الملتقى الإقليمي الأول للشباب بالخميسات

انعقد مؤخرا، الملتقى الإقليمي الأول للشباب بالخميسات تحت شعار “الشباب رافعة أساسية للدينامية التنموية المحلية” احتفاء بمرور 42 سنة على تأسيس منظمة الشبيبة الاشتراكية. ونظم هذا الملتقى الفرع المحلي للشبيبة الاشتراكية بالخميسات، بتنسيق ودعم من فرع المحلي لحزب التقدم والاشتراكية وكتابته الإقليمية. وتميز الملتقى بعروض وتدخلات قيمة لكل من نادية تهامي ومصطفى عديشان عضوي المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وآيت لحميدي نائب الكاتب العام للفرع المحلي للشبيبة الاشتراكية، بالإضافة إلى رضوان الذهبي عضو اللجنة المركزية للحزب واسماعيل الحمراوي عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية، وسمير العيادي المنسق العام للائتلاف الوطني للديمقراطية التشاركية، ومنير الغزوي نائب رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي التضامن إلى جانب عدد من المنشطين والمؤطرين. وعرف هذا الملتقى الهام الذي يهدف إلى النهوض الديمقراطية وقضايا وأوضاع الشباب فضلا عن المساهمة إلى جانب منظمات شبيبية وطنية في تأطير وإفراز نخبة من الطاقات والفعاليات الشابة المشهود لها بالكفاءة والتميز على جميع المستويات، مشاركة وفود الشبيبة الاشتراكية بكل من الخميسات، تيفلت، الرماني، والماس، المعازيز، آيت إيكو، آيت واحي، سيدي الغندور، تيداس، مجمع الطلبة، الصفاصيف، وآيت يدين بالإضافة إلى أعضاء الفرع المحلي للحزب والكتابة الإقليمية.

توطيد علاقات القرب وتعميق النقاش حول القضايا الشبابية

خلال كلمته الافتتاحية خلال هذا الملتقى، شدد آيت لحميدي نائب الكاتب العام للفرع المحلي للشبيبة الاشتراكية، على ضرورة استثمار هذا الملتقى لتدشين عهد جديد من عملنا الشبيبي للنهوض بمهامه وطرق اشتغاله، أخذا بعين الاعتبار فشل النموذج التنموي الحالي، الذي أثبت عجزه في إدماج الشباب وتلبية حاجياته، حيث أفضى منذ ما يزيد عن عقد من الزمن إلى تكريس تجليات الحكرة والإحباط والقلق وانسداد الآفاق وعدم الثقة في المؤسسات والفاعلين والسلطات، مما أدى إلى خروج شباب الحواضر والقرى بما فيها ساكنة الجبال والمناطق النائية والحدودية في حركات احتجاجية قوية، منذ حركة 20 فبراير وامتدادا إلى احتجاجات الريف وجرادة وتنغير وزاكورة وأوطاط الحاج ووالماس..
وأضاف المتحدث، أن الشبيبة الاشتراكية تنضم إلى الأصوات المطالبة بالحرية لجميع الشباب المعتقلين داعية الجهات المعنية إلى التزام شروط ومقتضيات المحاكمة العادلة وعدم نهج سياسة القمع تكميما للأفواه التي تعبر عن معاناتها، مما من شأنه العصف بمكتسبات الحرية والتعبير وغيرها من حقوق الإنسان، خصوصا أن مطالب الشباب يقول المتحدث، لم تكن- كما يعرف الجميع- سوى شهادة موحدة بشتى جهات المملكة عن أوضاع واقعية مريرة تسائل جميع المسؤولين عن حجم الاختلالات الصارخة والمفضوحة المترتبة عن السياسات العمومية اللاتنموية البعيدة عن حاجيات مجتمعنا ذات الأولوية، مشيرا في هذا الصدد، إلى ما يحدث حاليا بإقليم الخميسات بشتى حواضره وقراه، من سياسات لا تعير العنصر البشري أدنى اعتبار – علما أن الشباب، يقول نفس المصدر، بات يشكل القاعدة الأساس لهرمنا المجتمعي- ولا تخدم سوى مظاهر الريع والفساد والمحسوبية والزبونية واستهداف الصالح العام وتكريس التفاوتات الاجتماعية والمجالية والإجهاز على الحقوق وتوسيع أحزمة الفقر والإقصاء والتهميش وسحب الثقة والشرعية من المؤسسات والسياسة والممثلين والفاعلين.
كما أثار الرفيق آيت لحميدي ضمن كلمته الافتتاحية، الانتباه إلى عدم مبادرة أية هيئة حزبية أو جمعوية بإقليم الخميسات، لما يزيد عن سنتين تقريبا، إلى فتح نقاش عمومي حول تردي الأوضاع التي بات يعرفها الإقليم بشكل شمولي، ومدى انعكاسها سلبا على ظروف عيش الساكنة بما فيها الشباب خصوصا في العالم القروي الذي بات يتقاسم مطالب الحركات الاحتجاجية بمختلف مناطق البلاد عبر منتديات التواصل الاجتماعي.
وإذ تخوض الشبيبة الاشتراكية هذه المبادرة بشكل استثنائي بعيدا عن أية مزايدات كيفما كان نوعها، يقول المتحدث، فهي تناشد المنظمات الشبيبية العاملة في أوساط الطفولة والشباب أو غيرها من المجالات بما فيها الشبيبة الاشتراكية التي تعتبر أحد مكوناتها الأساس، بأن تحشد جهودها للرقي بمهامها وأهدافها وآليات اشتغالها بما يتيح لها توطيد علاقات القرب وتعميق الحوار والنقاش الفعلي، الصريح والواضح في أوساط الشباب حول كل ما يهم أوضاعهم وقضاياهم ومطالبهم وشتى التحديات التي تعترضهم فضلا عن إشراكهم في تقييم السياسات العمومية المنتهجة لإدماج الشباب إن محليا أو إقليميا أو جهويا أو وطنيا وكذا تدارس أنجع آليات الترافع والنضال المتاحة لبلورة الحلول والبدائل الواقعية والممكنة بما ينسجم مع تطلعاتهم المشروعة ويساعدهم على الاندماج المتعدد الأبعاد.
وأضاف المتحدث، أن هذا هو التوجه الذي اختارت الشبيبة الاشتراكية عبر هذا الملتقى أن تنخرط فيه سعيا منها للتدشين الفعلي لهذه الطفرة التي يتحتم أن توجه عمل الشبيبة مستقبلا، علما أن أحد الأهداف الأساسية المتوخاة من هذا الملتقى تتجلى في توعية وتحفيز الشباب على أهمية المشاركة السياسية والديمقراطية التشاركية وتملك الحقوق والمساطر القانونية التي يكفلها الدستور للنهوض بمساهمة الشباب في صناعة القرارات العمومية ومراقبة تدبير الشأن المحلي وبلورة وتنزيل المخططات التنموية وتعزيز الحكامة الترابية في مراعاة للصالح العام والتنوع المجالي والاجتماعي والبيئي، سواء بالتوعية أو التكوين أو تنظيم منتديات للنقاش العمومي أو عبر جميع الوسائل الممكنة والمتاحة في أفق ضمان مشاركة الشباب الفعالة والضرورية والمشروعة في مختلف المجالات، سواء عبر اقتحام المؤسسات التمثيلية أو هيآت المجتمع المدني التي هي في حاجة لتجويد أدائها والرقي بعروضها وقوتها الاقتراحية أو الترافعية بما يستوعب انتظارات الناشئة وإشراكهم وإدماجهم كفاعلين اساسيين في التغيير والتقدم والتنمية محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا تجسيدا لقيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة والمسؤولية والانخراط والمشاركة والفعالية والتضامن والمبادرة والإبداع التي ينبغي ترسيخها وإشاعتها في صفوف الشباب على اختلافهم وفي شتى المجالات.

