المغرب يخلف موعده مع معرض الكتاب ببروكسيل

بشراكة بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة- قطاع الثقافة، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، وبتعاون مع سفارة المملكة المغربية ببروكسيل، حلت بلادنا ضيف شرف على الدورة الخمسين لمعرض بروكسيل الدولي للكتاب، في الفترة ما بين 4 و 8 مارس الجاري.
من خلال الأصداء التي وصلتنا إثر انتهاء فعاليات المعرض، يتبين أن بلدنا لم يكن في مستوى الموعد، فقد خلفت هذه الدورة استياء معظم المشاركين المغاربة والغيورين على المنتوج المغربي في مجال النشر.
وبالرغم من الكلمة التي ألقيت باسم وزير الثقافة والشباب الحسن عبيابة، والتي تم فيها التأكيد على أن هذه الدورة «تعرف برمجة غنية تدعو إلى اكتشافها طوال المعرض من خلال الرواق المغربي.. وأنه تمت برمجة سلسلة من اللقاءات والنقاشات والحوارات، وما لا يقل عن 50 توقيعا، فضلا عن مكتبة كبرى من الإصدارات المقترحة من قبل دور النشر المغربية، والإنتاجات بمختلف اللغات للمؤلفات والمؤلفين المغاربة..».
بالرغم من ذلك، فإن مظهر الحضور المغربي كما تجلى في هذه الدورة لا يترجم حقيقة ما جاء على لسان المسؤول المشار إليه آنفا.
إذ كيف يعقل أن تطغى على البرمجة الثقافية لضيف الشرف المغرب، مظاهر الارتجال، مع أن هذا الموعد كان مسطرا في أجندة الوزارة الساهرة على التنظيم، منذ أسابيع عدة، وكان من المفروض استغلال فرصة تشريف المغرب في تظاهرة ذات إشعاع دولي، والحرص على تسطير برنامج متكامل لا مجال فيه للاعتباط والارتجال، وبالتالي تقديم صورة حقيقية عن واقع الإنتاج الأدبي والفكري لبلادنا، من خلال استدعاء أهم رموزه، ثم كيف يعقل أن يكون المغرب ضيف الشرف، ولا يتم الاهتمام بعرض أهم الكتب التي صدرت لأدبائنا ومفكرينا على امتداد تاريخ النشر، من أجل تمكين الزوار من تكوين صورة عامة وإجمالية عن هذا الإنتاج.
لقد فوجئ بعض المدعوين للمشاركة في البرنامج الثقافي، بإقحامهم في لقاءات ومحاور تختلف عما كان متفقا عليه، فضلا عن أنها بعيدة عن تخصصهم، الشيء الذي وضعهم في موقف حرج، علما بأن فاقد الشيء لا يعطيه. وهذا طبعا يعكس مدى انعدام حس المسؤولية التي تم التعامل بها مع البرمجة الثقافية، مع أنها تكتسي أهمية كبيرة، باعتبارها تفتح حوارا ونقاشا مع الزوار المهتمين وتقدم بالتالي صورة حضارية عن بلدنا.
الأدهى من كل ذلك أن اللجنة المنظمة للمشاركة المغربية في التظاهرة الثقافية الدولية، أغفلت عرض إصدارات العديد من المدعوين للمشاركة، الشيء الذي ضاعف إحراجهم، خصوصا عندما يوجه لهم السؤال حول منشوراتهم التي من المفروض أن تعرض في الرواق الخاص بهم، ولا يظهر لها أثر.
إنهم في اعتبار الزوار سواء من الجالية المغربية أو من الأجانب، مجرد نكرة، ما دامت كتبهم غير معروضة، سيما وأننا نعلم إكراهات توزيع الكتاب المغربي، حيث تظل مثل هذه التظاهرات الثقافية، هي المناسبة الأساسية للتعريف بالكتاب المغربي، ومنحه الإشعاع الذي يستحقه.
ينضاف إلى كل ذلك أن وزارتنا المسؤولة عن تنظيم البرنامج الثقافي المغربي، كانت قد توصلت بقائمة أسماء الأدباء والمفكرين المغاربة، الذين من المفروض أن يشرفوا الحضور المغربي، فعملت على حذف من تشاء بنوع من المزاجية غير المبررة إطلاقا.
كما أنها توصلت بقائمة أسماء الصحافيين المهتمين بالمجال الثقافي، والذين كان من المفروض أن يعملوا على تغطية فعاليات الدورة الخمسين للمعرض، غير أنها قامت بجرة قلم بإلغاء حضورهم، وبالرغم من الدور الذي كانوا سيضطلعون به، في ما يخص توثيق هذه المشاركة المشرفة ومنحها إشعاعا أكبر.
على أي، هذه زلة من زلات الوزارة الوصية على قطاعنا الثقافي، والتي نأمل أن يتم تفاديها في المقبل من التظاهرات الثقافية، سواء خارج الوطن أو داخله.

من بروكسيل، سناء العاجي تكتب: معرض… لإهانة الكتاب!

