروض الفنية الحية، وما قد يكون لذلك من أثر سلبي على صحتهم النفسية.
شيء طبيعي جدا أن تتعالى الأصوات من مختلف الشرائح للمطالبة بعودة الحياة الفنية والثقافية إلى مجراها الطبيعي.

> عبد العالي بركات

Related posts

Top