سياسات قطاعية منهكة بدون تصورات دامجة

بعد ذلك، استمع شابا الملتقى للرفيق اسماعيل الحمراوي عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية الذي قدم عرضا مستفيضا وهاما في موضوع “مغرب الشباب: أوضاع وقضايا ورهانات”، دق من خلاله ناقوس الخطر بخصوص وضعية الشباب المغربي التي لم تعد تفرز سوى مؤشرات مقلقة حول مستقبل ثلث ساكنة المغرب. مما يدعو الفاعلين وصناع القرار إلى العمل على التفكير في تقديم بدائل مبتكرة تجيب عن هذه الأزمة التي أثارها جلالة الملك غير ما مرة في خطبه.
إنها أزمة حقيقية لا تعبر عن طموحات ورهانات مغرب اليوم، يقول المتحدث، ويكفي فقط أن نتمعن في خطابين أساسين لجلالة الملك حتى ندرك هذه المسلمة، الأول في 20 غشت 2012، والثاني في13 أكتوبر 2017، حيث يقر عاهل البلاد بصريح العبارة على أن “وضعية شبابنا لا ترضينا ولا ترضيهم”، مضيفا جلالته أن “العديد منهم يعانون من الإقصاء والبطالة ومن عدم استكمال دراستهم، وأحيانا حتى من الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية”.
ألا يمكننا القول اليوم إذن، إن شبابنا يعيش سلبيات سياسات قطاعية منهكة بدون تصورات دامجة لقضاياه واهتماماته؟، يتساءل المتحدث، أليس من حقنا أن نستفسر عن مكانة الدستور الجديد في تفعيل أي سياسة عمومية للشباب؟، أين هي تلك الدراسات التي أنجزت حول الشباب ومعيشته ومتطلباته؟، أين هي كل المبادرات التي حاولت أن توهم الشباب بأنه يوجد في قلب اهتماماتها؟، لنتساءل عن دور الأحزاب والجمعيات الشبابية، والحكومة حتى، عما قدمته للشباب لجعله قوة في عجلة التنمية الوطنية.. تلك أسئلة لا يمكننا الهروب منها، ولا يمكننا السكوت عنها، لأنها في النهاية ستبقى ملازمة لنا كفاعلين وكمسؤولين.
وبعيدا عن لغة الخشب، تناول الرفيق اسماعيل في جزء من عرضه موضوع الشباب والعملية السياسية، مشيرا إلى أن الشباب يجد نفسه اليوم “متفرجا بمنطق ناقد”، والفرجة هنا تدل على نوع من الانتظار، وفي الوقت ذاته التبرم وعدم الرضى بداعي غياب الإرادة لدى “الفاعلين السياسيين”، لكن مقابل هذا المعطى الذي يطبع مشهدنا السياسي، يقول المتحدث، لا يمكننا أن ننفي مسؤولية الشباب، الذي يتحمل أيضا المسؤولية في “فرجته” التي تكون تارة سلبية، ولا تجعله منتجا، وتارة أخرى ناقدا من أجل النقد فقط، مضيفا، أن عدم رضى الشباب عن العملية السياسية بصفة عامة هو في حد ذاته عدم الرضى عن “الحزب السياسي”، هذا ما يجعل نقاش عزوف الشباب عن المشاركة السياسية يهيمن على فكر الشباب بسبب ما يعتبره بعض المهتمين جمود الأحزاب جمود المنظمات الشبابية وتراجع دورها مع الأسف في الساحة السياسية وفي المجتمع، إلى درجة عجزها عن استيعاب ومواكبة التحولات التي يعيشها المجتمع المغربي.
ومن بين أبرز فقرات العرض التي استأثرت باهتمام شباب الملتقى، تلك التي تناول من خلالها الحمراوي جملة من الأرقام الدالة والمقلقة عن مكانة الشباب في العملية السياسية والتي تستدعي منا تفاعلا عقلانيا وفوريا لإعادة تغيير المشهد من متفرج إلى مشارك فاعل على الأرض، مشيرا إلى الاستشارة الوطنية للشباب التي نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة قبل 18 سنة. وقد كانت نسبة المنخرطين في الأحزاب السياسية جد منخفضة حتى كادت تصبح بدون أي معنى، مقارنة بحجم تواجد الشباب داخل النسيج الديمغرافي.
خلال هذا البحث عبر 1,3 % فقط (ما يعادل 231 شابا من أصل 18109 المشكلين للعينة المعتمدة) عن انخراطهم في تنظيم حزبي أو نقابي. وداخل هذه النسبة الضئيلة كان هناك أكثر من 80 % يمثلون الذكور، وأكثر من الثلثين هم شباب حضري، والغالبية من الشباب المندمج اقتصاديا. وباعتماد نتائج دراسة أخرى في التيمة نفسها، أشرفت عليها جمعية “الشعلة” حول “الشباب والتربية على قيم الديمقراطية”، يتبين أن 97 % من الشباب المستجوب هو شباب غير مسيس ولا علاقة له بالأحزاب. أما آخر بحث وطني أنجزته المندوبية السامية للتخطيط حول الشباب، فقد خلص إلى أن 23 % من الشباب لا يثقون في الحكومة مقابل23 % لا يثقون في البرلمان و55 % تنعدم لديهم الثقة في الأحزاب، حيث إن منسوب الثقة في المؤسسات يظل عموما، مرتفعا نسبيا في صفوف الشباب القروي مقارنة بالشباب الحضري، وفي صفوف النساء مقارنة بالرجال، وفي صفوف غير النشيطين-ربات البيوت بخاصة -مقارنة بالعاطلين. وإجمالا يولي الشباب المغاربة حسب بحث المندوبية السامية، اهتماما قليلا بالشأن العام، إذ أن 1 % منهم فقط منخرطون في حزب سياسي، فيما يشارك 2 % منهم في اللقاءات التي تنظمها الأحزاب السياسية أو النقابات، و1 % أعضاء ينشطون في نقابة ما، ويشارك 2 % منهم في مظاهرات اجتماعية أو إضرابات، في حين يُشارك 9 % منهم في أنشطة تطوعية، كما أن 22 % فقط يشاركون في الانتخابات بكيفية منتظمة، و12% بكيفية غير منتظمة.
