الملتقى البرلماني للجهات يدعو إلى دعم التعاقد بين الدولة والجهات في شكل عقود برامج

دعا المشاركون في أشغال الملتقى البرلماني الرابع للجهات إلى دعم التوجه المتنامي نحو التعاقد بين الدولة والجهات في شكل عقود برامج.
وأكدت التوصيات التي توجت أشغال هذا اللقاء الذي نظمه مجلس المستشارين أول أمس الأربعاء تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد الساس، على الرمزية السياسية لهذا النمط من العقود ومرونتها وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومساهمتها في توطيد دعائم الجهوية المتقدمة، فضلا عن مساعدتها على ترسيخ ثقافة التعبئة والتعاون بين المستويين المركزي والجهوي.
وأبرزت أيضا الأهمية القصوى التي يكتسيها النهج التعاقدي في تأطير العلاقات بين الدولة والجهات، وبين الدولة وباقي أصناف الجماعات الترابية، وبين المجالس الترابية المنتخبة فيما بينها، مشددة على الحاجة إلى وضع إطار مرجعي للتعاقد “يضع حدا للفراغ الذي يميز الممارسات الحالية في هذا المجال، ويبين على الخصوص أسلوب  وآليات التعاقد  بين الدولة والجهات، ويبرز الجوانب السياسية المسطرية لمسلسل  التعاقد”.
كما دعا المشاركون إلى إشراك مجلس المستشارين في بلورة هذا الإطار المرجعي، اعتبارا لدوره كرافعة مؤسساتية لمسلسل الجهوية المتقدمة، وفضاء للحوار وإطارا مؤسساتيا ملائما لإعداد وثيقة مرجعية متوافق بشأنها.
وأوصوا في هذا السياق بمواصلة الجهود المبذولة لتدقيق الاختصاصات المنوطة بكافة مستويات الإدارة الترابية، وتمكين كل مستوى من حزمة محددة من الاختصاصات تتناسب مع وضعيته، مؤكدين على أهمية توظيف السياسة التعاقدية في خدمة أهداف تطوير وإغناء منظومة التدبير اللامركزي في البلاد، “وعدم حصرها في مجرد آلية لتجسيد تصاميم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالجهات أو الجماعات الترابية الأخرى”.
وحثوا على مواصلة تعزيز اللاتمركز الإداري ومنح الصلاحيات التقريرية اللازمة للمدراء الجهويين للقطاعات الوزارية لتتجاوب منظومة اللاتمركز الإداري مع مستلزمات السياسة التعاقدية، وإعادة النظر في نموذج تدبير قطاع توزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير السائل، من خلال وضع مقاربة تشاركية وتضامنية بهدف إنشاء شركات جهوية متعددة الخدمات، تسمح بتدبير ناجع ومندمج لهذه الخدمات العمومية.
وفيما يتعلق بدعم بناء القدرات التفاوضية والتعاقدية للجماعات الترابية، دعا المشاركون في الملتقى البرلماني الرابع للجهات إلى العمل على رصد الممارسات الجيدة في مجال التعاقد وتتبعها والتعريف بها على نطاق واسع، بما يساهم في ترسيخ النهج التعاقدي وتسهيل الولوج إليه، لاسيما من طرف الجماعات القروية التي هي بحاجة ماسة لآلية التعاقد لسد احتياجات ساكنتها في مجال البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وسجلوا أهمية تكوين وإعداد المنتخبين في مجال التفاوض والترافع من أجل تعزيز قدراتهم في مجال إبرام التعاقدات مع الدولة، وكذا العمل على تأهيل المستويات الإدارية العليا في الإدارات الترابية الجهوية والإقليمية والجماعية، عن طريق تنظيم أوراش عملية وتطبيقية في مجال التعاقد.
ودعوا إلى القيام بتقييم مرحلي للسياسة التعاقدية المنتهجة بغرض الوقوف على جوانبها المميزة وجوانب القصور التي تعتريها، وذلك بفتح نقاش صريح وموضوعي في شأنها مع الجهات والجماعات الترابية الأخرى، والخروج بمقترحات بناءة تعزز من مكانة التعاقد ضمن منظومة الحكامة الترابية.
كما طالبوا بتعزيز أدوار الوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع وتثمين مكانتها في مسلسل تهيئ عقود البرامج وتنفيذها، وإعداد دلائل نموذجية توجيهية للتعاقد ووضعها رهن إشارة الجهات وباقي الجماعات الترابية.
وفي أفق مأسسة وتجويد النهج التعاقدي، أوصى المشاركون في الملتقى باستثمار كل الإمكانات التنظيمية المتاحة لإحداث آلية مؤسساتية تتولى تقييم تجربة تنزيل الجهوية المتقدمة وتجميع المعطيات المحينة ذات الصلة، وتشكيل خلية تتولى ترصيد وتحديث البيانات ذات الصلة بشكل دائم ومنتظم، واستثمارها ضمن قاعدة بيانات مندمجة.
ويعكس الملتقى البرلماني السنوي للجهات الذي نظمت دورته الرابعة بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجمعية المغربية لرؤساء مجلس الجماعات، الأهمية التي يوليها مجلس المستشارين، انطلاقا من مكانته الدستورية وبالنظر إلى تركيبته المتنوعة ووظائفه، لموضوع الجهوية المتقدمة، وانشغاله، في كل واجهات العمل البرلماني، بتطوير منظومة الحكامة الترابية وتوسيع مجال مشاركة المواطنات والمواطنين في مسلسل تدبير الشأن المحلي.
كما ينسجم تنظيم الملتقى وسعي المجلس لفتح المجال أمام ظهور نخب جهوية جديدة قادرة على مجابهة تحديات الجهوية والتجاوب مع انشغالات المواطنين وهواجسهم الأساسية وطموحاتهم المشروعة في مزيد من التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية خاصة في ظل سياق وطني ودولي يفرز باستمرار عددا من الصعوبات والإكراهات ذات تأثير سلبي على المجهود التنموي الذي تقوم به الدولة وسائر المتدخلين.
وبعد أن انكبت الدورات الثلاث السابقة للملتقى على قضايا محورية في مسار تنزيل الجهوية المتقدمة، من قبيل برمجة التنمية الجهوية وبلورة التصاميم الجهوية لإعداد التراب والهيكلة الإدارية لمجالس الجهات ورهان تعزيز أسباب استقطابها للكفاءات وتمويل الجهة والديمقراطية التشاركية والحكامة الجهوية في ارتباط برهانات اللاتمركز، بالإضافة إلى مسألة تدقيق الاختصاصات الذاتية والمشتركة والمنقولة، ارتأى المجلس وشركاؤه أن يجعلوا موضوع التعاقد بين الدولة و الجهات وفيما بين الجهات وفيما بينها وبين باقي الجماعات الترابية من زاوية المأسسة محورا للملتقى البرلماني الرابع للجهات في سياق السعي إلى تجاوز الصيغ الحالية للتعاقد والتي تولد عنها تضخم الاتفاقيات القطاعية وتعدد الشراكات في غياب إطار معياري مرجعي.

Related posts

Top