الممثلة المغربية يسرا طارق عن فيلم “دقات القدر”

يسرا طارق: تفخر بالانتماء لمنطقة الريف التي تستمد جزءاً من شموخها التاريخي من شخصية عبدالكريم الخطابي. أمازيغية ريفية متمردة تؤمن بدورالعلم والثقافة والتكوين الأكاديمي في صقل الموهبة.
درست الصحافة والإعلام وتكتب الشعر وشغوفة بالقراءة. جرأتها في التمرد على الواقع وعكس ثغراته وزلاته سينمائيا لهذا لم تتردد في حلق شعرها كاملا حين اقتضى هذا دورها في فيلم «دقات القدر» فتخلت عن نصف جمالها وتحملت نظرات الناس المستغربة وتعليقاتهم في الشارع لمنظرها الغربب «القرعة»، أي الصلعاء.

حدثينا عن «دقات القدر» جديدك السينمائي الذي تدور أحداثه في منطقة الريف.
< فيلم «دقات القدر»، من إخراج محمد اليونسي المقتبس من روايته «السيمفونية الخامسة» في هذا الفيلم أجسد دور «تودا»، وهي امرأة مغربية من منطقة الريف تقاوم العادات والتقاليد التي فرضها عليها المجتمع، وفي الوقت نفسه تقاوم مرض زوجها، المقاوم الذي شارك في حروب الريف بين سنتي 1920 و1926 وفي هذه المرحلة قصفت إسبانيا منطقة الريف شمال المغرب، بما يعرف تاريخيا بالغازات السامة. و»تودا» شخصية ذات أبعاد نفسية وجسدية صعبة لا يمكن أن يعرض على الممثل مثلها دائما، تتطلب تركيزا ومجهودا واكتساب الممثل لأليات تحليل النفسيات من أجل الخروج بنتيجة تروق المشاهد. ومن هنا جاءت خطوتي في حلق شعري كاملا. رغم أنه كان قرارا صعبا لكن اتخذته عن اقتناع كامل وهو اختيار جمالي وفكري ضروري، وليس مجانيا. و«تودا» تتطلب مثل هذه الخطوة من أجل إقناع المشاهد.
> أثار حلقك لشعرك كاملا جدلا هل كان القرار صعبا؟
< هذا الأمر كان خطوة مهمة في مساري كممثلة. وإذا ما طرح علي مرة أخرى دور يتطلب هذه الخطوة سأخوضها بدون تردد إذا كانت الشخصية مكتوبة بشكل جيد وتستحق، هو جرأة، والجرأة لدي هي في جوانب كثيرة عدا الجانب الجنسي، الذي ترتبط به أكثر. على مفهوم الجرأة أن يتوسع أكثر وينفتح على مستوى طرح المواضيع وتجسيد شخصيات مركبة، وفي التغيير وتحفيز المشاهد على إعمال عقله وطرح الأسئلة والأفكار ولا نحصرها في ما هو جنس وعري.
> يأتي هذا الفيلم بعد فيلمك «الوشاح الأحمر» الذي تحدث عن علاقات الجوار المغربي والجزائري وإشكالية اغلاق الحدود من منظور إنساني. كيف تستعدين لأدوار تعكس قضايا وإشكاليات سياسية؟
< أنا ممثلة أحب تحدي نفسي وأعمل بجد لتقوية قدراتي فللسينما أهداف نبيلة، والتمثيل هو تعبير عن الوجود الإنساني، قبل دقات القدر شاركت في فيلم «الوشاح الأحمر»، الذي يحكي مأساة الحدود المغربية الجزائرية المغلقة، و«دقات القدر» التي تضيء مرحلة مأساة الغازات السامة. وهما عملان يبينان تاريخ شعوب وذاكرات مشتركة للمغرب والجزائر وإسبانيا، وأدوار كهذه تحتاج استعدادا كبيرا وجادا وقراءات مطولة ومعمقة في كتب ومصادر تاريخية وهذا يحتاج قراءة مزدوجة للتاريخ برواية الطرفين في كل قضية لأستطيع في النهاية رسم ملامح شخصية المرحلة طريقة تفكيرها ردود فعلها لباسها ذوقها، أوشام جسدها، فالشخصية كانت موجودة وأنا سأبعثها من جديد وأمنحها روحي وأحاسيسي.
> هل عملك برفقة زوجك المخرج محمد اليونسي اختيار أم قلة فرص سينمائية؟
< اشتغلت مع مخرجين أخرين قبل عملي مع محمد يونسي المخرج والزوج والصديق. عملت مع جمال بلمجذوب في فيلم «ميريس»، وكان أول فيلم سينمائي ناطق بأمازيغية أهل الريف وفيلم «وداعا كارمن» للمخرج محمد أمين بلعمراوي. وعملي مع محمد اليونسي هو علاقة مهنية احترافية وليست شخصية. ففيلم «الوشاح الأحمر» لم يكن لي دور البطولة بل كانت مساحة الدور صغيرة لأنه رأى أنه الدور الأنسب ليسرا طارق الممثلة وليست يسرا الزوجة، في «دقات القدر» كانت البطولة مسؤولية كبيرة جعلتني أتخوف من وضعي كزوجته، لكنه أقنعني بأن اختياره لي جاء بناء على رؤيته لي كممثلة، خصوصا أن الشخصية من منطقة الريف ومتشبعة بهذه الثقافة ورأى أني كإمراه أحمل ثقافة وطباع وشكل المرأة الريفية، ومن جهة أخرى أنا منفتحة جدا على العمل مع مخرجين أخرين وأرغب في ذلك من أجل التنوع واكتشاف مرجعيات مختلفة ومدارس إخراجية أخرى والممثل كلما توسع ونوع تجاربه كلما تحدى نفسه وتعمقت معارفه في التشخيص والتجسيد.
> يحضر الحس الشعري وأراء ومواقف جادة تجاه مستجدات الأحداث على صفحاتك في مواقع التواصل الاجتماعي. الى أي حد على الفنان أن يكون مثقفا وملما أم تكفي الموهبة؟
< يروقني أن أنعت أحيانا بالممثلة المثقفة. أحب هذا وأفخر به، فتكويني الأكاديمي في مجال الصحافة والإعلام زرع فيّ حب المعرفة والفضول في البحث عن المعلومة وتقصي المجالات التاريخية والسوسيولوجية والرواية والأدب، ودرست على يد أساتذة كبار في مجال الاعلام في المغرب. ورغم أني أكتب أحيانا في الشعر والأدب لكن المجال الذي يخترق قلبي هو الصحافة والإعلام والسينما أعشقهما بالمقدار نفسه. والموهبة تبرز أكثر بالقراءة عليها أن تكون طقسا يوميا ومتنوعا من كل المجالات والمشارب علمية وأدبية وفلسفة وجغرافيا فهي ترفع وترقى بمستوى الإنسان والناس يحسون بذلك ويقدرون فيك هذا الجانب.

Related posts

Top