الجزء الثاني من العرض سيرتكز على الحقوق السوسيو-اقتصادية للشباب التي تعتبر من الجيل الثاني للحقوق والحريات وفق المواثيق والإعلانات والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي يؤكد دستور 2011 في ديباجته على تعهد المملكة بالتزام ما تقتضيه من مبادئ وحقوق وواجبات. من ثم فالدولة المغربية ملزمة بوضع الأسس القانونية لتفعيل تلك التوجهات.
بالفعل، كل المؤشرات تؤكد وجود إشكاليات اجتماعية واقتصادية. مرتبطة بالشباب، وبالعودة إلى الخطاب الملكي عند افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، والذي يمكن اعتباره خطابا اجتماعيا بامتياز، فقد اهتم في جزء كبير منه بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ذات الصلة بالشباب، منبها بدرجة أكبر إلى إشكالية التربية والتكوين التي لا تؤدي دورها في التأهيل والإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب. وبالعودة إلى المؤشرات، سيما الواردة ضمن بحث المندوبية السامية للتخطيط، نلاحظ أن التشغيل وتكافؤ الفرص في الولوج إليه يتصدر أولويات الشباب المغربي، يليه إصلاح التعليم والسكن والصحة، ثم توسيع مجال حرية الرأي والتعبير.
وبلغة الأرقام، فإن 93 % من الشباب موضوع البحث أولويتهم هي التشغيل وتكافؤ الفرص في الولوج إليه، في الوقت الذي يمنح 83 % الأولوية لإصلاح التعليم، ويحتل السكن اللائق الرتبة الثالثة ضمن الأولويات بنسبة 81 %، متبوعا بتحسين الخدمات الصحية بنسبة 76 %. وقد ورد ذكر احترام حقوق الإنسان كأولوية لدى 72 % من الشباب، وتوسيع مجال حرية التعبير لدى 62 % منهم. تلكم هي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى رؤية جديدة ودفعة قوية نحو تبني سياسة عمومية دامجة لاهتمامات الشباب.
وانتقل الحمراوي، مباشرة بعد استعراضه أبرز المؤشرات ذات الصلة بالواقع الراهن للشباب المغربي والتي بمكن أن تساهم في تفسير العديد من الحركات الاحتجاجية ببعض مناطق المملكة والتي شكل الشباب قاعدتها الأساس، إلى طرح سلة من المخرجات من هذا الوضع الإشكالي، مشيرا إلى أن بلورة أية سياسة جديدة مندمجة للشباب المغربي ينبغي أن ترتكن إلى 4 منطلقات مرجعية: المقتضيات الدستورية ذات الصلة بالشباب/ خطاب 20 غشت 2012/ الحوار الوطني مع الشباب/ تشكيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
وذلك اعتبارا لكون دستور2011 يؤكد بتفصيل غير مسبوق في سالف الدساتير، على ضرورة توسيع وتعزيز مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني، حاثا السلطات العمومية على تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، وكذا استثمار الظروف المواتية لإبراز طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية في هذه المجالات.
خطاب20 غشت 2012 يعد أيضا بمثابة خارطة طريق للعمل على تفعيل مقتضيات الدستور، حيث أكد الخطاب الملكي بكل قوة ووضوح عند حديثه عن “الأوراش الكبرى، التي أطلقت لاستكمال بناء نموذج المجتمع المغربي المتميز، المتشبث بهويته، القائم على التضامن بين كل فئاته” بأن هذه الأوراش لا يمكن أن “تحقق أهدافها إلا بسواعد الشباب المغربي وإبداعاته، واستثمار طاقاته”، وهذا ما يفرض على كل الفاعلين تحمل مسؤوليتهم في استلهام هذه الخطب واعتماد توجهاتها الهامة ضمن بلورة أية سياسة عمومية لإدماج الشباب في الدينامية التنموية الشاملة.
من ناحية أخرى، وزارة الشباب والرياضة، اشتغلت على تنظيم وفتح حوار وطني شبابي شمل أكثر من 27 ألف شابة وشاب من مختلف مناطق المغرب. هذا الحوار قدم لنا ما سمي بالاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب بـ 5 أهداف رئيسية تتمثل في الرفع من الفرص الاقتصادية المتاحة للشباب والنهوض بقابلية تشغيلهم، والولوج إلى الخدمات الأساسية المقدمة للشباب وتحسين جودتها والتقليص من الفوارق الجغرافية، وتعزيز المشاركة الفعالة للشباب في الحياة الاجتماعية والمجتمع المدني وفي اتخاذ القرار، فضلا عن النهوض باحترام حقوق الإنسان وتقوية الأجهزة المؤسساتية للتواصل والإعلام والتقييم والحكامة.
ولم يفت الرفيق اسماعيل الحمراوي في الختام أن يثمن فعل المصادقة على القانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي الذي من شأنه مأسسة وتوسيع هامش مشاركة مغرب الشباب، والمساهمة دون شك في الإجابة عن مختلف الأسئلة المرتبطة بالمشاركة والتمكين في صفوف الشباب، وأن يعطي كل الشرعية لـ”الدفاع” عن قضايا الشباب عبر منحهم فرص المساهمة في صناعة القرار والتعبير عن رأيهم فيه، وكذا تقديم المشورة للهيئات المهتمة بالشأن الشبابي وقضاياه. الأكيد أيضا أن المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، سيسعى إلى تفعيل دور الشباب كقوة اقتراحيه قادرة على صياغة القرار والتموقع ضمن النموذج التنموي الجديد الذي ينشده المغرب، مع الانخراط في تهييء كل الظروف لإنجاح السياسات العمومية الموجهة لفائدة الشباب، سواء بالاقتراح أو التقييم أو التفعيل، علما أنه هيئة مكفول لها دستوريا بلورة مقترحات أجوبة فيما يتصل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية للشباب.