> بقلم: سناء العاجي

كان البيت جميلا… لكنه كان فارغا جافا، لا دفء فيه.
كان الأثاث باذخا… لكنه بارد. مبعثر. غير منظم.
كأن تصل لمتحف جميل… ثم تفتقد أبسط تفاصيل التجوال فيه أو التعرف على تفاصيله…. تضيع في أروقته بلا دليل، فلا تذكر منه إلا الطاقة السلبية التي شحنتك زيارته بها.
هكذا كان انطباع معظم الكتاب الذين شاركوا في معرض الكتاب ببروكسيل في مارس 2020… وكنت ضمنهم.
كان الرواق جميلا أنيقا. لكن، غاب التنظم… بل وغاب الكتاب أحيانا.
فوجئ عدد من الكتاب بعدم وجود كتبهم نهائيا في المعرض… بينما المفترض أننا، بالأساس، كنا في معرض للكتاب.
لكنك في النهاية تستطيع، بفضل عبقرية مغربية قحة، بفضل الاستثناء المغربي البديع، أن تشارك في معرض الكتاب وأن تشارك في ندواته… ثم يسألك الزوار عن كتبك لتكتشف أنها غير موجودة أساسا أو مخبأة، بشكل ما ولأسباب لا يعرفها إلا أصحابها، في كراتين تحت الطاولات أو في مخزن الرواق، بحيث لا يصادفها زوار الرواق.
ثم هناك المحظوظون، ممن وصلت كتبهم وتم عرضها فعليا… لكن بأعداد قليلة لا يتجاوز بعضها الخمس نسخ! فهل يسافر الكاتب ليشارك في معرض كتاب… بدون الكتاب؟ أي منطق يحرك المنظمين والقطاع الوصي والناشرين؟ هل الأساسي أن نكون ضيف الشرف، وأن نبني البيت\الرواق ونؤثثه بشكل جميل وندفع تذاكر الطائرات والفنادق… وأن ننسى الكتاب في النهاية؟
لقد تعاملت الجهة الوصية مع عدد من الكتاب المشاركين بمبدأ “دايرين فيكم خير”؛ “اعتبروا أنفسكم محظوظين لأنكم سافرتم وشاركتم في معرض الكتاب ببلجيكا…”. غياب وتعالٍ وسوء تنظيم يخسر فيه الكتاب في النهاية، ويعود الكاتب لبلده ببعض إحساس بـ “الحكرة” والمهانة.
بل أكثر من ذلك، لقد فوجئ بعضنا (وأنا منهم) ببرمجة تختلف في بعض تفاصيلها (الجوهرية أحيانا) عما تم الاتفاق حوله مع المنظمين؛ كأن تكون متدخلا في لقاء مخصص لتخصصك وميدان اشتغالك، لتجد نفسك وقد تحولت لمسير للندوة، وحتى دون أن يكلف أحد نفسه استشارتك في التعديل ولا حتى تبريره!
تفاجأنا كذلك بتراجع الجهة المنظمة عن عدد من الالتزامات التي أخذتها مع المشاركين. على سبيل المثال، كان الاتفاق قد تم مع مسيري الندوات، وبشكل صريح، حول مقابل مادي عن التسيير، كمهمة مهنية تستلزم إعدادا ومجهودا (وهذا ما يحدث في معظم التظاهرات المهنية، خارج التطوع الجمعوي). كان واضحا بشكل صريح أن هذا التعويض هو أمر منفصل تماما عن مصاريف الرحلة ومقابل الوجبات (والتي كان مقابلها مخصصا للمسيرين ولغيرهم من المشاركين). فجأة، تراجع المنظمون عن التزامهم، بل وطلب أحد مسؤولي التنظيم “دليلا مكتوبا” على هذا الاتفاق، في اتهام صريح بالكذب لمسيري الندوات من كتاب وصحافيين.
تفاجأنا بغياب شبه تام للمنظمين، لولا مبادرات فردية محدودة كانت تسعى لمساعدة هذا وتلك في تدبير تفاصيل اللقاءات سواء داخل أسوار المعرض أو في إطار برمجة “خارج الأسوار”.
باختصار… لقد كان المغرب ضيف شرف معرض الكتاب ببلجيكا سنة 2020. كان الرواق أنيقا. تم تنظيم ندوات جميلة ونقاش قضايا جدية في الأدب والفن وقضايا المجتمع والتعدد والحقوق. أغلب الندوات كانت مميزة فيما يتعلق بالمحتوى وجدية المشاركين وجودة المداخلات… كانت اللقاءات الإنسانية جميلة أيضا. لكن للأسف، غلبت الهواية على التنظيم. غاب الاحتراف وغابت المهنية… بينما حضرت الإهانة والحكرة.
كتبنا تستحق أفضل من هذا. ونحن، الكاتبات والكتاب، نستحق أفضل من هذا!