إبراز أهمية الاقتصاد الاجتماعي التضامني في الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب

وتميز برنامج الملتقى بالجلسة الأولى التي تمحورت حول ” أزمة التشغيل والمبادرة الحرة”، والتي ساهم في تأطيرها كل من نادية تهامي عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ومنير الغزوي نائب رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي التضامني ورضوان الذهبي عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية بـ3 مداخلات انصبت كلها على إبراز أهمية الاقتصاد الاجتماعي التضامني في الإدماج السوسيو اقتصادي للشباب لما يتيحه من إمكانات بديلة فضلا عن معالجة مسألة التكوين وأهميته بالنسبة لمواجهة تحديات التشغيل، حيث حاولت بداية تقريب من مفاهيم ومبادئ وقيم الاقتصاد الاجتماعي التضامني باعتباره مكملا للاقتصاد العمومي والخاص، يعير الاهتمام الكامل للتنمية المحلية المندمجة ويجعل من الفاعل المحلي عنصرا أساسيا في تحريك عجلة التنمية الترابية، كما يتيح مجموعة من البدائل للقيام بتنمية منصفة تراعي إحداث توازن بين النجاح الاقتصادي والإنصاف والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وتطلعاته نحو حياة كريمة.
ومن ثم يكتسي هذا النمط الاقتصادي بعدين أساسيين، اقتصادي واجتماعي يتمظهران من خلال: إنتاج السلع والخدمات عبر الاستثمار المحلي، خلق الشغل والثروة، الاستجابة للحاجيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية للساكنة المحلية، تعبئة الفعاليات المحلية، تحسين الخدمات للساكنة وتحسين ظروف عيشها، التضامن والتآزر والتماسك الاجتماعي.

وبخصوص المؤسسات المكونة لهذا النظام فهي تتجلى في التعاونيات والتعاضديات والجمعيات التنموية سواء، جمعيات التمويل الأصغر أو جمعيات ذات منفعة اقتصادية واجتماعية والمقاولة الاجتماعية والمؤسسات. أما مجالات التدخل: فهي جميع القطاعات الإنتاجية والخدماتية، القطاعات المصرفية التضامنية، قطاع التجارة العادلة، السياحة التضامنية، القطاعات الاجتماعية المندمجة، قطاع التربية على المواطنة.
ويمكن اختزال المبادئ والقيم التي يرتكز عليها هذا النمط الاقتصادي في الدمقرطة، التضامن، الكرامة الإنسانية، العدالة الاجتماعية، المساواة، الشفافية، التقاسم، المحاسبة، الالتزام، حيث نجد أن من بين الأهداف الأساسية للاقتصاد الاجتماعي التضامني: العناية بالإنسان وبيئته قبل رأس المال، ترسيخ التضامن والتآزر بين الأفراد والجماعات، الشراكة أو التعاقد العادل والمنصف، التحكم في عملية الوسطاء في سلاسل الإنتاج، خلق دينامية محلية عبر تثمين المؤهلات المحلية والتعبئة المواطنة.
رغم أهمية هذا النمط الاقتصادي فإن وضعيته الراهنة يؤكد المتدخلون، تفتقد لتوحيد الرؤية والقوانين المدبرة لهذا القطاع، تنوع التعاريف المتعلقة بالتعاونيات والجمعيات والتعاضديات والمؤسسات الاجتماعية، غياب مناهج وبدائل الاقتصاد الاجتماعي في السياسات العمومية الأساسية والدائمة، تركيز البرامج على التعاونيات وغياب الحلول الأخرى التي يتيحها هذا الاقتصاد، ضعف خطوط التمويل بالمقارنة مع الدول الرائدة في هذا المجال، ضعف الكفاءات البشرية المحلية وعدم تمكينها من جعل هذا النمط الاقتصادي رافعة للتنمية المندمجة.
مع الدعوة إلى تلافي ربط هذا النمط الاقتصادي بمعالجة الفقر فقط، أو السقوط في تسييسه خدمة لمصالح حزبية ضيقة أو لوبيات متطرفة، أو توظيفه وفق مقاربة انتهازية أو اتكالية…
وبالانتقال إلى الحديث عن فرص تنمية هذا النمط الاقتصادي، أبرز كل من نادية تهامي ومنير الغزوي على التوالي، أننا بحاجة ماسة إلى تعزيز دور المجتمع المدني في إنعاش الديمقراطية التشاركية، مواكبة وتعزيز دور الجهات للقيام بأدوارها في تنمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الترابي، ومواكبة وتعزيز الآليات التشاركية على مستوى الجماعات الترابية، علما أن هناك عوامل أخرى إيجابية ومشجعة في هذا المنحى: نذكر من بينها ظهور عدة شبكات وتنظيمات جمعوية تنموية مختصة في القطاع ومهتمة بالمرافعة من أجله ليصبح قائما ومظهرا عاما في تدخلات جل القطاعات الحكومية وغير الحكومية، موارد ومؤهلات وخبرات محلية هائلة- الفلاحة والحرف اليدوية والسياحة والصيد والخدمات والمنتجات المحلية و.. ، حاجيات جديدة نتيجة التغيرات الديمغرافية والاجتماعية والثقافية: خدمات للأشخاص والأسر والشركات، قانون جديد للتعاونيات، الإعداد لقانون حول الاقتصاد الاجتماعي التضامني..
على مستوى آخر، لم يفت تهامي والغزوي التذكير من جهة، ببعض تحديات تنزيل قانون الإطار للاقتصاد الاجتماعي التضامني، متجسدة في تساؤلات حول ضمانات التنزيل الصحيح للمراسيم التطبيقية؟، كيف سيتم تحديد المقاولة الاجتماعية؟، كيف سيتم تحديد مفهوم الجمعيات ذات المنفعة الاقتصادية والاجتماعية ؟، كيف سيتم تكوين المجلس الوطني والمجالس الجهوية؟، إلى أي حد سيتم احترام استقلالية القرار لدى المنظمات العاملة في القطاع؟، كيف ستكون علاقة المنظمات بالدولة والقطاع الخاص؟، مدى أهلية المنظمات للقيام بدورها؟، ومن جهة ثانية، التذكير بالتراجعات المسجلة خصوصا بالنسبة لقانون التعاونيات مما يطرح العديد من التساؤلات بشأن المحفزات؟، الإعفاءات الضريبية- القانون 112-12 نسخ القانون رقم 24-83 في المادة 107، وهو بذلك يلغي جميع الامتيازات الواردة فيه بما في ذلك الفصلين 87 و88 المتعلقين بالإعفاءات الضريبية، تقوية القدرات، التكوين والمصاحبة، دعم التسويق، التمويل، التحويل من تعاونية لشركة- المادة 80 جاء فيها” يمكن للتعاونية أن تتحول إلى شركة كيفما كان شكلها القانوني” وسهل مسطرة التحويل إلى أقصى حد بحيث يكفي الإخبار بعد أسبوع على الأكثر بقرار الجمعية العامة غير العادية التي اختارت التحويل فيما الأعضاء غير الموافقون ليس لهم سوى حق الانسحاب والمطالبة بالتعويض المادي، الأحكام الزجرية، مع التذكير في الأخير ببعض التراجعات المسجلة على مستوى مشروع مدونة التعاضد، ضرب التسيير الديمقراطي للتعاضديات ومنع التعاضديات من تدبير الوحدات الصحية.
وشدد رضوان الذهبي في تدخله بالمناسبة، على أهمية الاستثمار في الرأسمال البشري والسعي إلى النهوض بمؤهلات الشباب وكفاءاتهم، لاسيما، بما يمكن من اكتساب آليات التنافس لدخول سوق الشغل وتطويرها استجابة للتحولات الطارئة سواء في القطاع العام أو الخاص أو ولوج تجربة عالم المقاولة أو التشغيل الذاتي أو المشاريع المدرة للدخل. وأكد المتدخلون في هذا الملتقى على دور المنظمات الشبيبة أو الهيآت الجمعوية ومختلف الفاعلين في المجال التنموي في أوراش التكوين والمصاحبة الذي ينطلق من السير الذاتية إلى تطوير المعرفة المعلوماتية إلى دراسة السوق وتقنيات إعداد مشاريع المقاولات أو التعاونيات وطرق البحث عن التمويل المتعدد المصادر وآفاق التسويق وعنصر التشبيك وأساليب التدبير والحكامة والمحاسبة… إلى غير ذلك مما ركز عليه المتدخلون معبرين لشباب الملتقى عن استعدادهم للعمل إلى جانبهم أو إلى جانب ساكنة الإقليم بما يفيد إدماجهم خصوصا الشباب والنساء منهم سواء كانوا في الحواضر أو القرى ضمن الدينامية التنموية المحلية.