عن موقع “مرايانا”

***

كيف لنا أن نسكت؟

> بقلم: بهاء طرابلسي

كيف لنا أن نسكت حينما نرى الثقافة تتعرض للحرق.
الثقافة هي مأوانا، ثروتنا، سفيرتنا في العالم، تعابير نبلنا، علينا التعامل معها وفق الاعتبار الذي تستحقه.
البعض، حمدا لله، يقومون بذلك، وأريد بهذا الصدد أن أوجه تحية إلى المجتمع المدني الذي ما فتئ يضاعف مجهوداته ومبادراته في هذا الاتجاه، كما أحيي بعض المؤسسات التي تراعي بدورها قيمة الثقافة.
أنا روائية وأقص عليكم حكايات، سأروي لكم إحداها، إنها حكاية حقيقية مع الأسف. كنا ثلاثين كاتبا وكاتبة مغربيا، مدعوين للمشاركة في معرض الكتاب ببروكسيل.
كلنا فخورون بتمثيل بلدنا، وبالحديث عنه بكل شغف، بكتبنا وبحكاياتنا وبقلبنا. ومن هنا سأتحدث باسمي فقط.
كنت قد وصلت إلى مدينة بروكسيل، متحمسة وفخورة. كان الوصول في عزلة، وهو ما سيصبغ تتمة الأحداث.
في الفندق الذي تم اختياره لنا، لا أثر لأي عضو من وزارة الثقافة، مع أنها هي مضيفتنا. علمت بعد وقت قصير من ذلك، أن فريق الوزارة حجز إقامته في فندق آخر ذي خمس نجوم، لا أحد منهم كان يقيم في فندقنا مع أنه كان شاغرا. لا أحد هناك لاستقبالنا وتوجيهنا أو تأطيرنا.
أحدهم بلغت به الجرأة إلى أن يخاطبنا بالقول:
“آش بغيتو أكثر من هاذ الشي؟ حنا درنا لكم إشهار”.
لماذا هذا النوع التحقيري في التعامل، هل ينبغي أن نفهم من ذاك، أن الكتاب موجودون هنا لتنشيط المعرض فيما ممثلو الوزارة هم في عطلة سياحية؟
الوصول مساء يوم الأربعاء، الذهاب يوم اليوم السبت.
أربع موائد مستديرة في البرنامج، وليس هناك فلس واحد.
المسؤولون أخبرونا بأنه علينا أن ندفع ثمن وجباتنا من جيوبنا وبأننا سنسترجع مصاريفنا في حدود ثلاثة آلاف درهم، عن طريق حسابنا البنكي في المغرب.
هل هذا شيء طبيعي؟
لنعد إلى المسألة الثقافية، المغرب كان ضيف الشرف، وموظفو الوزارة يتبجحون بأنهم يقومون بإشهارنا. الشهرة هي مخطط للتواصل، حضور الصحافة، وليس فقط مجرد كتب متراكمة فوق طاولة بعشوائية، بدون أن يكون هناك أحد لتقييمها والتواصل مع القراء حول القضايا الأدبية.
لكن من أجل ذلك، كان ينبغي أن يكون هناك بالطبع كفاءات، الثقافة هي بمثابة الأب الفقير لسياسيينا، بينما هي في واقع الأمر فرصة رائعة لأجل إعطاء إشعاع لبلدنا بواسطة غناها اللامادي.
في حفل الافتتاح، تم منعنا من الدخول، لأننا لا نتوفر على دعوة ولا على بادج. يمكن القول إنه كان محكوما علينا بأعمال شاقة. الهواتف ظلت صماء، عندما كنا نتصل بالمسؤولين.
لم أمكث إلى غاية اختتام المعرض. لكن من مصادر موثوقة وكذا من طرف أولئك الذين أقاموا هناك حتى نهاية الأسبوع، تم استنتاج أن حفلات التوقيع جرى تنظيمها في كل مكان بمعرض الكتاب، باستثناء رواق المغرب.
سيدي وزير الثقافة والشباب والرياضة، سيدي الناطق الرسمي باسم الحكومة، لقد افتقدناك، كنا نتمنى الاحتفال بهذا الحدث على إيقاع الدقة المراكشية التي كانت مبرمجة بالمناسبة.
أذكرك مع ذلك بأن هذا الحدث كان مناسبة فريدة لإبراز حضارتنا الثقافية الغنية والمتنوعة وجذورنا وأجنحتنا.
نحن الكتاب، سنكون فخورين بأن يتم التعامل معنا باحترام.
في أفق الانتخابات، سيداتي سادتي السياسيون، ينبغي أن تأخذوا بعين الاعتبار هذه السيدة العظيمة التي هي الثقافة.
قدموا لنا منهجية ورؤية وكفاءات كذلك، حتى وإن كان مأوانا حقيرا.
تقولون جميعا إن الثقافة هي الابن الفقير للحكومة، هذا مؤكد، لكنها هي الوحيدة الكفيلة بأن ترمز لإبداعنا وحسنا التجديدي وهي الضامنة لمستقبل مشرق لفائدة الأجيال المقبلة.

بتصرف عن موقع “ماروك ديبلوماتيك”

> عبد العالي بركات

Related posts

Top