كيف يمكن استثمار هذه الفئة وإدماجها في المجتمع

خلال الجلسة الثانية، استمع شباب الملتقى الإقليمي إلى مداخلتين من تقديم مصطفى عديشان عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وسمير العيادي المنسق العام للائتلاف الوطني للديمقراطية التشاركية.
وركزت المداخلة الأولى على أهمية فئة الشباب وتوفرها على طاقات متنوعة ورأسمال بشري ثمين، فضلا عن كون الشباب يشكل قوة اجتماعية عريضة وهائلة لدى جميع الدول والمجتمعات، ويبقى السؤال هو كيف يمكن استثمار هذه القوة وإدماجها في المجتمع وإشراكها سواء في عملية البناء الديمقراطي أو المسار التنموي.
وسجلت المداخلة، أن الشباب يتسم بالنفور من العمل الحزبي، مشيرة، إلى أن السبب يكمن في عدة عناصر يمكن اختزالها في الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الذي عانى منذ عقود من التهميش والإقصاء الاجتماعي والثقافي والسياسي واتساع الفوارق الاجتماعية والحرمان و انقطاع فئات عريضة عن التعليم والمعرفة واستشراء الجهل والأمية، رغم المساعي المبذولة خلال السنوات الأخيرة، وكلها عناصر ساهمت في خلق أزمة ثقة بين الشباب والمنتخبين والفاعلين السياسيين أذكاها تصاعد خطابات العدمية والشعبوية والتيئيس والتبخيس، مما تعبأت لها جهات رجعية وظلامية ومختبرات التشويش وتفريخ الشائعات سيما أمام تدني الوعي السياسي والطبقي مما جعلنا أمام أحزاب عاجزة بصفة عامة عن التأثير في مجرى الأحداث ومواكبة تطورات المجتمع رغم بعض الفوارق الطفيفة.
هذا السياق العام سينعكس سلبا على أوضاع الشباب بالبلاد الذي بات يعاني من انسداد الآفاق وفقدان حس الانتماء وعدم الثقة في المؤسسات والبحث عن الهروب نحو مرافئ مجهولة تحقق له ضالته، الأمر الذي عقد مهمة الفاعلين السياسيين في إقناع الشباب وتحفيزه على الانخراط في العمل الحزبي.
والجدير بإثارة الانتباه هنا، أن العمل الحزبي ينبغي ألا يقف مكتوف الأيدي رغم كل الصعوبات والإكراهات المطروحة، وأن يحرص على مواصلة النضال اليومي وعلى شتى الجبهات من أجل تلبية حاجيات المواطنين بمن فيهم الشباب أساسا وتحسين معيشتهم وصون كرامتهم وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المنشودة.
وبأسلوب اعتمد الصراحة والوضوح والبساطة، حاول الرفيق عديشان تقريب شباب الملتقى من أبرز مواقف حزب التقدم والاشتراكية وكذا منظمة الشبيبة الاشتراكية فيما يهم الشباب من قبيل حث كل الأطراف المتدخلة أو المعنية بالتخطيط على بلورة برامج ترتكز على العنصر البشري خصوصا الشباب باعتبارهم مواطنين فاعلين لا قاصرين، إيمانا منه، باستحالة الخروج من الأزمة الاقتصادية والاحتقان الاجتماعي دون استحضار وإشراك الشباب في جميع الاستراتيجيات والمشاريع والبرامج التنموية، من خلال النضال ضد جميع أشكال القمع المسلطة على الشباب المفروض أن يعبر ويناقش على الساحة أو عبر مختلف الوسائط التواصلية، تجليات معاناته ومشاكله وقضاياه بكل حرية وجرأة ومسؤولية، فضلا عن موقف الحزب إزاء تشجيع الشباب على الانخراط في العمل السياسي الجاد والمسؤول واقتحام المؤسسات التمثيلية، وكذا موقف الحزب الداعم دائما لكل المقاربات الهادفة إلى تأهيل الشباب عبر الإنصات إليهم ومنحهم العناية الخليقة بهم في أفق استعادة الثقة في المؤسسات وتعزيز مشاركة الشباب بما يخدم ويجدد الحركية السياسية ويصون الخيار الديمقراطي وحقوق الإنسان، ويدفع من جهة أخرى في اتجاه انخراط الشباب في هيآت المجتمع المدني أو مختلف المبادرات المواطنة التي تتوخى إدماج الشباب في المسار التنموي الشامل إن محليا أو إقليميا أو جهويا أو وطنيا وإشراكه في تدبير الشأن العام والحكامة الترابية وتنشئته على قيم المواطنة الحقة والديمقراطية التشاركية واكتساب الثقة وروح المبادرة وتفجير الطاقات والمواهب الإبداعية المتعددة، وكلها أهداف لا يمكنها إلا أن تحقق التكامل المنشود بين العمل الجمعوي النوعي والمتميز والعمل السياسي الجاد والمعقول.

الديمقراطية التشاركية لا تشكل بديلا عن الديمقراطية التمثيلية

في نفس الاتجاه، ووفق مقاربة نوعية تكمل وتلتقي مع ما انتهى إليه العرض السابق، حاول سمير العيادي المنسق العام للائتلاف الوطني لتفعيل الديمقراطية التشاركية ضمن مداخلته، التذكير بما عرفه مجال الديمقراطية التشاركية من تطور كبير خصوصا في الدول المتقدمة، مشيرا إلى ما أفرزته التجارب المعتمدة في بعض الدول من ممارسات نموذجية استأثرت باهتمام كبير لمدى نجاعتها وأهميتها ومساهمتها في التمكين الحقوقي للمواطن، ليتطرق لمسار الديمقراطية التشاركية في المغرب الذي سيتم تتويجه بتنصيص دستور2011 على العديد من الآليات الكفيلة بضمان ومأسسة المشاركة المواطنة الفعالة والدائمة في مسار اتخاذ القرارات العمومية. إلى أي حد هي كافية ؟، الشباب مدعو لتنزيلها والترافع بالموازاة من أجل تطويرها وتوسيعها.
لا يمكن القول بأن دور المواطنين الشباب منهم على الخصوص، يقتصر فقط على الإدلاء بصوته في المسلسل الانتخابي لاختيار ممثليه في المؤسسات المنتخبة على المستويين المحلي أو الجهوي أو الوطني، بل الدينامية المجتمعية والتنموية أصبحت -خصوصا في سياق الحركات الاجتماعية الاحتجاجية التي تشهدها البلاد منذ مطلع العقد الحالي والتي يعتبر الشباب قاعدتها الأساس-تقتضي تمكين الشباب من كل الحقوق والآليات بما يكفل انخراطه الفعلي في اتخاذ القرارات والمساهمة في بلورة السياسات العمومية بشكل دائم ومستمر.
حيوية إعمال الديمقراطية التشاركية تبرز فيما تتيحه من مساهمة المواطنين في التنمية والحكامة المجالية ومراقبة وتدبير الشأن المحلي، تحقيق تنمية تستجيب للحاجيات الاجتماعية الحيوية والتي تحظى برضا العموم، تعزيز الثقة في المؤسسات والسياسات العمومية المنتهجة وإكسابها المشروعية، الحد من احتكار السلطة، محاربة الفساد وحماية الصالح العام، تكريس قيم التشاور والتواصل والتفاعل والشفافية، ضمان مشاركة المواطنين الشباب منهم أساسا في اتخاذ القرارات العمومية وممارسة الرقابة الشعبية على متخذيها محليا أو إقليميا أو جهويا أو طنيا، إعمال مبدأ المسؤولية والمحاسبة، الرقي بالمواطنة الإيجابية، الفاعلة والمسؤولة، إفراز النخب الاجتماعية والمدنية والقيادات الصاعدة المتمرسة، تحقيق الدينامية التنموية الشاملة، تعزيز الحس بالانتماء والوطنية.
وعلى غرار ما خلصت إليه المداخلة الأولى، أكد الرفيق سمير العيادي على أن الديمقراطية التشاركية لا تشكل بديلا عن الديمقراطية التمثيلية، إنما هي جزء مكمل لها، يدعمها، بل يقومها عند الضرورة بما يتيح تجاوز النقائص والاختلالات الناجمة عن طبيعة ممارسات بعض النخب التمثيلية والسلطات والمتدخلين.
وقد اغتنم الرفيق سمير العيادي الفرصة ليطلع شباب الملتقى على ضرورة النضال من أجل تنزيل الدستور فيما يهم تفعيل بعض المقتضيات على مستوى مجالس الجماعات والجهات والحث على مأسسة هذه الآليات الديمقراطية بامتياز لما تخوله من إشراك المواطنات والمواطنين المكفول دستوريا في تدبير الشأن المحلي والمساهمة في صناعة القرار العمومي، مؤكدا في آخر مداخلته على أن نجاح الديمقراطية التشاركية رهين بمدى انخراط كل المعنيين من جمعيات مدنية وفاعلين مهنيين ونقابيين وقطاع خاص….طبعا ينبغي للشباب أن يقتحم هذه القنوات حتى يكون حاضرا إلى جانب باقي المكونات الاجتماعية، ويمارس حقه في المشاركة في صنع القرارات والسياسات العمومية والمخططات التنموية في جميع مراحلها: التشخيص، إعداد القرارات والسياسات، اعتمادها وتنفيذها، مرحلة المواكبة والمتابعة، ومرحلة التقييم..

تساؤلات عن الأوضاع البيئية المتردية بالإقليم

والجدير بالإشارة أن سائر العروض والمداخلات عرفت نقاشا في أوساط شباب الملتقى حيث أبدوا قلقهم وعدم رضاهم عما آلت إليه أوضاع شباب الإقليم التي امتدت انعكاساتها السلبية لتشمل أوضاعهم الأسرية التي باتت ترزح تحت شظف وقساوة العيش على غرار ما تعانيه العديد من ساكنة مناطق المغرب غير النافع، معبرين في جزء كبير منهم صراحة عن انعدام الثقة إزاء السياسات العمومية والبرامج التنموية وجل المؤسسات المنتخبة والفاعلين بالنظر لانسداد الآفاق أمامهم لدرجة التوق إلى ركوب خيار الهجرة القسرية.
بالمقابل طالب البعض بضرورة الاهتمام بالشباب وحاجياتهم وقضاياهم واتخاذ إشكالية الشباب محورا استراتيجيا ضمن النموذج التنموي الجديد الذي ينشده المغرب بما يضمن لهم التعليم والتكوين والشغيل والسكن والصحة وسلامة بيئية وتنمية محلية حقيقية وحق الزواج والعيش الكريم، فضلا عن آفاق التعبير والإبداع الحر والاندماج الاجتماعي والثقافي والرياضي، متسائلين عن موقع إقليم الخميسات من السياسات العمومية سواء على مستوى القطاعات الوزارية كالنقل والصحة والسكنى والتعمير والفلاحة… أو على مستوى المجالس الجهوية والإقليمية وباقي البلديات والجماعات التابعة للإقليم، مطالبين في نفس الوقت بإحداث قطب جامعي ومعاهد عليا وتوفير النقل السككي والمدرسي لفائدة متمدرسي العالم القروي والاستفادة من الخدمات الصحية وتوخي معايير مضبوطة في توزيع الدعم الجمعوي فضلا عن تعزيز الميزانية المخصصة له، داعين إلى التعجيل بتنفيذ مشاريع إحداث الأسواق النموذجية لشباب الاقتصاد غير المهيكل والحرص على التوزيع العادل والمنصف.
كما تساءل شباب الملتقى أيضا عن الأوضاع البيئية المتردية بالإقليم، سواء فيما يتعلق بانعدام النظافة أو انعدام الفضاءات الخضراء والتشجير، فضلا عن مصير ملاعب القرب التي ظلت شيكا بدون رصيد، منبهين إلى ضرورة مراعاة إحداث ملاعب قرب بمناطق ملائمة وتأخذ بعين الاعتبار تعدد الرياضات، مطالبين بصون مجانية التعليم علما أن أبناء الفقراء هم من يرتاد المدارس والجامعات العمومية في حين أبناء الطبقات الميسورة هاجروها منذ زمان طويل.. وضمان استفادة شباب الإقليم من مشاريع الاستثمار والاستغلال المحدثة بالإقليم، كما هو الشأن بالنسبة لـ”والماس” وغيرها وضمان نسبة من الصفقات للمقاولات الشابة والناشئة. وطالب شباب الملتقى بحقهم في فرص الشغل المتوفرة بالجهة، كما طالبوا بترسيم المتعاقدين، مما يمنحم حق الاستفادة من حقوقهم الاجتماعية والثقة في المستقبل، معبرين عن استغرابهم من إخضاع استعمال مراكز الاستقبال والقاعات الرياضية وحجز بعض الفضاءات العمومية .. لمساطر تعجيزية وأثمنة خيالية يعجز عنها حتى من يسمون بالميسورين فبالأحرى غالبية الشباب المعطل أو الشباب في أوضاع صعبة والذين نطمح في إدماجهم في مختلف المجالات،
من بين المطالب المعبر عنها أيضا، خلال تدخلات شباب الملتقى، التعجيل بمراجعة قانون الحريات العامة بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور الجديد، والحرص على تنزيل آليات الديمقراطية التشاركبة التي نص عليها الدستور والتزام تفعيلها بما يضمن إشراك الجمعيات والشباب والنساء في القرار العمومي، ومساهمتهم في تدبير الشأن المحلي ومراقبته ترسيخا لمبادئ الحكامة والجودة والشفافية وصون الصالح العام وملاءمة المشاريع التنموية للحاجيات الأساسية للساكنة، وذلك بعيدا عن تنمية الواجهة واستغلال المال العمومي لأغراض شخصية مما يعطل العجلة التنموية بالإقليم ويهدر جهود الدولة ويوسع أحزمة الهشاشة ويذكي مظاهر الاحتقان الاجتماعي.

التغيير يتحقق بالمبادرة والانخراط والنضال

بعد حصة التوضيحات والردود على تساؤلات المتدخلين من شباب الملتقى، والتي تكفل بها المتدخلون من الرفيقات والرفاق، تم التأكيد على الثقة الكبيرة والمستحقة في قدرات الشباب مع حثهم على عدم الركون إلى الاستسلام والانتظارية، والمبادرة إلى المساهمة في التغيير ورفع التحديات انسجاما مع الممارسة التقدمية للمواطنة لأن تغيير الأوضاع لا يأتي اعتباطا بل يتحقق بالمبادرة والعمل والانخراط والنضال.

رهانات تنظيمية واعدة

وفي اختتام فعاليات الملتقى أعلن الرفيق شهبون عن تأسيس المنتدى الإقليمي للشباب وكذا الشروع في تشكيل من جهة، هيئة تنسيقية للمنتدى تضم ممثلين عن كل الجماعات المنتسبة للإقليم التي اقترح لها الرفيق أيت لحميدي منسقا عاما، و من جهة ثانية تنسيقية الشباب ممثلي الأحياء بكل من بلديات الخميسات، تيفلت و الرماني على أن تحتدي باقي الجماعات بهذا النهج التنظيمي بما يتوافق وخصوصياتها، كما ذكر الرفيق شهبون ضمن كلمته الختامية بالاتفاق على اعتبار هذا الملتقى انطلاقة تواصلية و تنظيمية لتجديد و هيكلة فروع الشبيبة الاشتراكية و باقي المنظمات الموازية العاملة في أوساط الطفولة والشباب بمختلف الجماعات بالإقليم وفق برنامج بمواعيد محددة، فضلا عن التذكير بتوصية شباب الملتقى باعتماد تنظيم هذا الأخير سنويا.

متابعة: خالد الخبيزي 

Related posts

Top